دورات تعريفية بالمنصات الرقمية في مجال الصحة بكسلا    د. الشفيع خضر سعيد يكتب: الدور العربي في وقف حرب السودان    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    مقتل 68 مهاجرا أفريقيا وفقدان العشرات إثر غرق قارب    ريال مدريد لفينيسيوس: سنتخلى عنك مثل راموس.. والبرازيلي يرضخ    نقل طلاب الشهادة السودانية إلى ولاية الجزيرة يثير استنكار الأهالي    السودان..إحباط محاولة خطيرة والقبض على 3 متهمين    توّترات في إثيوبيا..ماذا يحدث؟    اللواء الركن (م(أسامة محمد أحمد عبد السلام يكتب: موته وحياته سواء فلا تنشغلوا (بالتوافه)    مسؤول سوداني يردّ على"شائعة" بشأن اتّفاقية سعودية    دبابيس ودالشريف    منتخبنا المدرسي في مواجهة نظيره اليوغندي من أجل البرونزية    بعثة منتخبنا تشيد بالأشقاء الجزائرين    هل محمد خير جدل التعين واحقاد الطامعين!!    دقلو أبو بريص    أكثر من 80 "مرتزقا" كولومبيا قاتلوا مع مليشيا الدعم السريع خلال هجومها على الفاشر    شاهد بالفيديو.. بلة جابر: (ضحيتي بنفسي في ود مدني وتعرضت للإنذار من أجل المحترف الضجة وارغو والرئيس جمال الوالي)    اتحاد جدة يحسم قضية التعاقد مع فينيسيوس    حملة في السودان على تجار العملة    إعلان خارطة الموسم الرياضي في السودان    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    تحديث جديد من أبل لهواتف iPhone يتضمن 29 إصلاحاً أمنياً    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    أول أزمة بين ريال مدريد ورابطة الدوري الإسباني    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    بزشكيان يحذِّر من أزمة مياه وشيكة في إيران    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    الشمالية ونهر النيل أوضاع إنسانية مقلقة.. جرائم وقطوعات كهرباء وطرد نازحين    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من المسئول عن ظلم قبيلة الأطباء وصولا للإضراب ، سيدي الرئيس؟؟؟ .. بقلم: د.سيد عبد القادر قنات
نشر في سودانيل يوم 30 - 01 - 2010


بسم الله الرحمن الرحيم
sayed gannat [[email protected]]
د.سيد عبد القادر قنات
إختصاصي تخدير وإنعاش
الفقراء في وطني ليس لديهم خيار في إختيار مكان تقديم الخدمات الطبية ، بل تقدم لهم تلك الخدمات في ظروف غير مُرضية وغير مُكتملة وفوق ذلك يدفعون حتي ولو كانت الخدمة حالة طارئة ، علماً بأن المتضرر من تدهور الخدمات الصحية هو ذلك الفقير أولاً وأخيراً ، و أولى الأمر لا يدركون أن ذلك الفقير هو العمود الفقري للإنتاج والنمو والتقدم ، وعدم تقديم خدمات متكاملة لهذه الشريحة والتي تمثل 95% من الشعب السوداني يقود بصورة أو أخرى إلي إضمحلال التنمية وتخلف الدولة وفقرها، وهذه مسئولية سياسة وزارة المالية .
وزارة الصحة الإتحادية من إختصاصاتها وضع السياسات والإستراتيجيات في مجال الطب الوقائي والعلاجي والإجتماعي والمهني ، ووضع السياسة الدوائية ، ومراقبة ورصد الأوبئة ومكافحتها ، إضافة إلي الإشراف علي الكوادر الطبية شاملة الأطباء وأطباء الأسنان والصيادلة والفنيين كل في مجال تخصصه . بناءاً عليه فإن وزارة الصحة الإتحادية منوط بها الإشراف الصحي علي جميع المواطنين في حدود المليون ميل والعمل علي توفير وتقديم خدمات طبية متكاملة ذات مواصفات وجودة عالية ، لخلق العقل السليم في الجسم السليم .
