"ميتا" تهدد بوقف خدمات فيسبوك وإنستغرام في أكبر دولة إفريقية    بورتسودان وأهلها والمطار بخير    المريخ في لقاء الثأر أمام إنتر نواكشوط    قباني يقود المقدمة الحمراء    المريخ يفتقد خدمات الثنائي أمام الانتر    مليشيا الدعم السريع هي مليشيا إرهابية من أعلى قيادتها حتى آخر جندي    ضربات جوية ليلية مباغتة على مطار نيالا وأهداف أخرى داخل المدينة    الأقمار الصناعية تكشف مواقع جديدة بمطار نيالا للتحكم بالمسيرات ومخابئ لمشغلي المُسيّرات    عزمي عبد الرازق يكتب: هل نحنُ بحاجة إلى سيادة بحرية؟    فاز بهدفين .. أهلي جدة يصنع التاريخ ويتوج بطلًا لنخبة آسيا    بتعادل جنوني.. لايبزيج يؤجل إعلان تتويج بايرن ميونخ    منظمة حقوقية: الدعم السريع تقتل 300 مدني في النهود بينهم نساء وأطفال وتمنع المواطنين من النزوح وتنهب الأسواق ومخازن الأدوية والمستشفى    السودان يقدم مرافعته الشفوية امام محكمة العدل الدولية    وزير الثقافة والإعلام يُبشر بفرح الشعب وانتصار إرادة الأمة    عقب ظهور نتيجة الشهادة السودانية: والي ولاية الجزيرة يؤكد التزام الحكومة بدعم التعليم    هل هدّد أنشيلوتي البرازيل رفضاً لتسريبات "محرجة" لريال مدريد؟    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(07) تَخْرِيْمَاتٌ وَ تَبْرِيْمَاتٌ فِي الحَالَةِ السُّودَانِيَّةِ: الزُّولْ صَاحِبُ الصِّفَاتِ الخَارِقَةِ .. بقلم: فَيْصَلْ بَسَمَةْ
نشر في سودانيل يوم 01 - 11 - 2019

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيْمِ وَ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَ أَتَمُّ التَّسْلِيْمِ عَلَىَٰ سَيِّدْنَا مُحَمَّدٍ وَ عَلَىَٰ آلِهِ وَ صَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ وَ عَلَيْنَا.
أَمَّا مَسْأَلَةُ (الزُّولْ) السُّودَانِيِّ ذُو الصِّفَاتِ الخُرَافِيَّةِ الخَارِقَةِ وَ الَتِّي يَبْدُوا أَنَّهَا مَنْسُوبَةٌ إِلَيْهِ حَصْرِيّاً دُونَ بَقِيَّةِ خَلْقِ اللَّهِ ، وَ الَّتِي هِيَ مَجَامِعُ كَمَالِ الأَخْلَاقِ فِي: الصِّدْقِ وَ الأَمَانَةِ وَ الشَّهَامَةِ وَ المُرُوءَةِ وَ النُّبْلِ وَ الرُّجُولَةِ فَتِلْكَ مَعْضَلَةٌ عَصِيَّةٌ عَلَىَٰ الفَهَمِ بِالنَّظَرِ إِلَىَٰ حَالَةِ السُّودَانِ السِّيَاسِيَّةِ وَ الإِقْتِصَادِيَّةِ وَ الإِجْتِمَاعِيَّةِ وَ الأَمْنِيَّةِ وَ مَكَانَتِهِ بَيْنَ الأُمَمِ.
تُشِيْرُ الدَّلَالَاتُ إِلَىَٰ أٌنَّ هَذِهِ الشَّخْصِيَّةَ عَلَىَٰ الفِطْرَةِ السَّمْحَةِ وَ تِلْكَ مَحْمَدَةٌ وَ فِيْهَا الكَثِيْرُ مِمَّا ذُكِرَ أَعْلَاهُ وَ فِي ذَاتِ الوَقْتِ تُشِيْرُ المُعَايَشَةُ وَ الوَاقِعُ عَلَىَٰ أَنَّ ذَاتَ الشَّخْصِيَّةِ هِيَ شَخْصِيَّةٌ مِزَاجِيَّةٌ وَ عَاطِفِيَّةٌ وَ مَا عَلَىَٰ القَارِئِ المُتَشَوِّقُ إِلَىَٰ مَزِيْدِ مِنْ المَعْرِفَةِ عَنْ صِفَاتِ (الزُّولْ) وَ حَالَاتِهِ المَزَاجِيَّةِ إِلَّا الرُّجُوعَ إِلَىَٰ أَشْعَارِ الدُّوبِيْتِ السُّودَانِيِّ.
