عرض لكتاب: من باريس إلى أم درمان فيفيان أمينة ياجي حياتها وأعمالها، تأليف الدكتور مكي بشير مصطفى البدري بروفيسور/ فدوى عبد الرحمن علي طه، جامعة الخرطوم. تم في نهار الأحد 11/11/2018م بقاعة السودان، مكتبة جامعة الخرطوم تدشين كتاب: من باريس إلى أم درمان فيفيان أمينة ياجي حياتها وأعمالها،إصدار أنيق وتصميم رائع من دار مدارك للطباعة والنشر والتوزيع، زينه غلاف به صورة صاحبة السيرة وخلفها باب الخشب. وكان لي شرف تقديم وعرض الكتاب بمشاركة الدكتورة سارة البيلي من قسم اللغة الفرنسية، في جلسة ترأستها بروفيسور انتصار صغيرون الزين وسط حضور كبير ضاقت به القاعة، وضمت الجلسة الدكتور الطبيب خالد إبراهيم ياجي الذي قدم كلمة الأسرة. يتناول الكتاب سيرة ومسيرة امرأة استثنائية هي فيفيان أمينة ياجي، وتعرف بين طلابها وزملائها بمدام ياجي، امرأة أحبت السودان بعمق وأخلصت له أسرياً وعلمياً واجتماعياً وعرفها طلاب اللغة الفرنسية في جامعات السودان المختلفة. قسم المؤلف الكتاب إلى جزأين الجزء الأول مسيرة حياة فيفيان أمينة ياجي، الجزء الثاني أعمالها من كتب ومقالات ومحاضرات وبرامج إذاعية. وختمه بملاحق ضمت صوراً عديدة لصاحبة السيرة. درس مؤلف الكتاب مكي بشير مصطفى البدري اللغتين الفرنسية والانجليزية بجامعة الخرطوم، وتخرج فيها بمرتبة الشرف الأولى، وحصل على درجتي الماجستير والدكتوراه من ماليزيا والنمسا، وأشرفت الدكتورة فيفيان على بحثه للتخرج، ويعمل الآن مترجماً بهيئة الأممالمتحدة. وفي الصفحات من 97 – 104 يحدثنا المؤلف عن معرفته الشخصية بمدام ياجي، ويبرز درجة عالية من الوفاء والتقدير لأستاذته، إذ لم يكتف بتأليف كتاب عنها فقد ترجم بعض أعمالها من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية. وتستند محتويات الكتاب إلى مناقشات متعددة دارت بين صاحبة السيرة والمؤلف وحوار أجراه معها، وما كتبته عن نفسها وتجربتها، وحوارات أجريت معها في الصحف السيارة. ولدت الطفلة فيفيان جورج غوغيه عام 1930م في مدينة لاروشيل البحرية العريقة لأسرة اشتهرت بنبل أرومتها، وتكونت أسرتها من والديها وأختها جاكلين وتكبرها بعشرة أعوام، وتربت في كنف أسرة كاثوليكية محافظة. عمل والدها في مجال التجارة، وعندما اندلعت الحرب العالمية الثانية، انضم إلى الجيش، ثم انتقلت الأسرة إلى باريس. وقبل الانتقال إلى باريس عُمدتْ الطفلة فيفيان في يونيو 1941م. وكان التعميد صدمة لها فبدلاً من أن يبعث الطمأنينة فقد ولد شعوراً بفقدان الإيمان، وبدأ الشك ينمو في عقلها، وبدأت تقرأ وكلما ازدادت قراءتها، كلما شعرت بالحاجة إلى المزيد. وفي عام 1947م أكملت دراسة الفلسفة. وفي ثنايا قراءاتها وقعت بين يديها سيرة الرسول محمد، وكان عنوانها "محمد نابليون السماء"، وكانت تلك السيرة التي قرأتها فتحاً روحياً هز كيانها. يحدثنا المؤلف عن اعتناق أمينة للإسلام وكان ذلك سؤالاً مؤرقاً لها (أتعتنق الإسلام أم لا)، حسمته في نهاية المطاف "بالعقل يجول حيث يريد، والله يقوده إلى ما يريد". وكان اعتناقها للإسلام أصيلاً