وزيرالخارجية يقدم خطاب السودان امام مؤتمر القمة الإسلامية ببانجول    مشار وكباشي يبحثان قضايا الاستقرار والسلام    وزير الخارجية يبحث مع نظيره المصري سبل تمتين علاقات البلدين    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    راصد الزلازل الهولندي يحذر مجدداً: زلزال قوي بين 8 و10 مايو    (تاركو) تعلن استعدادها لخدمات المناولة الأرضية بمطار دنقلا والمشاركة في برنامج الإغاثة الإنسانية للبلاد    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الأحد    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    انتفاضة الجامعات الأمريكية .. انتصار للإنسان أم معاداة للسامية؟    بوتين يحضر قداس عيد القيامة بموسكو    أول اعتراف إسرائيلي بشن "هجوم أصفهان"    "الآلاف يفرون من السودان يومياً".. الأمم المتحدة تؤكد    برشلونة ينهار أمام جيرونا.. ويهدي الليجا لريال مدريد    وفاة بايدن وحرب نووية.. ما صحة تنبؤات منسوبة لمسلسل سيمبسون؟    وداعاً «مهندس الكلمة»    النائب الأول لرئيس الاتحاد ورئيس لجنة المنتخبات يدلي بالمثيرأسامة عطا المنان: سنكون على قدر التحديات التي تنتظر جميع المنتخبات    الجنرال كباشي فرس رهان أم فريسة للكيزان؟    ريال مدريد يسحق قادش.. وينتظر تعثر برشلونة    الأمعاء ب2.5 مليون جنيه والرئة ب3″.. تفاصيل اعترافات المتهم بقتل طفل شبرا بمصر    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة لها مع زوجها وهما يتسامران في لحظة صفاء وساخرون: (دي محادثات جدة ولا شنو)    شاهد بالصور والفيديو.. رحلة سيدة سودانية من خبيرة تجميل في الخرطوم إلى صاحبة مقهى بلدي بالقاهرة والجمهور المصري يتعاطف معها    غوارديولا يكشف عن "مرشحه" للفوز ببطولة أوروبا 2024    ريال مدريد ثالثا في تصنيف يويفا.. وبرشلونة خارج ال10 الأوائل    تمندل المليشيا بطلبة العلم    ((كل تأخيرة فيها خير))    الربيع الامريكى .. الشعب العربى وين؟    الإتحاد السوداني لكرة القدم يشاطر رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الأحزان برحيل نجله محمد    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    مستشار سلفاكير يكشف تفاصيل بشأن زيارة" كباشي"    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    قائد السلام    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    العقاد والمسيح والحب    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دارفور: سلام الدوحة ورهان المرحلة .. بقلم: يوسف عزت / كندا
نشر في سودانيل يوم 02 - 09 - 2011

عندما وقعت حركة التحرير والعدالة بقيادة الدكتور التجاني سيسي على وثيقة سلام دارفور بالدوحة يوم 14 يوليو 2011 ، كانت تعلم إنها توقع منفردة وإن هنالك حركات أخرى غيرها في ساحة دارفور ، وإن الكثير من السهام مصوبة نحو الخطوة التي اقدمت عليها ، ولكنها قبلت التحدي ووقع د. التجاني سيسي على الإتفاق ليضع بذلك عتبة في درب طويل نحو إنجاز السلام الكامل. بالتأكيد هنالك قراءات لحركة التحرير والعدالة وتبريرات لهذه الخطوة ، اولها إن هنالك تغير في المواقف الدولية والاقليمية لن تجعل من ازمة دارفور في صدارة الاهتمام الدولي كما كان عليه الامر خلال السنوات الماضية ، كما إن الرهان على الداخل السوداني ليساهم في حل الازمة عبر التغيير الشامل من خلال الشارع ثبت إنه صعب التحقيق مع إنه ليس مستحيلاً لكن يقول اهلنا " الجيعان فورة البرمة قاسية عليه " وما بالك بإنتظار ثمانية اعوام في المعسكرات وقتل يومي وترويع لشعب في المعسكرات وفي اللامكان ! كما إن خلال السنوات الماضية وحتى اللحظة الراهنة لم تخرج اي مسيرة في قلب الخرطوم تندد بما حاق بأهل دارفور او ايا من أقاليم الهامش ، وبالانتظار اكثر ستكون دارفور مثل الجنوب الذي استمرت الحرب فيه خمسن عاماً بينما كان انسان الشمال بما فيه دارفور غافلاً عن آهوالها. لكن الدافع الاكبر يتمثل في الرغبة الكبيرة في اوساط شعب دارفور في السلام وحاجتهم لحركة تقاتل بقوة او تفاوض بثبات في انتزاع الحقوق.
