تبدد حلم المونديال وأصبح بعيد المنال…    ميسي يحقق إنجازا غير مسبوق في مسيرته    ترامب: الهجوم على قطر قرار نتنياهو ولن يتكرر مجددا    في الجزيرة نزرع أسفنا    جلسة طارئة لمجلس الأمن لبحث الغارات الإسرائيلية على الدوحة    اعتقال إعلامي في السودان    السودان..تصريحات قويّة ل"العطا"    نوتنغهام يقيل المدرب الذي أعاده للواجهة    الصقور خلصت الحكاية… والهلال اليوم تبدأ الرواية    شاهد بالفيديو.. حسناء الإعلام السوداني تستعرض جمالها بإرتداء الثوب أمام الجميع وترد على المعلقين: (شكرا لكل من مروا من هنا كالنسمة في عز الصيف اما ناس الغيرة و الروح الشريرة اتخارجوا من هنا)    أعلنت إحياء حفل لها بالمجان.. الفنانة ميادة قمر الدين ترد الجميل والوفاء لصديقتها بالمدرسة كانت تقسم معها "سندوتش الفطور" عندما كانت الحياة غير ميسرة لها    شاهد بالصور.. مودل وعارضة أزياء سودانية حسناء تشعل مواقع التواصل بإطلالة مثيرة من "العين السخنة"    شاهد بالصور.. القوات المسلحة تتمدد والمليشيا تتقهقر.. خريطة تظهر سيطرة الجيش والقوات المساندة له على ربوع أرض الوطن والدعم السريع يتمركز في رقعة صغيرة بدارفور    شاهد بالصور والفيديو.. شاب سوداني يشعل مواقع التواصل الاجتماعي ببلاده بزواجه من حسناء تونسية وساخرون: (لقد فعلها وخان بنات وطنه)    شاهد بالصور.. القوات المسلحة تتمدد والمليشيا تتقهقر.. خريطة تظهر سيطرة الجيش والقوات المساندة له على ربوع أرض الوطن والدعم السريع يتمركز في رقعة صغيرة بدارفور    شاهد بالصور والفيديو.. شاب سوداني يشعل مواقع التواصل الاجتماعي ببلاده بزواجه من حسناء تونسية وساخرون: (لقد فعلها وخان بنات وطنه)    شاهد بالفيديو.. أطربت جمهور الزعيم.. السلطانة هدى عربي تغني للمريخ وتتغزل في موسيقار خط وسطه (يا يمة شوفوا حالي مريخابي سر بالي)    شاهد بالصورة.. محترف الهلال يعود لمعسكر فريقه ويعتذر لجماهير النادي: (لم يكن لدي أي نية لإيذاء المشجعين وأدرك أيضا أن بعض سلوكي لم يكن الأنسب)    أمير قطر لترامب: سنتخذ الإجراءات كافة لحماية أمننا وسيادة بلادنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    "تأسيس" تهنئ إثيوبيا بإفتتاح سد النهضة    والي الخرطوم يدين الاستهداف المتكرر للمليشيا على المرافق الخدمية مما يفاقم من معآناة المواطن    بث مباشر لمباراة السودان وتوغو في تصفيات كأس العالم    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    هذا الهجوم خرق كل قواعد الإلتزامات السياسية لقطر مع دولة الكيان الصهيوني    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    إيران: هجوم إسرائيل على قيادات حماس في قطر "خطير" وانتهاك للقانون الدولي    سلاح الجو السوداني يشن غارات مكثفة على مواقع ميليشيا الدعم السريع في محيط بارا    نجاة وفد الحركة بالدوحة من محاولة اغتيال إسرائيلية    ديب ميتالز .. الجارحى ليس شريكا    شعب منكوب محاط بالغزاة والطامعين ومغتصبي الأرض والنساء والمعادن    "فيلم ثقافي".. هل تعمد صلاح استفزاز بوركينا فاسو؟    «لا يُجيدون الفصحى».. ممثل سوري شهير يسخر من الفنانين المصريين: «عندهم مشكلة حقيقية» (فيديو)    التدابير الحتمية لاستعادة التعافي الاقتصادي    ضبط (91) كيلو ذهب وعملات أجنبية في عملية نوعية بولاية نهر النيل    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    تمويل مرتقب من صندوق الإيفاد لصغار المنتجين    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    مواعيد خسوف القمر المرتقب بالدول العربية    وزارة المعادن تنفي توقيع أي اتفاقية استثمارية مع شركة ديب ميتالز    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تفاصيل جديدة حول جريمة الحتانة.. رصاص الكلاشنكوف ينهي حياة مسافر إلى بورتسودان    قوات الطوف المشترك محلية الخرطوم تداهم بور الجريمة بدوائر الاختصاص وتزيل المساكن العشوائية    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    من صدمات يوم القيامة    "وجيدة".. حين يتحول الغناء إلى لوحة تشكيلية    فعاليات «مسرح البنات» في كمبالا حنين إلى الوطن ودعوة إلى السلام    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    حادث مأسوي بالإسكندرية.. غرق 6 فتيات وانقاذ 24 أخريات في شاطئ أبو تلات    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    أخطاء شائعة عند شرب الشاي قد تضر بصحتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(07) تَخْرِيْمَاتٌ وَ تَبْرِيْمَاتٌ فِي الحَالَةِ السُّودَانِيَّةِ: الزُّولْ صَاحِبُ الصِّفَاتِ الخَارِقَةِ .. بقلم: فَيْصَلْ بَسَمَةْ
نشر في سودانيل يوم 01 - 11 - 2019

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيْمِ وَ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَ أَتَمُّ التَّسْلِيْمِ عَلَىَٰ سَيِّدْنَا مُحَمَّدٍ وَ عَلَىَٰ آلِهِ وَ صَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ وَ عَلَيْنَا.
أَمَّا مَسْأَلَةُ (الزُّولْ) السُّودَانِيِّ ذُو الصِّفَاتِ الخُرَافِيَّةِ الخَارِقَةِ وَ الَتِّي يَبْدُوا أَنَّهَا مَنْسُوبَةٌ إِلَيْهِ حَصْرِيّاً دُونَ بَقِيَّةِ خَلْقِ اللَّهِ ، وَ الَّتِي هِيَ مَجَامِعُ كَمَالِ الأَخْلَاقِ فِي: الصِّدْقِ وَ الأَمَانَةِ وَ الشَّهَامَةِ وَ المُرُوءَةِ وَ النُّبْلِ وَ الرُّجُولَةِ فَتِلْكَ مَعْضَلَةٌ عَصِيَّةٌ عَلَىَٰ الفَهَمِ بِالنَّظَرِ إِلَىَٰ حَالَةِ السُّودَانِ السِّيَاسِيَّةِ وَ الإِقْتِصَادِيَّةِ وَ الإِجْتِمَاعِيَّةِ وَ الأَمْنِيَّةِ وَ مَكَانَتِهِ بَيْنَ الأُمَمِ.
تُشِيْرُ الدَّلَالَاتُ إِلَىَٰ أٌنَّ هَذِهِ الشَّخْصِيَّةَ عَلَىَٰ الفِطْرَةِ السَّمْحَةِ وَ تِلْكَ مَحْمَدَةٌ وَ فِيْهَا الكَثِيْرُ مِمَّا ذُكِرَ أَعْلَاهُ وَ فِي ذَاتِ الوَقْتِ تُشِيْرُ المُعَايَشَةُ وَ الوَاقِعُ عَلَىَٰ أَنَّ ذَاتَ الشَّخْصِيَّةِ هِيَ شَخْصِيَّةٌ مِزَاجِيَّةٌ وَ عَاطِفِيَّةٌ وَ مَا عَلَىَٰ القَارِئِ المُتَشَوِّقُ إِلَىَٰ مَزِيْدِ مِنْ المَعْرِفَةِ عَنْ صِفَاتِ (الزُّولْ) وَ حَالَاتِهِ المَزَاجِيَّةِ إِلَّا الرُّجُوعَ إِلَىَٰ أَشْعَارِ الدُّوبِيْتِ السُّودَانِيِّ.
