يحيا العدل. فأمس ألغت المحكمة القومية العليا برئاسة مولانا محجوب الأمين الفكي وعضوية مولانا سرالختم صالح ومولانا بنجامين ياك دينق فوز مرشح المؤتمر الوطني للدائرة 4 البحر الأحمر (الأوليب) وقضت بإعادة الإنتخابات فيها. وهي الدائرة التي حمل فيديو الإنترنت صور موظفي أحد المراكز يزورون صناديق الاقتراع بغير رحمة. واشتهرت "الفعلة" في الإنترنت ب" الخج" لرج المزورون الصناديق ليوفوا االكيل. والحكم هو العدل نافذاً وعلى مرأى من الناس. وهذا على خلاف حكم آخر للمحكمة العليا قضت فيه بشطب الطعن في الدائرة 17 عطبرة. فقد قبلت المحكمة الطعن بعد أن ثبت لها أنه اقترع بالمركز 121 مقترع غير مسجل. كما جرى استخدام بطاقات في مركز بها ليس به رمز المرشح الطاعن. وثالثة الأثافي أن موظف المركز أشر البطاقات للناخبين حتى لمن يجيدون الكتابة. وربما حرمت مجازفته تلك مندوب المرشح الطاعن المحتج من حضور الفرز. وثبت للمحكمة حرمان روؤساء اللجان حتى من فكوا الخط بالاقتراع. وشطبت المحكمة الطعن مع ذلك بحجة أن التجاوزات لم تؤثر في النتيجة النهائية للفارق الكبير بين الطاعن والفائز. وعليه فلا معنى لإبطال الإنتخابات. لا أدري إن كان في الوسع استئناف هذا الحكم الذي خلا من مقتضى العدالة البسيطة. لو فهمت منطق المحكمة فالتزوير محتمل طالما أحسنته ولم تجعل لمنافسك سبباً ليحتج لأنك قتلت الجدادة وخميت بيضها. وودت في إنتخابات لفها غائل الشك أن يرتفع سقف الشفافية وأن يكون التزوير على البينة جرماً مبطلاً للانتخابات جملة واحدة. فقد تنادى للريبة في إنتخاباتنا الأخيرة حتى الذي اكتسحها. فللمؤتمر الوطني نفسه طعون بالتزوير والترهيب كثيرة أمام المحكمة. ومطلبنا برفع سقف تجريم التزوير راجع إلى سوء السمعة الذي اكتنف استثماراً وشوقاً وطنياً في علو التحول الديمقراطي المرتقب. يحيا العدل لأنه يردنا إلى الحق الذي تعامينا عنه أو نتعامى عنه. فهو حق البينة لمن إدعى. وهي بينة لم تقو على إبرازها الأحزاب الشماء المعارضة اللغاغة في حين شهدها مراقب في مكان قفر بالبحر الأحمر وأشهد عليها. لقد"تكهنت" هذه الأحزاب بتزوير الانتخابات وهي بعد فكرة ولم تستعد، ضمن أشياء أخرى، ليوم كيوم الأوليب. وراحت تستمزج الدلائل الهازئة (ancecdotal) مثل المرشح الذي قرصنوا منه صوته أو صوت زوجاته الأربع (يمكن أيو ويمكن لا. إت دبندز. تعتمد). لم يخدموا توقعهم التزوير ليضعوا البينات أمام القضاء كما فعل الأوليبي الماكر. وهذه غاية في لين الركب. لم يدع حكم المحكمة العليا حول الأوليب مطرحاً للمفوضية القومية للإنتخابات "لتودى وشها" صوبه. فقد رفضت أن تلتفت ناحية الفيديو "البغيض" ووصفته ب "الملفق" الذي أحسن أهله تلفيقه. ولم "تشاور" حتى فرعها ببورتسودان الذي اهتم بالأمر وشمر. وعزوت استكبار المفوضية في حديث مضى لتورطها في "ثقافة المؤسسة" وهي الانقباض عن المساءلة وتحوبل مهمة الجماعة من الخدمة العامة إلى خدمة "الكوربوريشن" أي الشركة. أما الذي انفضح بحكم المحكمة فهو الصحف. فمن بين 8 صحف كبرى لم يرد الخبر سوى في صحيفتين "آخر لحظة" و"التيار". وتميزت آخر لحظة بجعله "مانشيت" حيث ينبغي. فإهمال الخبر مؤشر على أن صحفاتنا "حوقلوية". فهي مع الواقعة طالما استمر "الحوقلي" ومتى توقف أصبحت الواقعة في "خبر كان". والمطلوب من صحافة تراشق الناس فيها حديث تزوير الإنتخابات أن ترخي اذنها جيداً للطعون التي مسحت بالأرض توقعاً سودانياً أغر كالانتخايات. ارجو ان يكون تفريط الصحف في إشراقة العدالة موضوعنا هنا مادة لاجتماعات صالة التحرير لتفادي ضحالة الذاكرة. يحيا العدل.