تعتبر حرية الصحافة من اهم الركائز الاساسية لعملية التحول الديمقراطى فى اية دولة ساعية من الانتقال من دولة الحزب الواحد الى التعددية السياسية باعتبار ان الصحافة احد المؤسسات المهمة فى تشكيل الراى العام و نشر الوعى وسط القطاعات الجماهيرية لكى تكون د مدركة لحقوقها وواجباتها كما انها تحاول ان تكشف و تشير الى اماكن الخلل فى المجتمع و حراكه و خاصة فى مؤسساته السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية باعتبار ان الديمقراطية تقوم اساسا على المؤسسية و توزيع السلطة و احترام القانون كما ان الصحافة تحاول دائما انتلتزم جانب الموضوعية و تأخذ مسافة و احدة من الحكومة و المعارضة حتى تستطيع ان تؤدى الرسالة المنوط بها من اجل تعميق الوعى الديمقراطى عن الجماهير. فى عدد من الدول الديمقراطية صاحبة الديمقراطيات العريقة تعتبر حرية الصحافة من اهم ركائز المجتمع لذلك ليس هناك اية قيود او شروط من اجل اصدار صحيفة او مطبوعة انما تحاول الدولة فقط ان تبحث عن حقوقها عند اصدار الصحيفة و النشرة و حقوقها تتمثل فى " الضرائب" لذلك يستطيع المواطن من خلال الانترنيت ان يستخرج رقما ضريبيا لاصدارته و يبقى استمرار و فشل المطبوعة متروك لتقبل الراى العام لهذا المطبوع و ان جرائم الصحافة تخضع للقانون الجنائى و المدنى العام و ليس هناك قانونا خاصا للصحافة و المطبوعات اما اذا اراد الشخص ان يصدر مطبوعة ليست ربحية عليه التوجه مباشرة الى المطبعة و طباعة منشوره و دائما المطابع تطبع اية شىء و لا تتحرج فى ذلك باعتبار انه " Bueiness" و اذا كانت هناك اية مشكلة تتعلق بالقذف او التشهير او غيرها فانها مسؤولية صاحب المطبوعة مع الجهات القانونية و ليس مسؤولية المطبعة لذلك كل شخص يعرف حدود القانون و الالتزام به و فى بريطانيا وزارة الداخلية هى التى تعين مدير مؤسسة "البى بى سى" و لكن المؤسسة لها حريتها الكاملة دون اية توجيهات او خضوع لوزارة الداخلية و دلالة على ذلك حرب "الفوكلاند" بين بريطانيا و الارجنتن حيث وقفت الاذاعة ضد حكومة بريطانيا فى الحرب و عندما سؤل مدير الاذاعة عن موقفهم هذا قالوا انها ليست حربا وطنية انما هى حرب رئيسة الوزراء مارقريت تاتشر و ليس لنا بها دخل. فى الدول الديكتاتورية او الدول التى تحكم بنظام حزب واحد تحاول تلك الدول ان تجد لها مبررا فى الاشراف المباشر او غير المباشر على الصحافة لذلك انها تحاول ان تؤسس مؤسسات مثل المجلس القومى للصحافة او الهيئة القومية للاعلام و الصحافة او اية مسمى تحاول و تصدر قانونا خاصا للصحافة دائما يكون فضفاضا مطاطا يقبل التأويل ثم تخضع المؤسسة التى تقوم بدور الرقابة للسلطة التنفيذية او لرئاسة الجمهورية من خلال تعين القائمين عليه و من خلال التعين تمتلك الجهة التى تعين حق تسير المجلس او المؤسسة الوجهة التى تريدها لذلك نجد ان اغلبية الدول التى تحكم بحزب واحد او واقعة تحت سلطة ايديولوجية تنشىء مثل هذه المؤسسات بدعوة انها تقوم بتطوير و تنمية العمل الصحافى او الاعلامى و فى الحقيقية ما هى الا و سيلة من و سائل الاخضاع و الاشراف. و حتى هذه اللحظة لم يحدثنا التاريخ القديم فى عهد الامبراطوريات القديمة او التاريخ الحديث ان هذه المؤسسات التى تنشىء من قبل الدولة قد استطاعت ان تنمى او تطور صناعة الصحافة و الاعلام بل انها كانت دائما تمثل عائقا كبيرا لحرية الصحافة و مصدر اساسى للمشاكل التى تعانى منها الصحافة بل تصبح سوطا مسلطا على ظهور الصحافة و الصحافيين كما هو الذى يحدث الان فى السودان حتى الان لم تجد الدولة مبررا واحدا تقوله بسبب نشاء المجلس القومى الصحافة انما هو مجلسا مسيسا يقيد حرية الصحافة و يعيق عملية تطويرها لانه دائما مائلا الى الدولة و قراراتها التى تعتقد انها تريد بها تحجيم حرية الصحافة من خلال مسوغات مختلفة. اذا كان فعلا حزب المؤتمر الوطنى يريد تحولا ديمقراطيا