لقد كانت مراسم التوقيع بداية لتحديات جديدة امام اهل دارفور وامام حركة التحرير والعدالة التي تكونت من مجموع حركات ثورية مقاتلة وأفراد لهم مواقفهم المعلنة خلال الازمة وأختارت قيادة معروفة لأهل دارفور برمزية القبيلة والتاريخ السابق ، وحركة هذا شأنها لابد أن تحسب كل صغيرة وكبيرة قبل ان توقع على وثيقة نظر لها كثير من الناشطين والمهتمين بريبة لا تخفى ، بل واستهجن البعض هذه الخطوة وآخرين استلوا سيوفهم لكي يشرحوا جسد الحركة ويدمغوا قيادتها بالكثير من الاوصاف التي تزيد من التحدي امامها كي تثبت العكس مع الايام او تخسر الرهان. إن الحركة مضت في هذه الخطوة وشرعت في الدخول للسودان لتنفيذ الاتفاق ، مما يدل على إن جملة الآراء الناقدة او الأصوات المعارضة هي خارج الحسابات الدقيقة للحركة والتي دفعتها لتوقيع الاتفاق والمضي فيه دون إلتفات.
تكونت حركة التحرير والعدالة من فصائل متعددة ولكنها تعود بخلفيتها لحركة تحرير السودان وأخرى من العدل والمساواة ، بالاضافة لجبهة القوى الثورية المتحدة. وبهذا الاجمال نجد إن هذه الفصائل تشكلت من خلفيات قبلية مختلفة ، وهنا لابد من الاشارة إلى إن القبيلة ظلت مؤثرة في الثورة المسلحة التي انطلقت من دارفور منذ اول رصاصة، وقد افرزت الحرب واقعاً قبلياً مراً انعكس على تشكيلة الحركات ، حيث صار لكل قبيلة فصيل بل لكل " خشم بيت" حركة تعبر عنه ، فقد لجأ القادة لقبائلهم لكي تناصرهم في الحرب وفي المغانم ايضاً. هذا الواقع لا يمكن الخروج منه إلا بوحدة إندماجية تخلص قادة الحركات من ألتزامات مترتبة عليهم من قبل القبائل ، وفي ذات الوقت تؤدي لميلاد حركة متنوعة ترتكز على برنامج للتغيير ، وقادرة على توحيد خيارات أهل دارفور وكسر شوكة الصراع القبلي وبناء سلام إجتماعي يعيد النازحين واللاجئين ومتضرري الحرب إلى قراهم وبواديهم ، وبدء دورة جديدة للحياة في الاقليم.
كما اسلفت إن مشارب حركة التحرير والعدالة المتعددة تؤهلها لكي تكون الجسم المفقود في دارفور ، فهي حركة لا يجمع بين عضويتها غير الموقف من الازمة في دارفور وكيفية معالجتها وكيفية وقف نزيف الدم وصنع سلام يعيد المشردين الى بيوتهم ومناطقهم كما اسلفت ، ويخلق وحدة بين اهل دارفور حتى ولو في حدها الادنى ليُبنى عليها السلام. وحتى الآن لا يوجد شيئ دائم في الحركة فكل آليات عملها مرحلية مرتبطة بالظرف الراهن وقد تفرق دروب السياسة مستقبلاً كادرها او تنجح في خلق تنظيم سياسي مفتوح يخرج بها من اطار المحلية الدارفورية وتؤسس حزباً او حركة قومية تجمع الشتات السوداني وتناضل من اجل التغيير الشامل ، وكل ذلك مرهون بأداء قيادتها وعضويتها وبحصيلة التجربة الراهنة وما ستؤدي اليه من بناء ثقة بين قياداتها وما سيتولد من السلام الذي تم التوقيع عليه وادائها في تنفيذه. وفي إشارتنا للروح القبلية التي حولت معظم الحركات لواجهات لقبائل أو ادوات لطموح قياداتها بعيداً عن الهم العام ، لن تكون حركة التحرير والعدالة إثتثناءاً ، ففي الحركة قبائل وفصائل ونزعات فردية وروح للتنافس وكل شيئ من امراض واقعنا الدارفوري والسوداني ، ولكن اول التحديات كيف يمكن لحركة جمعت كل الازمات في سلة واحدة ان تتجاوزها لتحل ازمة دارفور ؟ كانت هنالك حكمة في إدارة الحركة خلال الفترة الماضية وإستمرارية هذه الحكمة هي التي ستماسك الحركة في مرحلة هي الاصعب والاشد حاجة للتماسك. تعرضت الحركة لإنشقاقات كثيرة لكنها استطاعت ان تتجاوزها ، ولكن مستقبلها قد لا يتحمل اي إنشقاق لانه وعلى الخلفية القبلية المذكورة سيؤدي أي انشقاق في مرحلة تنفيذ الاتفاق لشق المجتمع الذي تحاول الحركة توحيده وهذا ما سيعيق تنفيذ السلام على ارض الواقع ، وتحديداً إذا نظرنا إن دواقع حركة التحرير والعدالة للتوقيع تتلخص في :