تُشِيْرُ الوَقَائِعُ إِلَىَٰ أَنَّ هَذِهِ الشَّخْصِيَّةَ تَسْهَلُ قِيَادَتُهَا وَ إِبْتِزَازُهَا وَ إِسْتِغْلَالُهَا دِيْنِيّاً وَ أَخْلَاقِيّاً بِقَلِيْلٍ مِنْ الشَّحْنِ المُمَنْهَجِ وَ الإِطْرَاءِ وَ غَسِيْلِ المُخِ ، وَ الشَّوَاهِدُ عَلَىَٰ ذَٰلِكَ كَثِيْرَةٌ وَ رُبَمَا يَكُونُ فِي تِعْدَادِهَا إِحْرَاجٌ لِدُولٍ فِي الجِوَارِ وَ الإِقْلِيْمِ.
فِي كَثِيْرٍ مِنْ الأَحْيَانِ تَحْجُمُ الشَّخْصِيَّةُ السُّودَانِيِّةُ عَنِ أَخْذِ المُبَادَرَةِ وَ عَنْ عَرْضِ مَا لَدَيْهَا مِنْ الكَفَاءَاتِ وَ التَّأهِيْلِ وَ مَلَكَاتِ الذَّاتِ فِي عَالَمٍ وَ مَجَالاَتٍ وَ أَسْوَاقٍ لِلعَمَالَةِ وَ التَّوظِيْفِ تُؤمِنُ وَ تَعْتَمِدُ عَلَىَٰ العَرْضِ الجَيِّدِ وَ التَّسْوِيْقِ الأَمِيْنِ لِلذَّاتِ عَنْ طَرِيْقِ التَّقْدِيْمِ Presentation وَ السِّيَرَ الذَّاتِيَّةِ ، وَ عَلَىَٰ الرَّغْمِ مِنْ كَفَاءَةِ (الزُّولْ) السُّودَانِيِّ إِلَّا أَنَّهُ غَالِباً مَا يَتَحَاشَىَٰ القِيَادَةَ وَ الرِّيَادَةَ وَ يَتَقَوقَعُ دَاخِلَ الشَّخْصِيَّةِ النَّمَطِيَّةِ المَعْرُوفَةِ عَنْهُ رُبَمَا لِإِيْمَانِ تِلْكَ الشَّخْصِيَّةِ بِأَنَّ الأَعْمَالَ تَتَحَدَّثُ عَنْ نْفْسِهَا وَ أَنَّ العَرْضَ وَ تَسْوِيْقَ الذَّاتِ ضَرْبٌ مِنْ الفَخْرِ المُبَاهَاةِ الَتِّي لَا تَتَمَاشَىَٰ مَعَ مَبَادِئٍ التَّوَاضِعِ وَ الزُّهْدِ الَتِّي يُؤْمِنُ بِهَا (الزُّولْ) صَاحِبُ تِلْكَ الشَّخْصِيَّةِ ، وَ مِمَّا يُثِيْرُ الحَِيْرَةُ أَنَّ ذَاتَ (الزُّولْ) يَتَبَاهَىَٰ بِنَفْسِهِ وَ صِفَاتِهِ فِي أَشْعَارِهِ وَ مَا عَلَىَٰ القَارِئِ المُهْتَمِ إِلَّا مُرَاجِعَةَ مَا يَرُوقُ لَهُ مِنْ الشِّعْرٍ الشَّعْبِيِّ السُّودَانِيِّ وَ أَشْعَارِ الدُّوبِيْتِ ، وَ تَشْخِيْصُ مِثْلَ هَذَا السُّلُوكِ عِنْدَ أَهْلِ الطِّبِّ هُوَ إِنْفِصَامُ الشَّخْصِيَّةِ.