حقيقا فى البلاد و توسيع دائرة الحريات الصحافية عليه بحل هذا المجلس و الاكتفاء فقط بوزارة الاعلام باعتبار انها الجهة التى يجب ان تكون مخولة لمتابعة عملية تطوير الاعلام و الصحافة ثم اعطاء مزيدا من الثقة الى اتحاد الصحافيين السودانية باعتبار انه الجهة المنتخبة من قواعد الصحافيين السودانيين و هو المسؤول الاول و الاخير عن عملية تطوير الصحافة فى السودان اما اذا كان حزب المؤتمر الوطنى مصرا على قيام هذا المجلس فيجب تكوينه يتماشى مع عملية التحول الديمقراطى ان يتم انتخاب قيادات المجلس انتخابا مباشرا من عضوية المجلس و التى يجب ان تتكون من رؤساء تحرير الصحف و الناشرين و اتحاد الصحافيين السودانيين و ممثل لكل حزب سياسى باعتبار انه مجلس يجب ان تتعدد فيه الاراء المختلفة و هذه التعددية هى التى تشكل اللبنة الاساسية لعملية ا تطوير الصحافة. ان عمليات القيود العديدة التى تضعها الدولة فيما يسمى بقانون الصحافة و المطبوعات ثم المؤسسات التى تنشئها من اجل مراقبة الصحافة و تقيد حركتها هى لا تساعد عملية التحول الديمقراطى التى تقوم اساسا الدستور و القانون و التبادل السلمى للسلطة لا نها لا تعطى مساحة مقدرة للراى الاخر وواحدة من القيود المعوقة هو المجلس القومى للصحافة الذى لم يكون له شغل شاغل غير قرارات الايقاف و التعطيل و الابعاد و حتى الان المجلس لم يقدما مشروعا واحدا من اجل تطوير الصحافة او العمل من اجل توسيع الحريات الصحافية و ازالة كل العوائق التى تقيف امام تطورها. كنت اتخيل ان المجلس يقوم بالاتصال باعضاء المجلس الوطن فى ندوات متواصلة و خلق لوبى يعمل من اجل رفع كل القيود التى تعيق عملية صناعة الصحافة فى السودان و اعفاء كل ادوات الطباعة و النشر من الضرائب و العمل من اجل عدم استخدام الاعلانات كوسيلة للضغط من قبل الدولة على بعض الصحف مهما كانت ارائها لان المعارضة تمثل ركيزة من الركيزتين التى تقوم عليها الديمقراطية و بدونها ليس هناك ديمقراطية على الاطلاق ولكن لا نسمع عن المجلس القومى الا و اسمه مقرون بتعطيل صحيفة و رفض تعين فقط فهذا يؤكد تماما الدور المنوط بهذا المجلس المعيق حقيقة لتطور صناعة الصحافة فى السودان. الغريب فى الامر ان المجلس يهتم بقضايا انصرافية يعتقد انه من خلالها يحاول مناصرة السلطة فمثلا حملت عدد من مواقع الانترنيت ان هناك صحفا توقفت تضامنا مع صحيفة رأى الشعب التى تم ايقافها بحكم القضاء بانه لا اساس له من الصحة كأنما التوقف عن الصدور يهدف الى اسقاط السلطة القائمة انما هو تعبير عن موقف ربما تكون هناك صحفا موالية للدولة و لكنها فى القضايا المهنية تقف معها و يمكن ان يكون هناك اختلافا فى الحزب الواحد حول قضية ما و الدعوة من اجل توسيع مواعين الحرية هو بهدف تطوير صناعة الصحافة و ترقيتها لان تقييد حرية الصحافى تؤدى الى عزوف الناس عن شراء الصحف و البحث عن الاخبار و الاراء بعيدا عن الصحافة الوطنية و خاصة ان هناك العديد من ادوات الاتصال التى خارج دائرة رقابة الدولة و لكن من الخاسر فى ذلك انها صناعة الصحافة فى السودان ان مثل هذه العقليات التى تبحث من خلال تصريحاتها عن مواقف لكى تتقرب و تتودد للسلطة لا يمكن ان تكون هى العناصر القادرة على تطوير و تنمية الصحافة و المدافعة عن حريتها. لذلك اطلب من التوأمين الدكتور كمال عبيد وزير الاعلام و السيد فتحى شيلا مسؤول الاعلام فى المؤتمر الوطنى و رئس لجنة الاعلام فى المجلس الوطنى ان يقدما مشروعا بحل المجلس القومى للصحافة اذا كانا فعلا يعملان من اجل حرية الصحافة و الارتقاء بصناعتها و اذا كان لا بد من المجلس يجب ان تتحول عملية التعيين فيه من خلال الانتخاب المباشر من قبل قاعدة المجلس رغم اننى لا اعتقد ان هناك ضروة فى تكوين مثل هذه المجالس التى تعيق عملية التحول الديمقراطى و تشكل عائقا لحرية الصحافة. zainsalih abdelrahman [[email protected]]