عائشة الماجدي تكتب: (جودات)    اشادة من وزارة الخارجية بتقرير منظمة هيومان رايتس ووتش    القوات المسلحة تصدر بيانا يفند أكاذيب المليشيا بالفاشر    الهلال يحسم لقب الدوري السعودي    أهلي جدة يكسر عقدة الشباب بريمونتادا مثيرة    الجيش السوداني يتصدى لهجوم شنته قوات الدعم السريع على الفاشر    المريخ يعود للتدريبات وابراهومة يركز على التهديف    مياسم يدعم والقطاع الرياضي يشكر    برباعية نظيفة.. مانشستر سيتي يستعيد صدارة الدوري الإنكليزي مؤقتًا    يوكوهاما يقلب خسارته أمام العين إلى فوز في ذهاب نهائي "آسيا"    هل يمكن الوثوق بالذكاء الاصطناعي؟.. بحث يكشف قدرات مقلقة في الخداع    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    سألت كل الكان معاك…قالو من ديك ما ظهر!!!    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    عاصفة شمسية "شديدة" تضرب الأرض    «زيارة غالية وخطوة عزيزة».. انتصار السيسي تستقبل حرم سلطان عُمان وترحب بها على أرض مصر – صور    مخرجو السينما المصرية    د. ياسر يوسف إبراهيم يكتب: امنحوا الحرب فرصة في السودان    هل ينقل "الميثاق الوطني" قوى السودان من الخصومة إلى الاتفاق؟    كلام مريم ما مفاجئ لناس متابعين الحاصل داخل حزب الأمة وفي قحت وتقدم وغيرهم    الأمن، وقانون جهاز المخابرات العامة    شاهد بالصورة.. حسناء الفن السوداني "مونيكا" تشعل مواقع التواصل الاجتماعي بأزياء قصيرة ومثيرة من إحدى شوارع القاهرة والجمهور يطلق عليها لقب (كيم كارداشيان) السودان    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    محمد سامي ومي عمر وأمير كرارة وميرفت أمين في عزاء والدة كريم عبد العزيز    مسؤول بالغرفة التجارية يطالب رجال الأعمال بالتوقف عن طلب الدولار    مصر تكشف أعداد مصابي غزة الذين استقبلتهم منذ 7 أكتوبر    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    مقتل رجل أعمال إسرائيلي في مصر.. معلومات جديدة وتعليق كندي    النفط يتراجع مع ارتفاع المخزونات الأميركية وتوقعات العرض الحذرة    النموذج الصيني    غير صالح للاستهلاك الآدمي : زيوت طعام معاد استخدامها في مصر.. والداخلية توضح    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    إسرائيل: عملياتنا في رفح لا تخالف معاهدة السلام مع مصر    الجنيه يخسر 18% في أسبوع ويخنق حياة السودانيين المأزومة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    زيادة كبيرة في أسعار الغاز بالخرطوم    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدستور الجديد والانتخابات القادمة: تضارب المصالح .. بقلم: د. أحمد المفتى المحامى
نشر في سودانيل يوم 10 - 11 - 2012


بسم الله الرحمن الرحيم
نوفمبر 2012
ملف 289
الدستور الجديد والانتخابات القادمة: تضارب المصالح
بين الجماهير والنخب (الحاكمة والمعارضة)
بقلم: د. أحمد المفتى المحامى
مدير عام مركز الخرطوم الدولى لحقوق الإنسان (KICHR)
إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر
ولابد لليل أن ينجلى ولابد للقيد ان ينكسر
اولاً: النخب الحاكمة والمعارضة جعلت السودان من أفقر دول العالم:
يعد السودان حالياً من أفقر دول العالم رغم موارده الطبيعية الكبيرة ، والسبب فى ذلك فى تقديرنا هو النخب الحاكمة والمعارضة منذ الاستقلال وحتى الآن لأنها هى التى كانت تتناوب على ادارة الدولة ، ولا يغير من ذلك الواقع تفاوت درجات المسؤولية .