فِي حَقِيْقَةِ الأَمْرِ فَإِنَّ شَخْصِيَّةَ (الزُّولْ) السُّودَانِيِّ خَجَولَةٌ وَ تُفَضِّلُ أَنْ تَكُونَ مُنْقَادَةً وَ يَبْدُوا أَنَّهَا لَا تَعْمَلُ بِكَفَاءَةٌ إِلَّا تَحْتَ إِمْرَةِ وَ السَّيْطَرَةِ الكَامِلَةِ لِلآخَرِ: كَالدَّولَةِ وَ الزَّعِيْمِ وَ الشَّيْخِ وَ المُخَدِّمِ وَ الكَفِيْلِ الأَعْرَابِيِّ فَحِيْنُهَا تُكُونُ الشَّخْصِيَّةُ السُّودَانِيَةُ فِي أَفْضَّلِ حَالَاتِهَا ، وَ تَارِيْخُ السُّودَانِ الحَدِيثِ يُؤَيْدُ ذَٰلِكَ فَهَذَا مَا كَانَتْ عَلَيْهِ حَالَةُ (الزُّولْ) وَ أَدَاءُهُ تَحْتَ قِيَادَةِ الإِمَامِ مُحَمَّدْ أَحْمَدْ المَهْدِي عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ الثُوْرَةِ المَهْدِيَّةِ وَ تَحْتَ إِمْرَةِ الجَنَرَالِ البِرِيْطَانِيِّ كِتْشِنَرْ وَ بِنَاءِ الدَّولَةِ السُّودَانِيَّةِ الحَدِيْثَةِ بَعْدَ سُقُوطِ دَولَةِ المَهْدِيَّةِ وَ فِي خُضُوعِ الخِرِيْجِيِيْنَ وَ الأَحْزَابِ السِّيَاسِيَّةِ لِسَيْطَرَةِ زُعَمَاءِ الطَّوَائِفِ الدِّيْنِيَّةِ وَ فِي حَالَةِ جَعْفَرْ النِْمِيْرِي وَ إِنْقِيَادِ النُّخْبَةِ المُتَعَلِّمَةِ لَهُ وَِ فِي حَالَةِ الشَّيْخِ حَسَنْ التُّرَابِي وَ الحَرَكَةِ الإِسْلَامِيَّةِ وَ عَلَاقَاتِهِا بِالإِنْقَاذِ وَ العَسْكَرِ وَ كَتَائِبِ الجِهَادِيِيْنَ وَ المُتَطَرِفِيْنَ وَ فِي إِنْتِشَارِ مَدِّ التَّصَوفِ الدِّيْنِيِّ وَ فِي إِتِّبَاعِ وَ إِنْصِيَاعِ المُرِيْدِيْنَ التَّامِّ لِشِيِوخِ الحَرَكَاتِ الصُّوفِيَّةِ قَدِيْماً وَ الَّذِي أَضْحَىَٰ (مُوضَةً) بَيْنَ الشَّبَابِ المُتَعَلِّمِ المُعَاصِرِ ، وَ أَخِيْراً حَالَةُ العَمَالَةِ السُّودَانِيَّةِ مَعَ الكُفَلَاءِ فِي بِلَادِ الأَعْرَابِ فِي دُولِ الخَلِيْجِ الفَارِسِيِّ وَ فِي الوَلَاءِ وَ الأَمَانَةِ الَتِّي يُضْرَبُ بِهِمَا الأَمْثَالُ ، وَ رَغْمَ ذَٰلِكَ فَرُبَمَا يَرَىَٰ بَعْضٌ فِي هَذَا التَّصَرُفِ إِحْجَاماً عَنْ المُبَادَرَةِ وَ عَنْ إِتِّخَاذِ الْقَرَارِ وَ عَنْ تَحَمُلِ المَسْئُولِيَّةِ.