تُشِيْرُ الوَقَائِعُ إِلَىَٰ أَنَّ هَذِهِ الشَّخْصِيَّةَ تَسْهَلُ قِيَادَتُهَا وَ إِبْتِزَازُهَا وَ إِسْتِغْلَالُهَا دِيْنِيّاً وَ أَخْلَاقِيّاً بِقَلِيْلٍ مِنْ الشَّحْنِ المُمَنْهَجِ وَ الإِطْرَاءِ وَ غَسِيْلِ المُخِ ، وَ الشَّوَاهِدُ عَلَىَٰ ذَٰلِكَ كَثِيْرَةٌ وَ رُبَمَا يَكُونُ فِي تِعْدَادِهَا إِحْرَاجٌ لِدُولٍ فِي الجِوَارِ وَ الإِقْلِيْمِ.
فِي كَثِيْرٍ مِنْ الأَحْيَانِ تَحْجُمُ الشَّخْصِيَّةُ السُّودَانِيِّةُ عَنِ أَخْذِ المُبَادَرَةِ وَ عَنْ عَرْضِ مَا لَدَيْهَا مِنْ الكَفَاءَاتِ وَ التَّأهِيْلِ وَ مَلَكَاتِ الذَّاتِ فِي عَالَمٍ وَ مَجَالاَتٍ وَ أَسْوَاقٍ لِلعَمَالَةِ وَ التَّوظِيْفِ تُؤمِنُ وَ تَعْتَمِدُ عَلَىَٰ العَرْضِ الجَيِّدِ وَ التَّسْوِيْقِ الأَمِيْنِ لِلذَّاتِ عَنْ طَرِيْقِ التَّقْدِيْمِ Presentation وَ السِّيَرَ الذَّاتِيَّةِ ، وَ عَلَىَٰ الرَّغْمِ مِنْ كَفَاءَةِ (الزُّولْ) السُّودَانِيِّ إِلَّا أَنَّهُ غَالِباً مَا يَتَحَاشَىَٰ القِيَادَةَ وَ الرِّيَادَةَ وَ يَتَقَوقَعُ دَاخِلَ الشَّخْصِيَّةِ النَّمَطِيَّةِ المَعْرُوفَةِ عَنْهُ رُبَمَا لِإِيْمَانِ تِلْكَ الشَّخْصِيَّةِ بِأَنَّ الأَعْمَالَ تَتَحَدَّثُ عَنْ نْفْسِهَا وَ أَنَّ العَرْضَ وَ تَسْوِيْقَ الذَّاتِ ضَرْبٌ مِنْ الفَخْرِ المُبَاهَاةِ الَتِّي لَا تَتَمَاشَىَٰ مَعَ مَبَادِئٍ التَّوَاضِعِ وَ الزُّهْدِ الَتِّي يُؤْمِنُ بِهَا (الزُّولْ) صَاحِبُ تِلْكَ الشَّخْصِيَّةِ ، وَ مِمَّا يُثِيْرُ الحَِيْرَةُ أَنَّ ذَاتَ (الزُّولْ) يَتَبَاهَىَٰ بِنَفْسِهِ وَ صِفَاتِهِ فِي أَشْعَارِهِ وَ مَا عَلَىَٰ القَارِئِ المُهْتَمِ إِلَّا مُرَاجِعَةَ مَا يَرُوقُ لَهُ مِنْ الشِّعْرٍ الشَّعْبِيِّ السُّودَانِيِّ وَ أَشْعَارِ الدُّوبِيْتِ ، وَ تَشْخِيْصُ مِثْلَ هَذَا السُّلُوكِ عِنْدَ أَهْلِ الطِّبِّ هُوَ إِنْفِصَامُ الشَّخْصِيَّةِ.
