الإعيسر: قادة المليشيا المتمردة ومنتسبوها والدول التي دعمتها سينالون أشد العقاب    "قطعة أرض بمدينة دنقلا ومبلغ مالي".. تكريم النابغة إسراء أحمد حيدر الأولى في الشهادة السودانية    د. عبد اللطيف البوني يكتب: لا هذا ولا ذاك    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    الدعم السريع يعلن السيطرة على النهود    المرِّيخ يَخسر (سُوء تَغذية).. الهِلال يَخسر (تَواطؤاً)!!    سقطت مدينة النهود .. استباحتها مليشيات وعصابات التمرد    الهلال يواجه اسنيم في لقاء مؤجل    تكوين روابط محبي ومشجعي هلال كوستي بالخارج    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فصل الطائفة عن السياسة واصلاح الديمقراطية في السودان .. بقلم: د. سمير محمد علي حمد
نشر في سودانيل يوم 28 - 05 - 2020

ظلت الديمقراطية في السودان تتعثر الخطي منذ العام 1956م بين مغامرات العسكر وعسفهم، وعصبية الطائفية ورجعيتها، وجاهلية السياسيين وصراعاتهم [1] ، ومؤامرات الاسلاموية وفسادها. بين كل هذا السفر المليء بالفشل ضلت الديمقراطية طريقها عن شعب ظل يقدم التضحيات الجسام لأجلها من خلال ملاحم ثورية سلمية في أكتوبر 1964م وأبريل 1985م ثم الثورة الشبابية العظيمة التي بهرت العالم بسلميتها في ديسمبر 2018م. وقد ان لهذا الشعب ان يقطف ثمار نضالاته في الظفر بحياة حرة وكريمة، وعلي الأحزاب السياسية ان تراجع اخطاءها وخطاياها وان تعيد النظر في هياكلها التنظيمية ومرجعياتها الفكرية ومنهجيتها في العمل السياسي وفق المتغيرات التي فرضتها ثورة ديسمبر المجيدة، وصولا الي ممارسة ديمقراطية راشدة تُخرج البلاد من مربع الفشل الذي لازمها طويلا وتُحقق للشعب السوداني حلمه في الحرية والسلام والعدالة.
الطائفة الدينية هي احدى القوالب المجتمعية التي تداخلت مع السياسة وشكلت نمطا من الممارسة الحزبية اضر ضررا بليغا بمسيرة الديمقراطية في السودان. يقول امام الانصار وزعيم حزب الامة معدداً عيوب الحزبية السياسية ذاكرا من ضمنها: ان بعض الاحزاب ذات الوزن الشعبي استعصت على "التجديد" وجعلت قيادتها تمارس دورها دون أية "مؤسسية" بل تعتمد على "ولاء طائفي" وان ذلك يحسب على جدوى الممارسة الديمقراطية [2]. في حقيقة الامر حسب وجهة نظر كاتب هذا المقال فان المسألة لا تتوقف علي مدي اعتماد قيادات الاحزاب علي "الولاء الطائفي" من عدمه، بل ان المشكلة في وجود الطائفة نفسها، فالكيان الطائفي في الاصل يتنافى مع "المؤسسية" و"التجديد" المشار اليهما في حديث امام الانصار اعلاه، وبالتالي يتنافى مع الديمقراطية. ففي كل الانتخابات التي جرت في السودان خلال ما عرف بالفترات الديمقراطية كانت الطائفة ككيان ديني-مجتمعي بمثابة "الجوكر" في ايدي بعض الاحزاب والذي كان دائما ما يمنحها الفوز في اللعبة السياسية السودانية. ولممارسة ديمقراطية معافاة يجب اولا تحييد هذا "الجوكر" وازاحته عن اللعبة تماماً باعتباره وسيلة غير ديمقراطية للوصول الي السلطة.
