وقف الرحلات بمطار بن غوريون في اسرائيل بعد فشل اعتراض صاروخ أطلق من اليمن    بورتسودان .. مسيرة واحدة أطلقت خمس دانات أم خمس مسيّرات تم اسقاطها بعد خسائر محدودة في المطار؟    مصطفى تمبور: المرحلة الحالية تتطلب في المقام الأول مجهود عسكري كبير لدحر المليشيا وتحرير دارفور    حزب الأمة القومي: نطالب قوات الدعم السريع بوقف هذه الممارسات فورًا والعمل على محاسبة منسوبيها..!    تصاعد أعمدة الدخان من قاعدة عثمان دقنة الجوية عقب استهدافها بمسيرة تابعة للدعم السريع – فيديو    المضادات فشلت في اعتراضه… عدد من المصابين جراء سقوط صاروخ يمني في مطار بن جوريون الاسرائيلي    "ميتا" تهدد بوقف خدمات فيسبوك وإنستغرام في أكبر دولة إفريقية    المريخ في لقاء الثأر أمام إنتر نواكشوط    قباني يقود المقدمة الحمراء    المريخ يفتقد خدمات الثنائي أمام الانتر    مليشيا الدعم السريع هي مليشيا إرهابية من أعلى قيادتها حتى آخر جندي    ضربات جوية ليلية مباغتة على مطار نيالا وأهداف أخرى داخل المدينة    الأقمار الصناعية تكشف مواقع جديدة بمطار نيالا للتحكم بالمسيرات ومخابئ لمشغلي المُسيّرات    عزمي عبد الرازق يكتب: هل نحنُ بحاجة إلى سيادة بحرية؟    فاز بهدفين .. أهلي جدة يصنع التاريخ ويتوج بطلًا لنخبة آسيا    بتعادل جنوني.. لايبزيج يؤجل إعلان تتويج بايرن ميونخ    السودان يقدم مرافعته الشفوية امام محكمة العدل الدولية    هل هدّد أنشيلوتي البرازيل رفضاً لتسريبات "محرجة" لريال مدريد؟    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من تاريخ التعليم في السودان :أم درمان الأهلية الثانوية (1968 -1972م): ذكريات الصبا .. بقلم: بروفيسور/ عبد الرحيم محمد خبير
نشر في سودانيل يوم 24 - 12 - 2017

تعتبر فترة الطفولة والصبا من أهم وأجمل الفترات في حياة الفرد فهي تتسم بالبراءة في السلوك والحركة الدؤوبة والشقاوة وحب الإستطلاع والمغامرة. ولا تزال ترتسم في الذاكرة نثار صورة نضرة من فترة الصبا بكل ما فيها من أفراح وأشجان. ولعل من أبرز ذكريات هذه الحقبة الدراسة الثانوية التي تعتبر المرحلة الأكثر حساسية في حياة المرء إذ أنها تمثل منعرجاً مفصلياً في مشوار الحياة المترع في كثير من الأحايين بكل ما هو جديد ومثير.
ما دعاني للتقدمة السالفة حزمة خواطر وذكريات لا تزال تتداعى بين الفينة والأخرى دونما ترتيب مسبق في المخيلة لفترة ذاهية قضاها كاتب هذه الأسطر وثلة من أبناء جيله بمدرسة أم درمان الأهلية الثانوية الحكومية. وتجددت هذه الذكريات العطرة إثر دعوة تلقاها من الصديق وزميل الدراسة الثانوية الصحفي الأستاذ محمد موسى حريكة قبل سنوات عديدة للالتقاء بنفر من زملاء الدراسة بأم درمان الأهلية الثانوية تداعوا – بمبادرة منه – للتجمع في أمسية جميلة بحدائق الموردة بأم درمان بهدف جمع شمل أبناء الدفعة (1968-1972م) الذين تفرقت بهم سبل الحياة لما يقارب الأربعة عقود من الزمان بعيد تخرجهم في هذه المؤسسة التعليمية ذات التاريخ التليد. و لا ريب أن أول ما يتبادر للذهن عند ذكر إسم "مدرسة أم درمان الأهلية" الحركة الوطنية السودانيه في نضالها ضد المستعمر البريطاني عندما ضيق الفرص التي يلقاها أبناء السودان في المدارس فأنشأت المعاهد التعليمية الوطنية، وكانت المدرسة الأهلية (الوسطى والثانوية) أحد أبرز البصمات التعليمية لقادة مؤتمر الخريجين(1938م) الذي تكللت جهوده بحصول هذا الوطن العزيز على إستقلاله في غرة يناير 1956م.
