بسم الله الرحمن الرحيم [email protected] تمر اليوم 10/5/2009 ذكري دخول قوات حركة العدل والمساواة لمدينة أمدرمان ، وصدي طلقات الرصاص والمدافع وحظر التجوال ما زالت عالقة بالإذهان. نعم أمدرمان ، بقعة الإمام المهدي ، وهي تنعم وترفل في هدوء عصر ذلك اليوم ، ولكن وفجأة ودون أدني مقدمات ، إنقلبت المدينة الوطنية والتي يعيش فيها حوالي 5 مليون مواطن ، إلي ساحة معركة دون أن يكون لها أو لمواطنيها خيار في ذلك،نعم الشمس تخطو نحو مرقدها ببطء شديد ، ومن علي البعد الجميع في صخب وضوضاء وهرولة والمتاجر أغلقت فجأة ، والمواصلات إنفض سامرها،ومن علي البعد بدأت أصوات الدانات ولعلعة الرصاص تشق ذلك الهدوء وتلك السكينة ، الكل مشدوه ويتساءل ماذا حصل؟؟ ولكن لامجيب علي أقل تقدير من الأجهزة الرسمية ، وعندها سرت الإشاعة بدخول قوات حركة العدل والمساواة إلي داخل العاصمة، كيف وصلوا حتي كبري النيل الأبيض؟ هل وصلوا الإذاعة؟ وعشرات علامات الإستفهام والتي لم ولن تجد إجابة مقنعة شافية إلي يومنا هذا! الجميع يتحدثون عن طابور خامس هنا وهناك، الجميع يرصدون ويعلقون ويحيكون القصص والأقاويل، ولكن رسميا أطبق الصمت علي الأجهزة إلي وقت متأخر من الليل ، ثم جاءت الإفادة أن قوات حركة العدل والمساواة قد دخلت إلي مشارف كبري الفتيحاب وتم فرض حظر التجوال وعم الظلام العاصمة، وبدأ الأهل يتفقدون أفرادهم والذين باتوا بعيدين عنهم ولا واصل بينهم حتي التلفونات محمولها وثابتها صامت عن الحديث وصمتت شهرزاد عن الكلام المباح عنوة وإقتدارا. أيام كثر مرت علي البقعة المباركة قبل أن يعود إليها صخبها وضجيجها وحركتها وإنتعاش سوقها وعمرانها. نعم كانت المحصلة فقد كثير من الطرفين أرواحهم وترملت نساء وتيتم أطفال، وجرحي وخراب ودمار، ومفقودين بلاعدد ، وإنسحاب لقوات حركة العدل والمساواة مخلفة ورائها من لا يستطيع الإجابة عليه، وبدأت التفسيرات والتشريحات، ولكن لم يقدم أي مسئول إستقالته عن منصب كان يجلس علي كرسيه الساخن وهو يدرك أنه المسئول الأول عن ما حدث وحصل،نعم تفسير المؤامرة والطابور الخامس والمرتزقة والجوار كانت شماعة لمن لاشماعة له، ولكن كان الأولي أن نسمع من يتنحي متحملا المسئولية ، أو أن يكون هنالك نوابا للوطن يستجوبون ذلك المسئول والذي فرط في حفظ أمن الوطن والمواطن، ولكن؟؟؟؟ عام أنقضي ومرت تحت الجسور كثير من المياه ما بين صفوها وكدرها ، ولكن الخاسر الأوحد هو الوطن السودان ، شعبا وأرضا ووحدة وسيادة. نعم تلك الضبابية والسحب التي مرت فوق سماء الخرطوم ما بين محاكمات ومحادثات ومكوكيات وصلت قمتها ما بين عصي وجذرة الجنرال جريشن وتحت قيادة الدوحة ، أثمرت بالأمس إتفاق حسن النوايا والذي قصمت ظهره طرد منظمات طوعية مدنية أجنبية من دارفور ، إرتأت حركة العدل والمساواة إنه إستهداف لأيناء دارفور والذين يعيشون أصلا في معسكرات النازحين في أوضاع لجد مأساوية، والمؤتمر الوطني ما بين أوكامبو لاهاي والدوحة ومن ثم الجنرال جريشن ، أدرك أن دارفور ليست عصية علي الحل إذا كانت هنالك إرادة سياسية تؤمن بحقوق المواطن اينما كان. نعم معضلة طرد المنظمات لابد من حسمها في الدوحة قبل أن تستمر المفاوضات من أجل ترسيخ إتفاق حسن النوايا ومن ثم التحرك إلي مربع آخر يحمل إتفاقا إطاريا يتم بموجبه نهاية المطاف توقيع ما يمكن أن يؤدي ألي وقف إطلاق النار في ربوع دارفور وصولا إلي سلام شامل للوطن. نعم كل ذلك ممكن وفق رؤية وطنية خالصة تستشعر أمر هذا الوطن وأمنه وسلامته وإستقراره ولكن وفق أطروحات يستوثق عليها كل الشرفاء من جميع الأحزاب والقيادات والكيانات ومنظمات المجتمع المدني وفق ثوابت الوطن الأمة القارة وليس ثوابت الإنقاذ المؤتمر الوطني، وبدون إشراك كل الفعاليات السياسية ، جنوبها وشرقها ، شمالها ووسطها ، متواليها ومعارضها ، بل وإشراك الأغلبية الصامته صاحبة المصلحة الحقيقة في إستقرار هذا الوطن ووحدته ونمائه في هكذا إتفاق ، لن يكتب له النجاح مهما كانت الضمانات إقليمية أو دولية أو خلافه ، وليس ببعيد ما يحدث في أبيي ونيفاشا ولا ما يحدث في أبوجا ولا ما يحدث في أسمرا وجيبوتي والقاهرة وطرابلس، فكلها مدن شهدت محادثات مكوكية أفضت إلي إتفاقيات بين المؤتمر الوطني وغيره من الفصائل والأحزاب ، ولكن لم تصمد تلك الإتفاقيات لأن الإرادة السياسية لم تكن تملك من القوة ما يؤهلها للمضي قدما في تنفيذ تلك الإتفاقيات ، ولهذا عادت كثير من المفاوضات إلي أول مربع، وأدخلت الوطن والشعب السوداني في حالة من الإحباط لايعلم مداه إلا الله. نعم تمر علينا اليوم ذكري دخول حركة العدل والمساواة لمدينة أمدرمان ، حاملة إجندة تعتقد أنها من أجل إصلاح الوضع السياسي للوطن ، وآخرون يعتقدون أنها أجندة تحمل في طياتها الفرقة والشتات والطابور الخامس والمرتزقة،ومع كل ما حصل نتمني أن يستدرك القائمون علي الأمر أن هذا الوطن قد أثخنته الجراح وفرقته الحروب والإحن والنزاعات واللجوء والنزوح، حتي صار عليلا بمرض يمكن الشفاء منه ، ولكن من يملك القدرة علي إتخاذ القرار السليم بمبضع جراح ماهر يبتر العلة ولا يخشي ولا يخاف إلا الله. نعم حواء السودانية ولود وغدا لناظره قريب.