خلفية عن جذور الطائفة الدينية وعلاقتها بالسياسة في السودان
بدأ دخول الاسلام الي شمال السودان بعد ابرام اتفاقية البقط بين المسلمين والنوبة وكان في بدايته علي يد التجار والمهاجرين غير المتفقهين في الدين الذين ركزوا في نشر السمات العامة للدين دون الدخول في التفاصيل الفقهية المعقدة مما نتج عنه نوع من التدين وصفه المفكر د. حيدر ابراهيم علي ب "الدين السوداني" ولاحقا في حوالي منتصف القرن الخامس عشر بدأ الفقهاء التوافد الي السودان لنشر المفاهيم والممارسات الدينية وكان اغلب هؤلاء من المتصوفة [3]. واستمر توافد رجال الدين في عهد مملكة الفونج والممالك الاسلامية الاخرى في مناطق الفور وتقلي. وعمل هؤلاء الفقهاء علي نشر الدين الاسلامي دون المساس بالعادات والتقاليد المحلية ومنها ما هو وثني او مسيحي. يصف المفكر د. عبد الله علي ابراهيم ذلك بانه "تفاعل هادي بين اتجاهات التبشير العلمي واتجاهات التصوف الفردي، والموروث المسيحي والوثني في البيئة السودانية" [4]. والتف الناس حول هؤلاء الفقهاء المتصوفة الذين اكتسبوا مكانة رفيعة في المجتمعات السودانية وكان الشيخ يحاط بهالة من الاحترام والتبجيل من قبل المريدين واصبح لبعض هؤلاء المتصوفة نفوذ وقوة روحية ذات تأثير كبير علي المجتمع وحتي علي الملوك انفسهم فقد كان سلطان الفونج لديه اعتقاد كما للرجل العادي في صلاح هؤلاء الشيوخ وفي مقدراتهم [4]. وتشكلت علي اثر ذلك، الطرق والطوائف الصوفية في السودان والتي وجدت التشجيع من ملوك الفونج بسبب المصالح المشتركة، فقد ساعدوا الملوك في اعطاء شرعية لحكمهم، وفي المقابل اقتطع الحكام الاراضي والهبات للشيوخ [3]. كانت اول طريقة صوفية دخلت السودانية هي الطريقة الشاذلية في العام 1445م ثم تلتها الطريقة القادرية في القرن السادس عشر الميلادي [5]. ومنذ ذلك الوقت ظلت الطرق الصوفية في تزايد حتي وصلت الي حوالي 40 طريقة في السودان الان. واصبح كثير من اتباع هذه الطرق سدنة ذوي نفوذ لملوك الفونج وامراءهم، ليس في المجال الروحي فحسب، لكن في مضمار السياسة ايضاً [5].
من ابرز الطرق الصوفية والتي اكتسبت نفوذا واسعا في السودان كل من الطريقة السمانية التي دخلت السودان في العام 1800م والطريقة الختمية التي ارتبط وصولها الي السودان واتساع نفوذها بالحكم التركي المصري [5]. اما المهدية فهي نشأت في الاصل كحركة دينية وسياسية ضد النظام التركي القائم في السودان وقائدها الامام محمد احمد المهدي الذي نشأ في كنف الطريقة السمانية جمع بين انه رجل دين صوفي وقائد عسكري استطاع ان يقود ثورة ضد الاحتلال التركي وطرده من السودان، مما مكنه من فرض سلطته السياسية وطريقته الدينية علي الجميع باعتبار ما يعتقده بان الله في ازله وقضاءه قد تفضل عليه بالخلافة الكبرى من الله ورسوله وان سيد الوجود صلى الله عليه وسلم قد اخبره انه المهدي المنتظر[4].
بعد انهيار المهدية على ايدي الانجليز وقيام السودان الانجليزي- المصري، عملت في البدء علي تحطيم طائفة المهدية والطوائف الدينية الاخرى التي شاركت في الثورة المهدية بينما تم تشجيع الطوائف الأخرى التي ناصبت المهدية العداء وبوجه اخص طائفة الختمية، ولكن عندما نشبت الحرب العالمية الاولي، وجّه الحاكم العام في السودان للعلماء والاعيان نداء لتأييد بريطانيا، فاستجاب له زعماء الطوائف واعيان المدن، وكان من ابرزهم السيد علي الميرغني والشريف يوسف الهندي، كما ابدي السيد عبد الرحمن المهدي - الذي كان حتي ذلك الوقت يعيش تحت الظل في ام درمان - لتقديم خدماته، فأرسلته الادارة البريطانية الي الجزيرة لكي يضمن ولاء الشيوخ والعمد هناك، ونجح في مهمته فكسبت الحكومة ولاء طائفة الانصار في النيل الابيض والجزيرة[5] . بعد هذه المهمة تطورت العلاقة بين السيد عبد الرحمن المهدي والادارة البريطانية وبدأ نفوذه السياسي والاقتصادي يزاد، مما مكنه من اعادة طائفة الانصار الي الواجهة من جديد ولعب دور اساسي مع طائفة الختمية في الصراع السياسي في السودان في الفترة التي تلت ذلك.
