شاهد بالفيديو.. في حضور الآلاف من سكان أم درمان.. العميد أحمد محمد عوض يحيي حفل جماهيري بأم در لأول مرة منذ الحرب    طارق عبد الهادي: ولينا يعقوب    اللجنة المالية برئاسة د. جبريل إبراهيم تطمئن على سير تمويل مطلوبات العودة لولاية الخرطوم    الهلال والجاموس يتعادلان سلبيا والزمالة يخسر من ديكيداها    المريخ يكثف درجات إعداده للقاء سانت لوبوبو    تمديد فترة التقديم الإلكتروني للقبول الخاص للجامعات الحكومية وقبول أبناء العاملين    شاهد بالفيديو.. ظهر وهو يردد معها إحدى أغنياتها عندما كان طفل.. أحد اكتشافات الفنانة هدى عربي يبهر المتابعين بصوته الجميل بعد أن أصبح شاب والسلطانة تعلق    شاهد بالفيديو.. استقبلت أحد الرجال ب(الأحضان).. المودل السودانية الحسناء "علا الشريف" تعود لإشعال مواقع التواصل بإطلالة مثيرة للجدل خلال عرض أزياء بدبي    من سيحصد الكرة الذهبية 2025؟    مدير جهاز الأمن والمخابرات: يدعو لتصنيف مليشيا الدعم السريع "جماعة إرهابية "    كندا وأستراليا وبريطانيا تعترف بدولة فلسطين.. وإسرائيل تستنفر    (في الهلال تنشد عن الحال هذا هو الحال؟؟؟)    ترمب .. منعت نشوب حرب بين مصر و إثيوبيا بسبب سد النهضة الإثيوبي    تدشين أجهزة مركز عمليات الطوارئ بالمركز وعدد من الولايات    الارصاد تحذر من هطول أمطار غزيرة بعدد من الولايات    وزارة الطاقة تدعم تأهيل المنشآت الشبابية والرياضية بمحلية الخرطوم    "رسوم التأشيرة" تربك السوق الأميركي.. والبيت الأبيض يوضح    الزمالة أم روابة في مواجهة ديكيداها الصومالي    دعوات لإنهاء أزمة التأشيرات للطلاب السودانيين في مصر    د. معاوية البخاري يكتب: ماذا فعل مرتزقة الدعم السريع في السودان؟    إدانة إفريقية لحادثة الفاشر    مياه الخرطوم تطلق حملة"الفاتورة"    الأهلي مدني يبدأ مشواره بالكونفدرالية بانتصار على النجم الساحلي التونسي    ليفربول يعبر إيفرتون ويتصدر الدوري الإنجليزي بالعلامة الكاملة    شاهد.. ماذا قال الناشط الشهير "الإنصرافي" عن إيقاف الصحفية لينا يعقوب وسحب التصريح الصحفي الممنوح لها    10 طرق لكسب المال عبر الإنترنت من المنزل    بورتسودان.. حملات وقائية ومنعية لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة وضبط المركبات غير المقننة    جرعات حمض الفوليك الزائدة ترتبط بسكري الحمل    الأمين العام للأمم المتحدة: على العالم ألا يخاف من إسرائيل    الطاهر ساتي يكتب: بنك العجائب ..!!    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نداء من مواطن: من أجل الوحدة والسلام .. الخروج في سلسلة بشرية! .. بقلم: د. عمر محمد علي أحمد
نشر في سودانيل يوم 07 - 11 - 2010


من أجل الوحدة والسلام
الخروج في سلسلة بشرية!