وبرغم أن المجموعة التي حضرت ملتقى أبناء دفعة (1968م) كانت قليلة العدد بسبب شواغل الحياة وإغتراب البعض خارج الوطن إلا أن ذلك اللقاء المصغر أعاد لنا بانوراما جميلة لذكريات عذبة وزمان أخضر كانت فيه العلائق الإجتماعية كأمتن ما تكون إذ أن صروف الزمان ورياح العولمة لم تهب وقتها لتنثر كثيراً من ثوابتنا الإجتماعية. ومرت ساعات اللقاء سراعا ونحن نجتر ذكريات بهيجه ونكشف ثانية عن قفشات وطرائف لا تزال عالقة بالذاكرة. ولعلي - بحكم تخصصي في الآثار والتاريخ القديم - كنت الوحيد بين الجمع أحدق بنظرات ثاقبة متفرساً في أبناء الدفعة الذين بلغوا مطلع الستينات من العمر، إذ وخط الشيب رؤوسهم وحرث الزمان أثلام وجوههم، بيد أن بعضاً من حيوية وروح دعابة لا تزال هنالك لم تفارق هذا الرهط من شباب السبعينات المنصرمة.
ومما لاريب فيه أن لكل خريج من المدرسة الأهلية الثانوية ذكريات عطرة يفوح عبقها مسكاً وطيباً على مر السنين وتوالى الأجيال. ولعل أول ما يتبادر إلى الذهن عند ذكر "المدرسة الأهلية" الحركة الوطنية السودانية في نضالها ضد المستعمر البريطاني عندما ضيق الفرص التى يجدها أبناء السودان في المدارس الأميرية، فأنشأت المعاهد التعليمية الوطنية. وكانت الأهلية "الوسطى والثانوية" أحد أبرز البصمات التعليمية لمؤتمر الخريجين (1938م) الذى قاد النضال السياسي حتى كلل بإستقلال هذا الوطن العزيز فى غرة يناير 1956م.
وإستلهم المؤسسون للمدرسة الأهلية الثانوية الروح الوطنية لقادة الإستقلال فبدأت الدعوة لقيام هذه المؤسسة بمقال نشره البكباشى أحمد عقيل في صحيفة "صوت السودان" في مارس 1945م. وتكونت لجنة من كبار أعيان مدينة أمدرمان لعرض الأمر على مدير المعارف للتصديق بقيام المدرسة. وأصر مدير المعارف البريطاني آنذاك على عدم السماح بقيام المدرسة الثانوية لسببين – كما يرى – هما عدم توفر المال اللازم لأن التعليم الثانوى كانت تكلفته كبيرة حينها كما وأن عدد المدرسين غير كافٍ لقيام مدرسة جديدة. وعند إجتماعه بلجنة المدرسة (عمر إسحاق، سيد أحمد سوار الذهب، عثمان صالح، محمد أحمد البرير، الأمين عبد الرحمن، الدرديرى محمد عثمان، إسماعيل الأزهرى الكبير والبكباشى نور. وأحمد حسن عبد المنعم) إنتفض الشيخ أحمد حسن عبد المنعم وكان عن طريق الصدفة يحمل دفتر شيكاته وقدم لمدير المعارف شيكاً بتوقيعه ليكتب المبلغ المطلوب حتى تقام المدرسة. فما كان من مدير المعارف إلا أن رد الشيك ووافق على قيام المدرسة الأهلية دون قيد أو شرط بعد أن أدرك جدية اللجنة وإصرارها على تنفيذ ما قررته (أنظر: أ. د.