فخلال مسيرتها الطويلة استطاعت الطرق الصوفية والطوائف الدينية وعلماء الدين واعيان المناطق المختلفة في السودان ان تصبح قوة ذات تأثير روحي واجتماعي مكّنها من خلق علاقة ذات مصلحة متبادلة مع السلطات في معظم الفترات من مملكة الفونج مرورا بالتركية ثم الادارة الانجليزية، مما جعل هذا النفوذ يتخذ الطابع السياسي والاقتصادي اضافة الي نفوذها الديني. تعزز النفوذ السياسي والاقتصادي بصورة اكثر وضوحا لبعض الطوائف والاعيان في بدايات القرن العشرين عندما استعانت الادارة البريطانية بها في كسب تأييد السودانيين في حروبها اثناء الحرب العالمية الاولي، وايضا في تأييد مواقفها المناوئة لمصر التي كانت تطالب باستقلال وادي النيل، كما كانت هذه الطوائف والاعيان وسيلة الادارة البريطانية لبسط سيطرتها في الحكم. وكانت طائف الختمية وطائفة الشريف يوسف الهندي وطائفة الانصار في مقدمة هذه الطوائف، والتي استفادت من علاقتها مع الادارة البريطانية في تدعيم نفوذها السياسي واكتساب منبر اعلامي هام بإصدار صحيفة "جريدة الحضارة" بملكية مشتركة لزعماء الطوائف الثلاثة، في العام 1920م.
وهكذا خلال خمسة قرون ابتداءً من العام 1445م، تاريخ دخول اول طريقة صوفية الي السودان، الي العام 1920م، توطنت الطرق والطوائف الدينية بالسودان واستطاعت من توظيف الدين بذكاء وبراغماتية، مستغلة بساطة السودانيين وانتشار الجهل والخرافة، في ترسيخ مفهوم الطائفية وتراتبيتها الهرمية في المجتمع السوداني، حيث يحظى شيخ الطريقة علي رأس الهرم بالقداسة والاحترام وفي اسفله قاعدة واسعة من المريدين المطيعين والموقنين بمقدرات الشيخ وكراماته. هذا جعل الطرق والطوائف الدينية تتجذر عميقاً في المجتمع السوداني وتصبح ذات نفوذ كبير على المجتمع والسلطة الحاكمة علي حد سواء. يتضح ذلك في:
1- اصبح لها نفوذ اجتماعي كبير حيث يحظى شيخ الطريقة باحترام وتبجيل والاعتقاد في مقدراته الخارقة للطبيعة كما له تأثير روحي كبير علي اهل السلطان.
2- التفاف المريدين حول شيوخ الطرق الصوفية جعلت لهم قوة تضفي علي نفوذهم الروحي علي اهل السلطان قوة سياسية [4].
3- سيطرت الطرق الصوفية علي الحياة الثقافية السودانية في عهد مملكة الفونج وقد تأثر بها النظام التعليمي الذي كان قائما في المساجد والخلاوي لدرجة كبيرة [5].
4- النفوذ الديني والاجتماعي للطوائف الدينية جعل الادارة البريطانية الاستعانة بها في كسب تأييد السودانيين في كثير من المسائل السياسية مما مكن هذا الطوائف من خلق علاقة ذات مصلحة متبادلة مع الادارة البريطانية دعمت نفوذها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في السودان اضافة الي نفوذها الديني.
5- سمحت الادارة البريطانية لثلاث من الطوائف الدينية بإصدار جريدة سودانية باللغة العربية. وكانت هذه اول مرة يُحظى سودانيون بمثل هذا الامتياز.
6- في العام 1919م سمحت الادارة البريطانية لوفد مكون من ثلاث من زعماء الطوائف وثلاث من علماء الدين واربعة من زعماء القبائل، السفر الي بريطانيا لتهنئة ملكها على الانتصار في الحرب، بينما تم اقصاء المتعلمون من خريجي كلية غردون والكلية الحربية [5].
الطائفية والاحزاب
كانت الزيارة التي قام بها الوفد المكون من بعض زعماء الطوائف وعلماء الدين ورجالات الادارة الاهلية الي ملك بريطانيا في 1919م بإيعاز من الادارة البريطانية وخلو ذلك الوفد من خريجي كلية غردون والكلية الحربية، اعتراف ضمني من الادارة البريطانية بزعماء هذه الطوائف حصرا كقوى حليفة يمكن الثقة بها للمساعدة في ادارة البلاد. وهذا الامر مع العقلية الطائفية التي تسود المجتمع دعّم النفوذ السياسي لهذه الطوائف وجعلها في موضع الوصاية على المجتمع ولاحقا على الاحزاب السياسية بل الهيمنة الكاملة على اكبر الاحزاب والطموح في حكم السودان.
ويبدو ان خريجو كلية غردون والمثقفون عموما كانت تسيطر عليهم - مثلهم مثل عامة المجتمع - العقلية الطائفية الابوية ومهيؤون وجدانياً لمبدأ الوصاية والرعاية من قبل الزعماء الدينيين مما مكن زعماء الطوائف الدينية التدخل في شئون اول مؤسسة وطنية سياسية في السودان، مؤتمر الخريجين والذي تكون في العام 1938م، والتأثير على مجرى الاحداث فيه ومن ثم التاثير علي مستقبل السودان السياسي. فقد كان من المؤمل ان تفضي تجربة مؤتمر الخريجين الي احزاب سياسية ذات رؤي حداثية وبناء ديمقراطي بعيدا عن الطائفية، ولكنها فشلت في ذلك وارتمي مثقفوها في احضان الطائفية في علاقة عرفت في بدايتها "بالرعاية" حيث يقوم زعيم الطائفة برعاية الحزب، وما ذلك الا اسقاط لمفهوم الطائفة المتجذر في السودان على الاحزاب السياسية. فهذه الاحزاب، والمفترض انها مؤسسات للتنوير وفلسفتها قائمة علي مبادئ الحرية والمساواة والتي تتنافي تماما مع العقلية الطائفية الابوية، اصبحت من خلال هذه "الرعاية" تحت رحمة قوى رجعية ليس في شرعتها حرية أو مساواة بل تقسم المجتمع الي "سادة" و"مريدين" ولن يتساوى يوماً المريد بسيده. فمسألة "الرعاية" هذه تجربة سودانية فريدة ولا يمكن فهمها الا في اطار المصلحة المتبادلة، والتي لا تخلو من البراغماتية الانتهازية بين زعماء الطوائف والمثقفين. فالطوائف تملك قواعد شعبية تقدس زعاماتها ولا تعصي لها امرا ولكنها تحتاج للمثقفين الذين خبروا العمل السياسي المنظم من خلال تجربة مؤتمر الخريجين واصبحت تجربتهم تتبلور في شكل احزاب سياسية، وفي الجانب الاخر كان المثقفون في حاجة الي القواعد الشعبية كمناصرين لأحزابهم في مناطق السودان المختلفة. في مرحلة لاحقة تحولت هذه "الرعاية" الي هيمنة كاملة، حيث اصبح زعيم الطائفة يجمع بين زعامته للطائفة ورئاسته للحزب. وهكذا ارتبط وجود اكبر الاحزاب السودانية وهيمنتها علي الساحة السياسية السودانية لعقود طويلة علي كيانات دينية تدين بالولاء التام لزعيم الطائفة الدينية وتأتمر بأمره في أي استحقاق سياسي او وطني مما افرغ العملية الديمقراطية في السودان من مضمونها واصبحت الديمقراطية لدي هذه الاحزاب مجرد شعار لا يلامس واقعها. وكان نتاج ذلك انه بعد كل انتخابات تتصدر المشهد حكومات كسيحة ذات مكونات حزبية متشاكسه لا تتعدي رؤيتها مصالح الحزب الضيقة ولو كان على حساب المصلحة الوطنية، ودائما ما يصل بها الامر الي فشل يبرر للعسكر استلام السلطة كما حدث في نوفمبر 1958م ومايو 1969م ويونيو 1989م.