هَذِهِ الشَّخْصِيَّةُ السُّودَانِيَّةُ الَّتِي إِكْتَسَبَتْ الإِحْتِرَامَ لِكَفَاءَتِهَا وَ تَأهِيْلِهَا وَ أَدَاءِهَا المُمَيَّزِ وَ نَزَاهَتِهَا وَ أَمَانَتِهَا وَ سَجَّلَتْ الكَثِيْرَ مِنَ الإِنْتِصَارَاتِ وَ الإِنْجَازَاتِ الخَارِجِيَّةِ وَ الدَّاخِلِيَّةِ تَحْتَ قِيَادَةِ الأَجْنَبِيِّ وَ الطَّاغِيَةِ وَ الزَّعِيْمِ وَ الشَّيْخِ وَ الكَفِيْلِ تَفْعَلُ المُسْتَحِيْلَ حَتَّىَٰ تَنَالَ الرِّضَىَٰ وَ القُبُولَ عِنْدَ الآخَّرِ خُصُوصاً الخَارِجِيِّ ، هَذِهِ الشَّخْصِيَّةُ فَشَلَتْ فَشَلاً ذَرِيْعاً فِي تَنْمِيَةِ بِلَادِ السُّودَانِ وَ جَعْلَهَا فِي مَصَافِ الدُّولِ المُسْتَقِرَةِ الَتِّي تَوفِرُ الأَمَانَ وَ العَدْلَ وَ التَّنْمِيَّةَ وَ الرَّفَاهِيَّةَ (لِلزُّولِ) السُّودَانِيِّ العَادِي وَ فِي خَلْقِ الإِنْصِهَارِ القَومِيِّ وَ الوَطَنِيِّ بَيْنَ مُكَونَاتِ الأُمَّةِ السُّودَانِيِّةِ وَ فِي تَثْبِيْتِ أَرْكَانِ التَّعَايُشِ بَيْنَ مُكَونَاتِ الوَطَنِ السُّودَانِيِّ المُتَنَوَعِةِ مِنَ الأَعْرَاقِ وَ الأَجْنَاسِ وَ عِوضاً عَنْ ذَٰلِكَ كَانَ الخِصَامُ وَ الإِحْتِرَابُ وَ الإِنْقِسَامُ الدَّاخِلِيِّ وَ الإِخْفَاقُ فِي الإِنْجَازِ وَ كَانَ الرُّكُودُ التَّنْمَويُّ وَ شَظَفُ العَيْشِ رَغْمَ المَوَارِدِ الهَائِلَةِ حَتَّىَٰ صَارَ السُودَانُ فِي ذِيْلِ الأُمَمِ وَ قَدْ وُصِفَ السُّودَانُ فِي مَرْحَلَةٍ مَا بِرَّجُلِ إِفْرِيْقِيَا المَرِيْضِ ، وَ لَيْسَ هُنَالِكَ تَفْسِيْرٌ لِهَذَا الفَشَلَ سِوَىَٰ الحَسَدَ وَ القَبَلِيَّةَ وَ العُنْصُرِيَّةَ البَغِيْضَةَ الَتِّي تَكْمُنُ دَاخِلِ هَذِهِ الشَّخْصِيِّةِ الوَدِيْعَةِ وَ الَتِّي تَجْعَلُهَا عُرْضَةً لِلإِبْتِعَادِ عَنْ العَدَلِ وَ رُبَمَا اللُّجُوءِ إِلَىَٰ الغُلُوِ وَ المَحْسُوبِيَّةِ وَ الفَسَادِ وَ الإِفْسَادِ وَ إِيْثَارِ المَكَاسِبِ الفَرْدِيَّةِ خَصْماً عَلَىَٰ مَصْلَحَةِ الجَمَاعَةِ ، هَذِهِ الخِصَالُ لَمْ يَنْجُو مِنْهَا حَتَّىَٰ الإِسَلَامِيُونَ فَقَدْ جَهَرَ "أَخٌ" قِيَادِيٌّ فِي الجَمَاعَةِ مَرَةً قَائِلاً وَ ذَٰلِكَ عِنْدَمَا إِسْتَفَحَلَتْ أَزْمَةُ دَارْ فُورْ بِسَبِبِ تِلْكَ الخِصَالِ الغَيْرِ حَمِيْدَةٍ:
(الدَّمْ أَتْقَلْ مِنْ الدِّيْنْ)
فَكَانَ مَصِيْرُ ذَٰلِكَ القِيَادَيِّ الإِسْلَامِيِّ الوَاعِدِ هُوَ الإِعْدَامَ شَنْقاً حَتَّىَٰ المَوْتِ بِوَاسَطِةِ إِخْوَتِهِ وَ أَصْدِقَاءِهِ فِي "الجَمَاعَةِ" فِي سَاحَةٍ عَامَّةٍ فِي إِحْدَىَٰ حَوَاضِرِ إِقْلِيْمِ دَارْفُورْ بِدَعْوَىَٰ تَمَرُدِهِ وَ خُرُوجِهِ عَلَىَٰ "الجِمَاعَةِ" وَ طَاعَةِ أُولِيِّ الأَمْرِ!
