الشعب السوداني شعب كريم وعظيم لكن للأسف يتقدمه أقزام. السودان بلد ارتبط اسمه في سنوات حكم الإنقاذ بالكوارث والحروب والمجاعات.اتسعت رقعة الفقر حتى صار هو القاعدة وما عداه استثناء . وإذا كنت خارج الوطن.تطالع الصحف السودانية كل صباح بلهفة لعلك تعثر على خبر سار يخفف عنك وحشة الغربة،فتضع يدك على قلبك من هول الفواجع التي يضج بها البلد وتعكسها الصحف كل يوم.فحيث ما تولي وجهك في صحف السودان ووسائط إعلامه، فثمة فساد يتكشف ،أو تمرد جديد اندلع ،أو صراع قبلي حصد العشرات،أو جريمة قتل لسبب تافه،أو سطو مسلح في قلب العاصمة،أو حادث سير مأساوي بسبب الطرق المتهالكة،أو وباء انتشر في القرى والحضر،أو ارتفاع جنوني للأسعار،أو أزمة في سلعة استراتيجية مثل الغاز والسكر ،أو انهيار جديد للجنيه السوداني، أو تقاوى ومبيدات فاسدة تلجأ حكومة المؤتمر الوطني ل (فقه السترة) لحماية المجرمين الذين جلبوها. لو قارنا بين ما يحدث في وطننا الحبيب السودان وبين مايجري في العالم حولنا لوجدنا العجب العجاب. هل تعلم عزيزي القارئ أن 85%من السكان المتواجدين الآن بدولة الامارات العربية المتحدة -حيث أقيم وأعمل-هم من الأجانب أو مايطلق عليهم هنا الوافدين أو المقيمين ،وأن كل هذا العدد الضخم من الأجانب توفر لهم بطاقات تأمين صحي لتلقي العلاج في كافة المستشفيات الخاصة والعامة بدولة الإمارات حيث تمكنهم هذه البطاقة الصحية من إجراء الفحوصات وتلقي العلاج مجانا ،علما بأن التأمين الصحي لكافة المواطنين والمقيمين الأجانب الزامي مفروض بقرار حكومي على كل المؤسسات العامة والشركات الخاصة.بل لدى الإمارات إسعاف طائر-صدق أو لا تصدق -وهي مروحيات مجهزة بالمعدات الطبية اللازمة مهمتها نقل ذوي الحالات المرضية الطارئة، أو جرحى الحوادث المرورية من الأماكن البعيدة إلى أقرب مستشفى لتقديم الرعاية الطبية المطلوبة لإنقاذ حياتهم . بل أن الدولة في الإمارات توفر كافة الخدمات الأخرى من تعليم راق وماء وكهرباء وغيرها مجانا لمواطنيها الذين يحملون جنسيتها،ولا يوجد بها ديوان ضرائب ولا تقيم نقاط تحصيل في طرق المرور السريع،وتتكفل الحكومة هنا بنفقات زواج أي شاب مواطن كما تتكفل ببناء مسكن راقي وجميل ومريح لكل عائلة مواطنة -أي والله -ويتم توزيع هذه المساكن بطريقة منظمة كلما أكملت البلديات بناء دفعة منها. بل وتتكفل البلديات بصيانة مسكن أي مواطن متى ما احتاج للصيانة.ونحن الأجانب الذين يطلق علينا هنا الوافدين ندخل ونخرج من كافة مطارات الإمارات الجميلة بدون رسوم مغادرة ،وندخل المستشفيات لزيارة المرضى بدون رسوم ،وندخل دور الرياضة بدون رسوم أيضا، فلك أن تعجب من رعاية يجدها الوافد الأجنبي في بلد غير بلده في الوقت الذي يجد فيه كل الجحود والنكران في وطنه الأم أو مايسمى كذلك .كل هذه الأشياء نفتقدها في بلادنا ويفتقدها المواطن بالداخل .فنحن في السودان نفتقد لأبسط حقوق المواطنة في بلادنا .حكومتنا تتذكر المواطن المسكين فقط لتضخيم حشودها ومسيراتها التي لاتنتهي .وصارت الحكومة عندنا لا تربطها بالمواطنين سوى فرض الجبايات والأتاوات التي لم نشهد لها مثيلا حتى في زمن الاستعمار التركي والإنجليزي.وتفلح الحكومة في جباية ضرائبها وإن استلزم ذلك مصادرة الميزان من صاحب كنتين غلبان على طرف الشارع،أو مصادرة عدة أرملة تبيع الشاي على قارعة الطريق ليس لها من متاع الدنيا غير الكانون والكفتيرة وحفنة كبابي،تكابد من صباح الرحمن وحتى المساء لتوفير لقمة العيش الشريفة لأطفال زغب الحواصل لا ماء ولا ثمر .فما الذي يجعل كل سوداني لا يفكر في وطن بالتبني يكون رحيما عليه ويغنيه عن مكابدة الشقاء والضنك الذي يجده في وطنه الأم .فنيران الغربة أرحم أحيانا من جنة وطن لاترى حكومته في مواطنيه سوى كونهم بحر لاينضب للجبايات والرسوم فتستمرأ استنزافهم حتى آخر قطرة دم. لقد صار الشعب السوداني بالداخل رهينة لنظام يأخذ ويأخذ ويأخذ فقط ولا يعطي .وأصبح كل مواطن سوداني يدفع ويدفع ويدفع كل مايطلب منه ويفرض عليه عن يد وهو صاغر.وبعد هذا تتحدث الحكومة عن توحيد الجبهة الداخلية لمواجهة المؤامرات الخارجية!!.كان الله في عون الشعب السوداني بالداخل والخارج. galal bushra [[email protected]]