الجيش السوداني يسترد "الدانكوج" واتهامات للدعم السريع بارتكاب جرائم عرقية    مطار الخرطوم يعود للعمل 5 يناير القادم    رقم تاريخي وآخر سلبي لياسين بونو في مباراة المغرب ومالي    مصر تؤكد دعمها الكامل لوحدة وسيادة الصومال    شرطة ولاية القضارف تضع حدًا للنشاط الإجرامي لعصابة نهب بالمشروعات الزراعية    استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وراء تزايد تشتت انتباه المراهقين    بدء أعمال ورشة مساحة الإعلام في ظل الحكومة المدنية    ما بين (سبَاكة) فلوران و(خَرمجَة) ربجيكامب    ضربات سلاح الجو السعودي لتجمعات المليشيات الإماراتية بحضرموت أيقظت عدداً من رموز السياسة والمجتمع في العالم    قرارات لجنة الانضباط برئاسة مهدي البحر في أحداث مباراة الناصر الخرطوم والصفاء الابيض    غوتيريش يدعم مبادرة حكومة السودان للسلام ويدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار    صقور الجديان" تختتم تحضيراتها استعدادًا لمواجهة غينيا الاستوائية الحاسمة    مشروبات تخفف الإمساك وتسهل حركة الأمعاء    نيجيريا تعلّق على الغارات الجوية    منى أبو زيد يكتب: جرائم الظل في السودان والسلاح الحاسم في المعركة    شاهد بالفيديو.. فنانة سودانية مغمورة تهدي مدير أعمالها هاتف "آيفون 16 برو ماكس" وساخرون: (لو اتشاكلت معاهو بتقلعه منو)    شرطة محلية بحري تنجح في فك طلاسم إختطاف طالب جامعي وتوقف (4) متهمين متورطين في البلاغ خلال 72ساعة    «صقر» يقود رجلين إلى المحكمة    بالفيديو.. بعد هروب ومطاردة ليلاً.. شاهد لحظة قبض الشرطة السودانية على أكبر مروج لمخدر "الآيس" بأم درمان بعد كمين ناجح    ناشط سوداني يحكي تفاصيل الحوار الذي دار بينه وبين شيخ الأمين بعد أن وصلت الخلافات بينهما إلى "بلاغات جنائية": (والله لم اجد ما اقوله له بعد كلامه سوى العفو والعافية)    منتخب مصر أول المتأهلين إلى ثمن النهائي بعد الفوز على جنوب أفريقيا    شاهد بالفيديو.. وسط سخرية غير مسبوقة على مواقع التواصل.. رئيس الوزراء كامل إدريس يخطئ في اسم الرئيس "البرهان" خلال كلمة ألقاها في مؤتمر هام    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان شريف الفحيل يفاجئ الجميع ويصل القاهرة ويحيي فيها حفل زواج بعد ساعات من وصوله    لاعب منتخب السودان يتخوّف من فشل منظومة ويتمسّك بالخيار الوحيد    كيف واجه القطاع المصرفي في السودان تحديات الحرب خلال 2025    إبراهيم شقلاوي يكتب: وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    كامل إدريس في نيويورك ... عندما يتفوق الشكل ع المحتوى    مباحث قسم الصناعات تنهي نشاط شبكة النصب والاحتيال عبر إستخدام تطبيق بنكك المزيف    البرهان وأردوغان يجريان مباحثات مشتركة    وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(07) تَخْرِيْمَاتٌ وَ تَبْرِيْمَاتٌ فِي الحَالَةِ السُّودَانِيَّةِ: الزُّولْ صَاحِبُ الصِّفَاتِ الخَارِقَةِ .. بقلم: فَيْصَلْ بَسَمَةْ
نشر في سودانيل يوم 01 - 11 - 2019

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيْمِ وَ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَ أَتَمُّ التَّسْلِيْمِ عَلَىَٰ سَيِّدْنَا مُحَمَّدٍ وَ عَلَىَٰ آلِهِ وَ صَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ وَ عَلَيْنَا.