فِي حَقِيْقَةِ الأَمْرِ فَإِنَّ شَخْصِيَّةَ (الزُّولْ) السُّودَانِيِّ خَجَولَةٌ وَ تُفَضِّلُ أَنْ تَكُونَ مُنْقَادَةً وَ يَبْدُوا أَنَّهَا لَا تَعْمَلُ بِكَفَاءَةٌ إِلَّا تَحْتَ إِمْرَةِ وَ السَّيْطَرَةِ الكَامِلَةِ لِلآخَرِ: كَالدَّولَةِ وَ الزَّعِيْمِ وَ الشَّيْخِ وَ المُخَدِّمِ وَ الكَفِيْلِ الأَعْرَابِيِّ فَحِيْنُهَا تُكُونُ الشَّخْصِيَّةُ السُّودَانِيَةُ فِي أَفْضَّلِ حَالَاتِهَا ، وَ تَارِيْخُ السُّودَانِ الحَدِيثِ يُؤَيْدُ ذَٰلِكَ فَهَذَا مَا كَانَتْ عَلَيْهِ حَالَةُ (الزُّولْ) وَ أَدَاءُهُ تَحْتَ قِيَادَةِ الإِمَامِ مُحَمَّدْ أَحْمَدْ المَهْدِي عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ الثُوْرَةِ المَهْدِيَّةِ وَ تَحْتَ إِمْرَةِ الجَنَرَالِ البِرِيْطَانِيِّ كِتْشِنَرْ وَ بِنَاءِ الدَّولَةِ السُّودَانِيَّةِ الحَدِيْثَةِ بَعْدَ سُقُوطِ دَولَةِ المَهْدِيَّةِ وَ فِي خُضُوعِ الخِرِيْجِيِيْنَ وَ الأَحْزَابِ السِّيَاسِيَّةِ لِسَيْطَرَةِ زُعَمَاءِ الطَّوَائِفِ الدِّيْنِيَّةِ وَ فِي حَالَةِ جَعْفَرْ النِْمِيْرِي وَ إِنْقِيَادِ النُّخْبَةِ المُتَعَلِّمَةِ لَهُ وَِ فِي حَالَةِ الشَّيْخِ حَسَنْ التُّرَابِي وَ الحَرَكَةِ الإِسْلَامِيَّةِ وَ عَلَاقَاتِهِا بِالإِنْقَاذِ وَ العَسْكَرِ وَ كَتَائِبِ الجِهَادِيِيْنَ وَ المُتَطَرِفِيْنَ وَ فِي إِنْتِشَارِ مَدِّ التَّصَوفِ الدِّيْنِيِّ وَ فِي إِتِّبَاعِ وَ إِنْصِيَاعِ المُرِيْدِيْنَ التَّامِّ لِشِيِوخِ الحَرَكَاتِ الصُّوفِيَّةِ قَدِيْماً وَ الَّذِي أَضْحَىَٰ (مُوضَةً) بَيْنَ الشَّبَابِ المُتَعَلِّمِ المُعَاصِرِ ، وَ أَخِيْراً حَالَةُ العَمَالَةِ السُّودَانِيَّةِ مَعَ الكُفَلَاءِ فِي بِلَادِ الأَعْرَابِ فِي دُولِ الخَلِيْجِ الفَارِسِيِّ وَ فِي الوَلَاءِ وَ الأَمَانَةِ الَتِّي يُضْرَبُ بِهِمَا الأَمْثَالُ ، وَ رَغْمَ ذَٰلِكَ فَرُبَمَا يَرَىَٰ بَعْضٌ فِي هَذَا التَّصَرُفِ إِحْجَاماً عَنْ المُبَادَرَةِ وَ عَنْ إِتِّخَاذِ الْقَرَارِ وَ عَنْ تَحَمُلِ المَسْئُولِيَّةِ.