وَ يَبْدُوا أَنَّ الشَّخْصِيَّةَ السُّودَانِيَّةَ المَعْنِيَّةُ هُنَا هِيَ حَصْرِيّاً شَّخْصِيَّةُ "وَدْ البَلَدِ" وَ "وَدّْ القَبَائِلِ" "أَخُو الأَخْوَانْ" "زُولْ الحَارَةْ" النِيْلَيِّ الَّذِي يَدَّعِي الإِنْتِمَاءَ إِلَىَٰ الأَعْرَابِيَّةِ وَ الإِسْلَامِ ، وَ يَبْدُوا أَنَّ إِنْتِمَاءَ (الزُّولْ) هَذَا هُوَ حَالَةُ هُرُوبٍ دَائِماً إِلَىَٰ الأَمَامِ يُوَلِي فِيْهَا (الزُّولُ) ظَهَرَهُ لِإِنْتِمَاءِهِ الأَفْرِيْقِيِّ الأَصِيْلِ عِرَقاً وَ نَسَباً وَ إِرْثاً وَ جُغْرَافِيَّةً ، فَالزَّعْمُ "العُرُوبِيُّ" لَا يَسْنِدُهُ دَلِيْلٌ عِرَقِيٌّ أَو عِلْمِيٌّ أَو عَمَلِيٌّ مُقْنِعٌ بَلْ أَنَّ أَهْلَ العُرُوبَةِ العَارِبَةَ مِنْهَا وَ المُسْتَعْرِبَةَ تَسْتَنْكِرُهُ عَلَىَٰ أَهْلِ السُّودَانِ جَمِيْعاً بَيْنَمَا الإِنْتِمَاءُ الأَفْرِيْقِيُّ وَ السُّودَانَاوِيَّةُ جَلِيَّانُ لَا تَتَخَطَاهُمَا العَيْنُ وَ لَا البَصِيْرَةُ.
وَ إِسْلَامُ أَهْلِ السُّودَانِ إِنْ جَازَ التَّعْبِيْرُ هُوَ "أَفْرَقَةٌ" لِلإِسْلَامِ كَمَا فِي رَقَصَاتِ الصُّوفِيَّةِ فِي حَلَقَاتِ ذِكْرِهِمْ وَ إِيْقَاعَاتِهَا الأَفْرِيْقِيَّةِ وَ فِي عَادَاتٍ كَثِيْرَةٍ أُخْرَىَٰ كَالزَّوَاجِ وَ الخِتَانِ وَ عَلَاقَةِ الرَّجُلِ بِالمَرْأَةِ ، كَمَا تَجِدُ السُّودَانِيُّ المُسْلِمُ يُبَالِغُ فِي مُمَارَسَاتِهِ وَ عَادَاتِهِ حَتَّىَٰ يُكَادَ أَنْ يُصَنَّفَ مُسْلِماً لِيْبِرَالِيّاً فَالمَرَيْسَةُ عِنْدَهُ مِنَ الطَعَامِ ، وَ المَرَيْسَةُ نَبِيْذٌ شَعْبِيٌّ مُسْكِّرٌ يُصْنَعُ مِنَ الذُّرَةِ الرَّفِيْعَةِ ، وَ قَدْ كَانَ لِلخَمَّارِيْنَ حَانَاتٍ تُسَمَّىَٰ (الأَنَادِي) لَهَا تَرَاخِيْصٌ وَ رَايَاتٌ كَمَا كَانَ لِبَنَاتِ الهَوَىَٰ مَضَارِبَهُنَّ وَ رَايَاتِهِنَّ ، وَ الزُّولُ السُّودَانِيُّ لَا يَجِدُ حَرَجاً فِي مُصَافَحَةِ المَرَأَةِ الأَجْنَبِيَّةِ وَ فِى "مُقَالَدَتِهَا" ، وَ المُقَالَدَةُ هِيَ المُعَانَقَةُ ، وَ لَا يَرَىَٰ غَضَاضَةً فِي الجُلُوسِ وَ الرَقْصِ مَعَهَا فِي المُنَاسَبَاتِ وَ الحَفَلَاتِ وَ فِي "أَخْذِ الشَّبَالْ مِنْهَا" ، وَ فِي الشَّبَالِ تَرْمِي المَرْأَةُ الرَّاقِصَةُ بِجَدَائِلِ شَعْرِهَا فِي وَجْهِ الرَّجُلِ المُتَقَدِمِ نَحْوَهَا إِعْجَاباً وَ رُبَمَا يَحْدُثُ تَقَارُبٌ وَ مُلَاصَقَةٌ ، وَ لَا تَتَحَجَّبُ المَرَأَةُ السُّودَانِيَّةُ خُصُوْصاً فِي الحَضَرِ أَمَامَ الرَّجُلِ الأَجْنَبِيِّ ، وَ فِي قَدِيْمِ الزَّمَانِ كَانَ الإِسْلَامُ حَاضِراً فِي بِلَادِ السُّودَانِ وَ كَانَ لِبَاسُ النِّسَاءِ الرَّحَطَ المَصْنُوعَ مِنْ رَقَائِقٍ جِلْدِيَّةٍ يُغَطِي مَنْطَقَةَ الحَوضِ التَّشْرِيْحِيَّةِ إِلَىَٰ مَا حَولَ الرُّكْبَةِ وَ لَمْ يَكُنْ الوَجْهُ وَ لَا النُّهُودُ عَورَةً وَ لَمْ يَكُنْ إِغْتِصَابُ الفَتَيَاتِ وَ النِّسَاءِ آفَةً إِجْتِمَاعِيَّةً كَمَا فِي السُّودَانِ المُعَاصِرِ.
وَ الذِّكْرُ عِنْدَ أَهْلِ السُّودَانِ هُوَ أَهَازِيْجٌ دِيْنِيَّةٌ وَ رَقْصٌ أَفْرِيْقِيٌّ تَقُودُهُ إِيْقَاعَاتُ الطُّبُولِ الأَفْرِيْقِيِّةِ الصَّاخِبَةِ ، وَ كَانَتْ غَالِبِيَةُ أَهْلِ السُّودَانِ تُسْدِلُ فِي الصَّلَاةِ حَتّْىَ إِذَا مَا جَاءَ الزَّيْتُ الخَلِيْجِيُّ وَ خُصُوصاً السَّعُودِيُّ وَ الرِّيَالُ وَ مَذْهَبُ (أَهْلِ الجَمَاعَةِ وَ السُّنَّةِ) قَبَضُوا وَ اسْتَبْدَلُوا وَرْشاً عَنْ نَافِعٍ المَدَنِيِّ فِي تِلَاوَاتِهِمْ بِرِوَايَةِ حَفْصٍ عَنْ عَاصِمْ بِنِ أَبِي النُّجُودِ الكُوفِيِّ ، وَ عِنْدَمَا عَبَرَتْ شَخْصِيَّةُ (الزُّولْ) السُّودَانِيِّ البَحْرَ الأَحْمَرَ إِلَىَٰ الحِجَازِ وَ نَجْدٍ وَ الخَلِيْجِ الفَارِسِيِّ عَادَتْ بِعَادَاتِ تِلْكَ البِلَادِ وَ أَتَىَٰ مَعَهَا الجُلْبَابُ الَّذِي يَكْشِفُ عِنْ نِصْفِ سَاقِ الرَّجُلِ وَ كَذَٰلِكَ عَنْ أَعْضَاءِهِ التَّنَاسُلِيَّةِ وَ ظَهَرَتْ الْمَرْأةُ (النِّنْجَا) ذَاتُ الخَيْمَةِ السَّودَاءِ الَتِّي لَا تَسْتَبِيْنُ إِلَّا عُيُونَهَا وَ صَارَ اللَّبَنُ حَلِيْباً وَ الدَّسْتَةُ دِرْزِناً وَ أَضْحَتْ التَّحِيَةُ:
حَيَّاكْ اللَّه
وَ
إِيْشْ لُونَكْ
عِوضاً عَنْ السَّلَامِ وَ:
حَبَابَكْ عَشَرَةْ مِنْ غِيْرْ كَشَرَةْ
