حسن ابوعرفات الدوحة تدور مناقشات حول بيع بنك النيلين " شيخ البنوك السودانية " الى المغتربين وهو قرار ليس سهلا ويحتاج فى تصورى الى مناقشات ودراسات بين المختصين لاسيما لمصرفيين والماليين وتجمعات المغتربين فى بلدان المهجر عبر لجانهم المتخصصة وذلك للتاكد من الجدوى الاقتصادية والفنية للمشروع خاصة وان الظروف المالية للمغتربين فى بلدان المهجر وبصفة خاصة فى منطقة الخليج " لاتسر" ... دول المنطقة تتجه بقوة لتوطين الوظائف واحلال ابنائهم من الخريجين من الجنسين فى الوظائف كحق مشروع لهم فالجامعات تخرج الاف الباحثين عن العمل خاصة فى المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية والقطاع الخاص ... كما ان سوق العمل جاليا فى بلدان المهجر يشهد منافسة شرسة بين الجنسيات عربية واسيوية وغربية وصراع البقاء فيه لاصحاب الخبرات والكفاءات العلمية العالية واقولها بصدق بان الفرص امام الخبرات السودانية اضحت محدودة للغاية فشهادات البكلاريوس او الليسانس اضحت شهادات لا قيمة لها مثل " شهادة الثانوية العامة " هناك الاف الشباب من الخريجين يهيمون على وجوههم فى الخليج بحثا عن وظيفة باى ثمن ... ...اردت ان اقول ان فرص العمل فى بلدان المهجر تتراجع امام السودانيين وهناك اعدادا كبيرة من القدامى احيلوا للتقاعد وبعضهم عاد للسودان واخرون فضلوا البقاء فى المهجر مع ابنائهم واخرون يعملون " بالمشاهرة " او رزق اليوم باليوم .. وبعضهم يعيش على " القروض البنكية " والاعانات بحثا عن الرزق الحلال ؟؟؟ اذن المداخيل المالية تتراجع بسرعة الصاروخ والفرص الوظيفية تتقلص اضف الى ذلك التزامات من علاج وتعليم وإعاشة، داخل السودان وخارجه والتى لا تنتهى حتى تبدأ مما ارهق كواهل الرجال واسرهم .. السؤال المطروح الان هل هناك حاجة فى الوقت الراهن لتاسيس بنك للمغتربين فى ظل هذه الظروف المالية والاقتصادية الضاغطة التى تحاصر المغتربين فى بلدان المهجر من كل اتجاه وتاكل مواردهم المالية المتناقصة امام غلاء معيشي ضرب ايضا هذه البلاد .. ماذا سيضيف هذا البنك لشريحة المغتربين من مزايا وتسهيلات بل في ماذا يكون عمله ... اقول بالصوت العالى التجرية تطرح فى" الوقت الضائع " وفى اوضاع مالية غير مناسبة للغاية وهو مشروع لن يفيد المغتربين ولا الوطن فى ظل الظروف الراهنة والتجارب الفاشلة التى تورط فيها المغتربون فى شركات عديدة لا جدوى من سردها . المغتربون لايحتاجون الى بنك خاص يخدمهم ويمكنهم تحويل مدخراتهم والتزاماتهم عبر كافة القنوات المصرفية المحلية او الاجنبية والفروع الخارجية كمثل فرع بنك النيلين ابوظبى ... وبنوكنا الاخرى اضحت الان اكثر تنظيما وجودة فى خدماتها وتسهيلاتها المتنوعة بجانب فروع البنوك العربية والخليجية .. المغترب يريد اليات عمل واضحة ومقننة بالقانون وامتيازات تستقطبهم للتعامل عبر القنوات الرسمية وبث الثقة الكاملة بين مؤسسات الدولة وبينه بعيدا عن الوعود والكلام الذى " لايقدم ولايؤخر " ؟؟ اقول المغترب السوداني بحكم معاناته الطويلة والمتلاحقة، لا يثق في كل ما يصدر عن الدولة من قرارات وإجراءات تتعلق بشوؤنه، رغم تقديرنا للجهود الكبيرة التى يقودها الاستاذ كرار التهامى وفريق عمله لاسيما وان غالبيتهم عاشوا معانات الاغتراب والامثلة كثيرة : منها المطالبات المستمرة منذ عدة سنوات بإيجاد حل لمعادلة الشهادات العربية بالشهادات السودانية .. وحل إشكالات وتعقيدات استيعاب أبناء السودانيين في الخارج في جامعات الوطن الخاصة والعامة بما فيها جامعة المغتربين .... عشرات المؤتمرات المتخصصة عقدت وخرجت بتوصيات وقرارات لكن المحصلة متواضعة على ارض الواقع .. الى جانب مطالبتهم استيعاب