هَذِهِ الشَّخْصِيَّةُ السُّودَانِيَّةُ الَّتِي إِكْتَسَبَتْ الإِحْتِرَامَ لِكَفَاءَتِهَا وَ تَأهِيْلِهَا وَ أَدَاءِهَا المُمَيَّزِ وَ نَزَاهَتِهَا وَ أَمَانَتِهَا وَ سَجَّلَتْ الكَثِيْرَ مِنَ الإِنْتِصَارَاتِ وَ الإِنْجَازَاتِ الخَارِجِيَّةِ وَ الدَّاخِلِيَّةِ تَحْتَ قِيَادَةِ الأَجْنَبِيِّ وَ الطَّاغِيَةِ وَ الزَّعِيْمِ وَ الشَّيْخِ وَ الكَفِيْلِ تَفْعَلُ المُسْتَحِيْلَ حَتَّىَٰ تَنَالَ الرِّضَىَٰ وَ القُبُولَ عِنْدَ الآخَّرِ خُصُوصاً الخَارِجِيِّ ، هَذِهِ الشَّخْصِيَّةُ فَشَلَتْ فَشَلاً ذَرِيْعاً فِي تَنْمِيَةِ بِلَادِ السُّودَانِ وَ جَعْلَهَا فِي مَصَافِ الدُّولِ المُسْتَقِرَةِ الَتِّي تَوفِرُ الأَمَانَ وَ العَدْلَ وَ التَّنْمِيَّةَ وَ الرَّفَاهِيَّةَ (لِلزُّولِ) السُّودَانِيِّ العَادِي وَ فِي خَلْقِ الإِنْصِهَارِ القَومِيِّ وَ الوَطَنِيِّ بَيْنَ مُكَونَاتِ الأُمَّةِ السُّودَانِيِّةِ وَ فِي تَثْبِيْتِ أَرْكَانِ التَّعَايُشِ بَيْنَ مُكَونَاتِ الوَطَنِ السُّودَانِيِّ المُتَنَوَعِةِ مِنَ الأَعْرَاقِ وَ الأَجْنَاسِ وَ عِوضاً عَنْ ذَٰلِكَ كَانَ الخِصَامُ وَ الإِحْتِرَابُ وَ الإِنْقِسَامُ الدَّاخِلِيِّ وَ الإِخْفَاقُ فِي الإِنْجَازِ وَ كَانَ الرُّكُودُ التَّنْمَويُّ وَ شَظَفُ العَيْشِ رَغْمَ المَوَارِدِ الهَائِلَةِ حَتَّىَٰ صَارَ السُودَانُ فِي ذِيْلِ الأُمَمِ وَ قَدْ وُصِفَ السُّودَانُ فِي مَرْحَلَةٍ مَا بِرَّجُلِ إِفْرِيْقِيَا المَرِيْضِ ، وَ لَيْسَ هُنَالِكَ تَفْسِيْرٌ لِهَذَا الفَشَلَ سِوَىَٰ الحَسَدَ وَ القَبَلِيَّةَ وَ العُنْصُرِيَّةَ البَغِيْضَةَ الَتِّي تَكْمُنُ دَاخِلِ هَذِهِ الشَّخْصِيِّةِ الوَدِيْعَةِ وَ الَتِّي تَجْعَلُهَا عُرْضَةً لِلإِبْتِعَادِ عَنْ العَدَلِ وَ رُبَمَا اللُّجُوءِ إِلَىَٰ الغُلُوِ وَ المَحْسُوبِيَّةِ وَ الفَسَادِ وَ الإِفْسَادِ وَ إِيْثَارِ المَكَاسِبِ الفَرْدِيَّةِ خَصْماً عَلَىَٰ مَصْلَحَةِ الجَمَاعَةِ ، هَذِهِ الخِصَالُ لَمْ يَنْجُو مِنْهَا حَتَّىَٰ الإِسَلَامِيُونَ فَقَدْ جَهَرَ "أَخٌ" قِيَادِيٌّ فِي الجَمَاعَةِ مَرَةً قَائِلاً وَ ذَٰلِكَ عِنْدَمَا إِسْتَفَحَلَتْ أَزْمَةُ دَارْ فُورْ بِسَبِبِ تِلْكَ الخِصَالِ الغَيْرِ حَمِيْدَةٍ:
(الدَّمْ أَتْقَلْ مِنْ الدِّيْنْ)
فَكَانَ مَصِيْرُ ذَٰلِكَ القِيَادَيِّ الإِسْلَامِيِّ الوَاعِدِ هُوَ الإِعْدَامَ شَنْقاً حَتَّىَٰ المَوْتِ بِوَاسَطِةِ إِخْوَتِهِ وَ أَصْدِقَاءِهِ فِي "الجَمَاعَةِ" فِي سَاحَةٍ عَامَّةٍ فِي إِحْدَىَٰ حَوَاضِرِ إِقْلِيْمِ دَارْفُورْ بِدَعْوَىَٰ تَمَرُدِهِ وَ خُرُوجِهِ عَلَىَٰ "الجِمَاعَةِ" وَ طَاعَةِ أُولِيِّ الأَمْرِ!
