"عندما أغلق المجلس العسكري الحاكم في السودان الإنترنت في يونيو، في محاولة لقمع الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية، انطلق الأمريكيون السودانيون إلى العمل. ونصحوا أحباءهم في الوطن الام بطرق نشر المعلومات، ومشاركتها مع العالم. هربوا بطاقات "سيم"، لمساعدة الذين يواجهون القمع الحكومي القاسي. وأرسلوا الأموال لشراء اقنعة الغاز المسيل للدموع. وساعدوا النشطاء المعرضين للخطر على الهروب. عن طريق "واتساب"، ووسائل اتصالات اجتماعية أخرى، تعاون المهاجرون السودانيون من العاصمة الخرطوم مع المهاجرين من دارفور. هذه هى المنطقة الغربية التي تضم كثيرا من المجموعات العرقية التي استهدفتها المليشيات المدعومة من الخرطوم منذ 15 عامًا، في التطهير العرقي الذي قتل فيه أكثر من 300,000 شخص. ضغطوا، كلهم، على الكونغرس للدعوة لعصر سياسي جديد في السودان. وخططوا، أو شاركوا، في المظاهرات المتكررة. بما في ذلك الاحتجاج صباح الجمعة امام السفارة السعودية في واشنطن، وهي الدولة التي قدمت الدعم المالي للقادة العسكريين السودانيين. يقولون إن المهاجرين من الخرطوم ومن دارفور لم يعملوا معًا في الماضي. لكن، بعد ان تحولت القوات التي كانت مسئولة عن الإبادة الجماعية في دارفور(الجنجويد) لمواجهة المتظاهرين في الخرطوم، صارت المجموعتان تشعران بالالتزام بهدف مشترك، قالت نعمات أحمدي، مؤسسة "مجموعة العمل النسائي في دارفور"، ومقرها في واشنطن، والتي وصلت إلى الولاياتالمتحدة كلاجئة في عام 2007: "وحدت الثورة السودانيين عبر جميع الانتماءات السياسية، والجغرافية، والاجتماعية" ... رغم ان كثيرا من السودانيين الذين يقدر عددهم بنحو 44,000 في هذا البلد جاءوا كلاجئين، جاءت مجموعات اخرى في ظل ظروف مختلفة. مثلا: حصل بعضهم، مثل سمية عبد الهادي، سجينة سياسية سابقة في الخرطوم، وتعيش الآن في ولاية نورث كارولاينا، على حق اللجوء السياسي عندما جعلت حكومة الدكتاتور العسكري الجنرال عمر حسن البشير الحياة في السودان صعبة للغاية عليهم. في نفس الوقت، جذبت حركة "إنقاذ دارفور" انتباه السياسيين الأمريكيين، وحول والعالم، خاصة بعد ان أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أوامر باعتقال البشير لارتكابه جرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية في دارفور ... لكن دارفور، والسودان، غابا من الوعي الأمريكي مع تنصيب الرئيس باراك أوباما في عام 2009، ومع بداية الربيع العربي في عام 2011. قالت نعمات احمدي: "واجهت الحركة بعض التفكك". وقال بحر العربي (62 عاماً)، الذي وصل كلاجئ من دارفور في عام 2006، إن سكان مدن شمال السودان، وأقاربهم في الولاياتالمتحدة، تجاهلوا الأعمال الوحشية في المناطق البعيدة (دارفور). وقال: "عندما حدثت الإبادة الجماعية في دارفور، لم يكن هناك كثير من التعاطف من هؤلاء الناس في الشمال." لكن، بدأ هذا يتغير خلال الأشهر الأخيرة ... قالت سلافة لطفي، مهاجرة من الخرطوم: "الآن نحن نعرف ما حدث في دارفور." وكانت نظمت مظاهرة في "واشنطن مول" (الميدان الرئيسي، قرب البيت الأبيض والكونغرس) في الأسبوع الماضي، شملت المظاهرة اتصالات بالفيديو مع نساء في السودان قُتل أطفالهن في أعمال العنف الأخيرة. وقال محمد أبو بكر، ناشط في مجال حقوق الإنسان ويقود "مشروع القيادة الشرق أوسطية الإفريقية"، ومقره في واشنطن، انه، وآخرين، شكلوا، قبل بداية الثورة في السودان، لوبي ضغط سوداني في واشنطن. منذ ذلك الوقت، درب أبو بكر عشرات من الشباب الأميركي السوداني، الذين يتوقون إلى المشاركة. سلمهم نقاط النقاش عن الوضع في السودان، وأرسلهم الى الكونغرس، حيث زاروا نواب مناطقهم ... وقالت سكينة التوم، أستاذة في كلية الطب في جامعة فاندربيلت (ولاية تنيسي)، وهي من منطقة ريفية في شمال السودان، وجاءت إلى واشنطن للاحتجاج في الأسبوع الماضي: "بغض النظر عن المدة التي تقضينها في الولاياتالمتحدة، تظلين على اتصال بما يجرى هناك." في الوقفة الاحتجاجية يوم الجمعة، حمل المهاجرون السودانيون ونشطاء حقوق الإنسان لافتات عليها صور ملغية لمحمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، وهتفوا: "واجهوا السعوديين،" بينما كانت شرطة الأمن تراقبهم. وكانت السعودية قدمت دعما ماليا كثيرا الى الجنرال البشير، الذي أرسل مقاتلين سودانيين للمساعدة فى حرب السعودية في اليمن. واستمر دعم القادة العسكريين السودانيين لهذا منذ الإطاحة بالبشير. بعد الوقوف امام السفارة السعودية، سار المتظاهرون إلى وزارة الخارجية لدعوة الحكومة الأمريكية للضغط على السعودية للتراجع عن دعم هؤلاء العسكريين. فعلا، أثمرت جهود الشتات السوداني بعض الشيء: أصدر مجلسا الشيوخ والنواب في الكونغرس قرارات هذا الشهر تدعو إلى الانتقال إلى الحكومة المدنية في السودان. لكن، قالت نعمات أحمدي إن المفاوضات في السودان بين العسكريين والمدنيين "أهملت دارفور مرة أخر، الأمر الذي قد تكون له تداعيات خطيرة." مع استمرار المفاوضات والاحتجاجات، يقول الناشطون السودانيون في الشتات إنهم سيواصلون الضغط. وقال خالد طه، مهندس يعيش في ريتشموند: "السودانيون لن يتنازلوا، في السودان وخارج السودان. لقد انتهى زمن الديكتاتورية في السودان." ======================= عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.