الدولة الشمولية الدينية فى السودان منذ مجيئها السلطة بانقلاب عملت على تحطيم كل أقسام المجتمع السياسى و المدنى، وجهت الاعلام ووظفته لتمكين ايديلوجيتها و مفاهيمها، ثم توجت كل ذلك بالاستيلاء و السيطرة على كل أوجه الأقتصاد و مفاصله فأفقرت كل الشعب السودانى. انقسم المجتمع السودانى الى فئتين، واحدة تملك كل شئ تمثل أقل من 5% من الشعب السودانى و البقية أصابها الفقر و ذل الحاجة. تلاشت القيم القديمة لتحل محلها قيم المجتمع الأستهلاكى الجديد، أنماط من السلوك لم يعرفها الشعب السودانى من قبل تمجد المال اينما وجد. الفقر المدقع يقابله من الجانب الآخر مجتمع مترف، بذخ سفيه. الانشطار النووى الذى أصاب المجتمع السودانى أوجد ظواهر جديدة، نتناول بالحديث اثنين منهما: زوجة "وجه النهار" يطلق عليها فى الخليج و السعودية زوجة "الظهيرة" و هى واحدة من الأشياء الوافدة حديثا من الخارج الى المجتمع السودانى بعد زواج "المسيار" . أول معرفتى بالمسطلح كانت عند زيارتى لقريبة تسكن أحد الأحياء الفاخرة التى "نبلت" كالنباتات العشوائية فى العاصمة المثلثة بعد مجئ الأنقاذ. قالت لى انهم لا يشاهدون رجالا فى الحى فى المساء، أضافت ان الرجال يأتون لزوجاتهم فقط أثناء ساعات اليوم و يغادرون بعد انتهاء ساعات العمل. ذلك النوع من الزواج أطلق عليه (زوجة وجه النهار)! هذا النوع من الزواج تتنازل المرأة فيه من كل حقوقها، تتم تلك الزيجات في الخفاء و قيل فى مرات بعلم الأسر و رضاءها! السؤال الذى يتبادر الى الذهن ما الذى يجبر المرأة على شكل ذلك الزواج الذى يمتهن الكرامة؟ الأجابة معقدة و شائكة و لكن منها 1- الفقر الذى يجوب الطرقات 2- اضمحلال فرص الزواج و عدمه مع الظروف الاقتصادية البائسة 3- التطلع الى حياة أكثر رفاهية 4- محاولات اللحاق للاستمتاع بالحياة بأى وسيلة كانت و فرصة للهروب من الفقر 5- محاولات الوصول لتطلعات مشروعة عبر طرق غير مقبولة 6- انعدام الرؤية لكيفية التغيير و توهان الهدف.....الخ ذلك النوع من الزواج هو أحد اشكال الترفيه لدى الاثرياء الجدد، ممثلى الرأسمالية الطفيلية المتخمين بالمال و السلطة كما هو مزيد من انتهاك كرامة المواطن السودانى منتزهات "حبيبى مفلس"! الأسم يطلق على حدائق عامة قامت بانشاءها المحليات المختلفة ليجلس عليها العامة الذين لا يستطيعون ارتياد منتزه "اوزون" لتناول كاسات الآيس كريم و "التيركش كوفى"، مطاعم "عفراء مول"، مطاعم "أمواج"، "ايتالى بيتزا" أو محل "سوق الناقة" بالخرطوم (2) الذى أطلق عليه أسم "الواحة" لتناول طبق لحمة طازجة باربعين جنيها! فى الوقت الذى تدعو فيه السلطة بأجهزتها المختلفة الشعب لمقاطعة أكل اللحوم! تلك المنتزهات المنتشرة فى العاصمة أطلق عليها أفراد الشعب سخرية أسم (حبيبى مفلس). فى تلك الأمكنة يجلس الشباب وهم يرتشفون كوبا من الشاى من أيدى النساء المنهكات العاملات بحثا عن الرزق حتى فى جحر"ضب" ، يتناولون ذلك الشاى مع قرطاس من "التسالى" و هم يجترون أحلامهم المجهضة و كيفية ازالة هذا الكابوس الجاسم على صدورهم. زوجة "وجه النهار" و منتزهات حبيبى مفلس هى صورة مجسمة لما آل اليه حال البلد فى ظل هذه السلطة الحاكمة بقيمها الجديدة و سلوكها غير السوى. الوالغين فى أموال الشعب بالفساد يتزوجون مثنى و ثلاث و زوجة أخرى لمنتصف النهار، أما عامة الشعب فعليهم ملئ بطونهم الجائعة بكوب شاى و حفنة فول "مدمس" او تسالى فى تلك الحدائق العامة "المطرفة". انها دولة الأنقاذ المسلمة ورؤيتها لتقدم السودان!