وفى القريب العاجل يدخل السودان دورة جديدة من دورات الحكم بعد إجازة الدستور الجديد وإجراء الانتخابات القادمة وفقاً لاحكامه . ومالم تحدث النخب تغييراً جوهرياً فى مضمون الدستور الجديد وفى الاعتبارات التى ستجرى الانتخابات القادمة وفقاً لها ، على نحو ما ندعو له فى هذا المقال ، فان النتيجة سوف تكون إنتاج دورة جديدة من دورات الحكم لا تختلف عن سابقاتها ، وتستمر الجماهير السودانية ترزح تحت دورة جديدة من الفقر .
وللأسف الشديد تؤكد كل المعطيات أن النخب الحاكمة والمعارضة لن تحدث ذلك التغيير المطلوب ، لأن كل الحراك السياسى الذى تقوم به حالياً فيما يتعلق بصياغة الدستور الجديد أو الاستعداد للانتخابات القادمة ، لا يختلف فى شئ عن استعداداتها السابقة ، حيث ينصب اهتمامها على تفاصيل الطريقة التى سوف تدار بها البلاد وتتداول بها السلطة بين تلك النخب ، بما فى ذلك كافة الحقوق السياسية ذات الصلة بذلك مثل حرية التعبير والتجمع السلمى وتكوين الأحزاب . اما مضمون الحكم الذى يتعلق بتوفير التعليم والعلاج والسكن والعمل المجزى وحسن ادارة المال العام وخلافه ، فانه لا يشكل إلا جزءاً يسيراً من اهتمام تلك النخب والتى تكتفى بتضمين هموم الجماهير فى نصوص تجميلة فى الدستور غير مصحوبة بنصوص تكفل لها التمويل الكامل وتجعلها قابلة للتطبيق خلال اطار زمنى محدد .
ثانياً: الحاجة الى عقد اجتماعى جديد:
وبما أنه لا سبيل للحكم بطريقة مشروعة إلا باصوات الجماهير فإن الامل يبقى معقوداً على الجماهير صاحبة المصلحة الحقيقية فى تغيير الوضع الراهن . ولا ينبغى ان تسير الجماهير مغمضة العينين خلف احزابها السياسية ، بل ينبغى لها ان تتوحد على اختلاف انتماءاتها السياسية والدينية والعرقية على "برنامج حد أدنى" وهو "حقوق الإنسان" ، ولا تعطى اصواتها إلا للحزب الذى يلتزم بتطبيق تلك الحقوق بالنص على تطبيقها بصورة تفصيلية فى الدستور الجديد وفى برنامجه للانتخابات القادمة بحيث يكون الدستور الجديد والبرامج الانتخابية "عقداً اجتماعياً" بين الجماهير والنخب .
لقد آن للشعب السودانى الكريم ان يرفع صوته عالياً مطالباً بدستور تعنى جل نصوصه بحقوق الإنسان وتطبيقها ووضعها موضع التنفيذ الفعلى ، ويفرد جزءاً يسيراً من نصوصه لمؤسسات الدولة ونظام الحكم وخلافه ، وبرامج انتخابية لكل الأحزاب السياسية تسير فى نفس الاتجاه ، على خلاف الوضع الحالى الذى يخصص فيه جزء يسير من الدستور والبرامج الانتخابية لحقوق الإنسان . وابتداراً لذلك التوجه سارت ثورة حقوق الإنسان التى تفجرت بمركز الخرطوم الدولى لحقوق الإنسان (KICHR) منذ عام 2005 .
وذلك التوجه الذى يدعو له مركز الخرطوم ليس تكويناً لحزب جديد ، وانما هو إتفاق جماهيرى على برنامج حد أدنى تلزم به الجماهير كل حزب من الأحزاب السياسية التى تنتمى لها . وجهود تنظيم الجماهير وتوحيد كلمتها على ذلك النحو ليس حكراً على المركز ، وإنما يمكن ان تقوم بذلك كافة منظمات المجتمع المدنى التى لا تتنافس على السلطة ، شريطة عدم تجيير ذلك التنظيم الجماهيرى لمصلحة اى حزب سياسى . ولقد تضمن النظام الاساسى لمركز الخرطوم الضمانات التى تكفل ذلك . وفى تقديرنا ان الحزب السياسى الذى يتبنى برنامج الحد الأدنى الذى تدعو له الجماهير فى الدستور القادم والانتخابات القادمة هو الذى سوف يضمن اصوات الجماهير ، إلا اذا رأت الجماهير ان تعطى صوتها لحزب لا يلتزم ببرنامج الحد الأدنى الذى يكفل لها حقوقها ، وذلك أمر مستبعد .
