لماذا نرحب بالصادق المهدي: على الشباب الترحيب بموقف الصادق المهدي الأخير، فالصادق ليس رمز لحزب الأمة فقط ولكنه رمز للديمقراطية باعتباره أخر رئيس وزراء منتخب شرعيا، وللصادق موقف مبدئي من الديمقراطية بعكس جميع الأحزاب التاريخية تمثل في عدم مشاركة النظام القائم لا في الهيئة التشريعية أو التنفيذية وأصر طوال ال30 عاما على تفكيك الشمولية أولا، ولا يضير الصادق مشاركة أبناءه مع عمر البشير فقد تبرا أمام الجميع من تلك المشاركة وأوضح انها تمثلهم فقط ولا تمثل الصادق أو حزب الأمة. فذلك الموقف المبدئي وإيمان الصادق بالديمقراطية يصب في خانة الثورة وليس النظام. وهو ترحيب مشروط باستمرار الصادق على تعهده مع تجمع المهنيين ودعمه وليس محاولة تفريقه أو ترأسه. وعلينا معرفة ان الثورة والتجمع لا يحتاج إلى الصادق بقدر احتياج الصادق إليهم، وان المستقبل لهؤلاء الشباب الذين سيبنون سودانا أضاعه الشيوخ بين صراعاتهم الايدولوجية. هذا عن الصادق، اما موقف حزب الأمة بغض النظر عن تصريح الصادق الأخير فكل الشباب الثوري والمتابع تاريخيا يدرك ان شباب الحزب ينحاز دائما إلى صف الثورة دون انتظار أذن من قياداته، ففي كل الثورات السابقة وآخرها ثورة سبتمبر من عام 2013م كان شباب حزب الأمة في الصفوف الأمامية وحولوا مسجد السيد عبد الرحمن بود نوباوى قبلة للثور في كل جمعة، فالصادق لم يعلن موقف حزب الأمة أو تحديدا شباب حزب الأمة الذي انحاز إلى ثورة ديسمبر منذ يومها الأول، وكذلك بيانات الحزب التي كانت تطلع وقياداته التي كانت تشارك في المسيرات وغيرها كلها كانت مع الثورة، ولكن أعلن موقفه الشخصي ليس كرمز لحزب الأمة ولكن لكيانات متعددة. لماذا نتوجس من الصادق المهدي: هذا ليس تحليل نفسي ولكن قراءات مبنية على مواقف للصادق تمكنا من إدراك الدوافع الحقيقية التي يتحرك من خلالها الصادق المهدي وهي ضرورية لتوضيح تردد الشباب حول مواقف الصادق المهدي، فالصادق متنازع بين عقله الذي يؤمن بالديمقراطية وبين ما يمكن ان تحمله تلك الديمقراطية للايدولوجية التي يعتنقها، فالموقف من الديمقراطية يسبقه تمسكه بالايدولوجية العربية والإسلامية وكذلك ارث المهدية المادي والعيني فهذه تأتي أولا ثم بعد ذلك الديمقراطية ووطن يسع الجميع، وتلك التقاطعات جعلت من مواقف الصادق المهدي مترددة وغير فاعلة ولم تخدم الثورة بحق طوال ال30 عاما السابقة. فهو اما ان يأتي بديمقراطية يضع شروطها هو أو يفشل التحركات كما حدث في سبتمبر 2013م عندما جاء من القاهرة خصيصا لوقف الحراك الثوري ودعي إلى عريضة لم يستمر هو فيها كثيرا. فعلى شباب حزب الأمة معرفة ان غيرهم لا يصدق مواقفه كثيرا ولذلك يدور كل هذا اللغط حوله، فالسعي إلى بناء سودان ما بعد الايدولوجيات يتطلب إيمان حقيقي بوطن يسع الجميع يكون سابقا لكل المواقف المادية أو العينية أو الايدولوجية، وان الديمقراطية التي نسعى إليها لا تصب في خانة فئة أو طائفة ولكنها تحتوى كل أفراد الشعب السوداني سواسية، وان العدل والعدالة الاجتماعية والحقوق الأساسية في الحياة يجب ان تتوفر لكل فرد باعتباره سوداني فقط وليس لايدولوجية أو عرقية ما. التجمع المهني والصادق المهدي: ان الاختلاف بين سبتمبر 2013 وديسمبر 2018 هو انتباه الشباب الثوري إلى الفراغ القيادي في هبة سبتمبر، فلم تكن تلك الهبة اقل شانا من هذه بل كانت أقوى وأكثر تأثيرا لولا الفراغ القيادي الذي اعتراها، وهو ما تجهز له الشباب بعد تلك الهبة ونظموا صفوفهم وتوافقوا على حد ادني من معايير الحكم التي يحلم بها كل الشعب السوداني، وأتمنى ان يستمر التجمع كقوى ضاغطة على الأحزاب الآن وبعد اكتمال الثورة وان لا يتحول في ذاته إلى حزب سياسي أو يحاول طرح برامج سياسية ولكن عليه الإبقاء فقط على المبادئ الأساسية والدفاع عنها. وعليهم عدم معاملة الصادق كحالة خاصة بل هو واحد من المؤيدين والداعمين للحراك، وعدم تركه لجر التجمع إلى تنازعه العاطفي بين العقل والايدولوجية، وان يستمر التجمع في مسيراته السلمية دون النظر إلى من انتمى له، فالجميع سيلحق به ان آجلا أو عاجلا. السعودية وقطر والثورة السودانية: لا نهتم كثيرا بالصراع العربي الحالي أو تفرعاته في مناطق كثيرة أخرى، فالشعب السوداني متقدم على الشعوب العربية أو الأفريقية من حيث الوعي بالإنسانية المتجاوزة لكل الأفكار الايدولوجية وكذلك متفطن للهدف الحقيقي للحياة وهي قيمة الإنسان في ذاته وانه محور الحياة ككل وهو ما يفوت على الدول العربية والأفريقية. ولكن ذلك لا يمنعنا ان نرى الفرق في الصراع بين قطر والسعودية، فقطر مبدئية في صراعها مع الآخرين تدعم تيار الفكر الاخواني بوضوح وتسعي إلى ريادته في المنطقة، اما السعودية فهي تسعى إلى ريادة الشخوص متمثلة في الملك السعودي أو ولي العهد على كل المنطقة، ودائما الصراع القائم على الشخوص يكون صراع انتهازي لا مبادئ له، فهي تحارب الفكر السلفي داخل السعودية وتدعمه خارجها، وتحاول إفلاس قطر وكل ما يتعلق بها مثل قناة beoutq وغيرها من الطرق الانتهازية وغير الإنسانية واخرها قضية خاشوقجي. ووضحت انتهازية السعودية في الثورة السودانية الحالية، ففي حين تجاهلت قطر زيارة البشير إليها رغم انه يرفع شعارات الأخوان المسلمين فهي مدركة من خلال تعاملها معه طوال السنين السابقة ان السلطة الحاكمة في السودان عبارة عن عصابة تتاجر بالدين ليس إلا، ولذلك لم تستقبله استقبال الرؤساء وأوفدت وزير دولة إلى المطار ونشرت تلك الصور حتى يتضح للعالم ما يعنيه البشير لقطر، في حين ان السعودية التي تحارب شعارات وأفكار الأخوان المسلمين في كل الدول العربية والإسلامية وغيرها لم تتحرج ان تأتي بوفد ليقول انه يقيف مع السلطة في أزمتها الحالية، ولذلك رغم اختلافنا مع قطر إلا إننا نحترم مواقفها المبدئية وعدم لجوئها للانتهازية واستغلال الفرص بعكس السعودية. اما السعودية فعليها ان تدرك ان الانتهازية لا تخدم غرض وان نفعها جزئي واني وان السودان في طريقه لبناء الدولة التي يحلم بها كل شعبه، وان التاريخ سيسجل كل المواقف التي تحدث الآن. بل على كل الدول التي تسعى إلى انتهاز فرصة ضيق السلطة الحالية والاستثمار في الأزمة عليها إدراك ان الثورة غير ملزمة بالاتفاقات التي تعقدها مع سلطة ديكتاتورية مغتصبة للحكم وليست مفوضة شعبيا، وأخر ما نسمعه عن الشركة التي تسعى إلى شراء ميناء بورتسودان حتى تسد الحكومة عجزها المالي الحالي وترحل لنا الأزمات إلى المستقبل. وهل تعتقد السلطة ان حل المشكلة المالية لشهور أو لسنة في حين تبيع في أصول السودان سيجعلنا نسكت، فأسوا ما ابتلينا به في السودان ليست سلطة ديكتاتورية فقط ولكن انتهازية وحرامية بالإضافة إلى عدم وجود الأخلاق بينهم. فعزرا لقد اكتفينا، #تسقط_بس. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.