ودمدني، مسقط رأسي وهي المدينة التي ترعرت فيها ودرست وتعلمت في مدارسها حتى الثانوية، أكن لها كل الحب والتقدير، وقد توجت حبي لها بأن اخترتها موضوعا لبحث التخرج في جامعة الخرطوم في مادة الجغرافيا، التي كانت لها شعبة كبيرة لا يستهان بها، وتضم علماء أجلاء ذكرت بعضهم في احدى كتاباتي السابقة، أذكر منهم استاذي الفاضل البروفسير مهدي أمين التوم الذي بشرني بأن شعبة الجغرافيا ستصبح كلية للجغرافيا وعلوم البيئة. نعود الى مدني التي (كانت) تعتبر ثاني مدن السودان بعد عاصمته المثلثة. مدني لا زالت كما هي رغم السنين الطوال، فرحت لما سمعت أنه سترد لها الروح بإعادة انشاء (مطار) دولي، ولكن الأمر (دفن) كما دفنت الكثير من المشاريع التي سمعنا بأنها ستقام في المدينة الوادعة، مثل مشروع غابة (أم بارونة) السياحي، حيث كان من الممكن أن يكون أحد المشاريع (القومية) التي يمكن ان تسهم في (تنشيط) وازدهار اقتصاد ولاية الجزيرة، بل اقتصاد السودان نفسه، اذا ربط المشروع باستغلال الكورنيش سياحيا ايضا عن طريق فتح الباب للمستثمرين بانشاء فنادق ومنتجعات سياحية هادئة، سيما والمسافة بين مدني والخرطوم قريبة، ويمكن ان يكون مطار ودمدني الدولي توأما لمطار الخرطوم الدولي، ومساندا يقدم خدمات عديدة، ويكون بديلا في الظروف المناخية التي تضطر فيها بعض الرحلات القادمة من الدول المجاورة كالسعودية الى الرجوع الى جدة، ولو كنت المسئول لجعلت من ودمدني (جنة) السودان، فهي مؤهلة لكي تكون (بؤرة) تلتقي عندها (حزمة) من المشاريع السياحية والثقافية، ومؤهلة لتكون (عاصمة) السودان الثقافية وليس الزراعية فحسب، فقد (فرخت) العديد من المتميزين الأفذاذ في مجال الغناء والشعر والثقافة، وبجوارها حنتوب التي (خرجت) المتفوقين أيضا من القادة في شتى الأنشطة والمجالات، وبجوارها (بركات/مارنجان) حيث مقر ادارة وتشغيل أكبر مشروع زراعي في العالم تحت ادارة واحدة، وغير بعيد تقع (التجارب) التي كان فيها أكبر محطة للابحاث الزراعية التي تحتضن رئاسة هيئة البحوث الزراعية، الصرح الزراعي الشامخ، وغير بعيد ايضا ترقد (ابوحراز) ذات القباب التي تحتضن مجموعة من أهل الذكر والأولياء الصالحين، وأكبر كلية زراعية والموارد الطبيعية (مركزا) تشع منه المعارف والعلوم الزراعية. لكن ودمدني لا تزال كما هي لم تطالها يد التغيير، فيا ابناء مدني وما جاورها هلا تناديتم ووضعتم خبراتكم ومعارفكم وعلومكم وأموالكم في (بوتقة) واحدة من أجل انتشال مدينتكم العريقة من (وحل) الإهمال والنسيان الى (عالم) جديد ومستقبل زاهر فريد. تعيدون الى المدينة شبابها ومجدها وحيوتها وقوتها وعظمتها. ياشباب الحي انهضوا وتصدروا العمل الطوعي الشباب هم الطاقة هم (الدينمو) المحرك، هم رأسمال هذه الأمة و (جمال الشيل)، الشعلة المتقدة، هم (الترس) الفعال في عجلة الانتاج والعمود الفقري للأمة وهم الركيزة الثابتة والركن الركين والعماد المتين الذي ترتكز عليه البنية التحتية للمجتمع ورفاهيته. أذكر أننا كنا (في زماننا) شعلة وشمعة (تحترق) لتنير الطريق لمجتمعنا، كنا نتصدر العمل الخيري وأعمال النظافة والترتيب وليالي (السمر) ترويحا على نفوس الأهالي. أخاطب همم الشباب الكبيرة بأن اتحدوا ياشباب الأمة، كونوا كما يرجو منكم مجتمعكم، شكلوا وأقيموا رابطة في حيكم سموها كما تشاؤون رابطة، جمعية أو اتحاد تضم جميع أبناء شباب الحي، ثم خططوا برنامجكم وتلمسوا حاجة مجتمعكم الصغير، واذا انتظمت تلك الروابط في الأحياء سيبدأ التنافس الحر بين تلك (الأحياء) التي تشكل وتكون المدينة. كل رابطة يكون لها كيانها وبرنامجها الخاص. أبدأوا بالأولويات، الأهم فالمهم، راعوا صحة البيئة والنظافة ومظهر الحي، فكروا في قطاع التعليم، احصروا السكان توطئة لمحاربة الفقر ومساعدة الأسر المحتاجة، ومساعدة المسنين وذوي الاحتياجات الخاصة، شجعوا الطلاب