معتصم أحمد الحاج؛ "التعليم الأهلي فى أم درمان2009م": 19-20) كما منح المدرسة قطعة أرض (ملكية عين) فى شمال أم درمان إكتملت مبانيها بتبرعات أهالى أم درمان وبدأت الدراسة فيها فى مطلع 1945م.وتم تحويلها إلى مدرسة حكومية بمقرها الحالي عام 1955م.وأصبحت أحد المدارس الثانوية الكبرى في السودان .وكانت أم درمان الأهلية الثانوية المنافس الأول للمدارس الثلاث الشهيرة بالبلاد(وادي سيدنا،حنتوب وخورطقت).وخلال العقود الثلاثة منذ تأسيسها(1955م) كانت قائمة الشرف للشهادة الثانوية السودانية لاتخلو من طلابها.وكان لدفعتنا التاريخية شرف التميز على مستوى القطر كما وأن ثاني الشهادة الثانوية السودانية عام(1972م) هو إبن دفعتنا وصديقنا الدكتور(مهندس كيميائي) زهير كمال سعيد.
وحضر لقاء جمع الشمل من الزملاء د. محجوب مكي علي (طبيب)، الزين محمد أحمد الدوش (مهندس زراعي) ، جلال الدين النويري (أستاذ جامعي)، محمد موسى حريكة (صحفي) ، العقيد (م) حسن مصطفى إبراهيم ، د. كمال كوكو (إقتصادي) ، عصام الدين أبو سالف ومحمد عثمان عبد العزيز (رجال أعمال) بالإضافة لشخصي الضعيف. وتطرق الجميع لذكريات طيبة إبتدرت بالأيام الأولى بُعيد القبول بالمدرسة الاهلية الثانوية حيث الإنضباط الصارم والذي يتابع الإشراف عليه مجموعة من الأساتذة على رأسهم مدير المدرسة المربي القدير الطيب شبيكة (رحمه الله). ولعل من أبرز علائم الإنضباط التربوي والإداري الإجتماع الإسبوعي مع الطلاب في باحة المدرسة إذ كان بمثابة "برلمان" يقدم فيه المدير تقريراً شاملاً عن الأحوال الدراسية والإدارية وما يجابه المدرسة من مشاكل مع تقديم الحلول المقترحة ، علاوة على الإستماع لمشاكل الطلاب والإجابة عن تساؤلاتهم في ما يلي الدراسة والمناشط المختلفة (اللاصفية). وكان مدير المدرسة ورؤوساء الأقسام وبقية أعضاء الهيئة التدريسية يحثون الطلاب دوماً على التميز والتفوق الأكاديمي والثقافي حتى تعتلي المدرسة مكاناً علياً ضمن منظومة المدارس الثانوية السودانية مع الحفاظ على السمعة الطيبة (سلوكاً وإنضباطاً) داخل وخارج الفصول الدراسية.
وتلزم إدارة المدرسة الطالب بضرورة الحفاظ على المظهر العام المتمثل في الهندام النظيف ، إذ كان الزي الرسمي حينها يتكون من رداء (شورت) وقميص رمادي نصف كُم عليه شارة طبع عليها كتاب مفتوح تتوسطه شعلة أشبه بنار برومثيوس في الأسطورة الإغريقية كناية عن نور العلم. وكنا نمشي في الطرقات ً يتملكنا شعور بالزهو والحبور ونحن نرتدي هذا الزي المدرسي الجميل ولما لا ؟ فقد كانت المارة في الطرقات ترمقنا بنظرات الرضا بإعتبارنا صفوة طلابية قُيِّض لها الإلتحاق بهذه المدرسة العريقة.