د. عمر محمد علي أحمد
ونحن نستشرف انطلاقة الحملة الإعلامية حول خياري الوحدة والانفصال وهي الحملة التي تمتد لمدة شهرين اعتباراُ من السابع من نوفمبر 2010 يخطر بأذهاننا سؤال هام وهو: كيف يعبّر الشارع الشمالي عن حرصه على الوحدة وتمسكه بالسلام؟
لقد ظل المواطن السوداني الشمالي حتى الآن متلقياً لما تبثه أجهزة الإعلام وتنشره الصحف كما ظلت الشرائح المستنيرة تتابع ما يدور من سجال حول الوحدة والانفصال في المنتديات الفكرية التي تنظمها مراكز البحوث والدراسات أسوةً بالجامعات السودانية.. فهل تكفي هذه الإسهامات الصفوية في غياب المشاركة الشعبية القاعدية؟ وهل يكفي هذا التناول لقضية هي الأخطر في تاريخ البلاد؟
لأسباب موضوعية ومفهومة لم تعط اتفاقية السلام الشامل المواطنين في شمال السودان الحق في المشاركة في الاستفتاء رغماً عن كونهم معنيون بها بقدر لا يقل عن المواطنين بجنوب البلاد كما تشير كل التوقعاتً! لسد هذه الثغرة يستطيع المواطن في شمال السودان استخدام وسائل التعبير الجماهيري ليؤكد للجنوبيين وللعالم أجمع إيمانه العميق بالسلام وحرصه على الوحدة.
باستخدام وسائل التعبير الجماهيري يتحول المواطن السوداني العادي – أي رجل الشارع – من المتلقي الصامت إلى الفاعل الايجابي وصانع للحدث!
إن المشاركة الجماهيرية الواسعة – إذا ما تحققت – هي القادرة على أن تبعث برسالة قوية ونافذة لكل أهل الجنوب وبصفة خاصة إلى نشطاء الانفصال. رسالة فحواها أن الشمال يكن لهم المودة و الاحترام ويحرص على بقائهم أخوةً في الوطن الواسع العريض. فحواها أيضاً أنه يرفض الانفصال لأنه بغيض ولأنه يفتح أبواب الجحيم على كل السودان – شماله وجنوبه على السواء ولأنه ينسف المصالح المشتركة ويعطل التنمية ويناقض لغة العصر.
هي رسالة تحمل بين ثناياها أن الشعب السوداني يتبرأ من أخطاء حكام السودان منذ الاستقلال ويعتذر عن التقصير الذي حدث باسمه.. ليس في حق الجنوب فحسب وإنما في حق الشمال وفي حق كل الأقاليم المهمشة كما يعتذر عما عاناه الجنوب ودارفور من أهوال الحرب. هذا إن كان للإعتذار معنى وفي أذهاننا الاحصاءات المهولة والمفجعة عن ضحايا الحروب : من فقدوا أرواحهم ومن تشردوا.هي في ذات الوقت رسالة تحمل بين طياتها دعوة صادقة وأمينة لطي صفحة الماضي البغيض والسعي المشترك لإرساء علاقة سويّة وقائمة على العدالة و الاحترام المتبادل كما ينبغي على قادتنا التحلي بالمرونة للوصول إلى تسويات يفرضها العقل والمسئولية التاريخية.
هي أيضاً رسالة موجهة إلى بعض دول الجوار التي تدفعها أطماعها الاقتصادية وطموحاتها الإستراتيجية إلى إزكاء الروح الانفصالية. يتجلى خبث هذه الدول في دفعها للجنوب لفتح منافذ لتعاملاته الخارجية عبر أراضيها بحيث يتحمل تكلفتها الباهظة من موارده الشحيحة خصماً على مشاريعه التنموية والخدمية لتجني هي المكاسب! هي في النهاية رسالة إلى المجتمع الدولي ليراجع حساباته ويعيد النظر في مواقفه حيال وحدة السودان.
كيف نصيغ رسالة قوية؟
إن وسائل التعبير الجماهيري كثيرة وتتنوع حسبما يقتضي الأمر. إن أكثر الوسائل شيوعاً عندنا هي التظاهرات الصاخبة التي ظل الشارع السوداني يمارسها منذ مطلع الثلاثينات من القرن الماضي حينما خرج طلبة الكلية الحربية في تظاهرة جابت شوارع الخرطوم وانتهت باعتقالهم في باخرة في عرض النيل!
إن وسائل التعبير الجماهيري ليست قاصرة على التظاهرات فهناك الكثير...
