منذ أن بسط أول فرعون سيطرته على مصر السفلى عن طريق إنشاء عاصمة في ممفيس، التي تمكن من خلالها السيطرة على القوة العاملة والزراعة في منطقة الدلتا الخصبة، بالإضافة إلى السيطرة على حركة التجارة المتجهة إلى الشام . وبعد وفاته طورت الملكية وقوتها بإضفاء الفراعنة لعامل الشرعية في سيطرة الدولة على الأرض والعمل والموارد التي لا غنى عنها لبقاء ونمو الحضارة المصرية القديمة وازدهرت البلاد في ظل الأمن العسكري وسمح آخر حكام الدولة الوسطى، أمنمحات الثالث للمستوطنين الآسيويين بالعيش في منطقة الدلتا لتوفير قوة عاملة كافية لا سيما في التعدين النشط وبناء المدن وأدت أعمال البناء الطموحة تلك، وأنشطة التعدين، بالإضافة إلى عدم كفاية فيضانات النيل لاحقاً في مُلكة، إلى توتر اقتصادي عجل من الاضمحلال إلى الفترة الانتقالية الثانية خلال عصر الأسرتين الثالثة عشر والرابعة عشر وخلال هذا الاضمحلال، بدئت الطائفة الأجنبية الآسيوية في السيطرة على منطقة الدلتا، مما أدى لاحقاً وفي نهاية المطاف إلى بسط سلطتهم على مصر وعرفوا بالهكسوس. ومنذ ذلك الحين وليوم الناس هذا أصبحت العسكرية أولوية رئيسية بالنسبة للمصريين ومن الصعب أن يحدث تغيير، لان المجتمع المصري مجتمع طبقي بدرجة عالية، وكانت الفئة الاجتماعية (الباشا والبية وخلاف ذلك من ألقاب) عنصر مهم في كيان وشخصية الانسان المصري . ورغم أحتلال المزارعون النصيب الأكبر من السكان في ذلك الوقت،إلا أن المنتجات والأراضي الزراعية كانت مملوكة من قبل الدولة أو المعبد أو في بعض الأحيان تكون مملوكة من قبل أحد الأسر النبيلة كما خضع المزارعون لضريبة العمل، وكانوا يعملون في مشاريع البناء أو الري بنظام سخرة(عبيد) وقد عرفت مصر القديمة العبودية في ذلك الوقت، لكن لا تزال المعلومات والدلائل عليها ذات نطاق ضيق. أما الأطباء والمهندسين والفنانين والحرفيين، فقد كانوا بمركز أعلى وأرقى من فئة المزارعين، إلا أنهم كانوا أيضاً تحت سيطرة الدولة المباشرة، حيث كانوا يعملون في الدولة، ويتلقون رواتبهم مباشرةً من خزينة الدولة. وفي عام 1954 اعلن جمال عبدالناصر قوانين الإصلاح الزراعي وتحديد الملكية الزراعية والتي بموجبها صار فلاحو مصر يمتلكون للمرة الأولى الأرض التي يفلحونها ويعملون عليها وتم تحديد ملكيات الاقطاعيين بمئتي فدان فقط وتأميم البنوك الخاصة والأجنبية العاملة في مصر. كل ما سبق يوضح أن التسلط السياسى منذ عهد الفراعنة وحتي اللحظة الراهنة هو سمة من سمات الحكم في مصر ومن الصعوبة التخلص منه لأن الغالبية العظمى من النخبة تمجد الشمولية وحكم الفرد من اجل مصالحها الخاصة،وما هو حادث الآن اقوي دليل ولا حول ولاقوة إلا بالله العظيم.