[email protected] سأله النجم السابق والمحلل الرياضي المتطور الرشيد المهدية عن سبب عدم عودتهم للسودان والعمل على تطوير مهارات النشء، سيما أن معظمهم يعمل في تدريب الناشئين بالإمارات، فرد الحارس الأسطورة الطيب سند بالقول أنهم بصراحة لا يجدون الدعم هناك. قال الطيب سند أنه شخصياً عائد من السودان قبل فترة قصيرة وقد كانت لديه الرغبة في الاستقرار بالوطن والعمل مع ناديه السابق لكنه لم يجد التشجيع من إدارة النادي. وأضاف أحد أفضل حراس المرمى الذين مروا على السودان أن أنديتنا في السودان لا تتوفر بها معدات تدريب الحراس، فكل ما لديهم حواجز والسلام وعندما طلب منه الرشيد المهدية تحديد هذه المعدات عدد بعض أمثلتها من نوعية جديدة من الحواجز إلى كرة طبية وياي. ولكم أن تتخيلوا أندية كبيرة مثل الهلال والمريخ تفتقر لأجهزة بهذه البساطة ولا يزال هناك من يتساءل عن سبب عدم توفر حراس جيدين بالبلد. وبعد كل ذلك هناك من ( يفلقون ) رؤوسنا ليل نهار بأن الوالي فعل والأرباب جلب. لم ننكر أن الرجلين أنفقا أموالاً كثيرة لكننا نؤكد دائماً أنه صرف غير مرشد لن يفضي إلى شئ في النهاية. فمن غير المعقول أن يرأس رجلان يعتبران من أثرياء البلد اليوم أكبر أنديتنا وفي نفس الوقت يتحدث خبير في مجال تدريب الحراس مثل الطيب سند عن افتقار أنديتنا لمثل هذه المعدات التي لا نتوقع أن تفوق تكلفتها القليل من الدولارات التي لن تصل قطعاً للملايين التي ينفقها الرجلان في أنصاف المحترفين أو بعض التفاصيل الأخرى التي يرغبون من خلالها في تحقيق المزيد من النجومية والظهور. ولا يعقل أيضاً أن نستجلب للهلال والمريخ مدربي حراس من خارج الحدود دون أن نوفر المعينات اللازمة التي تمكنهم من أداء عملهم. الآن فقط عرفت إجابة سؤال كثيراً ما رددته وهو: لماذا لم يساعد مدربو الحراس في نادي الهلال الحارس المعز في التخلص من ثلاثة عيوب لاحظناها فيه منذ أن بدأ اللعب للأزرق.. والمرء ليستغرب حقيقة لموقف هؤلاء المدربين أو التجار الأجانب فكيف يصمتون ويوهمون الناس بأنهم يدربون الحراس دون أن يطالبوا بمعدات التدريب! كلام الطيب سند يفترض أن نتوقف عنده لأن له ما بعده. كثيراً ما قلنا أن الإداريين الذين لم تكن لهم سابق علاقة بكرة القدم لا يرغبون في الاستفادة من لاعبي الأندية السابقين ممن اكتسبوا خبرات من شأنها أن تفيد الناديين كثيراً. الأسباب طبعاً معلومة ولا تحتاج لشرح مطول فمثل هذه النوعية من القادمين الجدد يدركون أن وجود لاعبين قدامى لامعين في أنديتهم معناه انخفاضاً حتمياً في نجوميتهم ولأنهم لا يحتملون مثل هذا الوضع يفضلون العمل مع من قدموا بعدهم لهذا المجال، أو يستعينون بقلة من اللاعبين القدامى الذين يثقون في أن جل همهم أن يكونوا بجوارهم تحت أي ظرف من أي الظروف ووفقاً لأي شروط حتى وإن كانت مجحفة في حق هؤلاء اللاعبين والأندية نفسها. كلام الطيب سند يقودنا إلى أمر آخر هو الهجمة الشرسة للحزب