فقد فشلت الاحزاب الطائفية في الحفاظ على الديمقراطية طوال اكثر من ستين عاما منذ الاستقلال رغم ما توفر لها من فرص لذلك، لأنها في الاصل ليست احزابا ديمقراطية وان ادعت ذلك، فالديمقراطية بالنسبة لهذه الاحزاب ما هي الا مفهوم اطاري واجراءات يمكن من خلالها الوصول الي السلطة كما ان الدين هو وسيلتها للكسب الجماهيري. والان ونحن علي مشارف الربع الثاني من القرن الحادي والعشرين من المؤسف ان نظل رهن قوالب حزبية رجعية تستند الي المفاهيم والعقلية الطائفية التي نمت وتشكلت وتغذت على الجهل الذي كان سائدا خلال القرن التاسع عشر وما قبله.
الطائفية والديمقراطية
الديمقراطية وسيلة سلمية وعادلة لتداول السلطة وهي قائمة علي وجود احزاب سياسية وكلما ما كانت هذه الاحزاب تؤمن بالديمقراطية وتطبقها بصرامة وشفافية كانت السلطة الناتجة عنها قوية ومستقرة. الاحزاب الطائفية في السودان عادة تتبني الديمقراطية لكنها لا تمارسها واقعا مما خلق ديمقراطية مشوهة بالسودان يختلط فيها الطائفي بالحزبي. فيما يلي نناقش لماذا كانت الطائفية معوق اساسي للتطور الديمقراطي في السودان:
1- الطائفية تتقاطع تماما مع الديمقراطية، فآليات اتخاذ القرار في الطائفية تعمل من القمة الي القاعدة وفق "المفهوم الابوي" لزعيم الطائفة والواجب الاتِّباع من الاتباع، بينما آليات الديمقراطية تعمل من القاعدة الي القمة عبر الانتخاب الحر المباشر وفق "الحق المتساوي" للجميع في الاختيار وابداء الرأي. وهذا " المفهوم الابوي" ناتج عن ان الطائفية في السودان ترتكز علي ارث ديني هو الذي يوجه العلاقات الافقية بين افرادها والراسية بين افراد الطائفة وزعميها. فهذه العلاقة قوامها المكانة الدينية/الروحية التي يتمتع بها زعيم الطائفية وليس بالضرورة لعلمه الديني او ورعه او مقدراته الذاتية كما كان الزعيم المؤسس، وانما بحكم ايلولة هذه المكانة اليه من اسلافه وفق نظام الوراثة المتعارف عليه كما في النظم الملكية. اما افراد الطائفة فهم مريدون يحكم سلوكهم نظام ابوي جبل على طاعة زعيم الطائفة بل والتضحية بالنفس للدفاع عنه، فترسخ في هذه البيئة مفهوم السيد والمريد، ولا يمكن بأي حال أن يتساوى المريد مع السيد. هذا يتنافى جذريا مع مفهوم الديمقراطية حيث الجميع متساوون ولا يوجد سيد وتابع. فعلاقة السيد والتابع لا تتيح للتابع حرية الاختيار ولا تشجعه على منهج التفكير الحر ولا تنمي فيه ملكة العقل الناقد وانما هو دائما واقع تحت تأثير ولاءه الديني للزعيم وبالتالي الاذعان التام لما يصدر عنه باعتباره واجب ديني مقدس. وهذا الولاء الطائفي هو الذي مكن الطائفية من التمدد نحو السياسة وسحب البساط السياسي من رواد القوي الوطنية الحديثة والمثقفين في ثلاثينيات واربعينيات القرن الماضي بل وجذبهم الي احضانها لتنشئ احزابها السياسية، والتي هيمنت علي كل الفترات التي سميت ديمقراطية في السودان، وظلت زعاماتها الطائفية تهيمن على هذه الاحزاب وتملي رؤاها علي مجريات السياسة السودانية وفق " المفهوم الابوي" ولكن بعد اخراج هذه الرؤى عبر اليات واجراءات ديمقراطية في عملية خداع للنفس والاخرين.
2- القيادة في الاحزاب الطائفية لا تحتكم الي معايير الاختيار الحر والفرز العادل الذي يحتكم لميزان الجدارة من القاعدة الي القمة وانما هي قيادة فوقية منزّلة وفق معيار وراثي. وهذا يتنافى تماما مع الديمقراطية التي تدّعيها.
