المعتقل هو شخص تم تقييد حريته بالقوة من اجل التحقيق في جريمة والفرق بين الاعتقال والقبض ان الاعتقال يتم بسبب جريمة سياسية اما القبض فبسبب جريمة جنائية أيا كانت طبيعتها او كان محلها ، ولا تفترض كلمة اعتقال -كما يتصور البعض- انها تعفي القائم بالاعتقال من اتباع ضوابط الاعتقال والمقررة للقبض قانونا ، فيجب ان تكون هناك جريمة وقعت بالفعل وان تتحقق ضمانات المعتقل المستندة الى مبدأ البراءة ... وعلى هذا فتصريح قوش بأن اطلاق سراح المعتقلين مرهون بسلوكيات احزابهم ، يعني اعترافا واضحا ، بأن الاعتقالات ليست مستندة الى وقوع جريمة لا سياسية ولا غير سياسية ، وهكذا يحول الاعتقال من قانونيته المفترضة باعتباره صادرا من جهة تابعة للسلطة التنفيذية الى اختطاف واعتقال غير مشروع بل هو نفسه يشكل جريمة جنائية ، لأن قوش لم يشرط اطلاق سراح المعتقلين بانتهاء التحقيقات ، بل علق اطلاق السراح على شرط غامض ومطاط وغير مؤكد الوقوع وهو تحسن سلوك الاحزاب ، ولا يمكن لنا ان نفهم او نعرف ماهي معايير السلوك التي يمكن أن ترضي جهاز الامن حتى نقول ونحن نجزم بما نقول بأنه قد حان الوقت لاطلاق سراح المعتقلين ، ان تصريحات قوش جعلت الاعتقال يتحول الى خطف واعتقال غير قانوني ، وهكذا ورط قوش جهاز الامن بعظمة لسانه لعدم ترويه وعدم اخذ رأي مستشاري الأمن القانونيين، وهذا ما يزيد موقف الحكومة سوءا امام المجتمع الدولي في مجال حقوق الانسان ، وبدون تحديد اي شرط قانوني او اجل مشروعين لاطلاق السراح قد لا يختلف الوصف عن كونه اختفاءا قسريا بكل ما تعنيه هذه الكلمة .. ليخالف بذلك الاتفاقية الدولة لمكافحة الاختفاء القسري ، وليعلن قوش بذلك ان الحكومة تحولت من حكومة دستورية الى حكومة غير شرعية ولا تحترم القانون فهي دولة دكتاتورية قمعية بدون ادنى شك. لا يوجد مسؤول في اي دولة محترمة يمكن ان يطلق تصريحات غير مسؤولة وغير مدروسة هكذا رغم خبرة قوش الطويلة ، لكنه لا يعرف ان هناك دولا اخرى تراقب كل كلمة ينبس بها مسؤول وتراقب كل نشاط تقوم به الحكومة تجاه المواطنين وتجاه الاحزاب ، كما ان قوش لا يفهم ان الاحزاب لا يمكن ان يطلب منها تحسين سلوكها ، فهي اما انها تمارس حقوقها الدستورية ، او انها تخالف الدستور والقانون ، فان كانت تمارس حقوقها فلا سبيل الى طلب تغيير سلوكها المشروع ، أما ان كان سلوكها غير قانوني وغير مشروع باللازم فان للحكومة ان تفرض القانون عبر مؤسساتها العدلية الرسمية ووفق القانون وبالتالي فان اي اعتقال يعني ان هناك تحقيقات تجري وليس لأن القائم بالاعتقال ساخط على معارضة النظام سياسيا ، واذا كان على الاحزاب طاعة الحكومة فهذا يعني انها فقدت اهم وظيفتها الديموقراطية وهي التعبير عن الوجهة المعارضة لسياسات النظام ، وبالتالي فقدت مبرر وجودها الاساسي. ان مشكلة المسؤولين جميعهم بما فيهم قوش وغيرهم هي العنتريات التي يتعاملون بها مع الاوضاع السياسية وضعف المعرفة القانونية ، رغم ان قوش نفسه تعرض للاعتقال وتم التحقيق معه وكاد ان يحاكم ويعاقب بالاعدام ، لولا ان كانت اصابته بمرض القلب كما ادعى هي السبب في اطلاق سراحه واعفائه من المحاكمة ، وكان من المتوقع ان يستفيد قوش من تجربته الخاصة هذه ليقدر مساوئ الاعتقال غير محدد المدة ، وان يكون اكثر عدلا واعتدالا في اتخاذ قراره باستمرار الاعتقالات . لكن هذا لم يحدث للأسف . و (طبزها) وزاد الطين بلة بتصريح عجيب وغريب من رجل يفترض انه رجل دولة ، فنفى عن نفسه وعن الجهاز مشروعية الاعتقالات ، واثبت بلسانه انها اعتقالات كيدية ذات خلفية سياسية فقط ولا تستند الى جرائم وقعت بالفعل. اعتقد ان النظام حتى الان غير قادر على استيعاب الضمانات الدستورية التي خطها بيده عام 2005 والتي ضمنت حق التجمع السلمي وحرية التعبير ، وان النظام عاجز عن تعديل هذه الضمانات الدستورية خوفا من انتقادات المجتمع الدولي وخاصة امريكا ..ولو كان قادرا لفعل... والمؤسف جدا ان هناك من كان يظن بأن مخرجات الحوار المتعلقة بضمان الحريات ومظاهر الديموقراطية يمكن ان تتحقق على الارض. فإذا بانتهاك الدستور ينسف كل آمال الحالمين ومن يرجون من النظام رجاءا حسنا ... على اية حال ، فإن الوضع السياسي والاقتصادي اليوم متأزم جدا ، ولا يحتاج لمزيد من السلوكيات غير المدروسة او التصريحات غير المسؤولة. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.