ولذلك فان الحراك السياسى الراهن لصياغة دستور جديد وإجراء الانتخابات العامة القادمة هو أهم موضوع ينبغى ان يقف عنده الشعب السودانى وقفه فارقة على النحو الذى اوضحناه ، لأنه سوف يشكل مستقبل السودان السياسى . أما اذا ما أفلحت النخب فى صياغة دستور على نفس النهج التقليدى الذى كان سائداً منذ الاستقلال ، أو على نفس نهج أى واحدة من مسودات الدستور التى طرحت حتى الآن والتى تتحدث عن أجهزة الدولة ونظام الحكم والتداول السلمى للسلطة وهوية الدولة وغيرها من الموضوعات التى تثيرها النخب والتى لا تشغل بال السواد الاعظم من الشعب بقدر ما يشغله عدم اهتمام الدستور بحقوقه ، فإننا نتوقع أن يكون الدستور الجديد والانتخابات العامة القادمة بداية لانتاج أزمة جديدة لا تختلف كثيراً عما ظل السودان يعانيه منذ الاستقلال ، بل قد تكون اكثر حدة ، وهكذا سوف تجد الجماهير السودانية نفسها فى دائرة جديدة مفرغة لا تختلف عن الدائرة التى وجدت نفسها فيها منذ الاستقلال وحتى الآن ، وهى دائرة تتفاوت سلبياتها من نظام حكم الى آخر ، تفاوت "كم" وليس تفاوت "كيف" .
وأما إذا ما توحد الشعب السودانى حول برنامج حقوق إنسان فإنه سوف بجبر النخب على احترام حقوقه بصورة جديدة تتناسب وامكانيات السودان الطبيعية التى حباه الله بها بحيث يكون الدستور القادم هو دستور حقوق إنسان وليس دستوراً لحكم الشعب فقط وكذلك البرامج الانتخابية . وبمعنى أوضح ان يكون ذلك الدستور والبرامج الانتخابية عقداً اجتماعياً جديداً بين الشعب والنخب التى تسعى للحكم ، بحيث تعنى 90% من نصوص ذلك الدستور والبرامج الانتخابية بحقوق الإنسان بصورة مفصلة وترصد لها بموجب احكام الدستور غالبية موارد الدولية المالية ، خاصة الموارد الكبيرة التى كانت ترصد لتأمين الوطن لأن الشعب الذى يتمتع بالحقوق هو الاقدر على تأمين الوطن . ولقد نام سيدنا عمر رضى الله عنه تحت الشجرة ليس فى حراسة قوات التأمين ، ولكن فى حراسة العدل الذى بسطه بين الناس . اما ال10% الباقية من احكام الدستور الجديد فانها تخصص لمؤسسات الدولة من جهاز تنفيذى وجهاز تشريعي وجهاز قضائى ومؤسسات الحكم والرقابة .
ومن الملاحظ أن كل الدساتير السودانية منذ الاستقلال وحتى دستور 2005 قد كانت بدرجات متفاوته دساتير تعنى بكيفية حكم الشعب وليس بكيفية اعطاء الشعب حقوقه ، وقد آن الآوان ان يستيقظ الشعب السودانى الكريم ويأخذ زمام المبادرة من النخب ويجعل الدستور الجديد والبرامج الانتخابية تعنى بحقوق الإنسان على النحو المفصل أعلاه . وبذلك يكون للسودان دستور غير مسبوق مقارنة بكل الدساتير السودانية السابقة ، بل ومقارنة بالدساتير السائدة حالياً فى مختلف دول العالم . وقد يبدو ذلك الطرح نظرياً لأنه غير مسبوق فى اى دولة من الدول ، ولكن فى تقديرنا انه الحل الأمثل لعدم الاستقرار السياسى الذى ظل السودان يعانى منه ، ولا شك ان ذلك الطرح سوف يجبر النخب التى تسعى لكراسى السلطة الى تبنى ذلك الطرح ليس حباً فيه وانما مهراً للسلطة التى يرغبون فيها .
