بسم الله الرحمن الرحيم من أين أتى هؤلاء؟ إذا كان أديبنا الكبير الراحل المقيم الطيب صالح قد أشار بهذه العبارة - التي سار بها الركبان - إلى الإنقاذيين في نسختهم الأولى، فمن أين أتى هؤلاء الذين يديرون جامعة وادي النيل؟ هل تم استنساخهم! أم هي جينات من طينة الفساد تسربت عبر جدار المفاصلة؟ إنه سؤال مشروع عن أشباح تنبت أشباحاً وأزمة تولد أزمة وسراب يسلمنا لسراب. فقبل أن تتنفس جامعة وادي النيل الصعداء برحيل سيئ الذكر علي النعيم، إذا بالجامعة تبتلى من جديد بالقمل والجراد والضفادع!! كأنما حكم الله عليها بالدمار والخراب، ولم يتبقى لنا سوى أن نتحسر على جامعة هرِمت وهي في عز شبابها، جامعة باتت مثل مركب يبحر بلا ربان في بحر لا تؤمن تقلباته!! فربانها المفترض ممسك بدفتها بيد مرتعشة وعقل مضطرب!! ففر في كل الاتجاهات من أعياه كثرة النصح لهؤلاء وكأنما يحدث قبوراً. من أكثر الأشياء إيلاماً للإنسان هو الإحساس بالظلم، فهؤلاء لم يظلموا السودان ممثلاً في التعليم العالي بتدمير أحد صروحه العظيمة جامعة وادي النيل، ولكن تمادوا وبشكل سافر ومستمر في ظلم الأساتذة والعاملين بسلبهم أبسط حقوقهم المادية والوظيفية، فلنسأل هذه الإدارة الصامتة - منذ أن بدأت هذه السلسلة (هيئة تصحيح المسار) في الصدور - بعض الأسئلة، فالواقع يشير إلى أنها ليس لديها ما تقول وقد فقدت توازنها بالكامل، فما عاد المؤتمر الوطني يحتمل حماقاتها وأخطائها المتكررة، ومن البديهي أن تضيق بها الأجهزة الأمنية ذرعاً. نود هنا أن نسألها وبشكل مباشر عسى أن تفيدها هذه الأسئلة وتخرجها من صمتها القبوري وتنهي عزلتها وتعينها على التواصل مع العاملين بالجامعة! لماذا يتم إعاقة عمل لجان الترقيات بالجامعة منذ سنوات؟ أين ضاعت أراضي منحة رئيس الجمهورية لأساتذة الجامعة والتي أنجزت في كل جامعات السودان الحكومية عدا وادي النيل؟ لماذا لا تلتزم الشئون العلمية بتسليم مستحقات المبعوثين كاملة كما تصلها من إدارة التدريب بالخرطوم؟ لماذا تم تجميد دبلوم الهندسة بحجج تتعارض مع أهداف الجامعة ورسالتها؟ لماذا لم يضاف البديل النقدي للمرتب أسوةً بكل الجامعات السودانية الحكومية؟ لماذا يظل الإشراف على البحوث العلمية والتدريس بقطر حكراً على أسماء محددة؟ لماذا يتناوب على مقاعد الإدارة بالجامعة ومنذ سنوات أشخاص بعينهم؟ لماذا لم يتم الترشيح لمنصب المدير عن طريق مجلس الجامعة كما وجه السيد رئيس الجمهورية في مؤتمر التعليم الأخير؟ والأسئلة التي نود طرحها أكثر مما يتصور القارئ الكريم، ولكن الإجابة على سؤال واحد فقط من هذه الأسئلة ربما يبعث بعض الأمل في النفوس التي يئست من هذه الإدارة ومن إتيان الخير من جهتها، فنرجو إن فتح الله عليها بالإجابة ومنَّ عليها بنعمة النطق أن يكون حديثها في العلن وحتى يسمعه الجميع!! فإذا كان أمام الأستاذ الجامعي بوادي النيل أو غيرها ألف مخرج وحل لمشكلته الشخصية، فما هو الحل لمشكلة جامعة تتهاوى أمام أعين العالمين، وما هو الحل لأبنائنا الطلاب والطالبات أبناء الطيبين، الذين يأتي أحدهم حاملاً ما قدره الله عليه من متاع الدنيا، متيمناً شطر الجامعة وهو مملوء بالتفاؤل والآمال العراض ويحلم ومعه أهله بعد تخرجه أن يحمل عنهم هم الدنيا ويغنيهم رهق العيش ومشقة العمل، وفي سبيل ذلك تباع معزة اللبن والدهيبات المدخورات، ومن في الغربة والخرطوم يدعمان هذا الاستثمار الأسري والأمل الكبير، وتكتمل الرسوم والمصاريف الدراسية. وينتهي بها المطاف في خزينة الجامعة، وحراس الخزينة ينسوا أو يتناسوا كيف