بقلم كاتلين فوسيت/وكالة إنتر بريس سيرفس أطفال اللاجئين السوريين يتعلمون البقاء على قيد الحياة في مخيم بشمال لبنان. Credit: Zak Brophy/IPS. واشنطن, مايو (آي بي إس) - حذرت منظمات المساعدات الإنسانية في واشنطن من أن نظام الرعاية الصحية قد أصبح هدفاً متعمداً في القتال الدائر في سوريا، مما يشكل تحديات رئيسية في وجه التصدي للأزمات الإنسانية ومشاكل اللاجئين الصحية الناتجة عن هذه الحرب. وفي لقاء مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما الإثنين، شدد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون على مركزية الأزمة الصحية التي بدأت تتكشف، وعلى ضرورة توفير الرعاية لكل من يعاني من الإصابات والصدمات النفسية، ومساعدة ضحايا التعذيب على الشفاء، [وتوفير] مياه الشرب النظيفة للأسر السورية، حسب قوله. تواجه الرعاية الصحية في سوريا عقبات كبيرة، نظراً لأن نظام الصحة العامة في سوريا قد تم تفكيكه الى حد كبير بعد إستهدافه من قبل نظام بشار الأسد، الذي محا ثلث المستشفيات في البلاد. ووفقاً لتصريحات ستيفن كورنيش -المدير التنفيذي لمنظمة "أطباء بلا حدود" في كندا- مؤخراً في حلقة نقاش في واشنطن، "إن الهجمات المنهجية في سوريا قد خدمت بالتأكيد الغرض منها". وأضاف، "لقد تسببت (هذه الهجمات) في هروب العديد من العاملين في المجال الطبي، وتدمير أعدادا كبيرة من المستشفيات وتوقف خدمات الرعاية الصحية العامة بقدر كبير". ووفقاً لمركز توثيق الإنتهاكات، وهي منظمة حقوقية سورية مقرها في دمشق، فإن 469 من العاملين في مجال الصحة مسجونون حالياً في سوريا. ويقدر توم بوليكي -الزميل البارز في معهد الأبحاث "مجلس العلاقات الخارجية" بواشنطن- أن حوالي 30,000 طبيب سوري قد أخرجوا من البلاد. وأشار بوليكي إلى أن هذه الهجمات هي أحد مظاهر الصراع التي تصبح فيها المرافق الطبية والعاملين في مجال الصحة أهدافاً قتالية أكثر في مناطق الصراع. وفي تقرير شهر مارس، إتهمت لجنة التحقيق الدولية المستقلة حول الجمهورية العربية السورية نظام الأسد وجماعات المعارضة بالإستهداف الإستراتيجي للمرافق الطبية والعاملين على حد سواء. وقال بوليكي لوكالة إنتر بريس سيرفس، "إن مهاجمة العاملين في المجال الطبي هي وسيلة لترويع السكان وحرمانهم من الدعم الإنساني الذي يحتاجون إليه". وأشار إلى حالات مماثلة في الشرق الأوسط وآسيا، وخاصة الهجمات المنسقة لتنظيم "طالبان" على المتطوعين العاملين في حملات التطعيم ضد شلل الأطفال في أفغانستان وباكستان. وكان تنظيم "طالبان" قد أعلن الإثنين انه سيوقف عمليات تخريب حملة القضاء على شلل الأطفال في هذين البلدين. وبالطبع، فمثل هذه الهجمات محظورة بموجب إتفاقيات جنيف التي تخول المستشفيات والطواقم الطبية كامل الحماية من النيران المعادية. وأشار بوليكي، "العاملين في الخدمات الطبية محميون تماماً بموجب القانون الدولي". وأضاف، "لا يوجد ظرف يجعل مهاجمة العاملين في المجال الطبي أو المرافق الطبية أمراً مقبولاً، لكن ذلك يحدث بالتأكيد من كلا الجانبين". هذا ولا يتسبب إستهداف نظام الرعاية الصحية السوري فقط في حرمان من المصابين خلال المعارك من الرعاية اللازمة وعلى