السودان اليوم من أسوأ 30 بلد من ناحية تقديم الخدمات الطبية في العالم ، فإجمالي الإنفاق علي الصحة فعليا من إجمالي الدخل القومي هو 0.31% (2007 ) ونصيب الفرد 1وربع دولار سنوياً(2007) ، وهذا أبلغ دليل علي أن صحة المواطن السوداني ليست من أولويات الدولة ، وهذه صورة مقلوبة لأن تقدم الشعوب والدول يقاس بمدي ما تقدمه من خدمات طبية متكاملة إضافة إلي مستوى معدل حالات الوفاة والعجز والإزلال والعوز ، وإن عزت الدولة ذلك إلي الصرف علي الحرب ، فمع وجود الحرب قبل الإنقاذ ، فإن الخدمات الصحية كانت مضرب المثل وسط العالم العربي والافريقي ، وهذا يعني إننا تدحرجنا إلي الخلف ، والحرب ليست هي السبب، ولكن الآن لاتوجد حرب بل سلام ووئام ومع ذلك ربما كل مرافق الدولة تشكو وتئن من ظلم وزارة المالية .
السودان مساحته مليون ميل مربع وسكانه في حدود 40 مليون ولكن التوزيع الديموقرافي للسكان فيه سوء توزيع فالعاصمة وحدها بها حوالي 12مليون مواطن في النهارو8 مليون ليلا وذلك بسبب تركيز كل الخدمات بها إضافة إلي النزاعات المسلحة والجفاف والتصحر وفوق ذلك عدم خلق مدن موازية للخرطوم بها كافة الخدمات ، مما قاد إلي أريفة العاصمة وكثير من عواصم الولايات.
هدف النظم الصحية هو تقديم خدمات طبية متكاملة ذات كفاءة عالية لجميع المواطنين وعدم حرمان من يعجزون عن سداد التكاليف ، وأن لا يكون الفقر عائقاً لنيل تلك الخدمة ، ولا الغني ميزة لنيلها بكل سهولة ويسر ، وأن يشمل ذلك جميع مستويات تقديم الخدمات من المعاون الصحي إلي المستشفي التخصصي العام .
تعتمد الخدمات الصحية علي مؤسسة مؤهلة من ناحية المباني والكوادر الطبية والمعدات والأجهزة المساعدة إضافة إلي القدرة علي إستمرارية تقديم تلك الخدمات بصورة مكتملة بنفس المستوى الذي بدأت به ساعة افتتاحه .
وزارة الصحة الاتحادية هي المسئولة أولاً وأخيراً عن أداء النظام الصحي بالصورة المثلى ، وصحة الإنسان في كل الشرائع تعتبر أولوية وطنية لأن الإنسان المعافى هو العمود الفقري لتقدم الدولة ونمائها كما أسلفنا القول، ولكن عندنا في السودان فقد رفعت الدولة يدها عن الخدمات الصحية وصار الشعب يتحمل عجز وزارة المالية في توفير وتحمل تلك المسئولية ، لان وصاية الدولة علي الخدمات الصحية هي مربط الفرس وحياة المواطن مرهونة بالنظم الصحية المثلى بدأً من ضمان ولادة طبيعية لأطفال أصحاء وتوفير الرعاية الصحية الأولية ، والسكن الصحي والمأكل والغذاء الجيد ، أضافة ألي توفير العمل للجميع ، وتنتهي بتوفير الرعاية الكريمة للمسنين والعجزة والمعوقين جسدياً وعقلياً وعليه فقد زاد العبء المالي علي المواطن جراء المرض وهو أصلاً معدم وفقير .
