لا أعلم ما صحه هذه المعلومة و لكن ذكر بعض المؤرخين أن بيتهوفن ألف سمفونيه "ضوء القمر" ليصور لحبيبته العمياء القمر الذي لم تره من قبل. ترتبط أغاني الفنان محمد الأمين بمقتطفات ولحظات حياتيه خلفت ورائها ذكريات محفورة في الاذهان. أعلم أن كلاً منا قصته وحكايته مع كل أغنية من أغانيه، ولكن ما سأسرده في كل حكاية نظرتي وارتباطي الشخصي بكل أغنية . من خلال موسيقاه واغانيه تعرفت على حكايات وتراث ثري وغني جعلني ارتبط أكثر بجذوري السودانية. أجد في ما يقدمه لنا الفنان محمد الأمين ثوره تعبر عن ثقافه ومجتمع سوداني صورت لنا عبر ألحان وأنغام سودانية عربية وافريقية .أسأل الله أن يحفظه لأهله ولكل الشعب السوداني .
الحكاية الأولى "قلنا ما ممكن تسافر" في صباح يوم العطلة الأسبوعية جلست مع والدتي في المطبخ اتحدث معها. قمت بتشغيل الكمبيوتر حتى نستمع لبعض الأغاني السودانية . كانت أمي تحضر فطورها المعتاد لكل يوم سبت ، بعض "اللقيمات" مع كوب دافيء من الشاي و lلحليب . لا أتذكر ما الاغنية التي كنا نستمع إليها، ولكن قمت بسؤال والدتي " لماذا يحب والدي موسيقى الفنان محمد الأمين لهذه الدرجة ؟؟" فردت علي قائلة أن حب والدي لموسيقاه بدء منذ زمن بعيد وإنتقل هذا الحب إليها ثم إلينا أنا واخوتي. أخبرتني والدتي بموقف طريف لم ولن تنساه أبداً . حكت لي عن اليوم الذي ذهبت مع بعض أفراد الاسرة لتوديع وتوصيل والدي إلى المطار. حصل والدي على فرصة عمل في سلطنة عمان في بنك الزراعة والأسماك. قبل بهذه الفرصة بعد فشله بإيجاد عمل في السودان. في وقتها كان يعمل كأستاذ رياضيات في القضارف بعد تخرجه من جامعة الزقازيق في مصر كمهندس زراعي. كان والدي ووالدتي على تواصل دائم عبر الرسائل أو عبر اللقاءات الاسرية التي تجمعهما فالإثنين ينحدرا من أسرة العوضاب الشايقية. ارى في عيناي والدتي بعض الخجل حتى الأن عندما أسألها عن علاقتها بوالدي التي ولدت عند رؤيتها في منزل خاله المتزوج من أختها الكبرى. استمر التعارف عبر الرسائل المتبادلة بين الطرفين خلال فترة دراسته في مصر . ذكر لي والدي أنه طلب من جدتي والدة أمي وأخيها الأكبر قبل ذهابه إلى مصر أن تكون والدتي من نصيبه بعد اكماله الدراسة وايجاد عمل. استغرب كثيراً لإختلاف معايير الحب بين الحاضر والماضي. أرى في حب والدي ووالدتي كل معالم الصدق والعفة والشهامة التي تكاد أن تصبح مختفية في الوقت الحالي. الوفاء وصدق النوايا ....المحبة والاحترام .كلها صفات توجت علاقتهما. كانت بسيطة وواضحة ...لم تكن مليئه -كوصف نزار قباني - ب" كل العبارات الكلاسكية التي يرددها الرجال على مسامع النساء ". اقتادوا من كانوا ذاهبون إلى المطار لتوديع والدي التاكسي. كانوا صامتين ومن بينهم والدتي. طلب والدي من السائق بتشغيل بعض الموسيقى حتى تقتل هذا الصمت الكبير. قام السائق بتشغيل الشريط وكانت الصدفة الغريبة أن الاغنية التي تم تشغيلها " قلنا ما ممكن تسافر"!!!! ضحك الجميع من من فيهم والدتي وعمتي ونظروا لبعضهم البعض وكأنها مقصودة. لم تستطع الاغنية بإيقاف والدي من الهجرة ولكن عبرت عن إحساس الاشتياق والوحشة للمسافر و كونت ذكرى وحكاية لم تنساها والدتي أبداً. كان وداعاً لم يتوقع أحد أن يبدأ مشوار غربة و سفر لم ينتهي بعد. .... قلنا ما ممكن تسافر نحن حالفين بالمشاعر لسه ما صدقنا انك بجلالك جيتنا زاير السفر ملحوق ولازم انت تجبر بالخواطر الغريبة الساعة جنبك تبدو أقصر من دقيقة والدقيقة وإنت ما في مرة ما بنقدر نطيقه دنيا بقربك يفرهد كل طائر يحيا فوقه وجنة من بعدك بيذبل كل مخضر فيها ناضر لو تسافر دون رضانا بنشقى نحن الدهر كلو ما بنضوق فى الدنيا متعة وكل زول غيرك نملو أقل حاجة تخلي سفرك حتى لو إسبوع أقلو وإنت عارف نحن بعدك للصباح دايما نساهر لا لا ما بنقبل نسيبك تمشي للوحدة وتعاني برضو ما بنقدر نقاوم شوقنا من بعدك ثواني وما بنغنى وراك كلمة وما بنشوف البهجة تاني غايتو لو شفقان علينا ما أظنك يوم تسافر