وَ يَبْدُوا أَنَّ الشَّخْصِيَّةَ السُّودَانِيَّةَ المَعْنِيَّةُ هُنَا هِيَ حَصْرِيّاً شَّخْصِيَّةُ "وَدْ البَلَدِ" وَ "وَدّْ القَبَائِلِ" "أَخُو الأَخْوَانْ" "زُولْ الحَارَةْ" النِيْلَيِّ الَّذِي يَدَّعِي الإِنْتِمَاءَ إِلَىَٰ الأَعْرَابِيَّةِ وَ الإِسْلَامِ ، وَ يَبْدُوا أَنَّ إِنْتِمَاءَ (الزُّولْ) هَذَا هُوَ حَالَةُ هُرُوبٍ دَائِماً إِلَىَٰ الأَمَامِ يُوَلِي فِيْهَا (الزُّولُ) ظَهَرَهُ لِإِنْتِمَاءِهِ الأَفْرِيْقِيِّ الأَصِيْلِ عِرَقاً وَ نَسَباً وَ إِرْثاً وَ جُغْرَافِيَّةً ، فَالزَّعْمُ "العُرُوبِيُّ" لَا يَسْنِدُهُ دَلِيْلٌ عِرَقِيٌّ أَو عِلْمِيٌّ أَو عَمَلِيٌّ مُقْنِعٌ بَلْ أَنَّ أَهْلَ العُرُوبَةِ العَارِبَةَ مِنْهَا وَ المُسْتَعْرِبَةَ تَسْتَنْكِرُهُ عَلَىَٰ أَهْلِ السُّودَانِ جَمِيْعاً بَيْنَمَا الإِنْتِمَاءُ الأَفْرِيْقِيُّ وَ السُّودَانَاوِيَّةُ جَلِيَّانُ لَا تَتَخَطَاهُمَا العَيْنُ وَ لَا البَصِيْرَةُ.
وَ إِسْلَامُ أَهْلِ السُّودَانِ إِنْ جَازَ التَّعْبِيْرُ هُوَ "أَفْرَقَةٌ" لِلإِسْلَامِ كَمَا فِي رَقَصَاتِ الصُّوفِيَّةِ فِي حَلَقَاتِ ذِكْرِهِمْ وَ إِيْقَاعَاتِهَا الأَفْرِيْقِيَّةِ وَ فِي عَادَاتٍ كَثِيْرَةٍ أُخْرَىَٰ كَالزَّوَاجِ وَ الخِتَانِ وَ عَلَاقَةِ الرَّجُلِ بِالمَرْأَةِ ، كَمَا تَجِدُ السُّودَانِيُّ المُسْلِمُ يُبَالِغُ فِي مُمَارَسَاتِهِ وَ عَادَاتِهِ حَتَّىَٰ يُكَادَ أَنْ يُصَنَّفَ مُسْلِماً لِيْبِرَالِيّاً فَالمَرَيْسَةُ عِنْدَهُ مِنَ الطَعَامِ ، وَ المَرَيْسَةُ نَبِيْذٌ شَعْبِيٌّ مُسْكِّرٌ يُصْنَعُ مِنَ الذُّرَةِ الرَّفِيْعَةِ ، وَ قَدْ كَانَ لِلخَمَّارِيْنَ حَانَاتٍ تُسَمَّىَٰ (الأَنَادِي) لَهَا تَرَاخِيْصٌ وَ رَايَاتٌ كَمَا كَانَ لِبَنَاتِ الهَوَىَٰ مَضَارِبَهُنَّ وَ رَايَاتِهِنَّ ، وَ الزُّولُ السُّودَانِيُّ لَا يَجِدُ حَرَجاً فِي مُصَافَحَةِ المَرَأَةِ الأَجْنَبِيَّةِ وَ فِى "مُقَالَدَتِهَا" ، وَ المُقَالَدَةُ هِيَ المُعَانَقَةُ ، وَ لَا يَرَىَٰ غَضَاضَةً فِي الجُلُوسِ وَ الرَقْصِ مَعَهَا فِي المُنَاسَبَاتِ وَ الحَفَلَاتِ وَ فِي "أَخْذِ الشَّبَالْ مِنْهَا" ، وَ فِي الشَّبَالِ تَرْمِي المَرْأَةُ الرَّاقِصَةُ بِجَدَائِلِ شَعْرِهَا فِي وَجْهِ الرَّجُلِ المُتَقَدِمِ نَحْوَهَا إِعْجَاباً وَ رُبَمَا يَحْدُثُ تَقَارُبٌ وَ مُلَاصَقَةٌ ، وَ لَا تَتَحَجَّبُ المَرَأَةُ السُّودَانِيَّةُ خُصُوْصاً فِي الحَضَرِ أَمَامَ الرَّجُلِ الأَجْنَبِيِّ ، وَ فِي قَدِيْمِ الزَّمَانِ كَانَ الإِسْلَامُ حَاضِراً فِي بِلَادِ السُّودَانِ وَ كَانَ لِبَاسُ النِّسَاءِ الرَّحَطَ المَصْنُوعَ مِنْ رَقَائِقٍ جِلْدِيَّةٍ يُغَطِي مَنْطَقَةَ الحَوضِ التَّشْرِيْحِيَّةِ إِلَىَٰ مَا حَولَ الرُّكْبَةِ وَ لَمْ يَكُنْ الوَجْهُ وَ لَا النُّهُودُ عَورَةً وَ لَمْ يَكُنْ إِغْتِصَابُ الفَتَيَاتِ وَ النِّسَاءِ آفَةً إِجْتِمَاعِيَّةً كَمَا فِي السُّودَانِ المُعَاصِرِ.
وَ الذِّكْرُ عِنْدَ أَهْلِ السُّودَانِ هُوَ أَهَازِيْجٌ دِيْنِيَّةٌ وَ رَقْصٌ أَفْرِيْقِيٌّ تَقُودُهُ إِيْقَاعَاتُ الطُّبُولِ الأَفْرِيْقِيِّةِ الصَّاخِبَةِ ، وَ كَانَتْ غَالِبِيَةُ أَهْلِ السُّودَانِ تُسْدِلُ فِي الصَّلَاةِ حَتّْىَ إِذَا مَا جَاءَ الزَّيْتُ الخَلِيْجِيُّ وَ خُصُوصاً السَّعُودِيُّ وَ الرِّيَالُ وَ مَذْهَبُ (أَهْلِ الجَمَاعَةِ وَ السُّنَّةِ) قَبَضُوا وَ اسْتَبْدَلُوا وَرْشاً عَنْ نَافِعٍ المَدَنِيِّ فِي تِلَاوَاتِهِمْ بِرِوَايَةِ حَفْصٍ عَنْ عَاصِمْ بِنِ أَبِي النُّجُودِ الكُوفِيِّ ، وَ عِنْدَمَا عَبَرَتْ شَخْصِيَّةُ (الزُّولْ) السُّودَانِيِّ البَحْرَ الأَحْمَرَ إِلَىَٰ الحِجَازِ وَ نَجْدٍ وَ الخَلِيْجِ الفَارِسِيِّ عَادَتْ بِعَادَاتِ تِلْكَ البِلَادِ وَ أَتَىَٰ مَعَهَا الجُلْبَابُ الَّذِي يَكْشِفُ عِنْ نِصْفِ سَاقِ الرَّجُلِ وَ كَذَٰلِكَ عَنْ أَعْضَاءِهِ التَّنَاسُلِيَّةِ وَ ظَهَرَتْ الْمَرْأةُ (النِّنْجَا) ذَاتُ الخَيْمَةِ السَّودَاءِ الَتِّي لَا تَسْتَبِيْنُ إِلَّا عُيُونَهَا وَ صَارَ اللَّبَنُ حَلِيْباً وَ الدَّسْتَةُ دِرْزِناً وَ أَضْحَتْ التَّحِيَةُ:
حَيَّاكْ اللَّه
وَ
إِيْشْ لُونَكْ
عِوضاً عَنْ السَّلَامِ وَ:
حَبَابَكْ عَشَرَةْ مِنْ غِيْرْ كَشَرَةْ
