في أمسية السبت 18 فبراير 2012 م والمذيع الأستاذ محمد جمال الدين يتذكر رحلة المريود الطيب صالح مع الدكتور خالد المبارك والأستاذ خالد الاعيسر وانتهت الحلقة وأثناء نشرة أخبار العاشرة مساء ينعي الناعي وفاة الهرم ( أعز الناس ) محمد عثمان وردي الذي استمر أكثر من ستين عاما يصنع الجمال لهذا الشعب. عاش المريود الطيب صالح و أعز الناس وردي 80 عاما وتوفيا في نفس اليوم من السنة ودفنا في نفس اليوم 19 فبراير. محمد عثمان وردى ، من مواليد قرية صواردة في ( 19 يوليو 1932 ) ولد في يوم وفاة الفنان خليل بك فرح الشاعر الفنان الانسان وكأنما ارادة الله أرادت ان تعوض هذا الوطن في فقده وتمتد صناعة الجمال فيه. بدأ الغناء من الحان الخليل أحمد وكان بالاذاعة عمالقة كالكاشف وابي داؤد وعثمان حسين ولكنه قفز بسرعة البرق ليصبح فنان درجة أولي. غني للشاعر الفحل اسماعيل حسن ود حد الزين أغاني ظلت وستظل خالدة, المستحيل وخاف من الله وكسر اسماعيل ضعف الحبيب امام حبيبته في رائعته بعد ايه التي تعد انقلابا في الشعر العاطفي " جيت تايب يا حليلك والفؤاد ملكوه غيرك- ربي يعدل سبيلك وكل مناي في الكون عديلك " غني وردي لكل الناس لم يكن فنانا صفويا لقد كان " سليما في ذوقه " و " وزولا قيافة " لم يرهن نفسه لشاعر واحد ولا للونية شعرية واحدة كان متمردا كأي فنان كان واثقا من مقدراته مما حدا بالبعض بوصفه بالغرور كان فخورا بما لديه وليس متعجرفا proud but not arrogant, غني للوطن الكبير مكنته ثنائية لغته من أن يدخل القالب النوبي والأدوات الموسيقية النوبية في الفن السوداني مثل الطمبور، كما غني باللغتين النوبية والعربية. كانت محطته مع الراحل عمر الدوش من المحطات الأساسية, نادي معه حبيبته التي كل من سمعها أسقطها علي واقعه, منهم من يراها امرأة ومنهم من يراها حبيبة " قيمة مفقودة " كالحرية مثلا " "لما تغيب عن الميعاد – بفتش ليها في التاريخ – الخ " وغني له الود التي أعتبرها سيمفونية كاملة لقد أيقظ معه الفرح من خلال " حزنه القديم " حزن من عالم آخر ومن زمان ليس كهذا الزمان " لا البلقاه بعرفني ولا بعرف معاك روحي ". غني لمحجوب شريف " عروس الأغنية السودانية " كما يحلو للاعلامي الألمعي دكتور عوض ابراهيم عوض أن يسمي جميلة ومستحيلة والتي من فرط جمالها واستحالتها أسميت جامعة الخرطوم عند بعض عشاقها مقارنة بالحنينة السكرة " القاهرة الفرع سابقا " واتكأت معه السنبلاية في علاقة أزلية ما بين النخل والنهر ذلك الاله الأفعي عند المريود. غني الأكتوبريات للشاعر الفحل محمد المكي ابراهيم صاحب ديوان " أمتي " وغني معه لجيل العطاء الذي هو جزء منه. وعادت اليه روحه بعد " عودة الحبيب " مع الرائع صديق مدثر ذلك الرقيق صاحب ضنين الوعد لذلك العملاق كابلي. وقدم الياذته " يقظة شعب " مع ذلك النوبي ابن بيئته مرسي صالح سراج الذي أصَّل لهذا الشعب الفريد " وحين خط المجد في الأرض دروبه - عزم ترهاقا وايمان العروبة - عربا نحن حملناها ونوبه " ذلك النسيج الذي وصفه الشاعر الدبلوماسي سيد أحمد الحاردلو ب " سحنة نوبية .. كلمة عربية .. وشمة زنجية ". ثم التقي مع حبيبته للحظات ثم افترقا في رائعة جيلي عبد المنعم " مرحبا يا شوق " وغني لأبناء كسلا كجراي " مافي داعي " وأصبحت مفردة " قلبي أخضر " يقولها كبار السن الذين يودون الارتباط بفتيات أصغر سناًّ, وأبو آمنة حامد " بين الريد والهوي " و اسحق الحلنقي بروائع علي راسها أعز الناس ورحلت عصافير الخريف معه رحلتها الأبدية بعد أن انتهي موسم " الشوق الحلو " واصبح " يقابل " حبيبته معه في الزمن الماضي فقط. ورسم مع صلاح أحمد ابراهيم تلك اللوحة الرائعة " الطير المهاجر " والتي فيها ايضا النيل وتشبيهه له بانه " سيف مجوهر ". والتقي مع ذلك الصوفي المعذب التيجاني سعيد في رائعته " قلت أرحل " ووضع أجمل وصف لعيون حبيبته من غير امعان في الحسيات " عيونك زي سحاب الصيف – تجافي بلاد وتسقي بلاد ...... وزي وطنا وقت اشتاقلو برحل ليه من غير زاد " انها حبيبة بحجم الوطن وكأني به تفوق علي شاعر الرصافة صاحب عيون المها بين الرصافة والجسر. وصحَّت في نفسه الوجود عندما التقته " من غير ميعاد ". محطات الامبراطور الراحل أكبر من ذاكرتي ولكنها خواطر وردت فور سماعي بالنبأ. اللهم ارحم وردي فقد " أثقلت أكفنا الضراعات " بالدعاء له ايمانا منا بحتمية القدر ونعلم ان " عين " الحياة لا تعلو علي " حاجب " الموت. Hago Ali [[email protected]]