)كلام عابر) جاء في صحيفة "الأخبار" أن القيادي بالمؤتمر الوطني ورئيس الاتحاد القومي لنقابات عمال السودان بروفيسور إبراهيم غندور أقر بخطأ سياسة تشريد العاملين بالخدمة المدنية والعسكرية تحت مسمى (الإحالة إلى الصالح العام). وقال غندور في رده على أسئلة الصحافيين في الخيمة الرمضانية التي تقيمها مؤسسة طيبة للإعلام أن "الإنقاذ" في بداية عهدها قامت بتشريد عدد كبير من العمال بالخدمة المدنية وغيرها، قال "هذا خطأ نقر ونعترف به ". وهو اعتراف شجاع يحمد للبروفيسور غندور، فقد شردت الانقاذ عشرات الآلاف من الضحايا وقطعت أرزاق أسر بأكملها في حملة منظمة كان يقودها بوحشية بالغة الدكتور مجذوب الخليفة الذي سبقنا لحساب الله تعالى حتى اكتسب، غفر الله له، لقب البلدوزر، وحتى ترحم الناس على أيام المفتش الانجليزي الذي كان لا يقطع رزق أحد ولا يحابي قريبا أو صديقا فيمنحه وظيفة أو مقاولة في السوق أو إعفاءا جمركيا لأنه بلا أصدقاء أو أقارب أو حزب، مجرد موظف في خدمة الامبراطوية التي كانت لا تغيب عنها الشمس. ليس البروفيسور غندور هو الأول الذي يقر بالظلم الذي ألحقه نظام الإنقاذ بالناس فقد سبقه إلى ذلك كبار المسئولين في الحزب الحاكم والدولة ولكن الأمر انتهى عند مرحلة الاعتراف بالخطأ ولم تعقبه محاولة تصحيح الخطأ والعمل على منع تكرار الخطأ. مجرد الاعتراف بالخطأ مع استمرار أضرار الخطأ وآثاره السلبية أمر لا تستقيم معه موازين العدالة. العدالة لن تتحقق إلا بإعادة المفصول إلى وظيفته مع حفظ حقه في أقدميته الوظيفية بنفس السرعة والسهولة التي أجهز بها مجذوب الخليفة على ضحاياه، علما بأن كثيرين من المفصولين قد انتقلوا إلى جوار الله تعالى ترافقهم في قبورهم شكواهم ممن ظلمهم أو أنهم تجاوزوا سن التقاعد أو ضاق بهم الوطن فخرجوا إلى خارج الحدود يبحثون عن أرزاقهم. معالجة جميع هذه الحالات يعيد للعدالة توازنها. أما الأمر الأكثر أهمية في ظل هذه الصحوة والمكاشفة مع الذات فهو فتح باب التوظيف لأي وظائف جديدة أمام الجميع بالتساوي بلا تمييز أو تمكين تماما مثلما كان يفعل المفتش الانجليزي، فهذا يحول دون استمرار أو استنساخ الخطأ. شاعت نكتة مؤخرا تقول أن أحدهم دخل موقع "قوقل" الاسفيري وكتب جملة " الوظائف الشاغرة في السودان" وفي رواية أخرى كتب "إعادة المفصولين من الخدمة في السودان" فجاء رد "قوقل" سريعا في شكل السؤال التالي "هل أنت جاد؟". ولكي لا نستنسخ نكتة "قوقل" ويتجاوز أمر المفصولين من الخدمة المدنيين منهم والعسكريين القول الجميل إلى الفعل الأجمل فإن كلمة السر تتلخص في شيئين.. إعادة المفصول لعمله أو تسوية وضعه بنفس السهولة التي فصل بها من الخدمة، وتوفير الفرصة المتساوية لجميع المواطنين السودانيين في التنافس لشغل أي وظيفة جديدة بنفس عدالة المفتش الانجليزي. (عبدالله علقم)