-- تداول الناس بكثير من الدهشة و التعجب و الإستنكار حديثا نشرته صحيفة الجريدة منسوبا لأمين الشباب بالمؤتمر الوطني نعمان عبد الحليم يقول فيه أنه ( حتى الصحابة كان فيهم فاسدين ! ) .. فوفقا لما نشرته " الجريدة " ، فإن أمين أمانة الشباب بالحزب قال في معرض رده على أحد أسئلة حوار أجرته معه : ( أيِّ مجتمع كما ذكرت فيه الفاسد والطالح باستثناء المجتمعات الملائكية وحتى الصحابة كان فيهم فاسدين كنموذج الرجل الذي جاء الى رسول الله (ص) وقال له هذا أهدي الي ، فرد عليه انظر إن جلست في بيت أبوك هل يأتيك ؟ ) . إنتهت الفقرة المنسوبة للنعمان بأخطائها ، بما فيها أخطاء النحو و اللغة . -- و في " توضيح " قام بنشره على مواقع التواصل الإجتماعي نفي نعمان عبد الحليم الحديث المنسوب إليه أعلاه ، و لكن " التوضيح " كشف عن مفهوم بائس و خطير تختزنه عقلية النعمان للفساد و لِقَدْر الصحابة عليهم رضوان الله .. -- فالنعمان و كما أوضح في توضيحه ، يرى و يا لهول ما يرى ! أن الفساد ( أمر طبيعي ) و أنه قد كان هناك في الصحابة من هو زان يزني و يعترف بزناه و مع ذلك كان النبي يقول له ( إن الله قد غفر لك ما إرتكبته من ذنوب و خطايا ! ) .. فيا لبؤس الصورة التي ترسمها عبارة نعمان عبد الحليم - للنبي عليه أفضل الصلاة و أتم السلام و لذلك الصحابي الجليل - و هو يحاول الإستدلال بها على أن الفساد أمر طبيعي : (هناك صحابي يعترف بالزنا فيقول له الرسول صلي معنا العصر وبعد أن يصلي العصر يقول له إن الله قد غفر لك ما ارتكبته من ذنوب و خطايا ) ! -- و يا لبؤس تلك الصورة التي تختزنها عقلية نعمان لذلك الصحابي الورع الذي إستعمله النبي لجمع الصدقات من الناس فقدم إلى النبي عليه السلام و قال له و قد كان رجلا صادقا ، ( هذا لكم و هذا أهدي لي ) فهو كان لا يعرف حكم ذلك لذلك أخبر النبي بما حدث ، فرأى النبي ضرورة تبيين الحكم لعامة الناس حتى لا يشتبه الأمر على البعض و يستسهلون ذلك فيقعون فيه ، فجمع النبي الناس و صعد إلى المنبر و قال الحديث الذي يحفظه التلاميذ الصغار في المدارس عن ظهر قلب و الذي يرسم أبهى صورة لذلك الصحابي الصادق الجليل ، و لكن انظروا كيف ترتسم صورة ذلك الصحابي في عقل نعمان و كيف يحاول الإستدلال بها على أن الفساد في الناس أمر طبيعي و أن كل البشر بما فيهم الصحابة يفسدون و يرتشون ( جاء أحد الصحابة للنبي وهو مكلف بجمع مال لبيت مال المسلمين وقال للنبي هذا المال لكم وهذا أهدي لي، فغضب النبي إيما غضب وقال أنظر لو جلست في بيت ابيك هل سيهدى لك، فزجر النبي للصحابي كان من باب المحافظة على المال وكان نبي الأمة يريد أن يسد باب الشبهات المتعلقة بالمال والهدايا التي تقدم للحاكم تقربا وزلفا ) .. ! -- فمن يخبر النعمان أن ذلك الصحابي لم يكن مرتشيا ! و أن النبي لم يزجره ! -- من يخبر نعمان عبد الحليم أن روايته لحادثة ذلك الصحابي الجليل بهذا الإسلوب المخل : (هناك صحابي يعترف بالزنا فيقول له الرسول صلي معنا العصر وبعد أن يصلي العصر يقول له إن الله قد غفر لك ما ارتكبته من ذنوب و خطايا ) - فيها إفتراء على رسول الله و على صحابي جليل ، و أن واقعة ذلك الصحابي الذي جاء إلى النبي ليقيم عليه حد الزنا يُسْتَشْهَد بها في شدة الورع و التقوى و مخافة الله و لا يُسْتَدَل بها على أن الفساد طبيعي في الناس أو أن من الصحابة من كان يزني !! -- من أين جاء نعمان بهذا الفهم الغريب للأحاديث النبوية .. و كيف إرتسمت هذه التصورات المخلة الخاطئة للصحابة الطاهرين المرضيين في ذهن أمين الشباب بحزب المؤتمر الوطني ، و في أذهان كثيرين أصبحوا يقللون من سوء المفسدين و يعدون فسادهم أمرا طبيعيا و يحاولون تبريره و تزيينه بل و تأصيله !! -- هل هذه التصورات الشائهة هي سبب تصاعد وتيرة الفساد و تنامي أعداد المفسدين يوما بعد يوم في أوساط المسؤولين !! فلعل هذه الجيوش من الفاسدين التي أغرقت البلاد في بحور فسادها ، تفسد و تسرق و تزني و ترتشي و لسان مقالها يقول - وفقا لهذا المفهوم الملتوي الفاسد - ولنا في أصحاب رسول الله الأسوة !! وهل نحن أفضل من صحابة رسول الله !! ) - رضي الله عنهم و أرضاهم أجمعين . على أية حال : فليدافع أمين الشباب بحزب المؤتمر الوطني عن نظام الإسلاميين كما يحب ، و ليبرر فساد الفاسدين و ليقلل من سوءهم و سوءاتهم .. ولكن على النعمان أن يفعل ذلك بعيدا عن سوح الدين و الصحابة الكرام .. و ليعلم أن محاولة تأصيل الفساد و رده إلى طبيعة النفس الإنسانية الطبيعية و دمغ الصحابة الكرام ببعض رتوشه محاولة فاشلة .. فالطبيعي في النفس الإنسانية الإستقامة و النزاهة لا الفساد ، و الصحابة رضوان الله عليهم كانوا مثالا للإستقامة و النزاهة و الورع و التقوى. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.