هنالك المسيرات فمنها الطويلة بين المدن ومنها القصيرة الهادرة داخل المدن وهناك المهرجانات الخطابية والليالي السياسية والندوات المفتوحة.
هناك التظاهرات الجالسةsquatting كأبلغ أسلوب في التعبير السلمي كما هو الحال في حمل الشموع ليلاً للتظاهرات الحزينة والتجمعات الابتهالية.
هناك أيضاً مغزل المهاتما غاندي الذي بشيوعه بين الهنود ضرب صناعة النسيج في لانكشير بالكساد!
هناك العصيان المدني الذي استخدمه الشعب السوداني في أكتوبر وأبريل.
وهناك التوقيعات بشكليها التقليدي والإلكتروني.
وهناك الرسائل المباشرة التي يستخدمها الناشطون في حقوق الإنسان.
في الولايات المتحدة وفي ذروة المقاومة السلمية للفصل العنصري والمطالبة بالحقوق المدنية التي قادها مارتن لوثر كنج شاعت في تجمعات ومسيرات الزنوج ومناصريهم من البيض أغاني التحرر وأنشودات النصر فكانت أشهرها أنشودة "سننتصر" We will overcome كأسلوب للتعبير الجماهيري!
أما تجمعات وتظاهرات الشباب الأمريكي وأنصار السلام إبان حرب فيتنام فقد اتخذت لها شعاراً أغنية أعطوا السلام فرصةGive peace a chance فشاعت هي الأخرى كوسيلة للتعبير الجماهيري.
للفنانين التشكيليين أيضاً إبداعاتهم في التعبير وذلك من خلال لوحاتهم ومجسماتهم ومعارضهم ومن خلال الجداريات والقرافيتيGrafitti.
وهكذا تتعدد وتتنوع أساليب وأنماط التعبير.
من بين وسائل التعبير الجماهيري نقترح أكثرها نفاذاً وأقواها فاعلية وأثر وهي السلسلة البشرية.
تتميز السلسلة البشرية بكونها تتسع لعدد غير محدود من المشاركين ولا يحدها إلا مستوى الإقبال والحيّز المكاني، كما أن تنظيمها لا يكلف كثيراً كما سنرى. إن السلسلة البشرية التي نتطلع إلى تنظيمها هي بحجم السودان أرضاً وشعباً وهي بحجم الطامة المقبلة والخطر المحدق!
إن السلسلة البشرية التي نقترحها هي في واقع الأمر سلسلتين متوازيتين تتمددان على جانبي الطريق على مسار شبه دائري أو بيضاوي عبر المدن الثلاث، تخصص إحدى السلسلتين للذكور والثانية للإناث تمشياً مع تعاليم ديننا الحنيف وتقاليدنا. في هاتين السلسلتين يتماسك المشاركون والمشاركات بالأيادي تعبيراً عن الوحدة والتضامن ومن خلفهم يصطف حاملو اللافتات والأعلام والرايات.. أعلام السودان والحركة الشعبية وكل راية تحمل رسالة أو تعلن عن مشاركة كما يقف حاملو أوراق شجر الموز وأغصان شجر المانجو بجانب جريد أشجار النخيل في إشارة لتلاحم الغابة والصحراء ثم يأتي من خلفهم الجمهور المشارك.
إن أردنا للسلسلة البشرية أن تجتذب أكبر عدد من سكان العاصمة لابد من استيفاء ثلاثة شروط أساسية وهي: -
أولاً: أن تكون الدعوة دعوة مفتوحة لكل مكونات المجتمع السوداني وبهذا نعني كل التنظيمات السياسية سواء أكانت في الحكومة أو المعارضة، النقابة العامة للعاملين والنقابات الفرعية، اتحادات المزارعين وكل الاتحادات والروابط الفئوية والإقليمية ومنظمات المجتمع المدني، التنظيمات الإسلامية والطرق الصوفية، الكنائس بمذاهبها والجمعيات المسيحية، القوات النظامية، اتحادات المعاشيين المدنيين والعسكريين، الجامعات السودانية أساتذة وطلاباً والمدارس بكل مستواياتها، اتحاد أصحاب العمل بكل مكوناته، الفرق الرياضية وتشمل الفرق الرياضية بالأحياء، الفنانون بمختلف مشاربهم وتوجهاتهم .. وهكذا.