أَمَّا مَسْأَلَةُ (الزُّولْ) السُّودَانِيِّ ذُو الصِّفَاتِ الخُرَافِيَّةِ الخَارِقَةِ وَ الَتِّي يَبْدُوا أَنَّهَا مَنْسُوبَةٌ إِلَيْهِ حَصْرِيّاً دُونَ بَقِيَّةِ خَلْقِ اللَّهِ ، وَ الَّتِي هِيَ مَجَامِعُ كَمَالِ الأَخْلَاقِ فِي: الصِّدْقِ وَ الأَمَانَةِ وَ الشَّهَامَةِ وَ المُرُوءَةِ وَ النُّبْلِ وَ الرُّجُولَةِ فَتِلْكَ مَعْضَلَةٌ عَصِيَّةٌ عَلَىَٰ الفَهَمِ بِالنَّظَرِ إِلَىَٰ حَالَةِ السُّودَانِ السِّيَاسِيَّةِ وَ الإِقْتِصَادِيَّةِ وَ الإِجْتِمَاعِيَّةِ وَ الأَمْنِيَّةِ وَ مَكَانَتِهِ بَيْنَ الأُمَمِ.
تُشِيْرُ الدَّلَالَاتُ إِلَىَٰ أٌنَّ هَذِهِ الشَّخْصِيَّةَ عَلَىَٰ الفِطْرَةِ السَّمْحَةِ وَ تِلْكَ مَحْمَدَةٌ وَ فِيْهَا الكَثِيْرُ مِمَّا ذُكِرَ أَعْلَاهُ وَ فِي ذَاتِ الوَقْتِ تُشِيْرُ المُعَايَشَةُ وَ الوَاقِعُ عَلَىَٰ أَنَّ ذَاتَ الشَّخْصِيَّةِ هِيَ شَخْصِيَّةٌ مِزَاجِيَّةٌ وَ عَاطِفِيَّةٌ وَ مَا عَلَىَٰ القَارِئِ المُتَشَوِّقُ إِلَىَٰ مَزِيْدِ مِنْ المَعْرِفَةِ عَنْ صِفَاتِ (الزُّولْ) وَ حَالَاتِهِ المَزَاجِيَّةِ إِلَّا الرُّجُوعَ إِلَىَٰ أَشْعَارِ الدُّوبِيْتِ السُّودَانِيِّ.
تُشِيْرُ الوَقَائِعُ إِلَىَٰ أَنَّ هَذِهِ الشَّخْصِيَّةَ تَسْهَلُ قِيَادَتُهَا وَ إِبْتِزَازُهَا وَ إِسْتِغْلَالُهَا دِيْنِيّاً وَ أَخْلَاقِيّاً بِقَلِيْلٍ مِنْ الشَّحْنِ المُمَنْهَجِ وَ الإِطْرَاءِ وَ غَسِيْلِ المُخِ ، وَ الشَّوَاهِدُ عَلَىَٰ ذَٰلِكَ كَثِيْرَةٌ وَ رُبَمَا يَكُونُ فِي تِعْدَادِهَا إِحْرَاجٌ لِدُولٍ فِي الجِوَارِ وَ الإِقْلِيْمِ.
فِي كَثِيْرٍ مِنْ الأَحْيَانِ تَحْجُمُ الشَّخْصِيَّةُ السُّودَانِيِّةُ عَنِ أَخْذِ المُبَادَرَةِ وَ عَنْ عَرْضِ مَا لَدَيْهَا مِنْ الكَفَاءَاتِ وَ التَّأهِيْلِ وَ مَلَكَاتِ الذَّاتِ فِي عَالَمٍ وَ مَجَالاَتٍ وَ أَسْوَاقٍ لِلعَمَالَةِ وَ التَّوظِيْفِ تُؤمِنُ وَ تَعْتَمِدُ عَلَىَٰ العَرْضِ الجَيِّدِ وَ التَّسْوِيْقِ الأَمِيْنِ لِلذَّاتِ عَنْ طَرِيْقِ التَّقْدِيْمِ Presentation وَ السِّيَرَ الذَّاتِيَّةِ ، وَ عَلَىَٰ الرَّغْمِ مِنْ كَفَاءَةِ (الزُّولْ) السُّودَانِيِّ إِلَّا أَنَّهُ غَالِباً مَا يَتَحَاشَىَٰ القِيَادَةَ وَ الرِّيَادَةَ وَ يَتَقَوقَعُ دَاخِلَ الشَّخْصِيَّةِ النَّمَطِيَّةِ المَعْرُوفَةِ عَنْهُ رُبَمَا لِإِيْمَانِ تِلْكَ الشَّخْصِيَّةِ بِأَنَّ الأَعْمَالَ تَتَحَدَّثُ عَنْ نْفْسِهَا وَ أَنَّ العَرْضَ وَ تَسْوِيْقَ الذَّاتِ ضَرْبٌ مِنْ الفَخْرِ المُبَاهَاةِ الَتِّي لَا تَتَمَاشَىَٰ مَعَ مَبَادِئٍ التَّوَاضِعِ وَ الزُّهْدِ الَتِّي يُؤْمِنُ بِهَا (الزُّولْ) صَاحِبُ تِلْكَ الشَّخْصِيَّةِ ، وَ مِمَّا يُثِيْرُ الحَِيْرَةُ أَنَّ ذَاتَ (الزُّولْ) يَتَبَاهَىَٰ بِنَفْسِهِ وَ صِفَاتِهِ فِي أَشْعَارِهِ وَ مَا عَلَىَٰ القَارِئِ المُهْتَمِ إِلَّا مُرَاجِعَةَ مَا يَرُوقُ لَهُ مِنْ الشِّعْرٍ الشَّعْبِيِّ السُّودَانِيِّ وَ أَشْعَارِ الدُّوبِيْتِ ، وَ تَشْخِيْصُ مِثْلَ هَذَا السُّلُوكِ عِنْدَ أَهْلِ الطِّبِّ هُوَ إِنْفِصَامُ الشَّخْصِيَّةِ.