بلغ عدد طلاب المدرسة الأهلية في أواخر الستينات (1968م) ومطلع السبعينات (1972م) ما ينيف عن الأربعمائة طالباً موزعين في العديد من الفصول الدراسية التي حملت أسماء الآباء المؤسسين (نور، إسماعيل ، عمر، أحمد حسن ، عثمان صالح والبرير)
وتوجد بداخل المدرسة داخلية صغيرة يسكن فيها عدد قليل من الطلاب القادمين من خارج العاصمة المثلثة بينما تقطن الغالبية منهم الأحياء المجاورة للمدرسة (العمدة، ودنوباوي، أبو روف والثورات). وعندما تم تحويل مدرسة وادي سيدنا الثانوية إلى كلية عسكرية بعد قيام نظام مايو ( 1969م) نقل بعض أساتذة وطلاب هذه المدرسة الرائدة إلى أم درمان الأهلية الثانوية.
وللمدرسة مسجد يعج دوماً بالمصلين، إضافة إلى الطلاب الذي كانوا يقبعون بداخله حيناً للإستذكار سيما في مواسم الإمتحانات. وثمة مكتبة غنية بالمراجع العربية والإنجليزية تجد إهتماماً كبيراً من الطلاب الذين تميزوا بالتفوق الدراسي. وكانت المنافسة بينهم شديدة للغاية ويندر أن تجد طالباً يحتل ذيل القائمة في النتيجة العامة للامتحانات بسبب اشتراك الغالبية في المراتب المتقدمة مما يؤمئ بتقارب المستويات الأكاديمية.
وأبدت إدارة المدرسة إهتماماً لافتاً بالنشاطات اللاصفية وخصصت للنشاط الرياضي زمناً معلوماً في الجداول الدراسية وكان الطلاب يزاولون ضروباً متنوعة من الرياضة (كرة القدم، السلة ، الطائرة ، تنس الطاولة) تحت إشراف متخصص في التربية البدنية. ومن أبرز أبناء دفعتنا في المجال الرياضي لاعب المريخ السابق والمدرب القومي المعروف محمد عبد الله (مازدا) وحاتم أمير (لاعب فريق أبوروف السابق والأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة الجزيرة ) وعبد الدافع محمد عبد الدافع (الكاملين).
وضمت جمعية المسرح بالمدرسة الأهلية الثانوية في بواكير السبعينات عدداً من أبناء الدفعة أبرزهم عبد الله السيد، محمد الأمين حميدة ، السيد بن عمر عبد العزيز وعبد الرحيم محمد خبير. وإتسمت هذه الجمعية بالنشاط الإبداعي المستمر إذ ظلت تشارك في كل المناسبات والإحتفالات الخاصة بالمدرسة والتي يبرز فيها الطلاب إبداعاتهم الفنية والأدبية ، فضلاً عن إقامة المعارض العلمية والثقافية التي يؤمها أولياء الأمور والأقارب ولفيف من التربويين. وللمدرسة جمعية للموسيقى ذات حضور دائم في الاحتفالات المدرسية والدورات القومية. أما جمعية الوسائل السمعية والبصرية فقد إهتمت بالإشراف على إذاعة المدرسة الداخلية التي كانت تبث على مدار اليوم الدراسي المدائح النبوية والأغاني والأناشيد الوطنية كما كانت تتعاون مع إدارة المدرسة وتلفزيون السودان لترتيب أجهزة التلفاز التي تستخدم لعرض البرامج التعليمية ذات الصلة بالمنهج العلمي المقرر.
كان التدريب العسكري بالمدرسة الأهلية الثانوية بأمدرمان (الكديت – Cadet) إختيارياً وتميز أداؤه بالإنضباط والحزم. وإنخرطت مجموعة من أبناء الدفعة في هذا النشاط أبرزهم مطرف صديق نميري، محمد محجوب عبد الرحمن (بلورة) ، عادل كمال حاج الخضر ، محمد موسى حريكة ، حمزة عباس، حسن مدثر الحجاز، حسن مصطفى إبراهيم، محمد الربيع، عمار خالد، حسن وداعة الحسن ، حاتم الياس ومحمد عثمان عبد العزيز (منقا) وصلاح الشيخ. ويشرف على الكديت ثلاثة من الصولات هم رمضان، سمير، ورابح. وكان الغياب من الكديت دونما عذر مقبول يعرض صاحبه لجزاء رادع.