ولكن أن تتحمل وزارة الصحة تلك الأعباء لوحدها فهذا ظلم وجور وعدم عدل، فوزارة الصحة ، وزارة خدمية في المقام الأول بحسب نصوص الدستور والقوانين التي بموجبها أنشئت، وولاية المال العام وتوفيره للخدمات الصحية هي مسئولية وزارة المالية وموءسساتها المختلفة ، وعندما تعجز وزارة المالية في الإيفاء بإلتزاماتها زمانا ومكانا ورقما ، فماذا تتوقع الدولة من العاملين بغض النظر عن درجاتهم ووظائفهم بما في ذلك الأطباء، علما بأن الطب هو رسالة وليس مهنة للتكسب والعيش ، فالطبيب مواطن لديه مسئوليات أسرية وإجتماعية وقيادية وغيرها، ولكن عندما يواجه بواقع مرير يتمثل في عدم صرف إستحقاقاته كاملة زمانا ومكانا حسب المتعارف عليه ، فماذا تتوقعون منه ؟؟ علما بأن الصرف في أوجه أخري من إحتفالات وغيرها لاتحده حدود، لماذا؟؟ ألا تعتقدون أن الصرف علي الصحة هو من أولويات مسئولية وزارة المالية ؟
إن التوازن في تقديم الخدمات الطبية المتكاملة يعتمد علي التخطيط السليم مع بعد النظر وهذه مسئولية وزارة الصحة الاتحادية ، ونعلم أن قيادة وزارة الصحة الحالية قد كرست كل جهدها من أجل التخطيط السليم لخدمات طبية متكاملة زمانا ومكانا وكوادرا ، ولكن هل يمكن أن تصفق اليد الواحدة ؟؟ كلا وألف كلا ، تلك اليد تبشر فقط ، وفوق ذلك للأسف تجد من يقف حجر عثرة أمام طموحات قيادة وزارة الصحة الحالية والتي تجاهد من أجل توفير تلك الخدمات لكل مواطن سوداني أينما كان ، بل علينا أن نقف إجلالا وتقديرا وإحتراما لقيادة هذه الوزارة وأن نُقلدها أرفع الأوسمة وهي في حراك دائم من أجل تأهيل جميع المرافق الصحية في الوطن مبان وكوادر ومعدات.
نحن قبيلة الأطباء مع الولاية الكاملة لوزارة المالية علي المال العام وتوجيه أوجه صرفه وفق أسس معلومة ومعروفة وفق إحسان ترتيب أولويات وأسبقيات يتواثق عليها الجميع في قيادة الخدمة المدنية وفق رؤي سياسية واضحة المعالم لخدمة المواطن والوطن وإستقراره وأمنه ومن أجل التنمية والبناء والعمران ،ولكن أن ينظر للأطباء كلهم جميعا بأنهم يملكون مال قارون من عملهم وممارستهم لرسالتهم في زمنهم الخاص ، ولهذا يكونون هم الحيطة القصيرة في كل الإستقطاعات ، حتي صارت مرتباتهم وإستحقاقاتهم نهاية المطاف ملاليم لاتغني ولا تسمن من جوع ، بل ينظر إليهم المواطن بأنهم هم سبب تدهور الخدمات الطبية في الفترة الأخيرة ، حتي هنالك من يحاسب الطبيب علي قصور الإمكانيات في المستشفيات ، ومادروا أن الطبيب داخل السودان ، يملك من المقدرة والخبرة والكفاءة الكثير والذي يبز به أقرانه في كثير من دول المهجر ، ولكن الإمكانيات شحيحة ، وهذه مسئولية وزارة المالية ، لأنها تملك الولاية علي المال العام وعلي إحسان ترتيب أولوياته ، ولكن هل تدرك وزارة المالية إحسان ترتيب الأولويات وأن الصحة هي الأولي بالرعاية؟
نعم هكذا تكون الولاية علي المال العام، لافرق بين أحمد وحاج أحمد ، القانون المحاسبي وقوانين الصرف علي الميزانية بمختلف أسمائها وتوزيعها ، تضبطها تلك اللوائح والنظم,
