الحركة الشعبية لم تعد وحدوية كما كانت تغني لها قوي التجمع الوطني الهالك ، و التي منت نفسها حينا من الدهر بفتح الخرطوم علي ظهر جواد علماني لم يروض علي دين و طباع أهل السودان . أحلام قوي التجمع تبخرت علي منضدة نفاشا ،حيث أقنع الحلفاء الغربيون، ربيبتهم الحركة الشعبية بان اجتياح العاصمة الحسناء من سابع المستحيلات ، ذلك ان الجيش الوطني السوداني محمي ظهره بدفاع شعبي عرمرم قوامه رجال آمنوا بقدسية تراب السودان حيث، نذروا له أنفسهم علي غاية تناهت في التضحية و الفداء و الأيثار. بناء علي نصائح الغربين، أقبلت الحركة علي نيفاشا و هي تعلم أن موازين القوي ضدها ، و بالتالي أتت مقتنعة بأن اجندتها العلمانية لم تمر و عليها ان تركز علي القضايا المباشرة للأقليم الجنوبي من البلاد. الحركة ، أقبلت علي نفاشا بأجندة جهوية حزبية تلحق ضررا مبرحا بمشروع الوحدة التي طالما دغدغت بها عواطف قادة التجمع الذين كانوا ينظرون لجون قرنق و كانه (الحلم المنتظر). في نيفاشا، الحركة، لم تركز علي مقومات الوحدة الجاذبة من جيش قومي محترف ، سياسية خارجية ذات رؤية و آلية واحدة و نظامي مصرف موحد ، بل لم تسهم الحركة بسياسات قومية تدفع في بلورة رؤيا وطنية مشتركة ترقي النظام السياسي الاتحادي و تؤسس لقواعد السلم الاجتماعي و العيش المشترك بين قوي الجنوب و الشمال. أكثر مما ذكرت كان لافتا لنظر المراقبين ، أن الحركة لم تصر علي علمانية الدولة السودانية في نيفاشا و لم يكن هذا من واقعيتها بل من زهدها في وحدة البلاد. الحركة الآن تتحدث عن العلمانية شرطا للوحدة الجاذبة . هذا خروج علي اتفاقية نيفاشا التي ثبتت أسلامية أقاليم الشمال و حقها في التحاكم بالشريعة السمحاء و قد شهد علي ذلك سدنة الاتفاقية من الغرب الأوربي ، الشمال الأمريكي و الجوار الإفريقي . فضلا علي هذا ، في ظل النظام الفدرالي يحق لكل الولاية سن القوانين التي تتوافق مع قيمها و تقاليدها، أسلامية كانت ام مدنية . الحركة تريد إن تتذرع بعلمانية الدولة لتسويق مشروعها الانفصالي ، لكن هذا لن ينطلي علي شعب السودان لأنه يعلم إن الحركة ، منذ نيفاشا توافقت علي تعدد مصادر التشريع و القوانين و رضت بأن يحكم الشمال إسلاميا و الجنوب علمانيا. المزيدات الفالتة و التصريحات الهوجاء من قادة الحركة و التهديد بإعلان الانفصال من داخل برلمان الجنوب تنبأ بمخاطر جمة، إن لم ننتبه و نعد العدة و نوحد الارادة الوطنية لمواجهة مواقف حمقاء قد تجرنا إلي مالا يحمد عقباه. Fagir Ahmed [[email protected]]