فِي حَقِيْقَةِ الأَمْرِ فَإِنَّ شَخْصِيَّةَ (الزُّولْ) السُّودَانِيِّ خَجَولَةٌ وَ تُفَضِّلُ أَنْ تَكُونَ مُنْقَادَةً وَ يَبْدُوا أَنَّهَا لَا تَعْمَلُ بِكَفَاءَةٌ إِلَّا تَحْتَ إِمْرَةِ وَ السَّيْطَرَةِ الكَامِلَةِ لِلآخَرِ: كَالدَّولَةِ وَ الزَّعِيْمِ وَ الشَّيْخِ وَ المُخَدِّمِ وَ الكَفِيْلِ الأَعْرَابِيِّ فَحِيْنُهَا تُكُونُ الشَّخْصِيَّةُ السُّودَانِيَةُ فِي أَفْضَّلِ حَالَاتِهَا ، وَ تَارِيْخُ السُّودَانِ الحَدِيثِ يُؤَيْدُ ذَٰلِكَ فَهَذَا مَا كَانَتْ عَلَيْهِ حَالَةُ (الزُّولْ) وَ أَدَاءُهُ تَحْتَ قِيَادَةِ الإِمَامِ مُحَمَّدْ أَحْمَدْ المَهْدِي عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ الثُوْرَةِ المَهْدِيَّةِ وَ تَحْتَ إِمْرَةِ الجَنَرَالِ البِرِيْطَانِيِّ كِتْشِنَرْ وَ بِنَاءِ الدَّولَةِ السُّودَانِيَّةِ الحَدِيْثَةِ بَعْدَ سُقُوطِ دَولَةِ المَهْدِيَّةِ وَ فِي خُضُوعِ الخِرِيْجِيِيْنَ وَ الأَحْزَابِ السِّيَاسِيَّةِ لِسَيْطَرَةِ زُعَمَاءِ الطَّوَائِفِ الدِّيْنِيَّةِ وَ فِي حَالَةِ جَعْفَرْ النِْمِيْرِي وَ إِنْقِيَادِ النُّخْبَةِ المُتَعَلِّمَةِ لَهُ وَِ فِي حَالَةِ الشَّيْخِ حَسَنْ التُّرَابِي وَ الحَرَكَةِ الإِسْلَامِيَّةِ وَ عَلَاقَاتِهِا بِالإِنْقَاذِ وَ العَسْكَرِ وَ كَتَائِبِ الجِهَادِيِيْنَ وَ المُتَطَرِفِيْنَ وَ فِي إِنْتِشَارِ مَدِّ التَّصَوفِ الدِّيْنِيِّ وَ فِي إِتِّبَاعِ وَ إِنْصِيَاعِ المُرِيْدِيْنَ التَّامِّ لِشِيِوخِ الحَرَكَاتِ الصُّوفِيَّةِ قَدِيْماً وَ الَّذِي أَضْحَىَٰ (مُوضَةً) بَيْنَ الشَّبَابِ المُتَعَلِّمِ المُعَاصِرِ ، وَ أَخِيْراً حَالَةُ العَمَالَةِ السُّودَانِيَّةِ مَعَ الكُفَلَاءِ فِي بِلَادِ الأَعْرَابِ فِي دُولِ الخَلِيْجِ الفَارِسِيِّ وَ فِي الوَلَاءِ وَ الأَمَانَةِ الَتِّي يُضْرَبُ بِهِمَا الأَمْثَالُ ، وَ رَغْمَ ذَٰلِكَ فَرُبَمَا يَرَىَٰ بَعْضٌ فِي هَذَا التَّصَرُفِ إِحْجَاماً عَنْ المُبَادَرَةِ وَ عَنْ إِتِّخَاذِ الْقَرَارِ وَ عَنْ تَحَمُلِ المَسْئُولِيَّةِ.