3- الاحزاب القائمة علي اساس طائفي تفتقد المؤسسية في بناءها التنظيمي وتعظم الحزب على حساب الوطن كما انها تعظم زعيم الحزب/الطائفة علي حساب الحزب. فزعيم الحزب/الطائفة هو حجر الزاوية للطائفة وللحزب معا ويلتف حوله الجميع حتي يكاد ان يُختزل الحزب كله في هذا الزعيم. ومكانة أي من منتسبي الحزب تحدد بمدي القرب والبعد من الزعيم لذا تجد الاهتمام بالزعيم والطائفة يفوق الاهتمام بالحزب نفسه، مثال بسيط علي ذلك: فاذا تصفحنا الشبكة العنكبوتية لمواقع الأحزاب الطائفية فستجد ان الموقع الخاص بالطائفة او زعيم الطائفة اكثر ثراءً وتنظيماً وتحديثاً من الموقع الخاص بالحزب نفسه هذا ان وجد اصلاً موقعاً له، دلالة علي ان ما ينفق من مال وجهد في سبيل زعيم الطائفة وابراز نشاطه للعامة وللأخرين اهم من الحزب نفسه وانشطته.
4- الاحزاب الطائفية منظمات لوأد الكفاءات الوطنية، فرغم ان هذه الاحزاب تذخر بالمثقفين والمهنيين والكفاءات في مختلف المجالات الا انها في نهاية الامر تتبني رؤية زعيم الطائفة. فزعيم الطائفة من يحدد علاقات الحزب وهو الذي يطلق المبادرات وله دائما الكلمة العليا التي عادة ما تجد المباركة من الجميع ويعزف الجميع على ايقاع الزعيم. وهكذا تضمحل وتتعطل المملكات الفكرية عند هؤلاء المثقفين ويصبح الجميع مرددا ومجملا لأفكار الزعيم ومدافعا عنها.
5- الكيانات الطائفية والطرق الصوفية نمت وتغذت علي جهل وتغييب الوعي للمجتمعات السودانية وكرست للدجل والخرافة وحتي وسائل التعليم التي تبنتها ولا زالت تتبعها بعض هذه الكيانات في التعليم هي نوع متخلف من وسائل التعليم يرجع الي القرن السادس عشر الميلادي. والتعليم نفسه محدود في مجاله لا يؤمن للدارس ثقافة أو مستقبلاً مهنياً فينتهي به الامر حواراً في حظيرة الشيخ رغم ان زعامات هذه الكيانات تؤمن لنفسها وابناءها تعليماً منظماً وحديثاً. لذا نجد ان نفوذ الطائفية ارتبط بالمناطق الاقل نموا وتعليما حيث تضيق فرص التعليم المنظم الحديث وهي مناطق تمثل بيئة خصبة للطائفية حيث انتشار الجهل وعدم الوعي السياسي. من جانب اخر فان الاحزاب الطائفية تعاني ضمورا وسط الفئات المثقفة التي نالت حظاً من التعليم المنظم الحديث ويظهر ذلك جلياً من خلال النتائج الانتخابية المتعلقة بما عُرف "بدوائر الخريجين" حيث لم يتعدى ما تحصلت عليه الاحزاب الطائفية من هذه المقاعد 6 من مجموع 48 مقعدا كانت متاحة في كل الانتخابات السودانية (1953م - 1986م)، رغم انها كانت تكتسح الدوائر التقليدية وبفوارق كبيرة عن الاحزاب الاخرى. كما ان المرأة لم تجد مكانتها وسط الاحزاب الطائفية خلال كل الانتخابات السودانية السابقة مما يؤكد فكرها الرجعي.
