لا يفوت على المراقب الحصيف للتطورات والمسببات الأساسية لمشكلة دارفور إدراك حقيقة جوهرية وهي أن السبب الاساسي لنشوب هذه المشكلة هو التخلف التنموي الذي يضرب بأطنابه في جميع أرجاء ولايات دارفور.علماً أن الحادبين على حل مشكلة دارفور من أفراد المجتمع الإقليمي والدولي قد أدركوا ذلك،وإن مؤخراً ، وبالتالي سعوا لتضمين معالجات سياسية وإقتصادية في مقررات إتفاق الدوحة لسلام دارفور وفي مقدمتها عقد إنشاء بنك تنمية دارفور. مدخل أول: أعلنت منظمة المؤتمر الإسلامى في الربع الأخير من العام2010م أن بنك تنمية دارفور سوف يزاول عمله في مطلع العام 2011م وذلك بعد حصول المنظمة على موافقة مبدئية من بنك السودان المركزى،حيث كشف السفير عطا المنان بخيت، الأمين العام المساعد للشئون الإنسانية فى المنظمة،أن نشاط البنك ينحصر فى ولايات دارفور وسيبدأ نشاطه مرحلياً برأس مال قداره 200 مليون دولار لتقديم التمويل للمشاريع الصغيرة التى تعين أهالى دارفور على تأمين لقمة العيش وتعزيز فرص بناء السلام فى ولايات دارفور. مدخل ثان: لقد مضى على إعلان منظمة المؤتمر الإسلامى زمان يقدر، بأكثر من العام ونصفه ،حتى وقتنا الراهن، وذلك دون أن يرى بنك تنمية دارفور النور.وبما أن الشيء بالشيء يذكر،فقد ينبغي التذكير بأن الامين السياسي لحزب المؤتمر الوطني الأستاذ حسبو محمد عبدالرحمن قد صرح ،أثناء توليه رئاسة كتلة نواب دارفور بالمجلس الوطني ، بأن مجلس الوزراء قد استلم مسودة قانون بنك تنمية دارفور لإجازتها مردفاً ذلك بمناشدة للرئيس السوداني عمر البشير لإصدار مرسوم جمهوري يتيح لبنك تنمية دارفور مزاولة أعماله بعد أن فرغ بنك السودان المركزي من وضع الإطار القانوني للبنك. مدخل ثالث: ما ينبغي لفت النظر إليه هو أن كل من إعلان منظمة المؤتمر الإسلامى وتصريح الاستاذ حسبو بضرورة مزاولة بنك تنمية دارفور لنشاطه في العام 2011م قد صارت تعد، منذئذٍ وحتى الوقت الراهن، بمثابة الصرخات المجلجلة في وادٍ غير ذي زرع.وقد لا ينكرن إلا مكابر بأن مزاولة بنك تنمية دارفور لنشاطه قد تأخر كثيراً رغماً عن الحاجة الملحة لوجود هذا البنك في دارفور اليوم قبل الغد لما قد يلعبه من دور متعاظم في إتاحة الفرص أمام الدارفوريين لإيداع مدخراتهم الشحيحة في البنك ليس لتوجيهها نحو التنمية فحسب بل وفوق ذلك لأن وجود هذا البنك في حد ذاته سوف يوفر ماعون لتجميع موارد المجتمع المحلي وكذلك الاموال التي تخصصها الدولة لتنمية دارفور بغية توظيفها في ناحية إزالة مسببات التخلف التنموي بدارفور.وفوق هذا بما أن بنك تنمية دارفور هو بنك تنموي لخدمة رقعة جغرافية معينة(ولايات دارفور)،فبإمكانه حشد المزيد من الموارد من الدول والمنظمات الاجنبية وتجييرها لصالح برامج تنموية تؤدي في خاتمة المطاف إلى تغيير أنماط الحياة وتحسين سبل كسب العيش بولايات دارفور. وفضلا عن ذلك يتزايد العشم في أن ينجم عن أنشطة البنك المبتغاة حداً للمعاناة والتهميش المادي والمعنوي الذي يعاني منه المواطن الدارفوري مما يلجم التصريحات والمزايدات السياسية والمتاجرة الداخلية والخارجية بقضية دارفور وكل ذلك بحسبان أن بنك تنمية دارفور يمثل ،نفساً وتأكيداً، القلب النابض لتجذير التنمية التي تشكل مفتاح الحل لتحقيق السلام بدارفور. مدخل رابع: لربما يحاجج بعض متلقي الحجج قائلين بأن مزاولة بنك تنمية دارفور لنشاطه أمر يصعب تحقيقه في ظل سياسات التقشف التي تنتهجا الدولة حالياً، و لربما قد يقول قائل:أن بنك تنمية دارفور ليس المفتاح الوحيد لتحقيق التنمية وجنزرة السلام بولايات دارفور.