عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. هناك مهن مثل مهنة الهندسة والمحاماة والطب والمحاسبة والمهن الاستشارية وغيرها من المهن يُمكن أن يطلق عليها (مهن حرة) او ذات طبيعة خاصة ، يمارسها الأشخاص بموجب تراخيص تصدر من الجهات المختصة وفق ضوابط وشروط محددة ، ومع تطور الحياة الاقتصادية والنمو الذي يشهده العالم تطورت النظرة لهذه المهن وأصبح الممتهنين لها يرغبون في ممارستها بشكل جماعي ومؤسس يمنح الكيان الجديد الشخصية الاعتبارية ويمنح المتعاملين معه الضمانات الكافية ، لذلك ظهرت الشركات المهنية لتحديد طبيعة العلاقة بين أصحاب المهنة الواحدة وعلاقتهم بالغير ، وأصبحت الدول تفرد لهذا النوع من التنظيم قانون خاص يكون الترخيص للشركة المهنية من وزارة العدل ممثلة في " إدارة التسجيلات التجارية " بالتنسيق مع الجهات المختصة بتنظيم شؤون المهنة التي تمارسها الشركة ووفقا للشروط والقواعد التي تقررها وزارة العدل . ويكون هناك سجل خاص للشركات المهنية أسوة بسجل الشركات التجارية . قانون الشركات لسنة 2015م لم يشر الى مثل هذا النوع من الشركات ، بل تناول القانون الشركات التجارية بأنواعها المذكورة فيه ، وجدير بالذكر أن الشركات التجارية تختلف عن الشركات المهنية من عدة جوانب، حيث ان الشركات المهنية في الفقه المقارن تسمى (شركات مدنية) لخضوعها للقانون المدني في احكامها وللأنظمة القانونية الخاصة بالمهنة وعقد الشركة والنظام الداخلي للشركة ، أما الشركات التجارية تخضع لقانون الشركات في احكامها بالإضافة للقانون المدني . وللتفريق بين الشركات التجارية والشركات المهنية لابد النظر الى معيارين ، المعيار الأول هو معيار موضوعي يهتم بالنظر إلى طبيعة النشاط الذي تمارسه الشركة ، فتعتبر الشركة مهنية متى كان غرضها القيام بنشاط مهني كالشركات التي تزاول نشاط المحاماة والمحاسبة والهندسة والمكونة من أعضاء مهنة حرة واحدة ، وتعد الشركة تجارية متى كان غرضها القيام بنشاط تجاري . والمعيار الثاني شكلي يهتم بالنظر الى الشكل الذي تتخذه الشركة بغض النظر عن الغرض الذي أنشئت من أجله . لذلك فالشركة وفق هذا المعيار تعد تجارية إذا اتخذت شكلاً من أشكال الشركات التجارية المنصوص عليها في القانون المغربي المتعلق بالشركات التجارية . والشركات المهنية لا تختلف مع الشركات التجارية من حيث كونها عمل جماعي ومشترك القصد من ورائه اقتسام الارباح، لكن تختلف في الأغراض التي تنشأ من اجلها أي منهما . والشركات المهنية يجب ألا يوصف الشركاء فيها أو يكتسبوا صفة التاجر ، بل يجب ان يتم التعامل معهم على ان المهنة ذات طبيعة خاصة وتخضع لإجراءات خاصة لذلك فان اجبار المهنيين على انشاء شركاتهم وفق قانون الشركات الحالي يتناقض مع فكرة الشركات المهنية من الأساس . قبل فترة تداعت مجموعة من المحامين السودانيين بالمملكة العربية السعودية لتأسيس شركة لتقديم نشاط المحاماة والاستشارات القانونية وفق قانون الشركات لسنة 2015م ولتطوير أسلوب العمل الفردي الى عمل جماعي منظم ، وللاستفادة من الخبرات التي اكتسبوها من خلال عملهم بالخارج ، وتنادياً لضرورة العودة الطوعية والمساهمة في نهضة واعمار البلد ، مستعينين بتجارب بعض دول الخليج في ما يخص الشركات المهنية وأساليب عملها وطريقة تنظيمها ، الا ان هذه الفكرة سرعان ما أجهضت بفعل القوانين واللوائح التي لا تستوعب الأفكار الطموحة . نتمنى أن نرى مشروع ل " قانون الشركات المهنية " يطرح وينشر على "موقع وزارة العدل" لمدة كافية لإبداء وجهات النظر حوله من قبل المهتمين والمختصين والمهنيين مع ضرورة تسهيل إجراءات التأسيس بإجراءات بسيطة وغير معقدة وان يتم خفض راس المال المطلوب لتأسيس الشركات المهنية وفق ضوابط وإجراءات خاصة تستوعب طبيعة الشركات المهنية ، ذلك للمساهمة في النمو الاقتصادي خاصة والسودان يسعى للانضمام لمنظمة التجارة العالمية التي تتضمن اتفاقيات دولية تتعلق بتجارة الخدمات مثل " اتفاقية التجارة في الخدمات بمنظمة التجارة العالمية " هذه الاتفاقية هدفها عولمة تجارة الخدمات التي يدخل من ضمنها خدمات الاستشارات المهنية بكافة أنواعها ، لذلك فان قانون الشركات المهنية أصبح مطلب مهم لمواجهة هذه التحديات .