ثانياً: أن يكون مسار السلسلة عبر أو عند أطراف الأحياء الشعبية ما أمكن لسبب بسيط وهو كثافتها السكانية العالية واستجابت سكانها التلقائية للأحداث وحتى تتقلص الحاجة لنقل المشاركين.
لتجنب تعطيل دولاب العمل – وإن كان للحدث أهميته – لعله من المناسب أن يتم تنظيم هذه التظاهرة في يوم عطلة كيوم السبت مثلاً. لحسن الطالع تتزامن بداية الحملة الإعلامية مع إطلالة فصل الشتاء مما يهيئ طقساً ملائماً ويشجع على المشاركة الكثيفة تشمل حتى كبار السن والأطفال.
ثالثاً: لابد من تغطية إعلامية واسعة لتشرح مغزى تنظيم السلسلة البشرية. تلك هي مسئولية أجهزة الإعلام المرئية والمسموعة كما هي مسئولية الصحف بتوجهاتها السياسية والرياضية والاجتماعية. هي أيضاً مسئولية المعلمين والمعلمات في مؤسسات التعليم العام كما هي مسئولية كل الأحزاب والفعاليات الاجتماعية والطوعية.
لتجنب التسبب في اختناقات المرور في وسط العاصمة – وإن تم تنظيم السلسلة في يوم عطلة – ولنجعل دائرة السلسلة أكثر اتساعاً وبالتالي أقوى تأثيراً إعلامياً وأكثر نفاذاً عاطفياً وسياسياً ولتتاح المشاركة لأكبر عدد ممكن من سكان العاصمة، نرى أنه من المناسب أن تتواصل السلسلة البشرية عبر الجسور الطرفية على النيل وهي جسور الإنقاذ "الفتيحاب"، المنشية/الجريف وجسر الحلفاية
السيناريو..
بالطبع لا معنى في خروج سكان العاصمة بهذه الأعداد الضخمة ثم يقفلوا راجعين إلى منازلهم إذ لابد من احتفائية يعيشونها ولابد من ذروةClimax للحدث. هذا ما نحاول ايجازه في السيناريو التالي:
* تتشكل الاحتفائية من بث الأغاني الوطنية والأناشيد الداعية للوحدة من مكبرات الصوت الثابتة والمتحركة. لعله من المناسب هنا الإشارة إلى تجربة سبق للعاصمة المثلثة أن عاشتها.. بُعيد الاستقلال احتفل السودان المستقل بشراء أول مجموعة من الطائرات – مدنية أم عسكرية؟ - بأسلوب مبتكر. طافت تلك الطائرات في سماء العاصمة المثلثة وفي أحداها كان الشيخ عوض عمر الإمام رحمه الله يتلو آيات من القرآن الكريم بصوته الاثير عند المستمعين لراديو أم درمان والمصلين بمسجد أم درمان الكبير. كانت التلاوة تُبث من مكبرات الصوت المثبتة على أجنحة الطائرة. أينما مرت الطائرة كانت الحركة تهدأ ويطبق صمت مهيب على الشوارع والأحياء التي كانت قليلة السكان والسيارات! فيصمت الناس خاشعين لتلك التلاوة المتنزلة من السماء! كان حدثاً فريداً ما زال مختزناً في ثنايا الذاكرة رغماً عن مرور أكثر من نصف قرن! فهل نعيد هذه التجربة ولدينا شيخ الزين وأخوته الكرام ليرددوا لنا الآيات الداعية للمحبة والسلام ثم يتبادلون المايكروفون مع رجال الدين المسيحي ليقرأوا مقتطفات من الكتاب المقدس تحمل ذات المعاني السامية؟ هذا بالطبع بجانب الأغاني الوطنية والأناشيد.