ولكن إن كان قد تم التغاضي عن تلك اللوائح لسنون خلت ، وصار ما يستلمه الطبيب حقا مشروعا مكتسبا نهاية كل شهر، فهل يعقل أن يتم إيقاف تلك المبالغ بجرة قلم دون إخطار مسبق؟؟ هل يعقل ذلك في الوقت الذي كان يتطلع فيه الأطباء لزيادة في رواتبهم؟؟
ثم أين نحن من قوله صلي الله عليه وسلم : آتوا الأجير حقه قبل أن يجف عرقه، ومع كل ذلك لانستلم حقنا إلا بعد فترة وفوق ذلك منقوصا ، هل هذا عدل؟؟؟
ولكن مابالكم وتقارير المراجع العام السنوية عام بعد عام تكشف عن المستور وفضائح كان لها أن تعصف بالحكومة وتورد الكثيرين إلي دهاليز السجون ، ولكن غض الطرف من وزارة المالية ، جعل الكل يسرح ويمرح في المال العام ، ومع ذلك لم تحرك الوزارة أي دعوي ضد أي مواطن إختلس أو موءسسة رفضت مراجعة حساباتها، أليست هذه مسئولية وزارة المالية الأصيلة في المحافظة علي المال العام من الفساد والتغول؟؟ أليست هي المسئول الأول في الدولة عن حماية أموال الشعب، لاتقولوا أنه تمت تسويات أو خلافه ، كنا نتمني أن تعلنها وزارة المالية علي الملأ من إختلس وكم إختلس ولماذا إختلس ولماذا التسوية؟؟ إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد؟؟ أين إذا ولايتكم علي المال العام؟ أين مسئوليتكم ولوائحكم وقوانينكم ؟ هل هنالك من هو فوق القانون حتي ولو كان السيد المشير عمر البشير في الولاية علي المال العام؟؟ولكن إن فشلت قيادة وزارة المالية في تحقيق العدل والقانون فخير لها أن تترجل اليوم قبل الغد.
نعم أيرادات المستشفيات يجب أن تخضع للتوريد للخزينة العامة ، وهذا صحيح مأية المأية، ولكن هل هناك إستثناءات للتوريد من أي جهة كانت ؟؟ لماذا ؟؟ أليس لوائح وقوانين الميزانية واحدة وجميع موءسسات الدولة تخضع لها بما في ذلك الموءسسات السيادية ؟
نعم وزارة الصحة تقع ضمن تلك السلطات واللوائح ، ولكنها وزارة خدمية في المقام الأول ، وصحة الإنسان هي مربط الفرس للتنمية والبناء والعمران ، هل يمكن لدولة مواطنوها مرضي أن تتقدم وتنمو وتزدهر؟؟
ثم نأتي لتطبيق لوائح بعد سنون خلت علي شريحة الأطباء دون سابق إنذار ! لماذا إختيار هذا الوقت بالذات؟؟ نعم هل لهذا علاقة بأن يتم تحريك قبيلة الأطباء ضد الدولة في مثل هكذا ظروف ؟؟ إن الوضع الأمني الداخلي والظروف العالمية المحيطة بالسودان عليها أن توحد الشعب في ملحمة العزة والكرامة من أجل الرد كما كانت هتافات الحناجر في مروي، ولكن في مثل هكذا ظروف ، يتم إستهداف قبيلة الأطباء ووزارة الصحة يترك أكثر من علامة إستفهام ؟؟ لنقل أن هنالك لائحة لها سنون مضت عليها ، ولم يتم الخصم طيلة تلك الفترة من الأطباء ، فلماذا الآن ؟؟ ألا تعتقدون أن هذا حقا مكتسبا مضت عليه سنوات وصار جزءأ من ميزانية الطبيب والتي هي أصلا ملاليم لاتغني ولا تسمن من جوع ؟
أين التفكير والعقلانية وبعد النظر لعواقب هذا القرار ؟؟ إن كانت وزارة المالية تتصرف هكذا بجرة قلم تخصم تلك المبالغ والتي هي أصلا حق مكتسب لسنوات مضت ، فأولي للدولة أن تستعيض عن المالية بأجهزة حاسوب ونقوم بتغذيتها بالمعلومات فقط فيما يختص بالصرف والخصم والإستحقاقات، ولن يتكلف الحاسب الآلي غير ثواني لإصدار قرار الخصمم من قبيلة الأطباء.