هَذِهِ الشَّخْصِيَّةُ السُّودَانِيَّةُ الَّتِي إِكْتَسَبَتْ الإِحْتِرَامَ لِكَفَاءَتِهَا وَ تَأهِيْلِهَا وَ أَدَاءِهَا المُمَيَّزِ وَ نَزَاهَتِهَا وَ أَمَانَتِهَا وَ سَجَّلَتْ الكَثِيْرَ مِنَ الإِنْتِصَارَاتِ وَ الإِنْجَازَاتِ الخَارِجِيَّةِ وَ الدَّاخِلِيَّةِ تَحْتَ قِيَادَةِ الأَجْنَبِيِّ وَ الطَّاغِيَةِ وَ الزَّعِيْمِ وَ الشَّيْخِ وَ الكَفِيْلِ تَفْعَلُ المُسْتَحِيْلَ حَتَّىَٰ تَنَالَ الرِّضَىَٰ وَ القُبُولَ عِنْدَ الآخَّرِ خُصُوصاً الخَارِجِيِّ ، هَذِهِ الشَّخْصِيَّةُ فَشَلَتْ فَشَلاً ذَرِيْعاً فِي تَنْمِيَةِ بِلَادِ السُّودَانِ وَ جَعْلَهَا فِي مَصَافِ الدُّولِ المُسْتَقِرَةِ الَتِّي تَوفِرُ الأَمَانَ وَ العَدْلَ وَ التَّنْمِيَّةَ وَ الرَّفَاهِيَّةَ (لِلزُّولِ) السُّودَانِيِّ العَادِي وَ فِي خَلْقِ الإِنْصِهَارِ القَومِيِّ وَ الوَطَنِيِّ بَيْنَ مُكَونَاتِ الأُمَّةِ السُّودَانِيِّةِ وَ فِي تَثْبِيْتِ أَرْكَانِ التَّعَايُشِ بَيْنَ مُكَونَاتِ الوَطَنِ السُّودَانِيِّ المُتَنَوَعِةِ مِنَ الأَعْرَاقِ وَ الأَجْنَاسِ وَ عِوضاً عَنْ ذَٰلِكَ كَانَ الخِصَامُ وَ الإِحْتِرَابُ وَ الإِنْقِسَامُ الدَّاخِلِيِّ وَ الإِخْفَاقُ فِي الإِنْجَازِ وَ كَانَ الرُّكُودُ التَّنْمَويُّ وَ شَظَفُ العَيْشِ رَغْمَ المَوَارِدِ الهَائِلَةِ حَتَّىَٰ صَارَ السُودَانُ فِي ذِيْلِ الأُمَمِ وَ قَدْ وُصِفَ السُّودَانُ فِي مَرْحَلَةٍ مَا بِرَّجُلِ إِفْرِيْقِيَا المَرِيْضِ ، وَ لَيْسَ هُنَالِكَ تَفْسِيْرٌ لِهَذَا الفَشَلَ سِوَىَٰ الحَسَدَ وَ القَبَلِيَّةَ وَ العُنْصُرِيَّةَ البَغِيْضَةَ الَتِّي تَكْمُنُ دَاخِلِ هَذِهِ الشَّخْصِيِّةِ الوَدِيْعَةِ وَ الَتِّي تَجْعَلُهَا عُرْضَةً لِلإِبْتِعَادِ عَنْ العَدَلِ وَ رُبَمَا اللُّجُوءِ إِلَىَٰ الغُلُوِ وَ المَحْسُوبِيَّةِ وَ الفَسَادِ وَ الإِفْسَادِ وَ إِيْثَارِ المَكَاسِبِ الفَرْدِيَّةِ خَصْماً عَلَىَٰ مَصْلَحَةِ الجَمَاعَةِ ، هَذِهِ الخِصَالُ لَمْ يَنْجُو مِنْهَا حَتَّىَٰ الإِسَلَامِيُونَ فَقَدْ جَهَرَ "أَخٌ" قِيَادِيٌّ فِي الجَمَاعَةِ مَرَةً قَائِلاً وَ ذَٰلِكَ عِنْدَمَا إِسْتَفَحَلَتْ أَزْمَةُ دَارْ فُورْ بِسَبِبِ تِلْكَ الخِصَالِ الغَيْرِ حَمِيْدَةٍ:
(الدَّمْ أَتْقَلْ مِنْ الدِّيْنْ)
فَكَانَ مَصِيْرُ ذَٰلِكَ القِيَادَيِّ الإِسْلَامِيِّ الوَاعِدِ هُوَ الإِعْدَامَ شَنْقاً حَتَّىَٰ المَوْتِ بِوَاسَطِةِ إِخْوَتِهِ وَ أَصْدِقَاءِهِ فِي "الجَمَاعَةِ" فِي سَاحَةٍ عَامَّةٍ فِي إِحْدَىَٰ حَوَاضِرِ إِقْلِيْمِ دَارْفُورْ بِدَعْوَىَٰ تَمَرُدِهِ وَ خُرُوجِهِ عَلَىَٰ "الجِمَاعَةِ" وَ طَاعَةِ أُولِيِّ الأَمْرِ!
وَ يَبْدُوا أَنَّ الشَّخْصِيَّةَ السُّودَانِيَّةَ المَعْنِيَّةُ هُنَا هِيَ حَصْرِيّاً شَّخْصِيَّةُ "وَدْ البَلَدِ" وَ "وَدّْ القَبَائِلِ" "أَخُو الأَخْوَانْ" "زُولْ الحَارَةْ" النِيْلَيِّ الَّذِي يَدَّعِي الإِنْتِمَاءَ إِلَىَٰ الأَعْرَابِيَّةِ وَ الإِسْلَامِ ، وَ يَبْدُوا أَنَّ إِنْتِمَاءَ (الزُّولْ) هَذَا هُوَ حَالَةُ هُرُوبٍ دَائِماً إِلَىَٰ الأَمَامِ يُوَلِي فِيْهَا (الزُّولُ) ظَهَرَهُ لِإِنْتِمَاءِهِ الأَفْرِيْقِيِّ الأَصِيْلِ عِرَقاً وَ نَسَباً وَ إِرْثاً وَ جُغْرَافِيَّةً ، فَالزَّعْمُ "العُرُوبِيُّ" لَا يَسْنِدُهُ دَلِيْلٌ عِرَقِيٌّ أَو عِلْمِيٌّ أَو عَمَلِيٌّ مُقْنِعٌ بَلْ أَنَّ أَهْلَ العُرُوبَةِ العَارِبَةَ مِنْهَا وَ المُسْتَعْرِبَةَ تَسْتَنْكِرُهُ عَلَىَٰ أَهْلِ السُّودَانِ جَمِيْعاً بَيْنَمَا الإِنْتِمَاءُ الأَفْرِيْقِيُّ وَ السُّودَانَاوِيَّةُ جَلِيَّانُ لَا تَتَخَطَاهُمَا العَيْنُ وَ لَا البَصِيْرَةُ.