ولم يكن مجرد قشور ومظاهر، فقد أتبعته باهتمام بالغ بالدراسات الإسلامية فكتبت عدداً من المقالات والكتب عن التاريخ الإسلامي ونشرت في عام 2004م كتابها عن الفقه الإسلامي. كما كتبت كتاب في السيرة عن أصحاب الرسول الكريم، وأدت فريضة الحج مع زوجها، وذهبت ثانياً بمفردها، وعادت منه وكتبت كتاب "زوار بيت الله"، وكرمتها جامعة أم درمان الإسلامية بمنحها الدكتوراه الفخرية في الدعوة الإسلامية عام 2003م. ارتبط عزم "أمينة" اعتناق الإسلام بتعلمها للغة العربية وكانت دراسة اللغة العربية مهمة لها فقد حسمت السؤال المؤرق كما يذكر المؤلف باعتناق الإسلام. وقد درست اللغة العربية لدى المستشرق ريجي بلاشير بمدرسة الدراسات الشرقية في باريس، وهي في سن التاسعة عشرة من عمرها ، وحدثنا المؤلف بإيجاز عن ريجي بلاشير في ص 43، وتكمن أهمية دروس بلاشير في أنها قابلت للمرة الأولى زوج المستقبل محمد أحمد ياجي، وهو الذي "قادها" على حد تعبير المؤلف إلى معرفة الإسلام وتعميق معرفتها به، وتعلم اللغة العربية بصفة مباشرة. وربما جانب المؤلف التوفيق في استخدام كلمة "قادها" ف "ساعدها" في تقديري هي التعبير الأصح، لأنها ليست من طراز المرأة التي تنقاد، فقد عقدت العزم مسبقاً قبل اللقاء مع زوج المستقبل، على اعتناق الإسلام كما شرعت في عام 1947 في دراسة اللغة العربية، قبل أن تلتحق بمدرسة الدراسات الشرقية في باريس، عندما قابلت ياجي، ويقول المؤلف "ولم تكن تريد أن تعلن قرارها لأسرتها بأنها ستعتنق الإسلام في ذلك الحين، ولكنها قررت أن تواصل تعلم اللغة العربية حتى تكمل دراستها وتتخرج في مدرسة الدراسات الشرقية، ثم تحصل على الليسانس والدكتوراه في اللغة العربية وتغادر فرنسا، إما إلى أحد بلدان شمال إفريقيا أو إلى سوريا، وكانت تلك هي البلدان الإسلامية المعروفة لدى الفرنسيين في ذلك العهد، حيث كانت تعتزم الاستقرار...........ولكن القدر كان يخبئ لها درباً آخر". وقد أثبت تعلم اللغة العربية أهميته أيضاً عندما قررت فيفيان الزواج من ياجي، فقد كان ذلك مهم جداً للتواصل في حي العباسية وفي السودان بصفة عامة، اتبعته بتعلم مذهل للغة الدارجة بلكنة فرنسية. عندما قابلت فيفيان محمد أحمد ياجي، وكان يعد لدراسة الدكتوراه في اللغة العربية في جامعة السوربون، وعرض عليها أن يساعدها في تعلم اللغة العربية، لم تكن معرفتها بالسودان تتعدى مدينة فشودة، وهي كما يذكر المؤلف معروفة للفرنسيين، وفشودة هي المدينة التي شهدت قمة التنافس الاستعماري البريطاني – الفرنسي في أعالي النيل عام 1898م، والذي حسم بانسحاب فرنسا وتأكيد بريطانيا لسلطتها. توطدت العلاقة بين محمد أحمد ياجي وفيفيان أثناء مساعدته لها في تعلم اللغة العربية ومن خلال ذلك تعرف على أسرتها، وعرض عليها الزواج ويحدثنا المؤلف في صفحة 48 – 49 عن أسرة ياجي العريقة وأسلافه من جهة أمه وأبيه. "وبعد تفكير عميق، وتمعن في الايجابيات والسلبيات، قبلت عرض محمد أحمد ياجي ولم تفلح محاولات ماسينيون، أستاذ الاجتماع والحضارة الإسلامية في جامعة السوربون، وكانت