بقلم ياقوت محمد البروفسير حسن مكي كما تَعودنا أن نُطالع اِفاداتَهُ وتصرِيحاتهُ جَرِيئاً صادقاً و مُناصحاً لأهل السٌلطان الذِينَّ طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد. في تصريحاته الأخِيرة قال حسن مكي أن "الناس في بلادنا بدأوا يفقدون إحترامهم لبلدهم بسبب أوضاعها الاقتصادية والسياسية، وأصبح السوداني يخجل من نفسه، لأنه أصبح متسولاً، فلا يجب أن نكون “متسولين” أيضاً في العهود والمواثيق، وألاّيضرب الجفاف والتصحرعقولنا وأمانتنا ومصداقيتنا، بعد أن ضرب أراضينا ومدننا، ويجعلنا نتحرى الكذب". المواطن السوداني يُهان في كَثيرٍ من الدولِ العربيةِ بسبب زيادة المهاجرين السودانين بعد أن سحقتهم ظروف البلد القاسية، وصَلّتهم نيران الفساد باسمِ الدين، وحماية شرع الله في السودان وكأن قبل هذه الإنقاذ كان الناس كٌفاراً، ذٌبحت كرامة السوداني جهراً في بلدانٍ تَزعٌم حكومة الإنقاذ إنها شقيقة،والإنقاذ تتفرج ولا تدافع عن هذا السوداني ولا تحرك ساكناً لتحفظ له كرامته كإنسان. وإلي أوروبا وبلاد العم سام يغامر السوداني بِحياتهِ ويكابد المَشاق ويخوض غمار الأمواج في البحار والخلجان، ويرضي بأن يقضي شهور في السجونِ ليصير في نهاية المطاف لاجئ في أحدي دول العالم الأول، الناس جُبرت علي أن تعيش في مثل هذه الظروف،وذات الظروف جعلت من السودانيين أناساً يٌؤلِفون القصص الكاذبة والروايات الحزينة الباطلة والسيناريوهات الفاضحة التي يذبحون بها الوطن ويغتصبون بها كرامة أهلهٌ، فكل سوداني طالباً للجوء في بلد ما، لا يتردّد في أن يفتري علي أٌمهِ التي وَلَدتهٌ، بأنها قٌتلت في حرب دارفور وهي حية ترزق بل حينما هو يكذب هي تدعو له بالتوفيق، ولا يكترث لعِرضهٌ بأن يقول أن رِجالٌ الحكومة اغتصبوا أٌخته القاصر، وذَبَحوا اخوانه وأبادوا كل أفراد أسرته، مستعطفا بذلك قلوب الحكومات الأجنبية لمنحة ورقة مكتوب عليها لاجئ وليصرف بهذه الوريقة راتب شهري ويصبح حيواناً آخر لكن هذه المرة في بلدٍ مٌتطورٍ، يأكل وينام ثم يتفرج علي الناسِ والقوانين والمؤسسات كيف شٌيدت، ويسٌب ويَلعن في سودانهِ وسٌودَانِيتهٌ. هذه الحكومة جعلت المواطن يٌقلد إجرام مسئولِيها ومنسوبيها ويتفنن في اصطناع الحِيل الكاذبة والغش، ولكن كلها معارك من أجل البقاء القذر بسلام، وهروب من الموت الصَعب بكرامة..وذات الحكومة سرقت أموال الناس لتشتري بها ضمائرهم رخيصة باخسة الثمن، وباعت الوطن للغريب وغَربت ابناءه وشردتهم عنه. الوزير في هذه البلد يسرق ويظل يسرق حتى يكتب مع أقوياء النظام الحاكم، والموظف يقبل الرشوة ولا يتغن عمله بل لا يؤدي عمله الذي يأخذ أجره، والعامل يتهرب وسائق الحافلة يفرغ الركاب مثل الحيوانات من حافلة لأخري كسباً لوقته، المعلم يغيب ويخرج اثناء الحصص اليومية ويأخذ من الطلاب بعض العطايا،الشرطي يرتشي ويتعاون مع المجرمين والمفسدين ويعفو عن أولئك الذين ينبغي عليهم أن يٌسجنوا ، ويسجن ما حقه الحرية، الصحافيون والكتاب باعوا شرف كلماتهم كما تبيع العاهرة شرفها للذي يدفع،المعارضه تتبع نفس أساليب الحكومة لتصل للسلطة ثم تعيد إنتاج البطش والانتقام ،الطلاب والمثقفين والعاطلين كلنا مقصرين... لا نكترث لشيء كل الأشياء تبدو همجية وغير مرتبة كل الشعب مٌقصر ومتخاذل عن واجبه تجاه الوطن وتجاه بعضه البعض، وينتظر أن تمطر عليه السماء بمن يعطيه حقوقه. هذه الحكومة نتاج طبيعي لهذا الشعب ومنه جاءت،بل هذه الحكومة مرآة تعكس لنا حقيقة ذواتنا، فتمعنوا جيداً كيف نبدو امامها؟ لكن حتى بصيرتنا مكفوفة وتعودت أن تتكيف مع القٌبح والظلام، وتقبله وتٌسّلِم بهِ، فعلينا غسل القلوب و(صنفرت) البصيرة لنري قٌبحنا هذا، فنحن في كلِ يوم نَقتٌل بأيدينا المئات من البشرِ، أطفال ونساء، مسنين وشباب، الناس تموت في الشوارع السريعة موت الضان ونحن كأن علي رؤؤسنا الطير، ويموت الأطفال في مستشفيات الحوادث بسبب نقص الدواء والأطباء الأكفاء،وآحرين يموتون جراء الحروب الطاحنة من أجل السلطة والجاه، أشلاء وأعضاء أطفال تبعثرت هنا وهناك، رائحة لحوم البشر تفوح من كل ربعٍ في الوطن ولا حياة لمن تنادي ،النساء يَمٌتنَّ بشت السبلِ والأسباب ولا مغيث، بل حينها برلمانيونا مهمومين بمناقشةِ دخول الكاندوم وتوزيعه للشباب،والحروب ايضا كادت أن تغرض العنصر الشبابي الحالم بالجنة والمغصوب علي هذه النار، أمراض الكٌلي والسكري والضغط وغيرهم تفتك بإنسان السودان حتى أصبحت من الامراض الأليفة لدينا، وأصبح الموت عادي لا يفجعنا ولا يوعظنا . قريباً سترحل هذه الحكومة لكن الشعب باق والمشاكل والأزِمات باقية كما الشعب، إذا لم نعد العدة لتغير أنفسنا، ولا يغير الله ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم .. هِم يا الفنجري يالجرف الصبور...