ونحن في بدايات أعتاب ميزانية جديدة لم تمر علي إجازتها سوي شهور قليلة، فهل فعلا كانت الخصومات من قبيلة الأطباء جزء من إستراتيجيتكم من أجل تأهيل الخدمات الطبية تعليما وتخصصا وبعثات وإستحقاقات ،
وكذلك تأهيل المرافق الصحية بالمباني والمعدات الحديثة والكوادر المؤهلة والمدربة ورفع معاناة المريض السوداني ؟؟ أشك في ذلك لأن قراراتكم تصب في تحجيم قدرات وزارة الصحة من أجل تقديم الخدمات المتكاملة وفق برامج طموحة تقوم بها الوزارة الآن ، بل إن قراراتكم هذه ستقود قريبا إلي تفريغ الموءسسات العلاجية علي إمتداد المليون ميل من الكوادر المؤهلة والخبرات الممتازة،بل دعني أخبركم بأنه تقدم للعمل بالمملكة العربية السعودية في بداية هذا العام حوالي 2000 ألف طبيب، ألا يحرك فيك ذلك ساكنا ؟، وإن كنت لاتعلم فهذا أضل وعلي الدنيا السلام !!، أين خططكم وبرامجم لإستيعاب آلاف من الأطباء عطالة عن العمل؟؟ أطباء إمتياز وعموميون ونواب ، بل وإختصاصيين في مجالات عدة من الطب هم اليوم عطالة، ألا تعتقد أن الوطن يحتاجهم اليوم؟؟ ألا تعتقد أن هذا من صميم واجباتكم والتي تأخذ عليها مخصصات ، بأن تقوم بتوفير وظائف لكل الخريجين حسب برنامج متفق عليه بين التعليم العالي وكليات الطب ووزارة الصحة إتحادية أو ولائية؟ أين التنسيق من أجل سودان مشرق غدا؟ نعم بل أين رؤيتكم لكل هذه الجيوش من العطالة الخريجين بعشرات الآلاف والذين صرفت عليهم الدولة مليارات الجنيهات بطريق مباشر وغير مباشر ؟
ثم لنسألك مباشرة ، ألا يفترض سلفا أن يكون الفصل الأول والذي تمت إجازته في الميزانية ، وأعتمدت تلك الوظائف لشاغليها ، أن يكون هنالك المقابل المادي والذي يغطي مرتباتها ؟ إن كانت الإجابة غير تلك فعلي السودان وليس المالية والصحة السلام، فهذا يدل علي تخطيط تشوبه كثير من العشوائية وعدم إدراك للمسئولية لمستقبل وطن ترك بيد من لايدرك عواقب هكذا تخطيط ، وكما يقول المثل : المابعرف ، ماتديهو الكاس يغرف ، يغرف يكسر الكاس ويحير الناس ، وفعلا الآن قبيلة الأطباء ومن خلفها قيادات وزارة الصحة محتارة في هكذا قرارات تصب سلبا علي مجمل الخدمات الطبية، ولايدرون ما الهدف منها؟
الدولة مسئولة عن عافية مواطنيها زماناً ومكاناً بل والإشراف المباشر علي كل الخدمات الطبية ، وصحة الإنسان دائمة وهي كل ولا يمكن تجزئتها ، ولابد للدولة من تحديد سياسة واضحة المعالم للخدمات الطبية من تثقيف صحي وتوعية وإصحاح بيئة ومحاربة الأوبئة والأمراض وتسهيل وتوفير طرق علاجها إضافة إلي النقاهة والتأهيل العقلي والجسدي ، نعم وزارة الصحة تقوم بذلك وبكل مسئولية وشفافية وجهد ، ولكن أين لها التمويل، والتمويل عند المالية .