الحاكم على الرياضة في الآونة الأخيرة ومناسبات افتتاح ملاعب الناشئين المتكررة. فعندما تم افتتاح أول ملعب للناشئين قبل فترة طويلة عبرنا عن سعادتنا بذلك وقلنا إنها بداية جيدة تتطلب جهوداً في أكثر من مجال حتى تتحقق الفائدة المرجوة. لكن في الأسابيع الأخيرة بدا لنا واضحاً أن حزب المؤتمر الوطني يريد أن ( يخم ) شريحة كبيرة من أبناء شعبنا بالحديث المتكرر عن تطوير قطاع الناشئين وتوفير ملاعبهم. بالطبع لا يمكننا أن نرفض هذه الملاعب رغم استغرابنا للانتظار الطويل خلال الفترة الماضية ليتم افتتاح أكثر من ملعب في هذه الأسابيع القليلة، لكننا نتساءل هل بالملاعب وحدها سيتطور هذا القطاع الهام! أذكر أنني عند افتتاح أول هذه الملاعب كتبت مشيداً بالعمل ومنبهاً إلى ضرورة التفكير بجدية في أمر إدارة هذا القطاع الحيوي. لكننا لم نسمع بأي جديد في هذا الجانب ولذلك نرى أن عدد الملاعب لو فاق المائة فلن تتحقق الفائدة المرجوة ما لم تتحرك الجهات المعنية بغرض إعادة النظر في العملية برمتها. فالرياضة في السودان بصورة عامة تعاني من الضعف الواضح في المجال الإداري وأي صرف بذخي نستهدف منه ( خم ) الناس وإقناعهم بأن هناك جهوداً مبذولة لن يعني شيئاً ما لم تكن هناك جدية في تطوير الإدارات خاصة في قطاع الناشئين. فهذا القطاع يمكن أن نلحق به إن استحدثنا أساليب إدارية جديدة مثل استجلاب خبرات أجنبية في هذا المجال والاستعانة بهؤلاء المدربين السودانيين الذي يعملون بالخارج لأنهم عملوا في ظروف غير ظروفنا ولا شك أن ذلك قد ساعدهم في فهم الكثير من المعاني التي تفتقدها إدارات هذا القطاع في السودان وأولها الانضباط والنظام. وما دام الأندية الكبيرة لا ترغب في الاستفادة من لاعبيها القدامى الذين اكتسبوا خبرات جيدة في مجال التدريب نظراً لرغبة إداريي هذه الأندية في ( التكويش ) عل كل شئ، فلماذا لا تستفيد الدولة من مثل هذه الخبرات؟ لماذا لا يطلبون من الطيب سند وبشارة وشواطين وجميل والكثيرين غيرهم العودة للوطن وفقاً لشروط مرضية لهم حتى يسهموا في تطوير قطاع الناشئين؟ هذا لن يحدث إلا إذا كانت هناك جدية في تحقيق مثل هذا الهدف وهو ما نشك فيه تماماً. لا يعقل أن نفتتح كل يوم ملعباً للناشئين بتكلفة كبيرة وفي نفس الوقت نصر على الأساليب البالية في إدارة شئون هؤلاء النشء. مواهب الناشئين لن تصقلها الهتافات ولا الصراخ المتكرر ولا الوعود البراقة، بل يتم ذلك عبر التخطيط المدروس والعمل الجاد وجهود الخبراء الذين لا يهتمون سوى بالجوانب الفنية والتربوية. لن تقوم للنشء قائمة في ظل الوضع الحالي المتردي في المجال الرياضي، فالإدارة متخلفة كما أسلفت والإعلام غير موضوعي والمدربين معظمهم مجرد تجار للأسف الشديد يكتفون بالتصريحات البراقة للصحف ويوافقون على جل طلبات الإداريين وإن اعتمدنا على هؤلاء فلن يختلف حال النشء عن لاعبي اليوم وإن حدث ذلك نكون قد أهدرنا مزيداً من الثروات لا أكثر.