ولا ينسى أبناء دفعتنا الحوارات السياسية الساخنة التي كان مقرها الرئيسي كافتيريا الطلاب، وتشمل التنظيمات السياسية في المدرسة الأهلية الثانوية في ذلك الزمان: الإتجاه الإسلامي ، الجبهة الديمقراطية،حزب الأمة،الإتحادي الديمقراطي كما ظهرت مجموعة سياسية جديدة تمثل المايويين باسم تنظيم الإتحاد الإشتراكي السوداني". وكانت فعاليات هذه التنظيمات السياسية تستعين بكوادرها المدربة. من خارج المدرسة وبخاصة من جامعة الخرطوم لإقامة الندوات السياسية. ويلاحظ أن السجالات السياسية بين طلاب هذه التنظيمات السياسية كان يشتد أوارها أحياناً وترتفع درجة حرارتها دونما عنف أو خروج عن السلوك العام إذ سرعان ما يفيء هؤلاء الطلاب إلى الهدوء بعد إنتهاء النقاش ويغادرون المكان أخواناً متحابين وليس بينهم سوء تفاهم.
ولعل من الملفت للانتباه لأبناء دفعتنا وربما للدفعات اللاحقة التي درست بالمدرسة الأهلية الثانوية في عقدي الستينات والسبعينات التجهيزات المتكاملة لمختبرات العلوم التطبيقية (الفيزياء، الكيمياء والأحياء) إذ ذودت بكل إحتياجاتها من أجهزة ومواد معملية وكان يشرف عليها فنيون حاذقون للمهنة. أما الهيئة التدريسية للمدرسة فقد ضمت كواكب نيرّة من الأساتيذ لا تزال الذاكرة تحتفظ بأسماء بعضهم. وأذكر منهم: محمد عبد القادر كرف، محي الدين فارس، محمد بابكر دشين (ثلاثتهم شعراء مشهورون) ، سيد الياس سيدهم ، الزين محمد وبركات إبراهيم بركات (قسم اللغة العربية) ؛ مستر وليمز (رئيس قسم) ، مستر هنتر(بريطانيان)، عبد الرحمن شداد ، محمد سعد دياب (شاعر معروف)، السر حمزة، التيجاني أبو القاسم ، بشير عامر، إبراهيم أمبابي ، سر الختم نورين (قسم اللغة الإنجليزية)؛ عبد المنعم إبراهيم ، عثمان دبلوك ، كمال حسن شمينا، عبد الرحمن العاقب، عمر حسن الطيب الهاشمابي، محمد عثمان الدرديري (قسم التاريخ) ؛ حسين الغول، خليل سمساعة، السر مكي ، محمد عوض، محمد نورين ، صلاح ماس، جلال نصر (فلسطيني) (قسم الرياضيات)؛ محمد إدريس (الشهير باللويّر – Lawyer) ، تاج السر عطية ، عبد الرحمن حسن، عوض الصاوي، احمد غبوش (قسم الجغرافيا)؛ عبد الله سمساعة، نايف عبد الله مسعود (فلسطيني) (قسم الفيزياء) ، محمد قباني وعاصم إسكندر (قسم الأحياء) وعبد العزيز محمد عبد العزيز (قسم الكيمياء) ، حسن إسحق وحسن محمد خير (قسم الفنون). أطال الله عمر من كان على قيد الحياة والرحمة والمغفرة لمن رحل إلى دار الخلود.
