بات من الثابت فى إطار ادبيات ومفردات الأزمة التى يمر بها السودان وماَلاتها،ما ان ترد كلمة "سلام" إلا وترد معها متلازمات مثل:عادل، شامل،مستدام. وإتساقاً مع عنوان هذا المقال، حرىٌ بنا ان نطرح السؤال التالى – ماذا يعنى السلام الشامل؟
إستغرقنا وقتاً ليس بالقصير بغية الخروج بموقفٍ تفاوضيٍ يستوعب تطلعات وهموم وإنشغالات اهل دارفور فيما يتصل بقضايا السلطة. وكان موضوع " شمول الحل " من المواضيع التى إستحوزت إهتمامنا، وبالفعل ادرنا حوله نقاشاً مستفيضاً بل قتلناه بحثاً وخلصنا فى نهاية الأمر الى تعريفٍ يقسّم الشمول الى قسمين: الأول: شمول مواضيع، وهو ان يحوى الإتفاق المرتقب فى طياته ما يحقق تطلعات اهل دارفور ويعالج قضاياهم الملحّة. وفى تقديرى أنّ الملفات الخمسة التى تشكل فى مجملها الموقف التفاوضى للحركة وهى: 1.السلطة 2.الثروة 3.الترتيبات الأمنية 4.العدالة والمصالحات 5.التعويضات وعودة النازحين واللاجئين تتحقق ذلك الشمول، ليس بشكل مطلق ولكن نسبياً.
الثانى: شمول الأطراف، ويعنى ان تكون كل الأطراف المعنية بقضية دارفور لاسيّما الحركات المسلحة، مشاركة فى العملية السلمية وموقعة على الإتفاق النهائى المرتقب لسلام دارفور. ولعلّ إقناع الأطراف الممتنعة عن الإنضمام لمنبر الدوحة هو مهمتنا جميعاً، ولكن العبئ الأكبر يقع على عاتق الوساطة بإعتبارها الجهة الراعية و الحكم بين الأطراف. وتأتى اهمية شمول الأطراف ناحية أنها سدٌ للثغرات التى يمكن ان تنفذ من خلالها عوائق من شأنها ان تأثر سلباً على عملية التطبيق والإستدامة.
ولكيما يكون إتفاق السلام الرتقب قابلاً للتطبيق والإستدامة، أرى أنه من الأهمية بمكان، عرض ما يتم التوصل إليه من قبل الأطراف الى مجتمع دارفور بمختلف شرائحه من نازحين ولاجئين ومجتمع مدنى بشقيه المقيم والمهاجر واحزاب سياسية...الخ، بإعتبارهم اصحاب المصلحة الحقيقيين فى إحلال السلام، إضافة الى حشد الدعم اللازم لإنزاله الى ارض الواقع، وتلافياً لسلبيات التجارب السابقة.
وهنا يجدر بنا ان نشير الى ان لحركة\جيش التحرير والعدالة تجربة رائدة فى هذا الجانب، إذ نظمت بالتعاون مع الوساطة المشتركة فى شهرى يونيو ويوليو الماضيين قبيل إنطلاقة المفاوضات نظمت ملتقىً لممثلى النازحين واللاجئين والمجتمع المدنى إضافة الى نخبة من الخبراء الذين شاركوا فى إعداد وثيقة هايدلبيرج بغرض التشاور معهم وإستصحاب رؤاهم، وكانت لتلكم المشاورات القدح المعلّى فى بلورة الموقف التفاوضى للحركة.
ختاماً، اود ان الفت إنتباه اطراف الصراع فى دارفور، الى ان تحقيق السلام ليس بالأمر الصعب، ولكنّه فى الوقت نفسه ليس بالأمر الهيّن، لأنه يحتاج الى صدق نوايا وإرادة قوية فضلاً عن القدرة على وضع المصلحة العليا للوطن فوق مصلحة الذات. ولعلّ الحكومة هى المعنية اكثر من أى طرف اَخر بدفع إستحقاقات السلام، لأن الحركات من ناحيتها لاتملك شيئاً سوى المطالب، بينما الحكومة تملك كل شي....وقد اَن الأوان ان تستجيب....فهلا فعلت ذلك !؟
احمد فضل عبدالله امين المنظمات الإقليمية والدولية بحركة\جيش التحرير والعدالة E-mail: [email protected]