فيفيان تحضر دروسه، في إثنائها عن الزواج من ياجي، فقد كان يحذرها من نمط حياة المسلمين" وذهب محمد أحمد ياجي لقضاء إجازة في السودان لتهيئة أسرته بالزواج من أجنبية. وقد تمسك بها رغم مرضها الشديد قبل الزواج ومحاولة فيفيان إقناعه بالعدول عن رأيه في الزواج بسبب مرضها، وتم عقد القرآن في 24 ديسمبر 1952 بمسجد باريس. لم يغفل مؤلف الكتاب إيراد السيرة الذاتية الناصعة لمحمد أحمد ياجي في ص 58 – ص 60 الذي ولد في مدينة أم درمان عام 1918 وتوفي بها في عام 1994م. وبعد سنوات من الخبرة العملية في مجالي القضاء والتدريس غادر إلى مصر لمواصلة دراسته في جامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة)، وقابل هناك الدكتور طه حسين الذي نصحه بإلحاح أن يذهب إلى فرنسا، وقد فعل وحصل على درجة الدكتوراه في جامعة السوربون عام 1955م. وعاد إلى وطنه السودان والتحق بوزارة الخارجية وأصبح من رواد الدبلوماسية السودانية عقب الاستقلال، ومثل السودان في محطات مختلفة. أتاحت فرصة عمل زوجها دبلوماسياً بوزارة الخارجية لأمينة التنقل في مناطق متعددة من العالم، وقد شفى ذلك غليل الاستكشاف لديها، وكان ذلك في واشنطن لفترة وجيزة ونيويورك للعمل في بعثة السودان الدائمة بالأممالمتحدة، ومن واشنطن إلى أرض الرافدين (بغداد). وقبل ذلك ذهبت أمينة إلى القاهرة بعد زواجها في طريق العودة إلى السودان. وفي العراق زارت الكوفة والنجف وكربلاء، ورغم مقتها للسياسة التي كرهتها منذ صباها عندما سجنت أمها "فرانسواز غوغيه" لأسباب سياسية بعد الحرب العالمية الثانية، لكنها كتبت عن الزعيم العراقي عبد الكريم قاسم وقد شاهدت زياراته المتكررة للفقراء، زيارات أسرتها فهي سيدة مرهفة المشاعر و"حنينة"، تعرفتُ على هذه الصفات النبيلة في مواقف كثيرة جمعتني بها. ويقول المؤلف "نأت بنفسها عن التأريخ لأحداث السودان السياسية التي عاصرتها واكتفت في كتاباتها عن السودان بالتاريخ والثقافة والجانب الاجتماعي والتراثي". ومن بغداد إلى ليوبولدفيل كنشاسا مع السفير ياجي، وجدة عاد بعدها ياجي إلى السودان عام 1968م. التحقت فيفيان أمينة ياجي بالتدريس في جامعة الخرطوم عام 1988م وقبل ذلك التحقت متعاونة بجامعة أم درمان الإسلامية في عام 1986م. ويحدثنا المؤلف عن علاقته الشخصية بها وإشرافها على بحث التخرج في السنة الخامسة، وتعاملها مع كل الطلاب بحنان بالغ إذ تعرف معظمهم بأسمائهم. ويتحدث المؤلف عن جلوسها لساعات طوال في مكتبة الوحدة العلمية الفرنسية حيث كانت تعد بحثها للدكتوراه عن الخليفة عبد الله، وتقدير قسم اللغة الفرنسية أساتذة وطلاب لها، فقد كرمتها الجمعية السودانية لأساتذة اللغة الفرنسية في عام 2007م برئاسة الدكتور يونس الأمين، كما أبنها القسم بعد وفاتها في عام 2011م. القارئ المتصفح للكتاب يجد نفسه أمام شخصية شعبية بمعنى الكلمة ناسبها حي العباسية العريق بأم درمان، وأسرة ياجي العريقة المتميزة بالعلم والأدب الجم والتواضع والعشرة الطيبة، وكما وصفها المؤلف أسرة "اشتهرت بالعلم ونبل الأخلاق". وكانت مدام