السجن 20 عاما بحق علي كوشيب أحد أكبر قادة "الجنجويد"    قائد ثاني الفرقة 22 "درموت" يصل جنوب السودان بعد سقوط بابنوسة    اجتماع تقييم استجابة الكوليرا يؤكد أولوية التدخل في مناطق الهشاشة بالسودان    نادي الاتحاد يستقبل بعثة الأهلي نيالا بقلعة الرومان    واشنطن: شطب تعديل لتصنيف «الدعم السريع» إرهابياً يُثير جدلاً حول مصير الملف السوداني في الكونغرس    حَسْكَا.. نجمٌ عَلى طَريقته    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    جبهة عسكرية جديدة..خطوة خطيرة من إثيوبيا تّجاه السودان    مفضل التمرد لا يزال قائماً ويحذر من المتعاونين والخلايا النائمة    مسيرة للجيش تودي ب14 من قيادات ميليشيا الدعم السريع    الموت يغيب الإعلامي الشاب محمد محمود حسكا    قبل النوم بلحظات.. "ثمرة ذهبية" تهدئ جسدك وعقلك    بيان حول أحداث مباراة نهضة تونس والوداد بالقضارف    وفاة إعلامي سوداني    مدير شرطة ولاية الجزيرة يزور الرومان    انقطاع التيار الكهربائي في عموم ولايات السودان    "كسروا الشاشات وهاجموا بعضهم".. غضب هستيري في غرفة ملابس ريال مدريد    شاهد بالفيديو.. أحد أفراد الدعم السريع يهاجم شيخهم "بدران": (رأسك زي بوخ الحلة.. بتجيب في كلمات ما معروف من أي ديانة وتشريعك دا المغطس حجرنا)    سيدة الأعمال السودانية نانسي ملاح تدافع عن "ميادة" بعد شائعة الإعتداء على خادماتها: (ما شفنا منها غير الطيبة والأدب وأخلاق البنات المربّيات وحكموا عليها قبل ما تُعرض الأدلة وقبل ما القانون يقول كلمته)    شاهد بالصورة والفيديو.. مشجعة سودانية تتمنى مواجهة العراق مرة أخرى: (العراقيين هم اللي يخافون مننا وسودانا فوق)    شاهد بالفيديو.. خبير التحكيم المصري ونجوم الأستوديو التحليلي يجمعون على تقاضي الحكم عن ركلة الجزاء واضحة لصقور الجديان أمام العراق والجمهور: (الظلم التحكيمي لمنتخبنا في البطولة أصبح متكرر)    الغضب يترك أثراً أعمق مما نظن    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    شاهد بالصور.. الشاعرة والإعلامية نضال الحاج تخطف الأضواء وتسحب البساط من الجميع في حفل زفاف "ريماز" بأناقتها بالحجاب    شاهد بالفيديو.. اليوتيوبر الشهيرة مها جعفر تعود للظهور بمقطع فيديو كوميدي من مباراة صقور الجديان وأسود الرافدين وتؤكد تشجيعها للمنتخبين لأن والدها سوداني ووالدتها عراقية: (ماما أمسكي المنتخب بتاعك دا)    وزير خارجية بنين يعلن فشل محاولة الانقلاب في البلاد    الكويت تسحب جنسية الداعية طارق السويدان    شركة CNPC الصينية تُخطر وزارة الطاقة بنيتها إنهاء اتفاقيات البلوك 6 بسبب تدهور الأوضاع الأمنية    إحباط تهريب (29) ألف رأس بنقو و(46) ألف حبة ترامادول بشندي    صلاح يفتح النار: شخص يريد رحيلي.. وليفربول تخلى عني    تحذير علمي: السمنة تُسرّع تراكم علامات الزهايمر في الدم بنسبة 95%    هيئة مياه الخرطوم تعلن عودة محطة كبيرة للعمل    بيل غيتس يحذر : ملايين الأطفال قد يموتون بنهاية هذا العام    شاهد بالفيديو.. العروس "ريماز ميرغني" تنصف الفنانة هدى عربي بعد الهجوم الذي تعرضت له من صديقتها المقربة الفنانة أفراح عصام    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    تكريم الفنان النور الجيلاني بمنطقة الكدرو    رئيس مَوالِيد مُدَرّجَات الهِلال    تنويه عاجل لهيئة مياه الخرطوم    تصريحات ترامب المسيئة للصومال تثير غضبا واسعا في مقديشو    قرار عاجل لرئيس الوزراء السوداني    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    إدارة التعدين بولاية كسلا تضبط (588) جرام و (8) حبات ذهب معدة للبيع خارج القنوات الرسمية    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    إحباط تهريب كميات كبيرة من المخدرات والمواد الخطرة بنهر النيل    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    إحباط تهريب أكثر من (18) كيلوجرامًا من الذهب في عملية نوعية    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    إحباط تهريب أكثر من (18) كيلوجرامًا من الذهب في عملية نوعية    وصول 260 ألف جوال من الأسمدة لزراعة محاصيل العروة الشتوية بالجزيرة    مصر.. تحذيرات بعد إعلان ترامب حول الإخوان المسلمين    شاهد.. بعبارة "كم شدة كشفت معادن أهلها" صورة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تزين شوارع العاصمة السودانية الخرطوم    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السودان: نحو أفق جديد .. بقلم: د. الشفيع خضر سعيد
نشر في سودانيل يوم 16 - 09 - 2019

يمكننا تفكيك الجملة المفتاحية، أو الوصفة السحرية، لتحقيق نجاحات الفترة الانتقالية، إلى عدد من المداخل الرئيسة، منها:
أولا: تحت وطأة نظام الإنقاذ البائد، كان الإنسان السوداني يعاني يوميا من تدهور قدرته على توفير أساسيات الحياة، له ولأهله، ولا أعتقد أن هنالك ما هو أشد فتكا على الانسان من فقدان هذه القدرة. ولاستعادتها، نحتاج أن تأتي الفترة الانتقالية بفعل يضع حدا للحرب الأهلية في البلاد ويزيل أسباب التوتر والاحتقان ويحقق السلام الشامل، ويؤسس لنظام جديد يعزز ويدعم ويصون رفاهية الانسان ويقوم على توسيع قدرات البشر وخياراتهم وفرصهم وحرياتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولا سيما بالنسبة لأكثر أفراد المجتمع فقرا وتهميشا.
ثانيا: الأحزاب السياسية والحركات المسلحة والقوى النظامية، أو أي مجموعة بعينها، لا يحق لها احتكار الوطن والوطنية، أو تدعي امتلاكها الشرعية المطلقة، علما بأن الشرعية في نظرنا ليست هي شرعية القوة، عددا أو سلاحا أو مالا، وإنما التي في مقدورها أن تبسط السلام وتمنح الجميع الحرية والعدالة والمساواة.
ثالثا: حراك المجموعات المختلفة تجاه العمل السياسي، كلما انطلق من القاعدة، من شوارع الحي ومرافق العمل، ومن سوق الخضار وتجمعات المزارعين والعاملين ومعسكرات النازحين والمتأثرين سلبا بسياسات الإنقاذ…، كلما تقاطعت خطوط هذا الحراك، وتشابكت جهود هذه المجموعات، مما يمهد الطريق ويعبده لنجاح الفعل السياسي المنشود.
رابعا: لم يعد الوضع في السودان اليوم يحتمل إعادة إنتاج خطاب القائد الكاريزما والرعية. فزمان القائد الواحد ذي السلطة المطلقة قد ولى، ومعاملة الرعية وكأنها قطيع، تساق حيثما يشاء الراعي، أصبحت في حكم المستحيل. بل، ولا مناص أيضا من القبول بحقيقة بروز أكثر من قائد، في أكثر من موقع ورقعة، يعمل مع الآخرين على صون وحماية مصالح الشعب، والبحث عن أفضل الصيغ لإدارة البلاد وفق نظام سياسي لامركزي ديمقراطي، يزيل العسف والإجحاف، ويحقق العدالة. إن مستنقع الأزمة التي عصفت بالبلاد، ومنحدر الهاوية التي كاد الوطن أن يستقر في قاعها، تفترضا أن يأخذ الفعل السياسي خلال الفترة الانتقالية منحى جديدا. فبدل تشتت الجهود هنا وهناك، لابد من توحدها، وفي كل انحاء البلاد، في مجرى الفعل السياسي الجماعي القادر وحده على الوصول بنضالات الجماهير إلى غاياتها المنشودة في اقتلاع جذور النظام البائد، وخلق بديل جديد تترسخ فيه الديمقراطية التي يترعرع وينمو فيها إحساس الحرية والعدالة والكرامة، تحت مظلة التنوع والتعدد السياسي والعرقي والثقافي والعرقي، والتعامل الإيجابي والخلاّق مع هذه المظلة، بعيدا عن الفكرة النشاز هنا حول الأغلبية والأقلية.