ثالثاً: حقوق الإنسان هى التحدى الأكبر الذى يواجه الدولة الحديثة ويوجد توافق وطنى حولها:
إن حقوق الإنسان الواردة فى دستور 2005 يوجد توافق وطنى حولها من الحكومة والمعارضة والمجتمع الدولى لأنها هى ذات الحقوق التى وافق عليها السودان فى العهدين الدوليين لحقوق الإنسان عام 1986 ، وهى بذلك برنامج الحد الأدنى الذى يحظى بموافقة الجميع ، ولذلك لن تكون هنالك صعوبة فى صياغة دستور حقوق إنسان أو برامج انتخابية إستناداً الى تلك الحقوق المتفق عليها .
إن المطالبة ببرامج انتخابية تعنى بحقوق الإنسان وبدستور حقوق إنسان يكفل للمواطن حقوقه وليس دستور ليحكم به الشعب نبع من أهمية احترام حقوق الإنسان والتى هى "التحدى الأكبر" الذى يواجه "الدولة الحديثة" ، حيث أن كل التحديات الأخرى هى جزء من ذلك "التحدى الأكبر" وفق "النهج المؤسس على الحقوق" ، وأن تطبيق تلك الحقوق على أرض الواقع حفظاً لكرامة الإنسان هو الدين الحق والذى لا يتحقق بمجرد تضمين الدستور نصاً بان الشريعة الإسلامية هى المصدر الوحيد للتشريع .
ان المطلوب من الدستور الجديد هو جعل حقوق الإنسان "غاية" والسلطة "وسيلة" لتحقيق تلك الغاية ، بالنص على الحقوق وكذلك النص على كل مطلوبات وضعها موضع التنفيذ بما فى ذلك إسناد السلطة "للقوى الأمين" الذى يمكن من توفير الموارد التى تهدر فى الادارة غير الرشيدة وعدم المحافظة على المال العام لتصرفها الحكومة على تنفيذ برامج "حقوق انسان مكتوبة ومفصلة" خلال اطار زمنى محدد بموجب أحكام الدستور الجديد ، مع دعمها بنصوص أخرى فى الدستور لتأسس الضمان الأكيد لحماية حقوق الإنسان ألا وهى "أجهزة عدالة فاعلة" و"مفوضية حقوق إنسان قومية" تحظى باحترام الحكومة والمعارضة و"حركة حقوق إنسان جماهيرية" منظمة وواعية بحقوقها ومتمكنة من المطالبة بها سلمياً دون إستغلالها من قبل أى جهة من الجهات .
رابعاً: تجربة الدستور الامريكى:
وتشكل التجربة الدستورية الامريكية نموذجاً مهماً فى ذلك الصدد حيث صدر دستور الولايات المتحدة الامريكية دستوراً يعنى بطبيعة نظام الحكم ومؤسسات الدولة ، ولكن سريعاً ما تعدل ذلك الدستور تعديلاً جوهرياً ينص على حقوق الإنسان ، ولذلك ليس مستغرباً ان تصبح الدولة التى يعنى دستورها بحقوق الإنسان الامريكى بتلك الصورة اقوى دول العالم .
ولقد تم اعتماد الدستور الامريكى من 7 مواد عام 1787 تفاصيلها كالآتى:
المادة الأولى: منح السلطات التشريعية للكونجرس والذى يتكون من مجلس الشيوخ ومجلس النواب .
المادة الثانية: منح السلطات التنفيذية لرئيس الولايات المتحدة الامريكية وليس رئيس الجمهورية .
المادة الثالثة: منح السلطات القضائية للمحكمة العليا والمحاكم الدنيا الأخرى التى ينشئها الكونجرس من وقت لآخر .
المادة الرابعة: احترام القوانين والسجلات العامة والإجراءات القضائية فى كل ولاية ويجوز دخول ولايات جديدة فى الاتحاد .
المادة الخامسة: طريقة تعديل الدستور .
المادة السادسة: كل الديون والالتزاماتت التى تم التعاقد عليها قبل صدور الدستور تكون ملزمة للولايات المتحدة الامريكية .
المادة السابعة: دخول الدستور حيز النفاذ بتصديق 9 ولايات .