وَ صَارَ السُّؤَالُ عَنْ "البُذُورَةِ" عِوضاً عَنْ الأَولَادِ وَ "الغِنِيْمَاتْ" وَ "البِقِيْرَاتْ" ، ثُمَّ كَانَتْ الطَّآمَّةُ الكُبْرَىَٰ فِي سَيْطَرَةِ الجَمَاعَةِ المُتَأَسْلِمَةِ وَ الإِنْقَاذِ عَلَىَٰ السُّلْطَةِ فِي السُّوْدَانِ فَأَضْحَىَٰ القَبْضُ فِي الصَّلَاةِ وَ الإِلْتِحَاءُ وَ حَفُّ الشَّارِبِ وَ بَقِيَّةُ المَظَاهِرِ مِنْ أَركَانِ التَّدَيُنِ الإِسْلَامِيِّ الصَّحِيْحِ وَ صَارَ إِبْنُ تَيْمِيَةْ وَ إِبْنِ قَيِّمِ الجَّوزِيَّةِ هُمُا الإِمَامَيْنِ وَ المَرْجَعَيْنِ الأَسَاسِيِيْنِ فِي كُلِّ الأُمُورِ الإِسْلَامِيَّةِ ، وَ صَارَ كُلُّ عَمَلٍ مُحَدَثَةً وَ كُلُّ مُحَدَثَةٍ بِدْعَةً وَ كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةً وَ مَعْلُومٌ أَنَّ كُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ ، وَ تَغَيَّرَ (الزُّولُ) وَ صَارَ أَكْثَرَ تَشَدُداً وَ تَطَرُفاً دِيْنِيّاً ، وَ أَضْحَىَٰ (الزُّولُ) كَمَا تَقُولُ الفِرِنْجَةُ مَلَكِيّاً أَكْثَرَ مِنْ المَلَكِيِيْنَ ، وَ قَدْ قِيْلَ أَنْ رُبَمَا فَعَلَ (الزُّولُ) ذَٰلِكَ حَتَّىَٰ يَنَالُ رِضَا الكُفَلَاءِ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ وَ الحِجَازِ وَ الخَلِيْجِ الفَارِسِيِّ وَ مَا دُونَهُمْ مِنْ المُسْلِمِيْنَ مِنْ الأَعْرَابِ العَارِبَةِ وَ المُسْتَعْرِبَةِ فِي مِصْرَ وَ فِلِسْطِيْنَ وَ بِلَادٍ الشَّامِ وَ الهِلَالِ الخَصِيْبِ ، وَ وَاقِعُ الحَالِ يَقُولُ أَنَّهُ حَتَّىَٰ فِي ذَٰلِكَ فَإِنَّ الحَظَّ لَمْ يَحَالِفْ (الزُّولُ) فَقَدْ نَكِرَتْهُ الأَعْرَابُ العَارِبَةِ وَ المُسْتَعْرِبَةِ فَقَنِعَ (الزُّولُ) بِالدَنِيَّةِ وَ المُعَامَلَةِ الدُّونِيَّةِ مِنْ أَهْلِ ذَٰلِكَ الخَلِيْجِ الفَارِسِيِّ وَ مَنْ وَالاَهُمْ مِنْ أُمَّةِ الأَمْجَادِ.
وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ وَ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَ أَتَمُّ التَّسْلِيْمِ عَلَىَٰ سَيِّدْنَا مُحَمَّدٍ وَ عَلَىَٰ آلِهِ وَ صَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ وَ عَلَيْنَا.
فَيْصَلْ بَسَمَةْ
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.