وَ إِسْلَامُ أَهْلِ السُّودَانِ إِنْ جَازَ التَّعْبِيْرُ هُوَ "أَفْرَقَةٌ" لِلإِسْلَامِ كَمَا فِي رَقَصَاتِ الصُّوفِيَّةِ فِي حَلَقَاتِ ذِكْرِهِمْ وَ إِيْقَاعَاتِهَا الأَفْرِيْقِيَّةِ وَ فِي عَادَاتٍ كَثِيْرَةٍ أُخْرَىَٰ كَالزَّوَاجِ وَ الخِتَانِ وَ عَلَاقَةِ الرَّجُلِ بِالمَرْأَةِ ، كَمَا تَجِدُ السُّودَانِيُّ المُسْلِمُ يُبَالِغُ فِي مُمَارَسَاتِهِ وَ عَادَاتِهِ حَتَّىَٰ يُكَادَ أَنْ يُصَنَّفَ مُسْلِماً لِيْبِرَالِيّاً فَالمَرَيْسَةُ عِنْدَهُ مِنَ الطَعَامِ ، وَ المَرَيْسَةُ نَبِيْذٌ شَعْبِيٌّ مُسْكِّرٌ يُصْنَعُ مِنَ الذُّرَةِ الرَّفِيْعَةِ ، وَ قَدْ كَانَ لِلخَمَّارِيْنَ حَانَاتٍ تُسَمَّىَٰ (الأَنَادِي) لَهَا تَرَاخِيْصٌ وَ رَايَاتٌ كَمَا كَانَ لِبَنَاتِ الهَوَىَٰ مَضَارِبَهُنَّ وَ رَايَاتِهِنَّ ، وَ الزُّولُ السُّودَانِيُّ لَا يَجِدُ حَرَجاً فِي مُصَافَحَةِ المَرَأَةِ الأَجْنَبِيَّةِ وَ فِى "مُقَالَدَتِهَا" ، وَ المُقَالَدَةُ هِيَ المُعَانَقَةُ ، وَ لَا يَرَىَٰ غَضَاضَةً فِي الجُلُوسِ وَ الرَقْصِ مَعَهَا فِي المُنَاسَبَاتِ وَ الحَفَلَاتِ وَ فِي "أَخْذِ الشَّبَالْ مِنْهَا" ، وَ فِي الشَّبَالِ تَرْمِي المَرْأَةُ الرَّاقِصَةُ بِجَدَائِلِ شَعْرِهَا فِي وَجْهِ الرَّجُلِ المُتَقَدِمِ نَحْوَهَا إِعْجَاباً وَ رُبَمَا يَحْدُثُ تَقَارُبٌ وَ مُلَاصَقَةٌ ، وَ لَا تَتَحَجَّبُ المَرَأَةُ السُّودَانِيَّةُ خُصُوْصاً فِي الحَضَرِ أَمَامَ الرَّجُلِ الأَجْنَبِيِّ ، وَ فِي قَدِيْمِ الزَّمَانِ كَانَ الإِسْلَامُ حَاضِراً فِي بِلَادِ السُّودَانِ وَ كَانَ لِبَاسُ النِّسَاءِ الرَّحَطَ المَصْنُوعَ مِنْ رَقَائِقٍ جِلْدِيَّةٍ يُغَطِي مَنْطَقَةَ الحَوضِ التَّشْرِيْحِيَّةِ إِلَىَٰ مَا حَولَ الرُّكْبَةِ وَ لَمْ يَكُنْ الوَجْهُ وَ لَا النُّهُودُ عَورَةً وَ لَمْ يَكُنْ إِغْتِصَابُ الفَتَيَاتِ وَ النِّسَاءِ آفَةً إِجْتِمَاعِيَّةً كَمَا فِي السُّودَانِ المُعَاصِرِ.
وَ الذِّكْرُ عِنْدَ أَهْلِ السُّودَانِ هُوَ أَهَازِيْجٌ دِيْنِيَّةٌ وَ رَقْصٌ أَفْرِيْقِيٌّ تَقُودُهُ إِيْقَاعَاتُ الطُّبُولِ الأَفْرِيْقِيِّةِ الصَّاخِبَةِ ، وَ كَانَتْ غَالِبِيَةُ أَهْلِ السُّودَانِ تُسْدِلُ فِي الصَّلَاةِ حَتّْىَ إِذَا مَا جَاءَ الزَّيْتُ الخَلِيْجِيُّ وَ خُصُوصاً السَّعُودِيُّ وَ الرِّيَالُ وَ مَذْهَبُ (أَهْلِ الجَمَاعَةِ وَ السُّنَّةِ) قَبَضُوا وَ اسْتَبْدَلُوا وَرْشاً عَنْ نَافِعٍ المَدَنِيِّ فِي تِلَاوَاتِهِمْ بِرِوَايَةِ حَفْصٍ عَنْ عَاصِمْ بِنِ أَبِي النُّجُودِ الكُوفِيِّ ، وَ عِنْدَمَا عَبَرَتْ شَخْصِيَّةُ (الزُّولْ) السُّودَانِيِّ البَحْرَ الأَحْمَرَ إِلَىَٰ الحِجَازِ وَ نَجْدٍ وَ الخَلِيْجِ الفَارِسِيِّ عَادَتْ بِعَادَاتِ تِلْكَ البِلَادِ وَ أَتَىَٰ مَعَهَا الجُلْبَابُ الَّذِي يَكْشِفُ عِنْ نِصْفِ سَاقِ الرَّجُلِ وَ كَذَٰلِكَ عَنْ أَعْضَاءِهِ التَّنَاسُلِيَّةِ وَ ظَهَرَتْ الْمَرْأةُ (النِّنْجَا) ذَاتُ الخَيْمَةِ السَّودَاءِ الَتِّي لَا تَسْتَبِيْنُ إِلَّا عُيُونَهَا وَ صَارَ اللَّبَنُ حَلِيْباً وَ الدَّسْتَةُ دِرْزِناً وَ أَضْحَتْ التَّحِيَةُ:
حَيَّاكْ اللَّه
وَ
إِيْشْ لُونَكْ
عِوضاً عَنْ السَّلَامِ وَ:
حَبَابَكْ عَشَرَةْ مِنْ غِيْرْ كَشَرَةْ
وَ صَارَ السُّؤَالُ عَنْ "البُذُورَةِ" عِوضاً عَنْ الأَولَادِ وَ "الغِنِيْمَاتْ" وَ "البِقِيْرَاتْ" ، ثُمَّ كَانَتْ الطَّآمَّةُ الكُبْرَىَٰ فِي سَيْطَرَةِ الجَمَاعَةِ المُتَأَسْلِمَةِ وَ الإِنْقَاذِ عَلَىَٰ السُّلْطَةِ فِي السُّوْدَانِ فَأَضْحَىَٰ القَبْضُ فِي الصَّلَاةِ وَ الإِلْتِحَاءُ وَ حَفُّ الشَّارِبِ وَ بَقِيَّةُ المَظَاهِرِ مِنْ أَركَانِ التَّدَيُنِ الإِسْلَامِيِّ الصَّحِيْحِ وَ صَارَ إِبْنُ تَيْمِيَةْ وَ إِبْنِ قَيِّمِ الجَّوزِيَّةِ هُمُا الإِمَامَيْنِ وَ المَرْجَعَيْنِ الأَسَاسِيِيْنِ فِي كُلِّ الأُمُورِ الإِسْلَامِيَّةِ ، وَ صَارَ كُلُّ عَمَلٍ مُحَدَثَةً وَ كُلُّ مُحَدَثَةٍ بِدْعَةً وَ كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةً وَ مَعْلُومٌ أَنَّ كُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ ، وَ تَغَيَّرَ (الزُّولُ) وَ صَارَ أَكْثَرَ تَشَدُداً وَ تَطَرُفاً دِيْنِيّاً ، وَ أَضْحَىَٰ (الزُّولُ) كَمَا تَقُولُ الفِرِنْجَةُ مَلَكِيّاً أَكْثَرَ مِنْ المَلَكِيِيْنَ ، وَ قَدْ قِيْلَ أَنْ رُبَمَا فَعَلَ (الزُّولُ) ذَٰلِكَ حَتَّىَٰ يَنَالُ رِضَا الكُفَلَاءِ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ وَ الحِجَازِ وَ الخَلِيْجِ الفَارِسِيِّ وَ مَا دُونَهُمْ مِنْ المُسْلِمِيْنَ مِنْ الأَعْرَابِ العَارِبَةِ وَ المُسْتَعْرِبَةِ فِي مِصْرَ وَ فِلِسْطِيْنَ وَ بِلَادٍ الشَّامِ وَ الهِلَالِ الخَصِيْبِ ، وَ وَاقِعُ الحَالِ يَقُولُ أَنَّهُ حَتَّىَٰ فِي ذَٰلِكَ فَإِنَّ الحَظَّ لَمْ يَحَالِفْ (الزُّولُ) فَقَدْ نَكِرَتْهُ الأَعْرَابُ العَارِبَةِ وَ المُسْتَعْرِبَةِ فَقَنِعَ (الزُّولُ) بِالدَنِيَّةِ وَ المُعَامَلَةِ الدُّونِيَّةِ مِنْ أَهْلِ ذَٰلِكَ الخَلِيْجِ الفَارِسِيِّ وَ مَنْ وَالاَهُمْ مِنْ أُمَّةِ الأَمْجَادِ.
وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ وَ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَ أَتَمُّ التَّسْلِيْمِ عَلَىَٰ سَيِّدْنَا مُحَمَّدٍ وَ عَلَىَٰ آلِهِ وَ صَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ وَ عَلَيْنَا.
فَيْصَلْ بَسَمَةْ
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.