ويتضح من تلك المواد ان الآباء المؤسسين للولايات المتحدة الامريكية قد أغفلوا عند صياغة الدستور النص على حقوق الإنسان على الرغم من أنها قد كانت هى اساس وثيقة فرجينيا لحقوق الإنسان التى صدرت قبل ذلك فى 12 يونيو 1776 ، كما انها كانت اساس اعلان الاستقلال الامريكى الذى صدر بعد الوثيقة فى 4 يوليو عام 1776 . ولقد كان تقدير الاباء المؤسسين أن انشاء سلطات الدولة الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية هى الاساس لبناء الدولة الحديثة . ولكن فى خلال 4 أعوام ادركوا ان انشاء سلطات الدولة أمر هام ، ولكن الاهم من ذلك هو النص وبتفصيل على احترام حقوق الإنسان لأن تلك السلطات انما يتم انشاؤها لخدمة الانسان . ولذلك وفى عام 1791 ادخلوا على الدستور الامريكي تعديلات كلها تتعلق بحقوق الإنسان، ولقد تجاوز عددها عدد مواد الدستور وبلغت عشرة تعديلات تناولت الموضوعات التالية:
التعديل الأول: ليس للكونجرس الحق فى إنشاء اى دين أو منع الممارسة الحرة لأى دين وكفالة حرية التعبير وحرية الصحافة وحرية التجمع السلمى والحق فى مقاضاة الحكومة لجبر الضرر .
التعديل الثانى: الحق فى حيازة وحمل السلاح .
التعديل الثالث: عدم دخول الجنود الى اى منزل دون موافقة المالك وحسب القانون .
التعديل الرابع: سلامة الشخص ومستلزماته عند التفتيش والحجز غير القانونى .
التعديل الخامس:الحق فى المحلفين وعدم المحاكمة مرتين لنفس الجرم وعدم الشهادة ضد النفس وعدم الحرمان من الحياة والحرية والاموال دون مسوغ قانونى وعدم مصادرة المال الخاص دون تعويض عادل .
التعديل السادس:المحاكمة العادلة .
التعديل السابع: الحق فى المحاكمة .
التعديل الثامن: منع الضمان والغرامة الباهظة والعقوبات القاسية وغير العادلة .
التعديل التاسع: الاعتراف بحقوق معينة فى الدستور لا يحرم المواطنين من الحقوق التى كانوا يتمتعون بها .
التعديل العاشر: السلطات التى لم يمنحها الدستور للاتحاد ولم يمنع الولايات منها تكون للولايات او للمواطنين .
وبسبب احترام حقوق الإنسان الامريكى فإن الدولة التى ولدت عام 1787 قد أصبحت اليوم أقوى دول العالم على الرغم من أن كافة الحقوق التى وردت فى الدستور الامريكى هى حقوق سياسية ولا تشمل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية .
خامساً: تجربة الدساتير السودانية 1953 – 2005:
بعد استعراض التجربة الامريكية على النحو الوارد اعلاه ، والتى توضح ان حقوق الإنسان هى الجزء الأهم فى الدستور ، والتى أتمنى ان نستفيد منها ، نستعرض فيما يلى التجربة الدستورية السودانية خلال 1953-2005 قبل الدخول فى تحليل سلبيات وايجابيات آخر وأفضل تلك التجارب الدستورية وهى دستور 2005 .
يلاحظ فى التجربة الدستورية السودانية انه وبخلاف الأوامر الدستورية التى صدرت خلال 1959 – 1964 صدرت سبعة دساتير فى السودان فى الأعوام 1953 و1956 و 1964 (عدل فى الاعوام 1965 – 1968) و 1973 و 1985 و 1998 و 2005 .
والغريب فى الأمر هو ان الدستور الذى صدر قبل خروج المستعمر من البلاد وذلك عام 1953 ودستور الإستقلال الذى صدر عام 1956 والدستور الذى صدر بعد ثورة اكتوبر عام 1964 نص كل منها على ستة حقوق فقط وهى:
1- حق الحرية والمساواة
2- حرية الدين والرأى وتكوين الجمعيات
3- حظر القبض على الاشخاص ومصادرة ممتلكاتهم
4- حكم القانون
5- الحماية الدستورية للحقوق
6- استقلال القضاء
وفى تقديرنا ان ذلك يعزى الى عدم اهتمام الحكومات الوطنية انذاك بحقوق الإنسان مقارنة باهتمامها بإنشاء أجهزة الدولة ، ويضاف الى ذلك ان الشرعة الدولية لحقوق الإنسان لم تكن آنذاك قد اكتملت بعد حيث انه لم يتم اعتماد اجزائها المهمة والمتمثلة فى العهدين الدوليين لحقوق الإنسان إلا عام 1966 ، ولم يسر مفعولهما إلا عام 1976 ، ولم يوافق عليهما السودان إلا عام 1986 .