وجه السرعة، ولكنه أدى أيضا إلى تفاقم أزمة الصحة العامة الناجمة عن سوء الأحوال المعيشية لمخيمات اللاجئين خارج سوريا. فقد وصل عدد اللاجئين حالياً إلى أكثر من مليون لاجئ، وتحذر الأممالمتحدة من أن الرقم قد يرتفع إلى 1.5 مليون لاجئ بحلول نهاية هذا العام. ويبدو هذا العدد ضئيلاً مقارنة بالسوريين المشردين داخل سوريا، والذين يزيد عددهم على 4.2 مليون مواطن. وبالإضافة إلى الإستهداف المنظم للمرافق الطبية السورية، تذكر التقارير أنه يجري "تفكيكها" لخدمة الأغراض العسكرية. وقد تحدث زاهر سحلول، وهو طبيب مع الجمعية الطبية السورية الأمريكية ، علنا يوم الجمعة الأخير عن عمليات السلب والنهب التي جرت في إثنتين من المستشفيات الرئيسية في حلب -وهما مستشفى العيون ومستشفى الأطفال- الذين أصبحا يخدمان الآن كقواعد لعمليات الكتائب العسكرية. ويقول سحلول أنه إلى جانب تدمير نظام الصحة العامة، لا يوجد نظام للصرف الصحي.. ولا للنظافة العامة بسبب نقص الكهرباء والمياه في بعض الأحيان .. ونقص وقود الديزل. وبسبب ذلك، عادت بعض الأوبئة التي لم تكن موجودة من قبل للظهور. فالأمراض المزمنة التي كان يمكن علاجها بسهولة قبل اندلاع الحرب -مثل مرض السكري، أو ارتفاع ضغط الدم - صارت الآن أكثر فتكاً من أي وقت مضى، مما جعل ستيفن كورنيش -المدير التنفيذي لمنظمة "أطباء بلا حدود"- يسميهم "الضحايا الصامتة". فهؤلاء المرضى لا يمكن إحالتهم للعلاج خارج البلاد لأنهم لا يعتبرون حالات طارئة. كما لا يمكن علاجهم أيضاً داخل سوريا لأن التسهيلات اللازمة ومقدمي الرعاية الصحية لم تعد موجودة. ويقول كورنيش، "الأشخاص الذي يعانون من مرض السرطان لا يستطيعون الحصول على العلاج الكيميائي، وكل ما يمكنهم الحصول عليه هو العلاجات المخففة. ونتيجة لذلك فهم يموتون ببطء، يوماً بعد يوم". وكما يقول الخبراء فإن العاملين في مجال الصحة قد أصبحوا غير مجهزين للتعامل مع هذه المشاكل المتزايدة، كما يجري تقويض قدراتهم بسبب الشكوك في ولائهم. وقال سحلول، "في سوريا، إذا كنت الطبيب الذي يعالج الناس من الطرف الآخر، فإن حياتك في خطر". وبينما تحاول المنظمات الإنسانية إيجاد حلول للتحديات الصحية والمساعدات الإنسانية، يبدو المراقبون متحدون في دعوتهم للمجتمع الدولي لزيادة الضغط على كلا الجانبين لإيقاف هجماتهم على المستشفيات والطواقم الطبية وإحترام المعايير الإنسانية الدولية. وقامت "نداء جنيف" -وهي منظمة غير حكومية في جنيف تركز على إشراك الجهات الفاعلة من غير الدول في القانون الدولي الإنساني- بإصدار عدة إعلانات فيديو قصيرة تعزز إحترام المعايير الإنسانية الدولية. وكان أحد عناوين الفيديو "احترام وحماية أفراد ومعدات الخدمات الطبية". واقترح توم بوليكي أن التعامل مع هذه الانتهاكات بشكل أكثر جدية في المحكمة الجنائية الدولية والإعتراف بمسؤولية المجتمع الدولي في مكافحتها- سيكون خطوة في الاتجاه الصحيح. "لقد شهدنا تصاعداً في هذه الهجمات، لكننا لم نشهد تصعيداً في لوائح الاتهام لمن هم وراء تلك الهجمات. المعروف أن النظام القانوني الدولي لا يتسم بالسرعة، لكنه سيكون شكلاً من أشكال الإدانة الحقيقية لهذه الجرائم".(آي بي إس / 2013)