ولا مندوحة من ذكر أسماء بعض الزملاء الذين إشتهروا بخفة الظل والسخرية المحببة للنفس وهم: خليفة عمر سليمان (من أبناء منطقة الفششوية- النيل الأبيض) وعادل كمال (إداري بالخارجية) ، والزين محمد أحمد الدوش (مهندس زراعي) وإبن عمر عبد العزيز (مهندس ميكانيكي) وألفة "فصل أولي نور" عبد الله السيد (موظف بوكالة سونا) وعادل عبد الباري ، فتحي عبد المطلب ، عبد الرحمن الشنقيطي ، حامد أمير الصاوي ومحمد محجوب (بلورة) (أطباء) ، عزمي زين العابدين طه (مهندس كهربائي)(دكتور في تخصص الطاقة الشمسية)، عمر أبوالزين(أستاذ جامعي-دكتور في الهندسة المعمارية)، محمد عثمان عبد العزيز وعباس فضل الله ، حسين حسن تربال (رجال أعمال) ، جلال الدين النويري وبشرى محمد أبو شورة (أساتذة جامعيين) ، عثمان الصاوي عبد الماجد (طبيب بيطري) (رحمه الله).
وكانت الصحف الحائطية للمدرسة الأهلية الثانوية ترفدنا بمقالات ثرّة تعريفية بالأدباء السودانيين في مقدمتهم العلاّمة عبد الله الطيب والروائي الطيب صالح والشعراء محمد المهدي المجذوب وصلاح أحمد إبراهيم ومحمد المكي إبراهيم ومحمد عبد الحي ومصطفى سند ومحي الدين فارس وغيرهم. وكان أستاذنا في مادة اللغة العربية (البلاغة) الشاعر القدير محمد عبد القادر كرف من المعجبين بعبد الله الطيب. ولكم أتحفنا بقراءات لنصوص شعرية من دواوينة مع التعليق عليها وإبراز ما فيها من محاسن وإبداع. ولا تزال الذاكرة تحتفظ بتفاصيل درس في البلاغة ألقاه على مسامعنا الأستاذ كرف بحضور صديقه شاعر الحقيبة المعروف إبراهيم العبادي وأتبعه ببعض الأسئلة التي أجاب عنها الطلاب بإمتياز. وأعجب العبادي بمستوى الطلاب وتفاعلهم مع الدرس وقال نصاً حرفاً مخاطباً أستاذ كرف "هؤلاء التلامذة أدباء بحق وحقيقة " ويبدو أن نبوءة إبراهيم العبادي قد تحققت فنبغ نفر من أبناء دفعتنا في الشعر والخطابة والنقد الأدبي ، أذكر منهم جلال الدين النويري الذي كثيراً ما إتحفنا بأشعاره العذبة وإدريس البشرى محمد سعيد الخطيب المفوه ومحمد طه (المحامي) المحاور والمتحدث اللبق والسر أحمد طه صاحب الأسلوب الأدبي المميز والذي وظفه في الإعلام الرياضي، ومحمد حسن فقيري الطبيب الأديب. وبرز في الإعلام الصحفي من أبناء الدفعة محمد موسى حريكة (صحيفة الأيام سابقاً) وعثمان ميرغني عبد الله (مدير تحرير صحيفة الشرق الأوسط السعودية). أما زميلنا كمال كوكو فقد كان فناناً تشكيلياً متميزاً ، غير أنه لم يتخذ من الفنون مهنة وإتجه في دراسته الجامعية للإقتصاد ليصير مستشاراً إقتصادياً لأحدى الشركات السعودية.
ولعل من أبرز الفواجع التي عاصرتها دفعتنا (1968-1972م) استشهاد مجموعة من الزملاء غرقا في النيل الأزرق بتاريخ 27/9/1969م بمنطقة ودراوه (الجزيرة) حيث كانوا في رحلة ترفيهية خلال عطلة نصف العام الدراسي وهم: أبو القاسم حسن محمد، أبو مدين ميرغني موسى، أحمد الفكي محمد رحمة، عبد الباسط حسن أبو مدين وعبد الرؤوف عثمان كردش (تغمدهم الله برحمته).