وَ صَارَ السُّؤَالُ عَنْ "البُذُورَةِ" عِوضاً عَنْ الأَولَادِ وَ "الغِنِيْمَاتْ" وَ "البِقِيْرَاتْ" ، ثُمَّ كَانَتْ الطَّآمَّةُ الكُبْرَىَٰ فِي سَيْطَرَةِ الجَمَاعَةِ المُتَأَسْلِمَةِ وَ الإِنْقَاذِ عَلَىَٰ السُّلْطَةِ فِي السُّوْدَانِ فَأَضْحَىَٰ القَبْضُ فِي الصَّلَاةِ وَ الإِلْتِحَاءُ وَ حَفُّ الشَّارِبِ وَ بَقِيَّةُ المَظَاهِرِ مِنْ أَركَانِ التَّدَيُنِ الإِسْلَامِيِّ الصَّحِيْحِ وَ صَارَ إِبْنُ تَيْمِيَةْ وَ إِبْنِ قَيِّمِ الجَّوزِيَّةِ هُمُا الإِمَامَيْنِ وَ المَرْجَعَيْنِ الأَسَاسِيِيْنِ فِي كُلِّ الأُمُورِ الإِسْلَامِيَّةِ ، وَ صَارَ كُلُّ عَمَلٍ مُحَدَثَةً وَ كُلُّ مُحَدَثَةٍ بِدْعَةً وَ كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةً وَ مَعْلُومٌ أَنَّ كُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ ، وَ تَغَيَّرَ (الزُّولُ) وَ صَارَ أَكْثَرَ تَشَدُداً وَ تَطَرُفاً دِيْنِيّاً ، وَ أَضْحَىَٰ (الزُّولُ) كَمَا تَقُولُ الفِرِنْجَةُ مَلَكِيّاً أَكْثَرَ مِنْ المَلَكِيِيْنَ ، وَ قَدْ قِيْلَ أَنْ رُبَمَا فَعَلَ (الزُّولُ) ذَٰلِكَ حَتَّىَٰ يَنَالُ رِضَا الكُفَلَاءِ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ وَ الحِجَازِ وَ الخَلِيْجِ الفَارِسِيِّ وَ مَا دُونَهُمْ مِنْ المُسْلِمِيْنَ مِنْ الأَعْرَابِ العَارِبَةِ وَ المُسْتَعْرِبَةِ فِي مِصْرَ وَ فِلِسْطِيْنَ وَ بِلَادٍ الشَّامِ وَ الهِلَالِ الخَصِيْبِ ، وَ وَاقِعُ الحَالِ يَقُولُ أَنَّهُ حَتَّىَٰ فِي ذَٰلِكَ فَإِنَّ الحَظَّ لَمْ يَحَالِفْ (الزُّولُ) فَقَدْ نَكِرَتْهُ الأَعْرَابُ العَارِبَةِ وَ المُسْتَعْرِبَةِ فَقَنِعَ (الزُّولُ) بِالدَنِيَّةِ وَ المُعَامَلَةِ الدُّونِيَّةِ مِنْ أَهْلِ ذَٰلِكَ الخَلِيْجِ الفَارِسِيِّ وَ مَنْ وَالاَهُمْ مِنْ أُمَّةِ الأَمْجَادِ.
وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ وَ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَ أَتَمُّ التَّسْلِيْمِ عَلَىَٰ سَيِّدْنَا مُحَمَّدٍ وَ عَلَىَٰ آلِهِ وَ صَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ وَ عَلَيْنَا.
فَيْصَلْ بَسَمَةْ
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.