وصلت كل هذه المليارات لأيديهم وأصبحت تحت إمرتهم وتصرفهم وكأنها غنائم حرب، أموال مشبعة بالعرق والدم والدموع والمرض والشقاء وتذل في سبيلها الأنفس وتهان. وما تلبث أن تخترع نتيجة للطمع الذي أمرض النفوس وأعياها آلاف الأساليب والحيل للاستيلاء على نصيب الأسد منها، فتسن اللوائح الداخلية والقرارات الإدارية والتي نسوا فيها أحكم الحاكمين، فتكثر المأموريات والاجتماعات واحتفالات التكريم والحوافز وتمليك السيارات والتجنيب وغيرها من الحيل، ومع كل ذلك تثور ثائرتهم إن سألهم عامل أو موظف أو أستاذ عن أبسط حقوقه، وفي مرةٍ عندما سأل أحد الأساتذة عميد الدراسات العليا عن طلب الترقية الذي قدمه منذ مدة ولم يتلقى رداً، ثار العميد المعني قائلاً ( انتو كل همكم عايزين تترقوا عشان تكونوا عمداء كليات وبس!!) تخيلوا بربكم هذا المستوى من العقلية التي تدير الجامعة!! وهنالك الكثير من القصص المضحكة المبكية التي يضيق المجال بحصرها، ومنها ما دفع أصحابها لحمل شكاوي مكتوبة ضد مدير الجامعة السابق علي النعيم لوزير التعليم العالي. أما الحقوق المالية للأساتذة التي استولت عليها الشئون العلمية والدراسات العليا واللذان يمثلان أس البلاء في هذه الجامعة، فملفها يحتاج لأن تفرد له مقالة خاصة!! ولكن نود أن نشير فقط إلى أن عمادتي الشئون العلمية والدراسات العليا يقوم على إدارتهما ثلاثة أشخاص دون تحديد لمسئولية!! هم المدير الحالي ود. عبد المنعم عوض الكريم و د.عبد الرحمن المهدي، فالأخيرين يدعيان ومنذ أكثر من ثلاثة أشهر أنهما لم يتسلما مهامهما رسمياً!! وبذلك تصبح المسئولية ضائعة بين الثلاثة!! فكيف لا يموه العمل الإداري بهذه الجامعة وتضيع المسئوليات إذا كان هم هؤلاء لا يتعدى أتفه الهموم على الإطلاق وهو الحصول على المال بأي طريقة، الأمر الذي لا يتناسب وأهل العلم بأي حال! وهاهو عبد المنعم عوض الكريم الذي يتمدد بين عمادتي الشئون العلمية والدراسات العليا ويطمع بوضع يده على مركز أمدرمان والتعليم المفتوح، هاهو يستولي على عربة الجامعة بعشرين ألف جنيه فقط في حين كان سعرها عند الشراء ثمانين ألفاً!! وهذا ينطبق على العديد من عربات الجامعة الجديدة التي أهداها علي النعيم بنفس الطريقة مكرمة منه لبطانته التي لم تنصحه بشيء ولم تخالفه في شيء، وذلك في الوقت الذي صدر فيه قراراً وزارياً بعدم تمليك العربات الحكومية للعاملين. وهاهو أيضاً الدكتور الإعلامي الشاب متعدد الوظائف والمواهب هشام محمد عباس عميد كلية تنمية المجتمع يتعاون مع شيخه الماكر على حمزة بإصدار كتيب عن ولي نعمتهم علي النعيم والذي دبج فيه الدكتور هاشم البشير من قبل قصيدة مدح عصماء لا تتناسب قبل كل شيء مع سن هاشم البشير كشيخ وإمام مسجد وعميد لكلية التربية!! فالكتيب يعد من مساخر الزمان وقد كتب تحت عنوان (سِفر يحكي الإنجاز) أي إنجاز يا هؤلاء!!! وعلى من تضحكون!! ربما تضحكون وتسخرون من علي النعيم ولكن ليس من العاملين بالجامعة الذين خبروه وخبروكم جيداً، أتمنى أن يضطلع الجميع على هذا الكتيب المسخرة الذي يصور أعمال الصيانة الروتينية بالجامعة كأنها إنجاز والتصوير مع خراف الأضاحي التي تستجلبها النقابة بواسطة سماسرة لتبيعها بأقساط مرتفعة من أجل التربح وليس خدمةً العاملين ويعدونها أيضاً إنجازاً، وغيرها السخافات التي تم حشدها كإنجازات، نتمنى أن تطالعوا هذا الكتيب حتى تتعرفوا أكثر على تفاهة وخفة عقول هؤلاء الذين يديرون الجامعة. وما زال السؤال ينتظر الإجابة، من أين أتى هؤلاء؟ هيئة تصحيح المسار بجامعة وادي النيل