تزداد الاحتفائية زخماً بأعلام السودان والحركة الشعبية وباللافتات الداعية للوحدة والسلام و تلك التي تعلن عن هوية وانتماءات المشاركين باللغتين العربية والإنجليزية ولا بأس من إضافة السواحلية والأمهرية والفرنسية لنشرك دول الجوار في تظاهرتنا. لنستصحب الخالدين معنا نرى أن ترفع صور لرموز الحركة الوطنية وهي قائمة طويلة تبدأ بالإمام محمد أحمد المهدي وتنتهي بالدكتور جون قرنق وما بينهما قائمة مفتوحة لا تسقط أعضاء مؤتمر جوبا في عام 1947 الذين اتفقوا على وحدة البلاد ولا الناظرين دينق مجوك وبابو نمر رمزا الحكمة.
أما الوجه الآخر للاحتفائية فيتمثل في موكب السيارات المكشوفة – البكاسي والدفارات؟ - بحيث يمثل كل شرائح ومكونات المجتمع السوداني..
يتحرك الموكب من حدائق الشهداء – حيث يقام مهرجان ضخم للأغاني والأناشيد الوطنية والأغاني الشعبية وكورالات النيليين بجنوب السودان التي تعكس تنوع ثقافات السودان – ينطلق الموكب تتصدره السيارات الحاملة لأطفال السودان بتنوعهم العرقي والجهوي ثم مجموعة من الأمهات برفقة صغارهن باعتبار هاتين المجموعتين أكثر شرائح المجتمع المعنية بالسلام. يأتي بعد ذلك طلاب وطالبات المدارس بذات التكوين كرموز للمستقبل ثم يليهم كبار السن من الجنسين وهم آباء وأمهات السودان الذين حافظوا عليه موحداً. يتبع ذلك السيارات الحاملة لقيادات كل التنظيمات المشاركة أو من ينوب عنها وذلك بالإضافة لمجموعات صغيرة من كل الوحدات من القوات النظامية تعبيراً عن إيمانها بالسلام وتأكيداً لانحيازها التاريخي لخيارات الشعب.
ينتهي الموكب من حيث بدأ أي في ساحة الشهداء وهنا تصل الاحتفائية إلى ذورتها. من الصغار والصبية الذين شاركوا في الموكب تتكون سلسلة بشرية صغيرة بحيث تبدأ من ساحة الشهداء وتمتد إلى داخل القصر الجمهوري. يتقدم صبي وفتاة يمثلان الجنوب والشمال في أجواء تصدح بالأغاني الوطنية الخالدة.. عزّة ، سوداني، يا وطني، أنا سوداني.. وكورالات القبائل الجنوبية النيلية وغيرها.. يتقدمان ليسلما إنابة عن الشعب السوداني رسالة مزدوجة إلى السيدين رئيس الجمهورية ونائبه الأول رئيس حكومة الجنوب أو إلى من ينوب عنهما.
في رأينا أن أهم النقاط التي ترتكز عليها الرسالة هي أن السلام والوحدة يرتبطان ارتباطاً عضوياً ويتأكد ذلك من عدد وتعقيدات القضايا العالقة والأجواء المتوترة السائدة حالياً.
عليه فإن مخاطر الانفصال التي باتت واضحة ستجعل من التعجل في إعلانه أول خطوة في طريق الحرب والدمار ولذلك ينبغي أن يتوافق الجميع على الوحدة مهما كانت التضحيات. أما إن رجحت كفة الانفصال فالحكمة تقتضي تمديد أجل اتفاقية السلام الشامل بحيث تنتهي متزامنة مع نهاية ولايتي السيدين رئيس الجمهورية ونائبه الأول رئيس حكومة الجنوب وهو التاريخ الذي يعلن فيه ميلاد دولة الجنوب المستقلة بهذا التمديد يزول الانفعال وتهدأ النفوس مما يسمح بمعالجة كل قضايا الانفصال وعلى رأسها القضايا الإنسانية الخاصة بالجنوبيين في الشمال والشماليين في الجنوب. بهذا التمديد يخرج الوطن من هذه الأجواء الملبدة بالغيوم التي تنذر بروقها بعواصف وزوابع رعدية وصواعق حارقة وبهذا التمديد يتحقق الهبوط السليمSafe landing للوطن ويتحقق الانفصال السلس والجوار الأخوي المتسامح والمتعاون و المتكامل.