سؤال نطرحه في الختام لوزارة المالية، هل الصحة حق لجميع المواطنين بإختلاف لهجاتهم وسحناتهم وعقائدهم وتوجهاتهم وموقعهم الجغرافي وخلافه ؟ نعم الصحة حق بحسب كل الشرائع السماوية والأعراف والتقاليد والقوانين الوضعية وحقوق الإنسان ، ولهذا فإن وزارة الصحة الاتحادية مسئولة مسئولية مباشرة عن تقديم الخدمات الصحية عالية الجودة للمواطنين زماناً ومكاناً وبالمجان ، إلي ذلك الحين دعونا نحلم بمجرد تقديم خدمات طوارئ وبالمجان ،
ودور وزارة المالية هو التمويل لجميع إحتياجات وزارة الصحة حتي تفي بإلتزاماتها تجاه المريض والوطن والكوادر، وإلا فإن مصداقية وزارة الصحة ، ليس وحدها ، بل مصداقية الدولة تجاه المواطن وهو في أسوأ حالاته ، المرض ، ستهتز، هل توافقون علي ذلك وأنتم قيمين علي المال العام؟؟
أخيرا لانود أن نكشف فضائح مرتبات الأطباء وهم يتقلدون مناصب عليا ، ولكن أنا شخصيا أعمل كطبيب لفترة أربعة عقود داخل الوطن مرتبي لشهر فبراير 2009 هو1063.53 جنيه شاملة جميع المخصصات، علما بأن مرتب ديسمبر 2008 كان 1133 جنيه ، وأزيدكم فضيحة أخري بدل وجبة للطبيب هي حوالي 29 جنيه للشهر يعني جنيه واحد لليوم هل هنالك إذلال للطبيب أكثر من ذلك ؟؟، وبدل النوبتجية ل24 ساعة كاملة هي حوالي15 –30 جنيه ، وهذا المبلغ يساوي دخل الفراش يوميا في المستشفي والذي يقوم بغسيل 3 --6عربات فقط ، ونقول لكم قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق ، وإضراب الأطباء مستقبلا هو حق مشروع كفله القانون ، أليس كذلك؟ ثم أليس فرضا علي المالية أن تدفع المرتبات قبل أن يجف عرق الطبيب نهاية الشهر؟؟ ألم يقل المصطفي صلوات الله عليه وسلامه : آتوا الأجير حقه قبل أن يجف عرقه كما ذكرنا سلفا ؟، ولكن إتخاذ قرارات لم تجد طريقها من البحث والتدقيق والمشاورات، فلن تجد غدا طبيبا في وزارة الصحة والتي سلطت عليها المالية سيفا وحربا لانعلم لماذا قادتها في هذه الظروف المحيطة بالوطن؟؟.
نعم قبيلة الأطباء لها قيم وأخلاق ومثل تتعامل بها تجاه الوطن ، والأطباء يعملون ليل نهار وعلي مدار اليوم في أحلك الظروف من أجل الإنسان وهو في أسوأ ظروفه – المرض -، ولكن المالية أرادت لهذه القبيلة أن تقف أمام السلطة منافحة ومعارضة في مثل هذه الظروف العصيبة علي الوطن ، فهل يعقل أن يصرف الأطباء النواب مرتبات مختلفة عن بعضهم البعض وهم ربما كانوا في نفس الدرجة، ونواب لايجدون حتي أرقام وظيفية علما بأن الوطن يحتاجهم بشدة، بل هنالك ماهو خلف المستور والحجب، كيف يعقل أن يعتبر الطبيب بعد إكمال الإمتياز بدون وظيفة ، بل ويصرف مبلغ خمسون جنيها وهو في الإلزامية، ثم عندما يأتي للعمل كطبيب عمومي لابد أن يوقع علي مجلس محاسبة كأنه غائب عن العمل ومع ذلك لايجد وظيفة فقد ذهبت تلك الوظيفة بمجرد إكمال الإمتياز، فهل تعلم المالية ووزارة العمل وديوان شئون الخدمة ذلك ؟
وأخيرا أقول ،
نعم قبيلة الأطباء مظلومة ، ولكنهم يملكون من الحصافة والكياسة ما يجعلهم يفوتون فرص الإستهداف في مثل هذه الظروف المحيطة بالوطن وهم اليوم كلهم جميعا صفا واحد لخدمة الوطن والذود عنه علي إمتداد مليونه المربع.