المتفوقين، اقيموا ليالي السمر لأهل الحي. لابد من احياء الجهد الشعبي وروح التعاون بين سكان الحي وخير من يقوم بذلك هم الشباب الذين بملكون طاقة جبارة تمكنهم من الاضطلاع بمسئولياتهم الوطنية تجاه مجتمعهم الصغير. وعليهم نبذ كل ما هو مدعاة للفرقة والتشتت والعمل على تشجيع عوامل الالفة والتعاضد والتعاون والتماسك في (صعيد) واحد وتحقيق المنفعة العامة في اطار الحي، وخلق جو من التنافس الشريف بين (روابط) الأحياء الأخرى، وتنظيم منافسات (محلية) بين أحياء المدن تشمل كل الجوانب الفنية والرياضية والثقافية والترفيهية وما اليها، وفي ذلك خير كثير حيث يتم الاستفادة من طاقات الشباب المهدرة ومواهبهم وقدراتهم وخبراتهم، وتوظيفها في العمل الطوعي خدمة المجتمع ورفع مستوى الأحياء الثقافي والاجتماعي والرياضي وغير ذلك من الخدمات المفيدة، كما يتم استثمار أوقات فراغم في اشياء مفيدة للجميع والابتعاد بهم عن (مواطن) الانحراف و (الأمراض) الاجتماعية التي أضحت تطارد الشباب وتهدد مستقبلهم وتعرضهم الى تبديد طاقاتهم وربما تشكل خطرا على مستقبلهم الأكاديمي أو العملي. سأكون سعيدا اذا بادر أي شاب بعد قراءة مقالي هذا بتطبيق تلك الفكرة وتجميع الأراء حولها وتعذيتها وتبنيها توطئة لتطبيقها في (نطاق) الحي والعمل على (تفعيلها) وتنزيلها الى ارض الواقع، وسيكون نفعها عظيما بعون الله تعالى. مقص الرقيب، هل يحسن الوالدان استخدامه؟؟؟؟؟؟؟؟؟ مقص الرقيب، هل اختفى أم عطل أم ماذا؟؟؟ أين الرقابة، أين الأخلاق والعادات والتقاليد. أذكر أنني لما كنت أعمل في جريدة الصحافة كنا نحرر صفحة عن السينما، وكان معي زميلي الأستاذ محمد عثمان مصطفى (دبايوا)، أحييه من هذا المنبر، نحضر في يوم عطلتنا الأسبوعية (الخميس) عرض (فيلم) سينمائي قبل تشغيله في دور العرض (السينمات) المنتشرة في المدن على نطاق (الجمهورية) وكانت الأستاذه سعدية عبد الرحيم مسئولة مؤسسة الدولة للسينما آنذاك تقوم بعملية استضافتنا، والاشراف على عرض الفيلم المختار. وكان العرض يتم قبل أن يعمل (مقص الرقيب) في جسم الشريط، كما يأتي من (بلده). وكان مقص الرقيب (بمثابة مبضع الجراح الذي بجتث المرض من الجزء المصاب)، يحذف كل المشاهد واللقطات التي تستفز المشاعر ولا تحترم العرف والتقليد والمعتقد. دون أن يؤثر دلك، بالطبع، على (مجريات) التسلسل الدرامي أو الحبكة الفنية للقصة التي يعالجها ويجسدها (الفيلم). أما الآن وقد تغير الوضع وأصبح في متناول (المشاهد) وهو جالس في بيته ووسط أهله أو في (خلوته) أن يشاهد مايحلو له من لقطات، راعت أم لم تراع (المشاعر او المعتقد). وتأتي الخطورة من أن تلك الأفلام تكون في متناول الجميع أطفال، مراهقين من الجنسين أو حتى شيوخ (في مرحلة المراهقة المتأخرة) وغيرهم من هواة مشاهدة الأفلام. لقد لاحظت في المسلسلات (المصرية) التي كانت فيها يد (الرقيب) ومقصه ظاهرة، أنها بدأت تتملص و (تتهرب) رويدا رويدا من تلك (الرقابة)، بأن سمحت لبث مشاهد كانت من قبل (محظورة) ومصنفة (خطر) على الأخلاق وجمهور المراهقين وغيرهم. أما الآن فصارت بعض اللقطات بمنأي عن مقص الرقيب وتصنف كلقطات (مسموح بها)، رغم أنها قد تدخل الوالدين أو الأبناء أنفسهم في (حرج) وهم في جلسة عائلية يتابعون أحداث المسلسل، حيث تجد كل العائلات مسمرة في كراسيها ساعة بث المسلسل، حتى علق الناس (بسخرية) قائلين: أن من الأوقات المناسبة للعسكر للقيام بانقلاب ناجح هي أوقات (بث المسلسل) اليومي. اذن انتقلت الرقابة من (وزارة الاعلام) المركزية الى وزارة الاعلام المحلية المتمثلة في الوالدين، فهما من يملك صلاحية (ارشاد) و (نصح) الأولاد وتوجيههم الى مشاهدة المسلسلات (المأمونة) التي تخلو من اللقطات والمشاهد (المخلة) بالآداب والذوق العام. هل ياترى يستطيع الوالدان ان يحسنا استخدام (مقص الرقيب)؟؟؟؟. alrasheed ali [[email protected]]