ياجي ربة منزل ملتزمة 1952 – 1988م خلقت علاقة ودودة وحميمة مع أهل زوجها وقد استقبلت استقبالاً حاراً عند قدومها لأول مرة، رغم توجسها، ذلك الاستقبال الحار الذي أسرها إلى الأبد. التزمت مدام ياجي بلبس الثوب السوداني خاصة "الأبيض" حتى وفاتها. كانت تستقبل الضيوف في منزلها ببشاشة دائمة كما وصفها أحد أفراد الأسرة. وكانت مرهفة المشاعر فعندما توفيت والدة زوجها في عام 1957م لم يحصل ياجي على عطلة وسافرت هي إلى أم درمان، وعندما سألها شقيق زوجها يقصد المؤلف إبراهيم، لماذا تكبدت مشاق الرحلة الطويلة أجابت أن والده قد اعتبرها ابنته وأن واجب الابنة هو أن تكون بجانب والدها وإخوتها عندما تتوفى والدتهم. وفي نهاية نوفمبر 1959م عندما توفي والد زوجها الحاج أحمد ياجي أحست بحزن عميق لوفاته، وبعد مرور أربعين يوماً من وفاته توفي إبراهيم ياجي شقيق زوجها وكان ذلك خبر فطر قلب زوجها مرة أخرى. فشقيقه إبراهيم (والد عمر وخالد وإخوانهم وأخواتهم) هو الذي ساعده رغم مسئولياته وأسرته الكبيرة. كما أنها ظلت على ارتباط بأسرتها في فرنسا وقد زارت أختها جاكلين السودان ثلاث مرات 1976م و1980م و1982م وسجلت في قصائدها إعجابها بالسودان ومعالمه وآثاره وبشعبه، كما كتبت قصيدة رثاء في الدكتور ياجي عند وفاته. عندما حبلت فيفيان كانت الخيارات أمامها أن تبقى في نيويورك حتى الولادة أو أن تذهب إلى أسرتها في باريس، ولكنها قررت أن تذهب إلى السودان، فقد أرادت أن يولد جنينها في بلده وفي أحضان أسرته، وكان ذلك الجنين البروفيسورة سكينة ياجي الأستاذة حالياً بجامعة الخرطوم. كما قررت تربية ابنتيها "سكينة" و"سلمى" مثل سائر الفتيات السودانيات، وحرصت على تعليمهن لغتهن الأم العربية، وتعلمت ابنتاها اللغة الفرنسية بعد ذلك في شبابهما. وتركت تعليمهما العادات والتقاليد السودانية للحاجة حواء بلة زوجة الشيخ إبراهيم ياجي شقيق زوجها. عاشت مدام ياجي في الوسط الأمدرماني واندمجت فيه، وكانت تعيش حياة المرأة السودانية لكن نشاطها الفكري ظل متقداً من خلال الاطلاع والبحث الدءوب والمتأني كما يذكر المؤلف، فقد ترجمت وألفت خلال فترة عملها ربة منزل. وظلت بمنزلها بأم درمان حتى عام 2007م عندما انتقلت مع بنتيها للسكن في الخرطوم، وكانت حزينة وقالت في لقاء صحفي "يوم رحلنا من أم درمان للخرطوم كان إحساسي زي الكتلوني". وكانت تتمنى أن تموت في السودان وتدفن في أم درمان وقد تحققت أمنيتها، توفيت في 6 ديسمبر 2011م ودفنت بمقابر حمد النيل. في الجزء الثاني يحدثنا المؤلف عن أعمال مدام ياجي من كتب ومقالات ومحاضرات وبرامج إذاعية، وتراجم، فقد أنجزت ترجمات إلى اللغة الفرنسية لأعمال نذكر منها هنا على سبيل المثال لا الحصر ترجمة كتاب نعوم شقير "جغرافية وتاريخ السودان"، وكتاب إسماعيل عبد القادر الكردفاني "الطراز المنقوش ببشرى قتل يوحنا ملك الحبوش"، وعدد من المسرحيات السودانية مثل "خطوبة سهير" و"نبتا حبيبتي". وقد سألها المؤلف عن دافع اهتمامها بالمسرح السوداني، وكان ردها أنها شاهدت في إحدى المرات أحد المسرحيات "نبتة حبيبتي" وجاءت في اليوم التالي وحدثت أحد الأساتذة الفرنسيين في شعبة اللغة الفرنسية بجامعة الخرطوم عنها وكان رده "هل يوجد في السودان مسرح؟"