خامسا: يُحدث الصراع السياسي تأثيرات عكسية بين أطرافه، مما يؤدي إلى فرز واقع جديد يتم فيه تدوير خصائص جديدة مكتسبة. وهذه الخصائص الجديدة لا يمكن تجاهلها وإهمالها، بل لا بد من مواجهتها والتعامل معها حتى لا تعيق خط السير الأساسي للقضية. مثلا، تشكل التجمع الوطني الديمقراطي كرد فعل لانقلاب الإنقاذ، رافعا شعارات الإضراب السياسي والعصيان المدني لإسقاط النظام واستعادة الديمقراطية. واجهت الانقاذ هذه الخطوة برد فعل عنيف تمثل في بيوت الأشباح، التعذيب حتى الموت، والإعدامات. ومباشرة غير التجمع الوطني الديمقراطي تكتيكاته إلى الهجرة والعمل المسلح من الخارج. وفي دارفور، ظلت الحكومة تتعامل مع الحركات المعارضة، تارة وفق وزنها العسكري في الميدان، وتارة أخرى وفق وزنها القبلي، دون أي اعتبار للأسباب الحقيقية للصراع. والحركات الدارفورية، في إطار سعيها لحسم الصراع، اضطرت إلى التعامل بذات المنطق. فأصبحت قيمة القبيلة أكبر من قيمة المنطقة، بل وأكبر من قيمة الوطن، وأصبحت القوة العسكرية هي التي تفرض مسارات الحل. وهكذا كانت أبوجا والدوحة، وهكذا بدأ نضال شعب دارفور منتظما في حركتين، واليوم نجد عشرات الحركات!! مثال آخر يتعلق بدور المجتمع الدولي، باعتباره من أكثر المصادر قدرة على تغذية الصراع السياسي بخصائص جديدة. فالصراعات المحلية لا يمكن عزلها عما يدور في المسرح العالمي من مواجهات معلن عنها بشكل واضح، وتتعلق بصراعات المصالح الاستراتيجية بين الأقطاب الدولية الكبرى، والتي في الغالب تتقاطع سلبيا مع المصالح الوطنية للفئات المتصارعة محليا.
من يتبختر في الشارع السياسي السوداني بفكرة أنه المحرّك الوحيد، أو الأفضل أو الأكثر إخلاصا للقضية من غيره، لا شك سيخسر كثيرا، ولكنه أيضا سيعطل الآخرين كثيرا! الشارع مطروق جدا، وعلى مدار الساعة، ويعج بالمنعطفات والتعرجات التي لا يمكن تجاوزها أو تجاهلها. كما لا يمكننا أن نتجاوز التجارب السابقة أو الماثلة، كتجارب التحالفات السياسية، وموجة الاتفاقيات المتعددة في أبوجا ونيفاشا والدوحة والقاهرة والشرق، وتجربة الاستفتاء والانتخابات والمشورة الشعبية، وتجارب فترات الانتقال السابقة وأسباب فشلها…الخ، وذلك بهدف رؤية مكمن الخلل وبحث إمكانية الوصول إلى سر تلك الوصفة السحرية حتى نجتاز الفترة الانتقالية الراهنة بنجاح.
نحن نحتاج إلى ردم الهوة، التي ما فتئت تتسع وتتعمق، بين القيادة والقاعدة، بين الناشطين والجماهير البسيطة، حتى «ندوزن» المعادلة، فيدافع عن الحق أصحابه. وبالطبع، فإن مشروعية وفعالية أي حركة، أو حزب سياسي، تستمد من وجود قاعدة اجتماعية يُستند إليها. وإذا كانت ممارسات الاستبداد والطغيان سعت لإبعاد الجماهير عن السياسة وتغريبها عن واقعها وتكريس اللامبالاة والتكلس وموات الهمة، وسعت أيضا لحصر العمل العام في رموز وبطانة النظام، فقد آن أوان استرداد القيمة الفردية، وفي ذات الوقت استنهاض وتثوير الفعل الجماهيري، وتقوية الإرادة السياسية من أجل استكمال مهام التغيير وانتصار أهداف ثورة كانون الأول/ديسمبر المجيدة. هذه الإرادة السياسية هي التي تشكل الخيط الرابط بين المكونات المختلفة للحراك السياسي، وهي التي نريدها «الدينمو» المحرك لنشاطنا، والمصل الواقي حتى يتحصن الناشطون ضد الإحباط والاكتئاب والخيبات الفردية، ويستشعرون أهمية وجودهم وحيوية دورهم في معركة التغيير. فذلك هو الترياق الفعال ضد سموم الاستبداد والفساد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.