أما دساتير 1973 و1985 و1998 فقد كانت افضل حالاً من حيث النص على حقوق الإنسان ، حيث نصت على عدد اكبر من الحقوق . ويعاب على دستور 1998 بصفة خاصة انه لم ترد به احالة للصكوك الدولية لحقوق الإنسان التى كان قد وافق عليها السودان قبل عام 1998 .
أما دستور 2005 فإنه قد نص على الحقوق فى وثيقة حقوق الإنسان (22 مادة) وفى مواد أخرى ، ثم احال للصكوك الدولية التى وافق عليها السودان ، وهو بذلك يعد أفضل الدساتير السودانية التى صدرت حتى الآن ، ولكنه مازال ينقصه الكثير كما سوف نوضح أدناه بالتفصيل .
خامساً: تحليل وثيقة حقوق الإنسان فى دستور 2005 (المواد 27 – 48):
(1) تشمل إيجابيات تلك الوثيقة الآتى:
(أ) تبنت الوثيقة أفضل طريقة للنص على حقوق الإنسان ، وهى إيراد نصوص مختصرة وإحالة للصكوك الدولية التى وافق عليها السودان ، وتلك الطريقة أفضل من نقل نصوص تلك الصكوك بالكامل ، أو اغفالها جملة وتفصيلاً ، او نقلها نقلاً مختصراً - المادة 27(3) .
(ب) نصت الوثيقة على عدم التحلل من حقوق معينة حتى فى حالات الطوارئ العامة – المادة 211 .
(ج) نصت الوثيقة على حق التملك الذى لم يرد فى العهدين الدوليين – المادة 43 .
(د) أنشأت الوثيقة المؤسسات اللازمة لحماية حقوق الإنسان وهى:
(i) المحكمة الدستورية وجعل حماية حقوق الإنسان من بين اختصاصاتها بموجب المادة 122(1)(د) ، علماً بأن حصر ولاية القضاء القومى فى الفصل فى الخصومات يضعف الحماية ، وفى ذلك الصدد لابد من ايراد نصوص إضافية تجعل المحاكم فاعلة جداً فى حماية حقوق الإنسان .
(ii) إنشاء مفوضية حقوق الإنسان بموجب المادة 142: علماً بأن اشتراط عدم الانتماء الحزبى انتهاك لحقوق الإنسان ، كما أنه من المهم جداً تضمين الدستور نص يلزم الحكومة بتمويلها .
(iii) إنشاء المفوضية الخاصة بحقوق غير المسلمين بموجب المادة 157 .
(2) وتشمل سلبيات تلك الوثيقة الآتى:
(أ) معالجة دستور 2005 لحقوق الإنسان شاملة ، ولكنها ضعيفة فنياً حيث وردت حقوق هامة خارج نطاق وثيقة حقوق الإنسان وضمن المبادئ الهادية والموجهات ، على الرغم من أن تلك المبادئ الهادية والموجهات لا تعتبر واجبة النفاذ بذاتها فى المحاكم وفقاَ للمادة 22 ، وعلى الرغم من أن بعض تلك المبادئ الهادية والموجهات قد تكرر ذكرها مرة أخرى فى وثيقة الحقوق ، ويتضح ذلك من الآتى :
(i) المادة 13(1)(أ) كفالة مجانية التعليم الأساس والتى تنص عليها كذلك المادة 44 .
(ii) المادة 13(1) الحقوق الثقافية والتى تنص عليها كذلك المادة 32 .
(iii) المادة 15(2) المساواة بين الجنسين والتى تنص عليها كذلك المادة 32 .
(iv) المادة 19 الرعاية الصحية الأولية مجاناً لكافة المواطنين والتى تنص عليها كذلك المادة 46 .