6- الطائفية تعتمد الولاء الطائفي عوضا عن البرامج التنموية لمناطق نفوذها ولا تحتوي ادبياتها أي خطط لتنمية وتطوير مناطق نفوذها التقليدية. فلم تجد هذه المناطق أي اهتمامات تنموية من هذه الاحزاب، لا اثناء وجودها في سدة الحكم ولا اثناء وجودها في المعارضة. فالديمقراطية تعني لدي هؤلاء الوصول الي السلطة دون اي التزام تجاه الناخب الذي اوصلهم الي هذه السلطة. فالناظر لمناطق نفوذ الطائفية في شرق السودان وبعض مناطق الشمال ومنطقة دارفور وبعض مناطق كردفان يجدها اكثر مناطق السودان فقراً وحظاً في التنمية والتعليم. فاذا اخذنا اقليم دارفور كمثال في مجال التعليم، نجد انه عند نهاية اخر فترة ديمقراطية في 1989م لم تتجاوز نسبة الاستيعاب برياض الاطفال 4.3% من مجموع الاطفال في سن الروضة، ونسبة الاستيعاب بالمرحلة الابتدائية والمتوسطة لم تتعدي 12.6% اما نسبة الاستيعاب بالمرحلة الثانوية كانت فقط 6.4% [6]. فالأحزاب الطائفية تستغل الولاء والعاطفة الدينية لدي المريدين والاتباع في هذه المناطق للوصول الي السلطة ولكنها في المقابل لا تسهم في تنمية هذه المناطق او تطوير الخدمات التعليمية والصحية بها وتترك شعوبها فريسة للعطالة وللفقر والجهل والتخلف، فتحولت هذه المناطق بمرور الزمن لبؤر صراع وساحات للعنف والاقتتال.
المطلوب من الاحزاب الطائفية
الاصلاح الديمقراطي يحتم علي شباب الاحزاب الطائفية ان تضغط في اتجاه ان تقوم هذه الاحزاب بمراجعات شاملة لهياكلها ومناهجها، فعليها علي الاقل ان تحقق ما يلي:
1- اعادة هيكلة بنيتها التنظيمية وفصل الجانب السياسي عن الكيان الديني.
2- الانعتاق من هيمنة البيوتات الدينية علي الشأن السياسي ليُفتَح الباب واسعا لجميع منتسبي الحزب للتنافس العادل في الترقي لقيادة هذه الاحزاب وفقا لكفاءتها السياسية وانتهاج آليات ديمقراطية حرة في الاختيار ب بغض النظر عن النسب والحسب. ولعل احد اسباب ظاهرة الانقسامات المتكررة في هذه الاحزاب هو هيمنة بيوتات محددة علي الحزب وعدم اعمال اليات الديمقراطية في صنع القرار والترقي نحو القيادة.
3- الاعتماد علي البرامج السياسية في حشد العضوية بدلا من الاعتماد على استغلال العاطفة الدينية لدي المريدين فالزمن يتغير ولن يظل الناس في جهلهم حتي يتم استغفالهم واستغلالهم، فمع التوسع في التعليم افقيا ورأسيا ستتغير المعادلة ويصبح الرهان السياسي على استغلال الولاء الطائفي والعاطفة الدينية رهانا خاسرا. وقد بدأت بوادر ذلك في زيارة لزعيم حزب الامة القومي الي احد مناطق النفوذ الانتخابية التاريخية لحزبه حيث قوبلت زيارته بنوع من الرفض [7]، فجيل اليوم ليس بجيل الامس المطيع طاعة عمياء لزعيم الطائفة.
4- الانفتاح الحقيقي نحو المجتمع بهدف العطاء وليس الاخذ فقط، والعمل علي تنمية مناطق السودان الاكثر فقرا والمساهمة في انشاء مرافق التعليم والصحة في تلك المناطق.
فصل الطائفة عن السياسة:
اوضحت التجربة السياسية السودانية ان وجود الطائفة الدينية ضرورة سياسية للحزب الطائفي المرتبط بها للوصول الي السلطة كما ان وجود الحزب نفسه مهما للطائفة فهو واجهتها السياسية ووسيلتها نحو السلطة السياسية، ولكن كان ذلك علي حساب الديمقراطية. فنجد زعيم الطائفة/الحزب حريصاً علي ان يجمع بين زعامة الطائفة والحزب في ان معاً للحفاظ علي المصلحة التبادلية بينهما. والطائفة بطبيعة تكوينها نظام "ابوي" غير مؤسسي قائم علي مفهوم السيد والتابع وبالتالي ينتفي فيها مبدأ حرية الاختيار والمساواة بين الجميع التي تتطلبها الممارسة الديمقراطية. لذا نجد ان الاحزاب الطائفية تحولت الي ملكيات، الزعامة فيها حصرا للسادة يتوارثونها ابا عن جد، فنتجت احزابا كسيحة اضرت بالتطور الديمقراطي في السودان وجعلت من الديمقراطية مجرد اجراءات للوصول الي السلطة وسرعان ما تفشل. ولكي لا نكرر اخطأنا يجب الفصل التام بين الكيانات الطائفية والدينية والاحزاب، ذلك من خلال سن قوانين او تعديل القوانين الحالية لتتضمن:
1- عدم السماح بأنشاء احزاب علي اساس ديني او قبلي او جهوي او طائفي.
