عند دخول أم القرى ليلاً وأنت قاصداً المسجد الحرام أمامك يتلاءلاء النور الباهر فوق أنوار المدينة المنتشرة ، من أى إتجاه قدمت ، وكلما إقتربت يزداد النور سطوعاً وتلاءلاءاً ، إنه نور البيت الحرام ، نور الكعبة المشرفة ، ذلك النور الذي لا يطفئه الليل ، لا يستره ذلك الكافر. قديماً كان الوادي حيث يقوم البيت الحرام محاطاً بالجبال خالياً من الزرع ، الآن نبتت المباني في الوداى وعلى الجبال كمزروعات أسمنتية تحيط بالمسجد الحرام وتتطاول على مأذنه إرتفاعاً وعلواً إلى عنان السماء.. وعثاء السفر تحرك الباص من مدينة الخُبر في رحلة إلى البقعة المقدسة ، التي بورك حولها، قاصداً بيت الله الحرام في مكة، أصبح البيت منارة لمكة وللبلاد والعالم بأسره. عبر الباص الصحارى والمحطات بمطاعمها المنتشرة على طول الطريق تقدم خدماتها للمسافرين ولسياراتهم. يشق الباص طريقه عبر المدن الصغيرة والكبيرة قاصداً تلك البقعة المباركة. في سهولة ويسر الباص يسير والمسافرون ما بين تناول المأكولات والمشروبات، النوم والصحو والمحدثات الهاتفية على الجولات متعددة النغمات والمحدثات غير الهاتفية والقراءة على ظهر الباص يواصلون السفر والبيداء دونهم والسفر بلا وعثاء. الطريق الأخضر في طريق العودة بعد أن عبء المعتمرون أرواحهم الظمأ بذلك القبس النوراني الإلهى ، غفلوا عائدون إلى ديارهم ، بعد زيارة المدينةالمنورة والسلام على المصطفي وصاحبيه ، عائدون إلى ديارهم والإنشراح ملأ النفوس وفاض منها، والطمئنينة بعد أداء الحج الأصغر والتضرع إلى الله بالدعاء ، أطمئنت قلوبهم وإنشرحت صدورهم وعمهم السرور والأحساس بالفوز. الطريق أمام باصهم أخضر أيضاً لا عطل ولا تأخير في الذهاب والإياب، وبلا مخاطر. نقاط المراقبة المرورية على الطريق هي المكابح الأستثنائية التي ألجمت السائقين ومنعتهم من الإندفاع في السرعة مع إغراءات الطريق الوثير الممهد. السائقون بفضل خدمات تكنولوجيا الجوال ، لديهم شبكة إتصالات خاصة فيما بينهم ، ينذر المتقدم المتأخر بمكان وجود نقطة المراقبة المرورية المتحركة: - يا عمر كيف حالكم ، طيبون، بالقرب من الكبري يوجد مرور. - .... .... ..... ..... - أهلاً يا إبراهيم ، ترا المرور بعد المحطة. وهكذا يواصلون الإتصال فيما بينهم ويخفضون السرعة إجباري. لا توجد مخاطر سرعة ، إنحصرت المخاطر في إنشغال السائق بالجوال والتدخين فقط ... ما بين الرياض والخُبر كسرت الرياح زراع مرايا الباص الأمامية اليمني، تلك الطويلة ، غريبة المنظر؛ مرايا الباص اليمنى واليسرى كأنهما اُذنا فيل ضخم علقتا امام رأس الفيل، أقصد الباص ، وليس على الجانبين ، كشاهد على سوء التصنيع وتنسيق الهيكل ، رغم أن الباص صنع عند أهل الصناعة في أوروبا والعالم. كان الوقوف الإجباري للتصليح. عمرة الجمعة 30 ربيع الآخر 1433ه ، تحرك الباص من الخُبر عصراً قاصداً أم القرى. عند الساعة التاسعة صباحاً كان في الميقات عند مشارف مكة. بعد العشاء تحرك قاصداً طيبة، التي دخلها فجراً، وغادرها بعد الظهر إلى أم الخيرات المنطقة الشرقية. عبء المعتمرون من نور مكة كعبة الإسلام ، ذلك النور الذي لا يطفئه الليل، لا يستره ذلك الكافر أنه نور الله. عاد المعتمرون متسربلين بالإنشراح والنور، الذي لا يطفئه الليل ، و لا تحجبه البنايات الشاهقة .