(v) المادة 12(2) حقوق الأشخاص ذوى الحاجات الخاصة والمسنين والتى تنص عليها كذلك المادة 45
(ب) اغفال لبعض الحقوق الهامة والنص عليها كمبادئ هادية وموجهات كالحق فى العمل (المادة 12) والحق فى مستوى معيشى مناسب (المادة 10) والحق فى استغلال الموارد الطبيعية (المادة 11) وحقوق المعاقين (المادة 12) .
(ج) اغفال النص على أنه لا يجوز تقييد أى من حقوق الإنسان إلا وفق شروط معينة .
(د) عدم النص على أحد أهم مبدأين فى مجال حقوق الإنسان وهو مبدأ عدم التمييز وحصره فقط فى الحق فى التعليم .
(ه) النص على حقوق هامه خارج وثيقة حقوق الإنسان:
(i) المادة 6 الحقوق الدينية .
(ii) المادة 7 الحق فى المواطنة والجنسية .
(و) لم توسع نطاق الحقوق الدولية ولم تنص على حقوق اضافية حسبما ورد فى الأديان السماوية كما اشرنا اعلاه ، خاصة وانه ليس هنالك أفضل من النظام الدينى لحقوق الإنسان ، والذى لا يعيبه ان الدول الإسلامية لا تطبقه على أرض الواقع ، وأن الوثائق التى تعبر عنه مثل إعلان القاهرة لحقوق الإنسان فى الإسلام غير كافية ، وذلك على الرغم من اعتراف النظام الدولى لحقوق الإنسان فى العهدين الدوليين بالحقوق القائمة أو المقررة فى أى بلد . وذلك أمر فى عاية الغرابة لأن رفع راية الإسلام تعنى ان ينص الدستور على كافة الحقوق التى يكفلها الإسلام وعدم الاكتفاء بالحقوق اليسيرة الواردة فى النظام الدولى لحقوق الإنسان .
(ز) لا يوجد نص يتعلق بالنهج المؤسس على الحقوق فى صياغة الدستور .
(ح) النص على الحكم الرشيد على الرغم من أهميته القصوى خارج وثيقة الحقوق فى المادة 25(ه) ، وبصورة مقتضبة ليراعى عند تخويل (وليس ممارسة) السلطات وتوزيعها بين كافة مستويات الحكم .
(ط) ضعف المادة 40(3)(ب) حيث انها تنص على وجوب ان يكون لدى الحزب السياسى برنامج لا يتعارض مع نصوص الدستور ، لأن عدم التعارض مع الدستور لا يعنى ان البرنامج مفيداً ، ولابد من النص على عناصر ذلك البرنامج الاساسية لتشمل كافة حقوق الإنسان .
(ي) تنص المادة 110 على تخصيص الموارد والإيرادات دون ربط ذلك بحقوق الإنسان ، ولذلك لم يكن مستغرباً ان يصنف السودان مؤخراً ضمن اسوأ الدول فيما يتعلق بتخصيص الموارد لصحة الطفل وتعليمه . وذلك الربط وادخال منظور حقوق الإنسان فى الاعداد لميزانية الدولة والتصرف فيها يحتاج الى مواد عديدة فى الدستور يفصل فيها ذلك الموضوع بصورة عملية .
(ك) تفويض الهيئة التشريعية بموجب المادة 115 للجهاز التنفيذى لإصدار أى لوائح أو قواعد أو أوامر او تدابير فرعية تفرض مفروضات مالية أو توزع إيرادات عامة دون إشتراط موافقة وزير المالية والاقتصاد الوطنى يؤدى الى إهدار موارد الدولة المفروض استخدامها لتوفير حقوق الإنسان .
(ل) عدم النص فى المادتين 150 و 151 على ان يكون عمل الأجهزة الأمنية وفقاً لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية .
(م) كل النصوص المتعلقة بالانتخاب قد جعلت الديمقراطية هى سقفها الأعلى فى حين ان التوجه الحديث فى العمل السياسى هو استهداف المشاركة الواسعة وليس الاقتصارعلى الديمقراطية .
(3) واجبات المواطن:
نصت عليها المادة 23 من دستور 2005 وهى تحتاج الى ربطها بمسئولية المواطن فى العمل على تعزيز حقوق الإنسان كما ورد فى العهدين الدوليين ، وكذلك توسيع نطاقها كما فى الميثاق الأفريقى .
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.