، وأحست أن سؤاله لم يكن للعلم، وإنما استهزاء فغضبت وآلت على نفسها أن تثبت لذلك الأستاذ أن في السودان مسرحاً، حب المسرح لدي فيفيان ارتبط بحبها للتمثيل الذي أشار إليه المؤلف. وفي مجال التأليف قدمت مدام ياجي المفيد جداً، وانصب اهتمامها في جانب الدراسات السودانية على موضوعي الأحاجي السودانية وتاريخ المهدية. وكانت تجلس إلى السيدات في المآتم وتطلب منهن أن يروين ما يحفظنه من أحاج، وجمعتها في كتابين "أحاجي أم درمان" و "الفارس الأسود". وترجم المؤلف الكتاب الأخير إلى اللغة العربية إلا أن ترجمته لم تنشر بعد. وقارنت الأحاجي التي جمعتها بالحكايات التي جمعها البروفسور عبد الله الطيب في كتابه "الأحاجي السودانية". ألفت فيفيان كتاباً عن الخليفة عبد الله حياته وسياسته، أصله أطروحتها للدكتوراه ترجمه إلى العربية مؤلف هذا الكتاب وجاء في الإهداء "إلى زوجي ووفاء وعرفاناً لكل الذين جعلوني أحب السودان". وفي مؤتمر نظمته جامعة مدغشقر عام 1992م وكان لي شرف المشاركة معها في هذا المؤتمر بترشيح منها، كانت ورقتها عن الخليفة عبد الله، فقد كانت معجبة بشخصية الخليفة عبد الله، وتعتقد أن هناك صورة مشوهة رسمت للخليفة عبد الله. وتوصلت إلى استنتاجات وآراء يختلف معها كثير من المؤرخين في التاريخ الحديث بصفة عامة وتاريخ المهدية بصفة خاصة. والكتاب متاح لعرض ونقد علمي من المتخصصين. أتاح بحث الدكتوراه عن الخليفة عبد الله أتاح لمدام ياجي فرصة السفر إلى الكثير من الأماكن ذات الصلة المباشرة بتاريخ المهدية بدءاً من أم درمان وما حولها، وانتهاء بأم دبيكرات. وقبل ذلك وبدافعها حبها للتاريخ والاستكشاف زارت مناطق البجراوية والنقعة والمصورات، كما زارت بورتسودان وسواكن وسنكات ود مدني وسنار الأبيض وما جاورها من القرى والفاشر. ألفت مدام ياجي كتاب "رجال حول المهدي" تناولت فيه شخصيات مثل الخليفة عبد الله والأمير يعقوب وحمدان أبو عنجة والزاكي طمل وعبد الرحمن النجومي، وكتاب "سلاطين الظل" ويتناول تاريخ سلاطين الفور ترجمته إلى العربية الدكتورة بقسم اللغة الفرنسية حفيظة عبد القادر بابكر. القارئ المدقق للكتاب يجد نفسه أمام شخصية شعبية تميزت بالإصرار والالتزام والأخلاق الفاضلة والتواضع وحب المغامرة، وحب للسودان تجاوز كل الحدود ضحت من أجله بتنازلها عن جنسيتها الفرنسية. وقد نجح مؤلف الكتاب بدرجة عالية في تقديم صورة متكاملة لمدام ياجي وفي الوفاء لأستاذته في زمن كاد أن ينعدم فيه الوفاء. وفي الختام نسأل سكينة وسلمى: أين مكتبتها ومكتبة الدكتور السفير محمد أحمد ياجي؟ نأمل وكما عضدته مداخلات بعض الحضور يوم التدشين في إيجاد مخرج يجعلها متاحة للقراء وكذلك السعي للحصول على المفقود من مؤلفات مدام ياجي. ونأمل كذلك في أن يواصل الدكتور البدري جهوده في إنفاذ ما تبقى من ترجمات لأعمالها. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.