بسم الله الرحمن الرحيم السودانيون ودون غيرهم من شعوب العالم معروفين بحرارة اللقيا حين يستقبلون عائداً ومظاهر الحزب حين يودعون عزيزا شد رحالة مهاجراً كما يقول الرائع حمد الريح ( حليلو قال ناوي السفر ) وبالرغم من طول السفر المضني الا ان السودانيين يحبون الأسفار لما يعلمون لها من فوائد جما خاصة اذا كانت عبر اللوري والبص والقطار والتي ظلت حاضرة في وجدانهم وأشعارهم ( يا سواق سريع قوم بينا ) وكما تشدوا البلابل بمتعة السفر عبر الناقل الوطني رد الله غربته ( قطار الشوق متين ترحل تودينا ) وبرغم ضيق ذات اليد والفقر الشديد الا أنهم تغنوا ومدحوا للطائرة والتي دعتني الكتابة حين قراءت في احدى الصحف خبر مفاده ان السيد محمد عثمان الميرغني زعيم الطائفه الختمية والحزب الاتحادي معاً سوف يزور الولايات الشمالية دعماً لمرشحي الحزب وذلك عبر الطائرة المكتسية بشعار الحزب حينها خفق قلبي ليس لما أعلمه من أن الحسيب النسيب يقوم بهذا الطواف بعد طول الغياب ومفارقة الأحباب بعد أن فعل الزمن فعلته خاصتاً وان السفر بالطائرة لا يمكن الميرغني من القاء النظرة المحببة الي مريديه عن قرب ( نظرة يا أبو هاشم ) ولكن ما خفق له قلبي هو السؤال الذي تمثل إجابته خطرا عظيما علي البلاد اذ كيف سمحت حكومة الانقاذ الشمالية التي لم تسمح للسياسيين بالسير علي الارض احراراً بعد ان ملأت الطرقات بالماكثين الذين يمتصون دما العباد ويقاسمون الشعب الفقير لقمة عيشة العدم والمعابر التي عليها زبانية التفتيش الذين لا يتبعون قانواناً ويتهمون النظرة ويحاكمون الناس بما تحوي القلوب في هذا الجو الملئي بالقيوم والسودان يقف علي مفترق الطرق بين الاستقرار والانفصال فكيف سمحت الحكومة بهذه الزيارة وهذا التحليق في هذا التوقيت أنني أشك اذا جاء الميرغني بهذه الطائرة ان يجد مريديه الذين داستهم أقدام النظام وجردوا من حق العيش الكريم فأصبحوا في واقع الحال قتلى في كجبار وغرقى في المناصير وعطشى في الشريك والكادحين في الباوقة الذين مات نخيلهم وفقد مضرته أمام أعينهم وأصبحوا مهددين بالرحيل من الخضار الي الغفار التي يعلم الله وحده متى تنبت عشباً وحتى القلوب التي تحمل له حباً ووداً لن تسعفها الحناجر العطشى التي جفت من كثرة الالحاح والمطالبة بالحق المضيع من ان تنادي ( عاش ابو هاشم ) وهم مع هذا يسمعون كل يوم من همس المدينة مالا يسر من بوادر العلاقة بين الزعين والحزب الحاكم التي ما زالت عرفية لم تبلغ حد الإشهار . أما خوفي الثاني الذي أرجوا ان لا يصدق هو أن كثير ممن نحب ونهوى من الذين كانوا يتمتعون بالنفوذ الواسع الذي نالوه عن رضى خرجوا من أهليهم فرحين وصعدوا الي درج الطائرة وهم يلوحون بايديهم تحية وداع توحي بالعود الاحمد لكنهم ذهبوا ولم يعودوا حتى الان غاصوا في اعماق التاريخ وطوت ذكراهم الايام وكتب علي ملفهم قضاء وقدر مع غياب الفاعل وتعدد الاسباب التي تجعل الموت واحد مع كل هذا والمؤتمر الوطني يريد أن يواصل في مسيرة التخبط التي جعلت من السودان وطناً مشلولا ومعزولاً وهو يطرح نفسه للناس عبر رمزه الشجرة التي يبس عودها وتصاقطت أوراقها . فلو كان هذا هو السبب أو ذاك فخوفي علي مولانا شديد وخوفي علي الحزب الاتحادي أشد ولذلك أقول لمولانا ما دام الريدة بيناتنا يجب عليك في لحظة الصفاء التي تؤدي فيها الاوراد يجب ان تتدبر قول الله تعالى لأدم علية السلام بعد ان اسكنة جنته وبسط له في النعمة ومد له في الرزق قال تعالى ( وقلنا يا ادم اسكن انت وزوجك الجنة وكلا منها رقدا حيث شئتما ولا تقرباء هذه الشجرة فتكونا من الظالمين ) صدق الله العظيم . فأنني أترك لمولانا هذه الاية وأسأل الله أن لا يجعل للوطنيين علي الاتحاديين سبيل حتى لا يعيدونهم ويمنونهم سراب الحكم القريب فينسلخوا عن مبادئهم التاريخية ومواقفهم الوطنية فتنكشف عورتهم ويفتضح أمرهم وتسقط هيبتهم وحينها لن يجدي كل ورق الشجر في مدارات ما بداء للناس من سوأتهم . Ismael Fragallah [[email protected]]