ان رواية التاريخ وكتابته ليس بالامر السهل بل يتطلب درجة عالية من المهنية التي تعي معنى الصدق والامانة في سرد ورواية الاحداث و الوقائع كما حدثت بالفعل فنحن نحتاج الى التاريخ الان والاجيال من بعدنا في حاجة الى التاريخ ايضا حتى نعيد النظر فيما كان خطا في الماضي ونتفاداه في المستقبل ونتمسك بما هو ايجابي ونحافظ عليه لكن اذا قررنا ان نجعل التاريخ شئ من وحي الخيال مثله ومثل الشعر الجاهلي وقصائد المعلقات فهذا ضلال عظيم للاجيال الحالية والقادمة ايضا فقد اجتهد المهندس تاج السر حسن في محاولة لاخراج النسخة المعدلة من تاريخ منطقة ابيي في ثوب اكثر جمالا يمجد فيه قبيلة المسيرية في محاولة لاقناع الشعب في السودانيين و العالم ان قبيلة المسيرية ليسوا مجرد قبائل رعوية قدمت من اقاصى غرب افريقيا حتى ان توافدهم لايزال مستمرا ولم يكتمل بعد لكن المهندس يصر على ان هؤلاء المسيرية اناس غارقين وهم في مستوى المستكشفين الذين اكتشفوا بلاد افريقيا وجلبوا العلم والحضارة الى القارة المظلمة وان المسيرية عندما وصلوا الى بلاد السودان عام 1850 تحديدا منطقة ابيي وحتى جنوب نهر لول وجدوها مناطق غير ماهولة بالسكان فاستقروا هناك واسسوا سلطنتهم العظيمة في منطقة واسعة تضم ابيي ... مهلا يا سعادة المهندس نحن في عصر العولمة لم يعد من السهل تضليل الناس اذا فرضنا جدلا ان تلك السلطنة المسيرية العظيمة المستقرة المزعومة قد اقامها المسيرية بالفعل في ابيي لماذا لم ياتوا باسم لمنطقة ابيي؟ لماذا انتظروا قدوم الدينكا بعد قرون كي ياتوا باسم يدعى عليه المنطقة؟ فكلمة ابيي بلغة الدينكا نوع معين من الشجر تنمو في هذه المناطق ولقد ذكر المهندس في روايته عن موت السلطان ابو قرون ودفنه جنوب نهر كير دليل قاطع على ان ابيي منطقة تابع للمسيرية مية في المية ... يا عيني على الجمال... ان السلطان المذكور سلطان لقبيلة احترفت الترحال كطريقة الوحيدة للحياة فكيف يعقل ان اي مكان يموت فيه سلطان من هذه القبيلة العظيمة تكون ملكا للقبيلة كبلد ووطن لو كان هذا الكلام صحيحا لامتلك المسيرية اكثر من نصف بلاد افريقيا فكم من بلاد افريقية ارتحلوا اليها وكم سلطان ولد و مات في تلك الترحال المستمر. من يكره العرب في السودان؟ دموع التماسيح دائما لا تخفي الزيف لذلك لا تجد التعاطف من احد فقد شكى المهندس من كراهية العرب من قبل الدينكا وهذا كلام غير دقيق فالعرب منذ دخولهم الى السودان قوبلوا بالترحاب وتقبل المجتمعات السودانية فكرة ان يكونوا جزء اصيل من هذا الشعب العريق كما اعتنق مجتمعات مقدرة في السودان الديانة الاسلامية ليس بالاكراه لكن بايمان وقناعة وزوجوهم بناتهم والقاري الجيد للتاريخ السوداني الحديث يلاحظ ان العرب السودانيين هم اكثر من التعاون مع الذين غذوا السودان فقد كانوا اول المتعاونين والمخلصين مع الحكم التركي المصري الذين مارسوا تجارة الرقيق وسلبوا السودان من اقوى الكوادر البشرية ولكن بعد ان انهى السودانيين بتعاون ووحدة غير مسبوقا الحكم التركي المصري قامت مجموعة من القبائل العربية معروفة في شمال السودان بمؤامرة خطيرة مهد الى ما يتمتعون بها اليوم من نفوذ وسيطرة على الامور في السودان فبعد موت المهدي حكم الخليفة عبدالله التعايشي الدولة المهدية فلم تعجب ذلك الكلام تلك القبائل العربية فذهبوا الى