وقيادة وزارة الصحة الحالية تعرف وتدرك ماذا تفعل من أجل تأهيل وتطوير والإرتقاء بالخدمات الصحية تعليما وتثقيفا وعلاجا ، وبالمجان ، لأن ذلك حق وليس منحة أو منة أو هبة ، فهل تدرك وزارة المالية ذلك ؟؟
نعم هذه مقالة رأت النور قبل عام مضي علي صفحات جريدة الأيام ، وما أشبه الليلة بالبارحة ، بل ربما كانت الصورة اليوم أسوأ ، لأن زملائنا النواب وأعدادهم بالآلاف قد أعلنوا الدخول في إضراب عن العمل ، وهذا حقهم الشرعي والنقابي ، وإن كان للإضراب أسس وقوانين ولوائح ، ولكن كيف يستمرون في أداء واجبهم في ظروف نعتقد أنها إستثنائية ، ويتحدث آخرون عن قوانين ولوائح الإضراب؟ هذه القوانين واللوائح لماذا لم تنصف قبيلة الأطباء سلفا؟ وزارة المالية تعلم سلفا بالتفاصيل الدقيقة لحقوق الأطباء ومع ذلك لم تتحرك لحلها قبل فوات الأوان أو لنقل أن التحرك جاء بعد الضغوط .
وفي المقابل وزارة الصحة القومية لا تتحمل أي أعباء من جراء ما يحصل اليوم ، نعم هي المخدم للكوادر الطبية ، ولكن ولاية المال العام عند وزارة المالية ،والحلول عبر الكادر نُقر بإستحالتها اليوم ، ولكن ربما هنالك البدلات والحوافز وتحسين بيئة ومناخ العمل داخل المستشفيات والبعثات و الميزات وتوفير سبل الترحيل عبر آلية تسهيل الحصول علي العربات والأراضي السكنية بأقساط تتماشي ومرتبات صغار الأطباء وكل تلك الجزيئيات تصب في مصلحة صحة الإنسان والتطبيب وهذه يجب أن تكون من أولويات وزارة المالية.
نعم يحق للأطباء بجميع مسمياتهم أن يتوقفوا عن العمل كليا أو جزئيا ، لم لا وإن حقوقهم مهضومة وظلمهم بائن بينونة كبري ولا ينكر ذلك إلا مكابر أو منافق.
نعم يحق للأطباء التوقف عن العمل كليا أو جزئيا ، وعندها لم التباكي علي أن الطب رسالة إنسانية؟ ألا يعلم المسئول أينما كان موقعه ذلك سلفا ؟ وهل الأنسانية تمنع الأطباء من المطالبة بحقوقهم؟ نعم لو نال الأطباء حقوقهم كاملة لما وصلنا إلي هذا الوضع، ثم كم هي الحقوق؟ إنها ملالايم لاتغني ولا تسمن من جوع ، ومع ذلك تأبي وزارة المالية من صرفها في مواعيدها ، آتوا الأجير حقه قبل أن يجف عرقه.
