الحلقة الأولى تتسم بالتطويل الممل وقد يستغرق عرضها عشرين أو ثلاثين أو حتى أربعين سنة تتراكم خلالها حمم السخط الشعبي شيئاً فشيئاً بسبب فرض حالة الطواريء ، مصادرة الحريات العامة واحتكار السلطات والثروات في الدولة ، وكنتيجة لتراكم الاحباط الشعبي ، تعلو أصوات خافتة من هنا وهناك وتظهر بضعة مقالات الكترونية مناهضة للنظام على شبكة الانترنت، وعندها تسخر وسائل الاعلام الرسمية من الثورة المحتملة وتردد بثقة مفرطة أن الدولة ليست مثل دولة كذا التي تم اسقاط نظامها عبر ثورة شعبية وأن المطالبين بالتغيير هم عملاء لدول أجنبية معادية ثم تسخر من رموز الثورة الآخذة في التشكل وتصفهم بثوار الفيس بوك أو مناضلي الكيبورد! الحلقة الثانية تتميز ببعض الإثارة السياسية وتستمر عادة ما بين عشرة إلى عشرين يوماً يشتعل خلالها الغضب الشعبي ، وتخرج الحشود إلى الشوارع رافعة شعارات تطالب بالخبز والحرية وعندها تقوم الحكومة الاستبدادية بقطع خدمات الموبايل والانترنت وقطع إرسال القنوات الأجنبية وتمنع الصحفيين الأجانب من دخول البلاد ثم تأمر قوات أمنها بتفريق الحشود الثائرة بخراطيم المياه والغازات المسيلة للدموع والهراوات والرصاص الحي أو المطاطي وتستدعي دبابات وطائرات الجيش لارهاب الشعب الأعزل وفي هذه الحلقة يسقط العشرات أو المئات أو الآلاف من المتظاهرين بين قتيل وجريح وتلوذ حكومات الدول المجاورة بالصمت الرسمي المطبق بينما تكتفي المنظمات الدولية بتصريحات الشجب والادانة وتهدد باتهام رموز الحكومة بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية! الحلقة الثالثة تتسم بالاثارة السياسية البالغة وتستمر من خمسة أيام إلى عشرة أيام يؤدي خلالها العنف الرسمي والتعتيم الاعلامي إلى انفجار بركان الغضب الشعبي وترفع الجماهير الثائرة سقف مطالبها وتتبنى شعاراً واحداً هو (الشعب يريد إسقاط النظام) ثم تجتاح شوارع الدولة وتحاصر مقرات الحكومة ، وما أن يميل ميزان القوى لصالح الشعب حتى تبدأ الحكومة الاستبدادية باصدار خطابات التنازل لكن الفهم المتأخر لا يجدي نفعاً فتزداد الثورة ضراوة ويتصاعد الضغط الشعبي وتظهر الانشقاقات الوزارية والأمنية والعسكرية وعندها تبدأ الحكومة بالتفكك السريع ويقفز أعوان الحكومة من مركبها الغارقة ويعلنون انضمامهم لثورة الشعب ثم تحتشد دول العالم في مجلس الأمن وتفرض عقوبات على الحكومة الاستبدادية الآيلة للسقوط مثل حظر السلاح وتجميد الأرصدة وتوجيه تهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية! الحلقة الأخيرة قد تستغرق ساعات أو أيام أو شهور حسب ظروف الحال تخرج خلالها الأوضاع عن السيطرة الرسمية نهائياً وتتهاوى أركان الحكومة الاستبدادية شيئاً فشيئاً حتى تسقط في نهاية المطاف في مزبلة التاريخ وتنتهي الحلقة الأخيرة بمشهد كرتوني حيث يظهر زعيم الحكومة الاستبدادية وهو يسارع بتجميع حقائبه وأفراد عائلته ويهرب إلى خارج البلاد تطارده لعنات الجماهير! وفي الختام لا يملك المرء إلا أن يقول كان الله في عون الرؤساء المطلوبين دولياً أصلاً فلا أحد يدري إلى أي جهة سيهربون! فيصل على سليمان الدابي/المحامي