بسم الله الرحمن الرحيم كلمة إقتصاد Economics يرجع تعريفها لاصول لاتينيه أغريقيه ، حيث أستعملت الكلمة في البداية لتعني إدارة شئون و ممتلكات الأسرة Household Management و تدريجيا تطور إستعمال الكلمة مع تطور النشاط الأقتصادي و تشابكه ليشمل إدارة كل أنشطة المجتمع بما فيها أنشطة الحكومة و الأعمال التجارية و المجتمعات البشرية . وأستنادا لهذا التعريف الموجز يمكن أن أضيف بأن الأقتصاد هو العلم الذي يقوم بدارسة الموارد ( الإمكانيات ) البشرية و الطبيعية المتاحة ( المتوفرة) Human & Natural Resources available for the Society و كيفية توزيع هذه الموارد المحدودة لتفي حاجة المجتمع المتزايد و غير المحدود. و يمكن تعريف النشاط الأقتصادي بمجمل النشاط الذي يقوم على إستغلال الامكانيات المتاحة لإنتاج السلع و توزيعها . الموارد ( الامكانيات ) المتاحة ( المتوفرة ) يمكن تقسيمها الى الأتي: أ ولآ: الامكانيات المملوكة و الذي يدخل ضمنها رأس المال و الأرض Property Resource و رأس المال هو المعدات و الماكنات و ألاداوات و المبانى المطلوبة لانتاج السلع و توزيعها للمستهلكين. أما الأرض فيدخل ضمن تعريفه الغابات و مصادر الطاقه و المعادن و المياه و الأرض بذاته. ثانيا: : الامكانيات البشرية Human Resources و يدخل ضمن تعريفها المقدرات العضليه و العقليه التي يستقلها الأنسان في إنتاج السلع . و اعنى بالسلع كل ما هو منتج للاستعمال الملموس و غير الملموس ، إضافة الي القدرات الادارية Enterpreneural abilities في كيفية الوصول إلي الوجه الأمثل لجمع هذه الامكانيات من أرض و رأسمال و القدرات العضليه و العقليه لإنتاج السلع و توزيعها . أود أن أشير هنا في هذا السياق بأن كلمة Enterpreneur ترجع في الأصل الي الفرنسية و هي تعني الشخص المغامرأو المقاول الذي يمارس النشاط الإقتصادى بغرض الحصول على عائد. هذا المغامر يتحمل المخاطر Risks المصاحبة لتنظيم و تشغيل أعماله التجارية أو بالاحرى نشاطه الاقتصادي على أمل أن يجني عائدا. و العائد في النظرية الاقتصادية التقليدية يسمى الاجور Wages & Salaries فيما يخص إستغلال الامكانيات العضلية و العقلية, أما فيما يخص الارض فان العائد يسمى الريع Rent , أما العائد فيما يخص رأس المال فيسمى الفائدة Interest و بالنسبة لأنشطة الأعمال التجارية فإن العائد يسمي الربح أو الخسارة Profit or Loss . ولقياس العائد لمجمل الامكانيات البشريه و الطبيعه يستعمل كلمة الدخل القومي National Income و التي تعني إجمالي العوائد المحققة لانتاج السلع و توزيعها , و يمكن أيضا قياس العائد القومى حسابيا بجمع مجمل الرواتب و الأجور و الأيجارات و الفوائد و الارباح . فى سياق الحديث عن المغامركما هو أعلاه أود أن أشير أن الشخص ألاقتصادى هو الذي يقوم بالدراسة و التحليل و الربط بين كل العوامل المؤثرة للوصول إلي الكيفية المثلى لإستغلال الأمكانيات ( الموارد) المتوفرة لتفى بحاجة قطاعات المجتمع المختلفة. ثالثا: التكنلوجيا Technology و يمثل التكنلوجيا مخزون المعلومات المتراكمة من الأجيال السبابقة و حتى الحاضر و ذلك بغرض التنظيم الأمثل لانتاج السلع و الخدمات. محدودية الموارد ( الامكانيات) الطبيعية و البشرية أوجدت بدائل و طرق لكيفية تنظيم و إستغلال هذه الامكانيات . و نتيجة لذلك نشأت الانظمة الاقتصادية المختلفة و التى فرضت نفسها بالقوة السياسية حيث أصبحت الأنظمة السياسية هي الواجهة للأنظمة الأقتصادية التي تتبعها. و اليوم نرى في واقع المجتمعات الصناعية نظاميين إقتصاديين أساسيين و هما كالأتى: 1- نظام الاقتصاد الرأسمالى Capitalist Economy System تحت هذا النظام فإن وسائل الانتاج و التوزيع للسلع يخضع في غالبيته لملكية و إدارة القطاع الخاص . 2- نظام الاقتصاد الاشتراكى Socialist Economy System تحت هذا النظام فإن وسائل الانتاج و التوزيع للسلع يخضع في غالبيته لملكية و إدارة الحكومة المركزية, حيث ينعدم مفهوم الربح في عملية التخطيط. و طبيعيا فان إنعدام الربح يقلل من درجة الحافز. بالرغم من أن نظام الاقتصاد الاشتراكى أصبح فى تراجع مستمر أمام النظام الرأسمالى و الذي يستمد قوته من مفهوم الديمقراطية و الممثلة فى حرية التعبير و الصحافة و التجمع و أستقلال القضاء و الذي يقوم بإصدار التشريعات لحماية النشاط الأقتصادى من تدخل الدولة لتنظيم الانشطة الاقتصادية فى إطاز النظام السياسي الرأسمالي. أن مجمل هذه المفاهيم الديقراطية تنبع منها الحوافز التى تدفع محركى الانشطة الاقتصادية لمزيد من الابداع لتجقيق مزيد من العوائد الاقتصادية. النظاميين الاقتصاديين السابقين يعتبران الاساسيين في العالم و لكن هنالك نظام ثالث معروف بأنه نظام إقتصادي رأسمالى و لكنه يجمع بين طياته بعض خصائص النظام الاشتراكى , و يسمى هذا النظام بنظام الاقتصاد الديمقراطى الاشتراكى Socialist Democratic Economy و يتزعم مثل هذه مثل هذه الانظمة بريطانيا و بعض الدول الاوربية. و نجد تحت هذا النظام الثالث أن صناعات مثل الغاز و الكهرباء و الاتصالات و المواصلات و صناعات الحديد و الصلب و التعدين ونظام البنك المركزى مازالت تجت إدارة و تشغيل الحكومة المركزية , و هذا يعنى أن هنالك نوع من السيطرة المركزية للدولة. و يعتبر الربح فى مثل هذه الصناعات ليس بهدف فى حد ذاته و لايعتبر مقياس لحسن اداء الاقتصاد . أما الدول غير الصناعية فإنها تدور فى فلك هذه الانظمة الاسا سية و ذلك بأخذ القليل من هنا و هنالك مع بعض التعديلالت الطفيفة لتناسب طبيعة ظروف البيئة الاجتماعية و الثقافية و العقائدية و عوامل اخرى عديده لا أرى ضرورة للخوض فيه فى هذا المقال. أما لو تحدثنا عن وضع الولاياتالمتحدةالامريكية فإن نظامها الاقتصادى يسمى بالاقتصاد الرأسمالى الديمقراطى Democratic Calitalist Economyحيث أن و سائل إنتاج و توزيع السلع تخضع فى الغالبية العظمى لقبطة و إدارة القطاع الخاص , و يعتبر الربح هو الحافز لغالبية الانشطة الاقتصادية , أما الحكومة فإنها تتدخل بصورة غير مباشرة في شئون بعض الصناعات عن طريق هيئات و مؤسسات غير ربحية تضع لها الدولة قواعد لكيفية تيسير أعمالها و تمويل أنشطتها . النظام الاقتصادى الرأسمالى الديمقراطى له خمسة خصائص رئيسية يمكن تحديدها في الآتى: 1- الملكية الفردية : Private Ownership تعتبر هذه الخاصية من أساسيات المجتمع الرأسمالي حيث أن الملكية للاشياء ذات القيمة السلعية تعطى صاحبها حرية الإرادة و التوجيه حسب مقتضيات السوق. و السوق يتمتع بحرية المنافسة حيث الاحتكار محدود بشرعية القانون. الملكية الفردية تخدم شرطين أساسيين في النظام الرأسمالي: أ- تضع فى أيدي الملاك قوة إستغلال الامكانيات الانتاجية المتوفرة لهم لاتخاذ القرارات الاقتصادية حسب مقتصيات السوق. ب- تعطى الملاك الحافز لزيادة الثروة. 2- حافز الربح : الربح هو الفارق بين تكلفة إنتاج السلعة و توزيعها و القيمة المحصلة من بيع السلعة. 3- نظام السوق و المنافسة: السوق هو المكان الذى يحدد سعر السلع و ذلك عن طريق العرض و الطلب. 4- العلاقة بين الدولة و السوق: النظام الرأسمالى الديمقراطى يركز على ضرورة و جود الحرية في ممارسة الانشطة الاقتصادية بأقل القيود. ففي القرن الثامن عشر والتاسع عشر كان شعار Laissez Faire هو شعار رجال الأعمال و هذه العبارة هى فرنسية تعنى "دع الناس تعمل ما تختار ". ففي الولاياتالمتحدةالامريكية إقتصرت الحكومة الامريكية نشطاها الداخلى , و بالذات بعد الكارثة الاقتصادية لعام 1930 , في الضرائب و مصروفات الدولة و تمويل السيولة للحد من البطالة و زيادة إستغلال الامكانيات المتوفرة. و تعمل الحكومة الامريكية من خلال و كالات حكومية لحماية المستهلك و ضبط الانشطة الاقتصادية , و نذكر من هذه الوكالات الآتى على سبيل المثال: أ- الهيئة الفيدرالية للتجارة Federal Trade Commission (FTC) هذه الهيئة تنظم التجارة على المستوى الفيدرالى. ب-هيئة البورصات و الأسهم The Security & Exchange Commission ( SEC) هذه الهيئة لتنظيم بيع و شراء إدارة سوق الأسهم ج- إدارة الاطعمة و العقاقير Food & Drugs Administration هذه الهيئة لتنظيم بيع و شراء الأطعمة و العقاقير و تجد اليوم في الولاياتالمتحدةالأمريكية أن 85% من السلع المنتجة يتم إستهلاكها بواسطة الافراد و الشركات الخاصة و الباقى 15% بواسطة الجهات الحكومية. 5- حرية الاختيار للمستهلكين: حرية الاختيار يحفز الابداع و التغيير لانتاج سلع احسن من ناحية التكلفة و الجودة. و أخيرآ أأمل أن أكون قد وفقني الله في أن أضع أمام القاري الكريم صورة موجزة و مبسطة عن حقيقة الانشطة الاقتصادية وعلاقتها بالأنشطة التجارية و السياسية . و سوف أتناول فى العدد القادم بإذن الله موضوع داحل إطار النشاط الاقتصادى و ذلك بالحديث عن الأشكال القانونية للأعمال التجارية و التى تقوم بإسغلال الامكانيات المتوفرة لانتاج السلع . ماهر هارون – محاسب قانوني. Mahir Haroun, CPA 301.220.0333 E-mail: [email protected]