قبل أيام قدمت قناة البي بي سي العربية حلقة هامة من برنامجها نقطة حوار وكان السؤال الرئيسي المطروح هو: هل الرئيس السوري بشار الأسد مسؤول عن قتل المتظاهرين في سوريا؟ وقد جاء طرح السؤال على خلفية تصريحات أدلى بها الرئيس بشار الأسد لقناة ايه بي سي الأمريكية مفادها أنه غير مسؤول عن قتل المتظاهرين السوريين وأن المجنون وحده هو الذي يأمر بقتل شعبه، وبعد جدل هاتفي وتلفزيوني والكتروني ساخن أظهرت النتيجة النهائية للاستطلاع أن 80% من المشاركين يحملون الرئيس السوري مسؤولية قتل المتظاهرين بينما نفى 20% مسؤولية الرئيس السوري عن قتل المتظاهرين السوريين ودفعوا بأن تصريحات الرئيس السوري قد تم إخراجها من سياقها وأن العصابات المسلحة المناوئة للنظام السوري والمدعومة من الخارج هي المسؤولة عن قتل المتظاهرين السلميين. والسؤال القانوني الذي يطرح نفسه هو: هل يمكن اتهام الرئيس السوري بجرائم ضد الانسانية وعلى أي أساس يمكن توجيه هكذا اتهام؟ مفوضية حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة قررت أن النظام السوري متهم بارتكاب جرائم ضد الانسانية وطالبت بتحويل الملف السوري إلى مجلس الأمن، ومن المؤكد أن اتهام النظام السوري بارتكاب جرائم ضد الانسانية يقتضي ضمناً اتهام الرئيس السوري بارتكاب تلك الجرائم وأن الأساس القانوني لذلك متوفر في المادة 25 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية التي تفيد بأن الرئيس الذي يصدر أمراً بارتكاب أفعال مجرمة حسب القانون الدولي ويتم تنفيذ هذا الأمر بواسطة تابعيه يكون مسؤولاً عن تلك الأفعال كما لو كان قد ارتكبها بنفسه ولا يشترط إثبات صدور الأمر كتابةً بل يمكن استنتاج ذلك من القرائن مثل قرينة تسلسل المسؤولية ، وبالتالي فإن قيام دبابات النظام السوري باقتحام المدن السورية المناهضة للنظام السوري وقتل المتظاهرين حسبما تثبته الصور الموثقة الكترونياً يُعتبر جرائم ضد الانسانية وأن إصرار الحكومة السورية على منع المراقبين الدوليين من دخول سوريا يُعتبر قرينة تجريمية لأن الهدف الواضح من ذلك هو منع التحقيق الدولي في الجرائم المرتكبة. من المؤكد أن الحلقة قد بدأت تضيق بسرعة على الرئيس بشار الأسد وأن المخرج الوحيد الذي أمامه حالياً هو التوقيع على بروتوكول جامعة الدول العربية والسماح للمراقبين العرب بالتحقيق في الجرائم الدولية المزعومة دون أي قيد أو شرط وإلا فإن الأيام المقبلة سوف تشهد بشكل أو بآخر تدخلاً دولياً في سوريا ولعل السؤال الأخير الذي يطرح نفسه هو: لماذا لا يوقع النظام السوري على بروتوكول جامعة الدول العربية اليوم وليس غداً إذا كان واثقاً من برائته وراغباً في تفادي مخاطر تدويل الأزمة السورية وساعياً إلى حلها عن طريق الجهد العربي المشترك؟! فيصل علي سليمان الدابي/المحامي