يدور في أذهان كل أهل السودان كم هي ديون السودان الخارجية التي تتحدث عنها وسائط اقتصادية وإعلامية وسياسية واجتماعية كم تبلغ هذه الديون التي اختفت في كثير من لقاءات السيد وزير المالية الذي يصر ويؤكد دائماً أن السودان مفلس وفي نفس السياق يعلن ملاك الدولار بأن عليهم «فك دولاراتهم» بحكم أن الجنيه الذي يرعاه سيكون مقابل 3 ثلاثة دولارات خلال 3 أسابيع من حديثه للصحافيين. ديون السودان ما بين الاستهلاك الإعلامي والاقتصادي والأرقام التي يتحدثون عنها 40 مليار دولار رقم غير صحيح وهذا حديث غير علمي وغير واقعي مثله مثل إعلان شركات الاتصالات لمستخدمي الشبكة بأن الدقيقة سعرها كذا والمستخدم لا يعرف أن هناك ضرائب مختلفة ويصبح سعر الدقيقة غير معلوم هكذا هي حكاية ديون السودان ما بين فائدتها وما بين أرباحها وما بين مشاركة الدائنين في استثماراتها المختلفة التي تكون غالباً تحت برمجة إدارات لا تعرف الكيفية العلمية التي تتابع بها هذا القرض أو تلك المنحة بخيار أنها فاتحة خير لإحلال قروض أخرى أو منح أخرى لمصلحة الدائن ينوي فتح استثمارات أخرى مع الجهة المعنية. إن حكاية «ديون» السودان هي حكاية دول عربية مختلفة أو دول من العالم الثالث تعيش في اقتصادها استثماراً ناجحاً من هذه الديون وهذا ما فعلته دولة مثل الجزائر ودولة أخرى مثل نيكاراجوا وهذه الدول جعلت من ديونها الخارجية مشاريع استثمار ناجحة امتلكت من خلالها زمام المبادرة في طرح عطاءات في شكل مشاريع مختلفة منها الزراعي والصناعي والسياحي شراكة مع الدول المانحة وكانت نتائجها إيجابية وطرحت أفكاراً مختلفة في منتديات «دافوس» حول استثمارات الديون والمنح والخروج بها كأموال لا بد أن تكون صاحبة فضل على الشعب الممنوح لها والدول المانحة لها بحكم أن هذه الأموال كما هو معروف قد أخذت من أموال «الشعب» في الدول الثرية التي تعتمد في حركة اقتصادها على أموال دافعي الضرائب وينتظر مقابل لهذه الدفوعات من حكومته في شتى أغراض الحياة. إن نجاح تجربة استثمارات الديون الخارجية في بعض الدول جعل منها نظرية اقتصادية جديدة بحكم أن كل الدول المديونة في حاجة لعدد من المشاريع المنتجة في كل المجالات وأن الدول المانحة بدأت تضع دراسات جدوى قبل أن تدفع أية منحة أو قرض لدول أخرى مثلها مثل المصارف وأصبح الضامن الرئيس في هذه المنح والقروض هو ما تقدمه الدول المستدينة من مشاريع «مغرية» لهذه الدول وفي الفترة الأخيرة دخلت مشتقات النفط والمعادن والزراعة هي أساس استثمارات الدول المانحة بحكم ضمان استثمارها وبحكم أنها ستكون شريكة في هذا المجال بالمال وبالخبرات البشرية منها فإذن هي تشرف على أموالها إدارياً وفنياً ومالياً أن فكرة أن يطرح السودان مشاريع استثمارية مختلفة للدول المانحة لا تمثل استعماراً أو تدخلاً في اقتصادها الوطني ولكنها تعتبر مشاركة رئيسية في حل مشكلة الطرفين الدائنين والمستدينين والمستدين هو أكثر حاجة لها بحكم نقوصات مختلفة في بنياته التحتية المختلفة وبحكم أن هذه القروض والمنح تفرز يومياً فوائد وأرباح على الدول المستدينة. إن خروج السودان بعدد من المشاريع وطرحها في سوق الدائنين يمثل أفضل وأضمن أنواع الاستثمار في السودان بعيداً عن إجراءات الوزارات المختلفة العاملة في خدمة الاستثمار ومقابلها صفر كبير «من الممكن أن تصل ديون السودان لأكثر من 94 مليار دولار خلال خمسة أعوام قادمة». كمال الدين محمد علي [[email protected]]