علينا أولا أن نضع النقاط فوق الحروف ، والأطباء هم أدري الناس بذلك ، ويعلمون ويدركون أن رسالتهم إنسانية ، ويعلمون أن التوقف عن العمل مهما كان جزئيا أو كليا له تأثيرات سالبة علي المواطن وهو في أضعف حالاته ، المرض ، ولكن ومع كل تلك الإعتبارات نتمني أن لايتم تجيير هذا التوقف إن حصل لجهة ما سياسية أو حزبية، وأن لا تذهب الدولة وأجهزتها في تحميل قبيلة الأطباء تداعيات التوقف عن العمل ، وأن لاتصب جام غضبها عليهم ، بل عليها أن تجلس وتتفاكر من منطلق الحرص علي الوطن ، والأطباء هم الأحرص علي الوطن علي مر العصور ، بل كان لهم قصب السبق في الدفاع عن حرية وكرامة الوطن والمواطن ، ومشهود لهم بالتضحيات التي قادت إلي تغيير الأنظمة من أجل مصلحة الوطن والمواطن ، بل اليوم هذه الحكومة كثر من وزرائها أطباء.
نعم فليجلس المسئولون مع الأطباء دون وضع شروط مسبقة ، بعيون مبصرة وقلوب واعية وإدراك لمسئولية جسيمة وعقول متفتحة من أجل النقاش والتداول وفق رؤيا لا تترك شاردة أو واردة إلا وقتلتها بحثا، فالطبيب مناط به التشخيص السليم من أجل إعطاء الدواء الناجع، وخيرٌ لنا أن تتم الفحوصات المطلوبة قبل كتابة الوصفة اليوم لنأتي غدا لتغييرها.
كان يفترض أن يكون هنالك دور محوري لنقابة أطباء السودان في كل ما يهم الأطباء والمواطنين علي السواء ، ولكن تداخل كثير من التعقيدات ما بين نقابة المنشأ ، وما بين نقابة أطباء السودان ، بل والرأي الصراح في هذه النقابة الحالية من جموع قبيلة الأطباء بأنها جزء من السلطة ، ومع علمي بأنها قد قادت تحركا كُلل بالنجاح بعد إجتماعها مع الأخ نائب رئيس الجمهورية الأستاذ علي عثمان محمد طه ، ومن قبله التحرك الذي قاده الأخ د,كمال عبد القادر وكيل الصحة القومية وإتصاله مع قمة القيادة السياسية ، ولكن حتي هذا التحرك من نقابة أطباء السودان أعتقد أنه جاء متأخرا ، ولإن تأتي متأخرا خيرٌ من أن لاتاتي نهائيا ، ومع كل ما تم وضعه من تصور للخروج من هذه الأزمة حاليا ، إلا أن الجلوس مع قيادة وزارة المالية هو المحك من أجل الوصول لقرارات حاسمة تُعيد للطب والتطبيب هيبته وألقه ، وتعيد للخدمات الطبية مجدها وماضيها التليد وتزيح عبئا كبيرا وحملا ثقيلا عن كاهل قيادة وزارة الصحة القومية للتفرغ للتخطيط والتدريب، وعلي نقابة الأطباء أن يكون إعلامها واصلا لكل الأطباء وأن لا يكون تحركها مرتبطا بردة فعل ، بل هذا من صميم وأوجب واجباتها ، فهي الآن تُمثل كل الأطباء يإختلاف ألوان طيفهم السياسية ، ومازالت مشاكل الطب والتطبيب تحتاج للحلول وهي كثيرة ما بين أسس الدخول لكليات الطب ، بيئة ومناخ العمل بالمستشفيات ، المستشفيات التعليمية وجهوزيتها للتدريب ، كليات الطب وطريقة أو كيفية التصديق لها وأين مستشفياتها التعليمية ؟، مراكز التدريب ، البعثات ، توزيع الأطباء علي الأقاليم ، حقوق المرضي ، التعليم الطبي الخاص ، العمل الطبي الخاص ، أخلاقيات الممارسة ، الأخطاء الطبية ، الطبيب الأجنبي الزائر، الطب الشعبي، عطالة الأطباء ، علاج الأطباء وأسرهم ، التأمين الصحي، الميزات ، سكن الأطباء ، عربات الأطباء ، المساهمة الوطنية ،نعم كثير هي مشاكل قبيلة الأطباء وتحتاج لعصي موسي ومال قارون وصبر أيوب وفوق كل ذلك لإرادة سياسية.
يديكم دوام الصحة والعافية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.