1/ إعادة النازحين واللاجئين ومتضرري الحرب
2- المصالحات
3- تنمية دارفور
هذه الاهداف التي سعت الحركة للتأكيد عليها في إتفاق الدوحة هي الاساس لأي سلام ، وإن وثيقة الدوحة لمن قرأها ، سيجد إنها وإذا ما نفذت كاملة ستوقف الموت اليومي الذي عايشه انسان دارفور طيلة السنوات الماضية، ويمكن ان تساهم في عودة النازحين واللاجئين وتضع دارفور في طريق السلام. لكن هذه الاشياء لا يمكن ان تتحقق بدون حركة قوية ومتماسكة وذات رؤية واضحة المعالم لكل عضويتها ، حركة تتخلص من رواسب القبيلة والنزعات الاحادية في القيادة وتحترم مواثيقها وقراراتها ، حركة تستطيع ان تكون منبراً لكل اهل دارفور والسودان ، مما يؤهلها للصمود امام مطبات التنفيذ. فالمعروف إن الحكومة لم توقع مع حركة التحرير والعدالة سلاماً دون ان تكون لها حسابات ومصلحة كبيرة في هذا الاتفاق، وبالتأكيد لديها حساباتها في كيفية التنفيذ وحتى ما بعد التنفيذ . وبالتالي تحتاج الحركة قبل كل شيئ آخر لقراءة واقع دارفور جيداً وحساب مصالح الجميع لكي تستطيع إن تبلغ مراميها من الإتفاق. فواقع دارفور اليوم يختلف من دارفور قبل الحرب . هنالك ازمة إجتماعية وإحتقانات ومشكلة ارض ومعسكرات ويتامى ومشردين ...الخ. وإعتقاد أي فصيل او شخص إنه يملك عصاة سحرية للحل يكون غافلاً عن حقيقية الاوضاع ، كما إن الازمة المجتمعية الداخلية قد تعوق عودة النازحين واللاجئين حتى وإن منحت اليوناميد الفصل السابع فلا يمكن توفير الامن إلا من خلال تفاوض داخلي يجد كل شخص مصالحه فيه ، وإلا سيعود الناس لتكريس الاوضاع الراهنة ، خصوصاً إذا كانت هنالك ثمة مصلحة راهنة لطرف قد يخسرها بتحقق السلام. كما إن إنفاذ الاتفاق بين حركة التحرير والعدالة والحكومة محفوف بموقف القوى الاخرى التي لم توقع وظروف نموها ، فإذا ما تغيرت موازين القوى بين الحكومة والحركات الرافضة للإتفاقية قد تجد حركة التحرير والعدالة نفسها في موقف صعب اما تربط مصيرها مع المؤتمر الوطني او تخرج من الاتفاقية . وهذا ما حدث لإتفاقية ابوجا التي استغنت الحكومة عن من وقعوها بمجرد أن ادركت إن إنهاء الازمة ليس بيدهم وفشل فصيل مني مناوي في إعادة النازحين واللاجئين طيلة مدة بقائه في الحكومة بل فشل حتى في ترك ذكرى جميلة لدى اهل دارفور. أقول هذا لكي يدرك الرافضين للإتفاقية أو الذين تجاهلوها إن بالامكان فعل شيئ لوقف الحرب وإن خيار حركة التحرير والعدالة بالتوقيع على الوثيقة لم يأت بدون تفكير او حسابات ، فالحركة وبكل مكوناتها المتعددة تستطيع أن تكون الحركة الاقوى والاكبر والقادرة على صنع السلام في دارفور وها يتوقف على انتصارها على التفكير البسيط والنزعات الوظيفية السائدة وإذا ما استطاعت ان تقوي وحدتها الداخلية ، وأن توجد خطاباً شاملاً لحل الازمة الإجتماعية والاهم من ذلك أن لا يتسرب شعور لعضويتها إن هنالك شبهة عمل قبلي يدار في الظلام. او إن داخل الحركة حركة اخرى محصورة على قبائل او اشخاص لهم نزعة الانفراد والاقصاء كما ساد تجربة الحركات.
نواصل....
yousif izzat [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.