2- اصدار قانون ينظم عمل الجماعات والكيانات الدينية والطرق الصوفية وعلاقاتها الخارجية ومصادر تمويلها ويمنعها من العمل السياسي والعمل المسلح. (امثلة لهذه الكيانات: الطرق الصوفية بما فيها طائفتي الختمية والانصار، الجماعات السلفية المختلفة، الحركة الاسلامية، جماعة الاخوان المسلمين، الاخوان الجمهوريين). رغم ان هذه الكيانات دينية المنشأ، الا انها احيانا تكون مزدوجة الصفة (دينية/سياسية). فيجب ان تكون هذه الكيانات محددة الصفة اما دينية او سياسية وتحت سيطرة قوانين الدولة. وفي اعتقاد كاتب المقال ان وجود مثل هذه الكيانات مزدوجة الصفة وخارج سيطرة قوانين الدولة كان من الاسباب الاساسية في فشل ما عرف بالديمقراطية الثالثة ونجاح انقلاب حزب الجبهة الاسلامية في 1989م الذي خطط له كيان لا يحتكم لقانون هو ما يسمي "الحركة الاسلامية". فهذه الكيانات اما ان تظل دينية وبالتالي يسري عليها قانون الجماعات والكيانات الدينية الذي يمنعها من أي عمل سياسي، او تُسجل كأحزاب سياسية غير دينية فيسري عليها قانون الاحزاب. وفي كل الاحوال سيظل عملها محكوماً بقوانين الدولة وتحت رقابتها.
3- عدم السماح الجمع بين زعامة الكيانات الدينية/الصوفية والاحزاب السياسية.
4- عدم السماح للكيانات الدينية/الصوفية وزعاماتها برعاية الاحزاب السياسية.
5- العمل على انهاء ما عُرف بالإدارة الاهلية كآلية من آليات السلطة في الدولة.
اما العامل الاساسي في تلاشي الطائفية علي المدى البعيد هو التعليم الجيد ذو المنهج المتوازن والمتنوع والمتدرج الذي يطور مهارات العقل الناقد والتفكير المستقل والثقة بالنفس واتخاذ القرار وتحمل المسئولية لدى الطفل، وهذا ما نأمله في المناهج الجديدة التي يجري اعدادها الآن. وعليه يجب اتخاذ التعليم النظامي حسب منهج وزارة التربية والتعليم السودانية كأساس لتعليم جميع اطفال السودان من الروضة وحتي نهاية المرحلة الثانوية، واجبار كل اطفال السودان بما فيهم اطفال الخلاوي علي هذا التعليم النظامي الموحد، وايقاف كل انواع التعليم الديني فيما بين المرحلة من الروضة الي نهاية المرحلة المتوسطة، وقصر ما يُعرف بتعليم الخلاوي علي فترة الاجازة الصيفة للتلاميذ حتي يجمع الاطفال بين التعليم النظامي الذي يؤمن مستقبلهم المهني وبين حقهم في حفظ القران الكريم.
سمير محمد علي
28 مايو 2020م
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
المراجع:
[1] http://www.sudanile.com/112773
"الأحزاب السودانية والجاهلية السياسية"، سمير محمد علي.
[2] http://www.sudanile.com/index.php//34-0-6-8-3-1-6-8/125362
"شروط استدامة الديمقراطية"، الإمام الصادق المهدي
[3] د. حيدر ابراهيم علي، "اليسار والدين في السودان الحزب الشيوعي أنموذجا"، في مجلة حفريات، 29/7/2018م.
[4] د. عبد الله علي ابراهيم، " الصراع بين المهدي والعلماء"، دار نوبار للطباعة، 1994م.
[5] البروفيسور محمد عمر بشير، "تاريخ الحركة الوطنية في السودان: 1900م – 1969م"، الدار السودانية للكتب، 1980م.
[6] https://www.suna-sd.net/ar/single?id=21754
[7] https://www.youtube.com/watch?v=5h9-k4cweDg


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.