ومن غير المستبعد أن يزعم كذلك بعض الناس بأن ولايات دارفور تنعم حالياً بقدر من السلام فلا تثريب في تأخير إفتتاح بنك تنمية دارفور ما دامت الدولة مهمومة حالياً بجهاد التقشف الأكبر.ولكن رغماً عن وجاهة هكذا إدعاءات،فلابد من التأكيد بأن التجربة الإنسانية عموماً والسودانية تحديداً أثبتت أن الإقتصاد هو الدينمو المحرك للتنمية وتحقيق تطلعات المجتمعات،ولكي يكون هنالك إقتصاد قوي في السودان عموماً وولايات دارفور تحديداً،فإن وجود نظام مصرفي قوي يرتكز على بنوك تنموية ولائية ذات ملاءة مالية ضروري لتوجيه التمويل للمنتجين الفعليين في مناطق الإنتاج.وإنطلاقاً من هذه الحيثيات،بلا شك قد آن الأوان ليزاول بنك تنمية دارفور نشاطه بأعجل ما تيسر، وهذا يتطلب مالتنسيق المحكم بين الحكومة المكزية في الخرطوم من جهة وولاة ولايات دارفور والسلطة الإقليمية لدارفور من جالجهة الأخرى وكل ذلك لإزالة العراقيل،المالية والبيروقراطية،حتى يرى بنك تنمية دارفور النور في القريب العاجل. مدخل خامس: بلاشك سوف تتضح أهمية مزاولة بنك تنمية دارفور لنشاطه عند النظر للدور التنموي المأمول أن يلعبه هذا البنك.وبما أن هذا تنمية دارفور في الاساس هو بنك تنموي ،فبإمكانه مزاولة نشاطه عند توفر المال اللازم من مصادر داخلية وخارجية في ظل إدارة حصيفة ذات كفاءة عالية تعمل بقدر من المرونة والشفافية العالية.علماً أن المال اللازم المطلوب لتكوين البنك قد تعهدت بتوفيره العديد من الدول والمنظمات وفي مقدمتها دولة قطر ومنظمة المؤتمر الاسلامي وبنك التنمية الاسلامي.وبما أن"المال هو عصب الحياة"، فتقع على المشاركين في مؤتمر أهل دارفور المنعقد حالياً في مدينة الفاشر ويستمر طيلة الفترة:10/7 - 12/7/2012م مسئولية الخروج بخارطة طريق زمنية واضحة المعالم تحدد تواريخ قاطعة لإفتتاح رئاسة بنك تنمية دارفور بالخرطوم و تعيين سقف زمني أقصى لمزاولة البنك وفروعه بولايات دارفور لأنشطتها ،وقد لا يتأتى هذا إلا بالتشمير عن سواعد الجد والسعي الجاد من جميع الأطراف الحادبة على تحقيق السلام العادل والمستدام في ربوع ولايات دارفور. مدخل أخير: مما تقدم من حيثيات نخلص إلى أن مقررات إتفاق الدوحة لسلام دارفور قد نصت على إنشاء بنك تنمية دارفور، وأنه قد آن الأوان لأن يرى هذا الصرح التنموي الهام النور في ظل الحاجة الملحة لإفتتاح هذا البنك بأعجل ما تيسر.وتتعاظم الآمال في أن تؤدي مزاولة البنك لنشاطه إلى تسارع الخطى نحو الوصول إلى محطة عقد مؤتمر المانحين لدارفور الذى تبنت دولة قطر الدعوة لإنعقاده قبل نهاية العام الجاري.علماً أن تلك الآمال ما فتأت تكبر في دواخل الدارفوريين وتزداد عُرْضَاً كل يوم بعد دخول إتفاق الدوحة لسلام دارفور عامه الثاني دون أن يرى إنسان دارفور ،المغلوب على أمره ،طحيناً يعتد به ،حتى تاريخه، رغماً عن علو الكثير من الجعجعات هنا وهناك. والله المستعان أخوكم موسى محمد الدود Musa Eldoud [[email protected]]