نريد تسليط الضوء على النقل النهري الذي لم يجد حظه من الاهتمام، لا من الحكومة ولا من القطاع الخاص، في حين انه اقدم وسيلة نقل اقتصادية من بعد الدواب (وحملت قوم نوح في الالوح والدسر)، والاقل تكلفة حتى الآن وان الملتقى نعده محطة انطلاق لاعادة هذا القطاع الى دائرة الفعالية في الحراك الاقتصادي ... وان تأتي متأخراً خير من ان لا تأتي، وهذا هو الفقه الذي نعمل به لتنفيذ خطة الوزارة التي تمتد الى العام 2030م ..بهذه الكميات المتحسرة بدأ وزير الدولة بالنقل فيصل حماد خطابه في فاتحة اعمال ملتقى الاستثمار الآمن في النقل النهري .. كيف ولماذا؟ الذي نظمته شركة دار الإيمان للتسوق والخدمات أمس الثلاثاء تحت شعار (معاً من أجل قطاع فاعل) والذي حشدت له أهل الاختصاص والدراية والخبرات الذين تقاعدوا للمعاش. وبذات النبرة التحسرية قال وزير الدولة بالنقل ان السودان به ما طوله خمسة آلاف كيلومتر من ممرات نهرية طبيعية يمكن ان تستغل في الملاحة النهرية طوال العام من غير تكاليف تذكر وخدمة آمنة وصديقة للبيئة ، فيما المستغل منها فقط خطي الملاحة النهرية، كوستي – جوبا، وحلفا – اسوان، علما ان كيلو خط السكة الحديد الواحد يكلف (1.2) مليون دولار، منبها الى ان (30%) من تكاليف أية سلعة في البلاد هي عبارة عن تكاليف نقل، ومن الممكن خفضها اذا استغل النقل النهري. هذه معلومات بسيطة (دلقها) فيصل الهادي ليهتدي بها المناقشون في الاوراق المقدمة في الملتقى، والتي ركزت على تحديد المعوقات والمعالجات، وكيفية الدعم وتطوير الملاحة النهرية، وامكانية دخول القطاع الخاص في استثمارات كبيرة في هذا المجال، بعد ان تم توجيه رسمي بوقف اعطاء اي ميزات تمويلية لاستيراد الناقلات (العربات) وتوجيهها الى قطاعي النقل النهري والسكك الحديد ... حقاً ان السودان بلد بكر كل موارده غير مستغلة، واعتقد انه لهذا السبب اصبح مستهدفا وصار مطمعا لكل طامع، وهناك مساعٍ دؤوبة لنهب كل تلك الثروات جهاراً نهاراً قبل ان تستغل تلك الموارد من قبل أهل البلد. قال تعالى (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) الآية (164) سورة البقرة. فهل أهل السودان هم قوم يعقلون، ويعرفون النعم التي في بلادهم، ويستغلونها بالصورة التي يستفيد منها أهل السودان كافة من غير تمييز، ولماذا نأتي متأخراً في كل شيء؟!.