الكفاءات والخبرات وحصرها وربطها بمؤسسات الدولة وتشجيع عملها في القطاع الخاص والعام وتبسيط اجراءات العودة الطوعية وسهولة الاندماج وكما قال احد المغتربين : بماذا نفسر انسان عشان مغتربا لاكثر من 40 عاما لايستطيع جلب عربه لاستخدامه الشخصى اضافة الى مشاكل العودة الطوعية الامنة والتحويلات و استقطاب العقول المهاجرة، ونقل المعرفة والاستثمار إلى الوطن، .... رئيس جهاز المعتربين كرار التهامى قال فى احدى جولاته المكوكية " جهاز المغتربين يمثل النقابة التي تدافع عن حقوق المغتربين وحماية مكتسباتهم و هو ممثل المهاجرين وحامل همومهم والقناة الفاعلة التي تجعل صوتهم مسموعا داخل وطنهم فيما يتعلق بحقوقهم "... هذا كلام جميل لكن لا يحسه ولا يلمسه المغترب على ارض الواقع فعليا... الكثير من القرارت اطلقت و سط جلبة اعلامية هائلة لكنها لاتجد من يتابعها والالتزام بجدوها بمؤسسات الدولة ونوافذها .. المعادلة صعبة للغاية واعتقد بان التعاطى مع موارد المغتربين الشحيحة تحتاج الى رؤية جديدة .. فالنظرة اليهم " كالبقرة الحلوب " اضحت غير منصفة ولا عادلة .. واتساءل لماذا لانتعلم من البلدان التي تعتبر تصدير العمالة إحدى الصناعات التي تستند إليها ركائز الاقتصاد.. مثل الهند الذي يضخ مغتربيه مليارات الدولارات ووفقا لتقرير للبنك الدولى فان الهند تصدرت قائمة البلدان التي تلقت تحويلات مالية كبيرة من أفراد جالياتها بالخارج وان إجمالي التدفقات المالية التي حصلت عليها البلدان النامية من مغتربيها بلغ 351 مليار دولار من أصل التحويلات المالية الإجمالية المقدرة بمبلغ 406 مليارات دولار وهو ما يمثل زيادة بنسبة %8. وأشارالتقرير إلى أن ترتيب الدول العشر الأكبر تلقيا لتحويلات المغتربين عام 2012، هي الهند (70 مليار دولار)، والصين (66)، والمكسيك (24)، والفلبين (24)، ونيجيريا (12)، ومصر (18)، وبنجلاديش (14)، وباكستان (14)، وفيتنام (9)، لبنان بقيمة تحويلات بلغت 7 مليارات دولار كل تلك التحويلات لم تات من فراع لكنها ارتبطت بعلاقات .قامت على الثقة اولا وتسهيلات ومزايا وخدمات يحصلون عليها دون اية تعقيدات ولف ودوران وتشير تقديرات البنك الدولى بان تحويلات المغتربين السودانيين تشكل 3.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للسودان، وتاتى فى المرتبة الثانية بعد البترول وربما المعادن إذ بلغ اجمالى التحويلات 1,5 مليار دولار في عام 2011، و1,4 مليار ا في 2,01،مليار ًفي 2009، وارتفعت إلى 3,1مليار دولار في 2008، وهي أرقام كبيرة بحق، لكنها لا تساوي شيئاً مع تحويلاتهم قبل ثلاثة عقود، إذ لم تتجاوز 40 مليوناً في 1977، و262 مليوناً في 1980، وتراجعت إلى 62 مليوناً عام 1990. وساهمت تلك الموارد الكبيرة فى دعم خزينة الدولة فى فترة كانت الدولة فيه بحاجة الى العملات الصعبة رغم ان أن قسطاً كبيراً من هذه التحويلات لا تذهب للمجال الرسمي وعبر البنوك؛ مما أدى إلى فقدان البلاد لجزء كبير من العملات الأجنبية؛ الأمر الذى انعكس على ميزان المدفوعات. نتحدث عن شراء المغتربين لبنك النيلين شيخ البنوك الذي افتتح اول فرع بمدينة بابوظبي ونحن في وقت بات المغترب وغيره من المتعاملين ب "البنكنوت "ومن ضغطة زر من جهازه المحمول ربما يستطيع ان يدير حساباته دون حاجة للذهاب للبنك .. ان تكنلوجيا التقانة والتنافس المحموم لرفاهية عميل البنك باتت تشكل الاساس والكثير من البنوك المتقدمة قلصت فروعها لصالح فرع بمقر كل عميل حتى ولو كان مستلقيا على سريره .. انها دعوة لمزيد من الدراسات فان كان كل شيء يحتمل الفرقعات فان الاموال غير قابلة لهذه القرارات المتسرعة فالاقتصاديات تضبخ دوما على نار هادئة ؟؟