التمويل ... والأمن
كما يتضح من سياق هذا الطرح فإن السلسلة البشرية المقترحة ما هي إلا مظاهرة طوعية شعبية لا تستند على دعم حكومي ولكن تنظيمها يفترض موافقة والي الخرطوم. بهذا الفهم فإن القائمين على أمرها هم متطوعون من نشطاء السلام والوحدة. بهذه الروح يستطيعون تعبئة المعينات القليلة التي يحتاجون إليها لتنظيم السلسلة. إن أهم مطلوبات السلسلة هي سيارات النقل التي يسهم بها أصحابها تطوعاً لنقل المشاركين من المواقع البعيدة حول العاصمة كقرى السلام ومن ثم إعادتهم. هناك أيضاً السيارات المكشوفة – كالبكاسي – للمشاركة في الموكب وهناك مكبرات الصوت ونقل أوراق الموز وجريد النخل وتوزيعه وكلها تنتظر مشاركات طوعية من أصحاب السيارات مباشرة أو من خلال غرفة النقل باتحاد أصحاب العمل.
أما الأمن فسيتوفر تلقائياً بالحضور الكثيف للقوات النظامية وانتشارها على امتداد السلسلة للتعبير عن إيمانها بالسلام.
أما فيما يختص بتنظيم السلسلة وإخراجها بمستوى يليق بالسودان فإننا نرى جدوى الاستعانة بالتنظيمات الكشفية والمتطوعين من طلاب وطالبات الجامعات أسوةً بالمتطوعين من التنظيمات السياسية والنقابية المشاركة.
دور الإعلام والصحافة
لإيصال نداء الوحدة والسلام لابد من تغطية إعلامية واسعة من قبل وسائل الإعلام الوطنية والأجنبية. بداهةً لن تدخر وسائل الإعلام جهداً في التغطية الأرضية ولكننا نرى أن تغطية هذا الحدث باتساعه المكاني وبالكثافة البشرية المتوقعة لن تكتمل إلا بالتغطية الفوقية أي "البانورامية". لهذا سيكون من الضروري توفير عدد من المروحيات والتنسيق مع المركز القومي للمعلومات لضمان التغطية الفضائية بواسطة الأقمار الصناعية!
إن مؤسسات الإعلام العالمية والفضائيات ستجد في تظاهرة شعبية بهذا الحجم لقضية تتعلق بالسلام والوحدة ستجد فيها مادة إعلامية جاذبة. لهذا فإن دعوة هذه المؤسسات والقنوات التلفزيونية الدولية إذا ما اقترنت بتوفير المعينات سيجعلها تتدافع لرصد ونقل وتوثيق الحدث.
خاتمة
إن الرسالة التي تحملها السلسلة البشرية رسالة واضحة ومحددة وهي السلام أولاً ثم الوحدة ثانياً.
بداهةً قد لا تتحقق الوحدة ولكن عدم تحقيقها لن يقلل من شأن السلسلة البشرية فإن مجرد تنظيمها والمشاركة فيها يحقق مكاسب هامة وهي:
• ألا يشعر المواطن في شمال البلاد أنه مجرد متفرج على مسرح الأحداث بل له صوت داوي ودور إيجابي في صناعتها.
• أن المشاركة في التظاهرات والاضرابات– كيفما كانت طبيعتها – من شأنها أن تفرع شحنات عاطفية قوية تعيد للمجتمع توازنه العاطفي كما هي ترياق ضد تراكم الغُبن المفضي إلى العنف. تلك حقيقة يؤكدها المختصون في علم سيكولوجية الجماعة. لهذا تؤمّن الديمقراطية على حق التظاهر والإضراب عن العمل كحق أصيل حتى وإن استطالا وتسببا في خسارات تصل إلى البلايين.
