لَقَدْ بَذلتِ الحَيْوَانَاتُ أحسن ما عندها، وجاد كلٌ بما يملك، رقصت، وموسقت، وتغنَّت، إلى أن تحوَّل طنينُ ملكاتِ نحل جبل النار إلى خليطٍ من هديرٍ، وصهيلٍ، وزقزقة، شكَّلت مُجتمعة ألحاناً عمَّتْ جميع أرجاء الغابة، وفاقت ما شهدته غابة السعد من قبل، في عامي: 64 و1985م، رونقاً وبهاء. وللعارفين، فإن عطاءَ الحَيْوَانَاتِ، هذا، لم يأتِ من فراغٍ، ولم ينتج عن صدفة، وإنما أملته: - (الغبينةُ، التاريخيةُ، الممتدة لثلاثة عقودٍ، منذ أن تبوأ الأسد بن الأَجرَب السلطة، ملكاً فعلياً خفياً في كواليس العرين، وقبل أن ينفرد الأسدُ المهزول بالحكمِ نيابةً عن أسُودِ عهد اللَّبْؤُة جمعاء!). أمَّا وُحْدَة الحَيْوَانَاتِ، وشَرَاستها في توطيد ثورتها، فقد كان له من المبرراتِ ما يفوق قطراتِ مياهِ البحار عدداً، فقد ذاقت جميعُ حيواناتِ الغابة، في عهد اللَّبْؤُة، الأَمرِّين، وشُرِّدت، ونَزَحت، وقُتِّلت، ونُكِّل بها، وَصُودر من قاموسها الحبُّ، والفنُّ، والجمال، فصارت صاحبةُ مصلحةٍ في تغييرٍ يصنعه التفاني، والتجرُّد، ونُكرَان الذَّات... كانت قباحةُ ولؤمُ عهد لا تحتاج إلى درس عصر. فإضافةً إلى محاربةِ الحَيْوَانَاتِ في قُوْتها، ومصادرة حقها في العيش الكريم، واحتكار مَعيناتِ الحياة، كلها، تطاولتِ اللبؤة فصادرت الحُرياتِ، جِزْافَاً، ووضعتِ القوانين، العامة والخاصة، التي لا تبيح مُصادرة حُريات الحَيْوَانَات، وتلغي حقها في التعبير فحسب، وإنما تُطلقُ أَيدِى مَنسُوبي العرين، من كلابٍ، وذئابٍ، وضباعٍ بشكلٍ لا يعرفْ الحُدُود، وليسَ لهُ نهاياتٍ مُلزِمة: - (لا أخلاقيّة، ولا اجتماعية، ولا حتى دينيّة في احتكار مصادر الغذاءِ، والمياهِ العذبة، وباختصار: حق الوُجُود والحياة!). وبعد ثورة أفيالِ جبلِ الحديد، تناقلت الأوساطُ الإعلاميّة بالغابة، إنّ أسماك بحر الشرق، المتوحشة، ومنها القُرُوش ذوات الجُلود الزرقاء،اللامعة، قد هاجت، وماجت ضد سلطة العرين، تيمُناً بخطى الأفيال، ورفدا لفعلها الثوري، الأمر الذي ألهبَ وِجدانَ حيواناتِ الغَابَة، ورفع من معنويات كلِّ الكائنات الثائرة، بحيث توطدت الأنشطةُ الناقمةُ على العَرِيْن، للدرجةِ التي جعلتِ الحِصانَ المُجنح يُدرك، ولكن، دُون أن يعي بشكلٍ كافٍ: - (إن الأمرَ فصلٌ، وما هُوَ بالهزل!). وهرَع، رافعاً أجنحته، في إشارةٍ كانت أقربُ للإستسلام، دُون أن تطابقه، وبسرعة بادر لتصحيح موقفه، المستهين بوحدة حيوانات الغابة، التي إنما توحدت حول تجمعِّها المهني، وشركائه من روّادِ مَسيرةِ الحُريّة والتغيير. ورغم أنَّ مَدَاخِلَهُ كانت بالمُواربةِ، ومُداخلَاتِهِ ما تَزالُ ضارةً، ولكن، ولأنَّهُ ما تزالُ فصيلةُ الخيولِ بحاجةٍ إلى الحصانِ القَائدِ البَدِيل، الذي لم يبرز من بين صفوفها، حتى الآن، فأنَّ حَيْوَانَاتِ الغابةِ ظلت تعوَّل عليه، وتقبلُ، لحدٍ ما، كلامَهُ، ولكنه قُبُولٌ حذِرٌ ، ومتوجس، لدرجةٍ كبيرة. وكان الحصانُ المُجنَّح على علمٍ، ودراية بتلك الهواجسِ، ويستشعرُ ذلك الحذر، ولكنه لم يَخطُو، حتَّى الآن، الخُطُوات التي تتوافقُ مع الإنتصاراتِ، والنجاحات، ناهيك عن المأمُولِ مِنْهُ، بحيثُ تَطمئنُ خُيُولهُ، هو بالذات، وأولاً، ومن ثَمَّ الشركاءُ، ومجاميعُ أسرابِ طيورِ، وفصائلِ حيواناتِ غابة النحس، داجنها، والمتَوحِشِ منها: (على حدٍ سَوَاء!). عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.