وثمة إشارة هنا، وهى أن خريجى المدرسة الأهلية بأم درمان شديدو الإعتزاز بإنتمائهم إليها ولا يعتبرونها مجرد أبنية يقبع بداخلها السجل التاريخى لماضى تعليمهم فى زمن الصبا وألق الشباب الباكر، بل ينظرون إليها في المقام الأول بإعتبارها صرحاً وطنياً تاريخياً يرمز لنضال أهل السودان بعامة ومواطني أم درمان على وجه الخصوص فى مجال التعليم الأهلى والذي تماهى مع الحركة الوطنية السودانية (1938-1956م) من أجل تنمية الوعى القومى وتحقيق الأهداف الوطنية الكبرى وأبرزها إستقلال البلاد من ربقة الإستعمار البريطاني. لهذا فهم حريصون أيما حرص على هذا الرمز التاريخي إستمرارية وتطويراً لأنه يمثل ذاكرة الأمة فى حقل التربية والتعليم.
وإستلهاماً لهذه المجاهدات العظيمة لأسلافنا الأماجد فى كل الميادين وبخاصة فى مجال التعليم، فقد تداعى نفر من خريجي مدرسة أم درمان الأهلية الثانوية إلى تشكيل رابطة للخريجين ظهرت إلى حيز الوجود فى (26/11/2011م) برئاسة الدكتور سيف الإسلام سعد عمر (رحمه الله) وعبد الرحيم محمد خبير سكرتيراً، ومنتصر أبارو أميناً للمال وعضوية (15) خريجاً آخرين. وأبرز أهداف هذه الرابطة الإهتمام بالمدرسة وتوفير إحتياجاتها وإسترداد حقوقها بالوسائل القانونية والعمل على خلق وتقوية الروابط الإجتماعية والثقافية بين الخريجين مع تنفيذ المشروعات المقدمة من المجلس التربوى لتأهيل البنية التحتية وتهيئة الأجواء الأكاديمية المعافاة. وأستطاعت الرابطة – برغم عمرها القصير – تنفيذ بعض المشروعات أهمها فتح حساب بنكي، تأهيل المكتبة العامة والإلكترونية والمسرح المدرسي وتوفير ماكينة تصوير ناسخة وصهريج مياه مع تنسيق مدخل المدرسة "تشجيراً وتزييناً" وانشاء موقع الكتروني "Web-Site" بغرض تمتين التواصل بين الخريجين وبينهم وإدارة المدرسة والمجلس التربوي.
ومما لاريب فيه أن واحداً من أهم أهداف رابطة الخريجين إعادة مبانى المدرسة التى تشغلها حالياً جامعة الزعيم الأزهرى (كلية التربية) بعقد إستضافة إنتهى أجله منذ عدة سنوات..و بعد إنتهاء الدورة الأولى لرابطة الخريجين تكونت فى يونيو 2013م لجنة تمهيدية جديدة للرابطة برئاسة الدكتور عبدالرحيم محمد خبير ومنتصر أبارو أميناً للمال والدكتور أحمد قاسم "الوزير الولائى للتخطيط العمراني بولاية الخرطوم سابقا"ومحمد صديق عمر الإمام المحامي (رحمه الله )والمشرف الإجتماعي للرابطة المهندس الصادق يحي وصديق حسن الترابي،. وقابلت هذه اللجنة الدكتور المعتصم عبد الرحيم وزير التربية والتعليم الأسبق بولاية الخرطوم(رحمه الله) (12/6/2013م) والذى وعد بدراسة موضوع مبانى المدرسة الأهلية الثانوية وعودة الأمور إلى وضعها الطبيعي. ولكن لم تخطرنا وزارة التربية والتعليم منذ ذلك الحين وحتى عهد وزيرها الجديد بما تم في هذا الموضوع حتى اللحظة حتى نتمكن من إرجاع مبانى المدرسة المستضافة فيها جامعة الأزهري والإستفادة منها بشكل متكامل فى تنفيذ الخطط الآنية والمستقبلية لهذه المؤسسة الأنموذج مع تذليل كافة الصعاب التى تقعد بها عن أداء رسالتها على الوجه الأكمل بإعتبارها منارة تعليمية قومية رائدة ترتكز على إرث تاريخي مؤثل. والله المستعان.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.