حلفاءهم المصريين وتذمروا على حكم عبدالله التعايشى وكانت دوافعهم عنصرية بحت وانتهت المؤامرة بتحالف تلك الجماعة مع المصريين واحضروا الانجليز لانهاء حكم الخليفة وطوال فترة الحكم الانجليزي في السودان اصبحوا اشخاص مطيعين للانجليز وتلقوا التعليم وتعلموا ادارة امور البلاد بالطرق الحديثة وحين تاكدوا انهم قد تمكنوا طالبوا برحيل الانجليز وورثوا كل شئ السلطة والمال فاصابهم الغرور ظنوا انهم جنس فريد افضل من كل اجناس السودانية وشوهوا الشخصية السودانية حيث اجبروا الناس على تغيير هويتهم ويفترضوا زيفا انهم امة عربية خالصة ... لا احد يكره العروبة لكن حقيقة العروبة في السودان هي انها واحدة من مكونات الثقافة السودانية المتنوعة انها جزء من الكل وليس الكل نصيحتي للمهندس و الاديب المبتدي تاج السر هو نحن كقبائل سودانية غير عرب نفتخر باصلنا ولسنا في حاجة الى تغيير هويتنا لاجل اي سبب فثقافاتنا غنية ونعتز بها مع كامل الاحترام والتقدير للثقافات المغايرة بما في ذلك الثقافة العربية وفيلما يخص حديثك عن تجارة الرقيق والصاقها بالافارقة كضحايا الوحيدين فهذا ليس الكلام الدقيق فقد مارس الجنس البشري الرقيق منذ زمن بعيد وراجت تجارتها في كل المعمورة وشملت جنسيات متعددة شملت العرب والاوربيين وشملت كل الوان البشر الابيض والاسود والاخضر الذي هو لون عرب السودان الذين يخجلون من الاعتراف ان لون بشرتهم اسود ويقولون انه اخضراني . مغالطات تاريخيه: المعروف ان القبائل النيلية الكوشية اكتسبت هذ الصفه نتيجة تواجدها على ضفاف نهر النيل وفروعها ولا اريد الدخول في مجادلات تاريخية مع سعادتك فالتاريخ يثبت ان العرب عندما دخلوا السودان لم يتوغلوا الى المنطقة المعروفة اليوم بجنوب السودان لاسباب جغرافية ولعدم قدرتهم اختراق القبائل الباسلة التي كانت موجودة على ارض لقد تمكنوا فقط دخول جنوب السودان برفقة الاتراك والمصريين مرة وبرفقة الانجليز مرة ثانية وفي الحالتين لم يكن لهم نفوذ في جنوب السودان وبالتالي عندما يتكلم المهندس عن معارك دارت بين نوير ودينكا على نهر زراف فهو يتحدث فيما لا يعرفه ولا يعنيه ايضا الجنوبيين يعرفون الكثير عن الشماليين بصفة عامة بينما يجهلون هم الاشياء الاساسية عن المجتمعات الجنوبية فانا انصح المهندس بالا يتحدث بجراءة عن شئ يجهله فهذا اشبه بحوار الطرشان ... عصر العولمة لا تخدم الذين يزيفون التاريخ ويكتبونه على الطريقة الادب العربي الجاهلى التي تقرا ولا تفهم . حقائق ثابتة فيما يخص منطقة ابيي: اولا: ابيي هي منطقة مشايخ دينكا نقوك التسعة التي حولت من اقليم بحر الغزال الى كردفان عام 1905 ثانيا: يعطي بروتوكول ابيي حق تقرير المصير لشعب دينكا نقوك والسودانيين الاخرين المقيمين في منطقة ابيي بصورة مستديمة وذلك من خلال استفتاء يعبرون فيها ان كانوا يرغبون في الانضمام الى اي من دولتي السودان . ثالثا: يتمتع المسيرية بحق الرعي في موسم الصيف في منطقة ابيي ... ولا يجب خلط ذلك بالاقامة المستيديمة ولا يتكلم البروتوكول عن مشاركة المسيرية في الاستفتاء الموعود. رابعا: ان افضل طريق للوصول الى الحل النهائي في ابيي هو بالاحتكام الى صوت العقل وتطبيق ما اتفق عليها من اتفاقيات لكن انسان ابيي قادر للدفاع على ارضه. بقت مكواج انقويك [email protected] ////////////////