• بالمشاركة في المسيرة يسعد المواطن – وما أحوجه لشيء من السعادة! – بأنه قام بدور وطني وشارك في صنع الأحداث في أكثر منعطفات تاريخ السودان حساسية وخطورة. سيظل المشاركون – حتى الصغار منهم – يجترون ذكرى هذه المشاركة ليروها بفخر لأجيال صاعدة أو هي في رحم الغيب. هذا ما يفعله كبارنا الذين تعرضوا للاعتقال أو شاركوا في تظاهرات الجمعية التشريعية عام 1948 أو للتعبير عن مناهضتهم للاستعمار وللأنظمة القمعية التي حكمت البلاد.
• ستبعث السلسلة البشرية رسالة نافذة ومؤثرة إلى الجنوبيين بالشمال بأنهم في وطنهم وبين أهلهم فمعظمهم ولدوا وترعرعوا وشبوا بيننا. هي رسالة من شأنها أن تبطل مفعول التصريحات المنفلتة التي صدرت – وقد يصدر المزيد منها! – من بعض المسئولين. كما هي رسالة من شأنها أن تمتص المرارات التي يشعرون بها بسبب ما يكتب أو يقال أو يُفعل في شأنهم من بعض الشماليين من ذوي المفاهيم التي عفا عليها الزمن وركلتها الإنسانية في تعفف!
• من زاوية أخرى يشكل تنظيم السلسلة البشرية دعماً معنوياً لأنصار الوحدة من الجنوبيين بجنوب البلاد وهو تعويض وبديل لهم عن الحصار الذي قد تواجه حملتهم والتحرشات من غلاة الانفصاليين بجنوب البلاد. هي رسالة فحواها أن القاعدة العريضة من الشماليين ليست كما يصورها غلاة الانفصاليين من الجانبين.
• هي أيضاً موآزرة ودفع معنوي للشماليين بجنوب البلاد وهم في محنتهم تنتابهم المخاوف حول سلامة أسرهم وأمنهم وسلامة ممتلكاتهم كما تعصف بهم الهواجس حول مستقبلهم.
• بتنظيم السلسلة يحق للسودانيين أن يفخروا بأنهم عبّروا عن أنفسهم في قضية مصيرية ومفصلية بأسلوب حضاري رفيع سيشهد عليه العالم من خلال الفضائيات كما هي ممارسة ديمقراطية تزيد من رصيدنا من مكارم الأخلاق وحسن الخصال وترفع من شأننا بعد ما نعتنا بكل ما هو قبيح!
• إن وجدت هذه الفكرة قبولاً من الرأي العام والتنظيمات السياسية والأجهزة الرسمية يصبح من الضروري التعجيل في إخراج السلسلة البشرية. نظراً لضيق الفترة المتاحة للدعاية فإن التعجيل يعني ضمناً التعبئة للتسجيل والإقتراع كما يعني إمكانية تنظيم سلاسل بشرية أخرى في المدن الرئيسة في الشمال وفي جنوب السودان.
• من رأينا أن تتاح لأنصار الانفصال بالشمال أن يعبروا عن أنفسهم بالوسيلة التي يرونها ،وقد يكون حدثاً مثيراً أن يتوافق على التظاهر سوياً أنصار الانفصال من الجنوبيين والشماليين طالما الهدف واحد!
إن ما أوردناه في هذا النداء ما هو إلا إطار عام لفكرة في طورها الأولي. لصقل هذه الفكرة وإنضاجها ومن ثم تحويلها إلى مشروع جماهيري وطني لابد من أن تتبناها جهة أو جهات تهتم بقضايا الوحدة والسلام ومن ثم تدعو لها أهل الفكر والرأي والخبرة للتداول حولها والاستئناس بخبرة سلطات المرور لإخراجها بمستوى يليق بمراميمها وأهدافها.
إن معاهد ومراكز دراسات السلام بالجامعات السودانية بما تتمتع به من مكانة أدبية مرموقة وجامعة السلام الناشئة هي خير من يتبنى المبادرة. متما تحقق ذلك فإننا نتوقع أن ينطلق المشروع بقوة دفع ذاتية!
والله الموفق
د. عمر محمد علي أحمد
الخرطوم في6/11/2010م
alsir sidahmed [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.