عداء عوض الله الشديد لامريكا كان السوداني الوحيد في حفل، فاحس بالاهمال هل جامل عبد الكريم ميرغني اصهاره آل عثمان صالح؟ زوجة عوض الله خافت ان يقتل في نيويورك. واشنطن: محمد علي صالح في الحلقة السابقة من هذه المقتطفات من وثائق وزارة الخارجية الامريكية عن انقلاب 25 مايو سنة 1969، ارسلت وزارة الخارجية الى السفير الامريكي في الخرطوم الآتي: " نقل "فيبس" (قسم الاستماع للاذاعات الاجنبية، التابع لوزارة الخارجية الامريكية) الخبر الآتي من اذاعة امدرمان في السودان: "في تصريح خاص لوكالة الانباء السودانية، قال بابكر عوض الله، رئيس الوزراء، ان حكومة الثورة اثبتت بما لا يدع مجالا للشك ان دبلوماسيين امريكيين كانوا يتصلون مع عناصر رجعية. ولهذا، تقرر طرد الدبلوماسيين من السودان. واضاف رئيس الوزراء ان حكومة الثورة كشفت وافشلت كل المؤامرات التي دبرها الرجعيون والامبرياليون." بعد اذاعة هذا الخبر، اتصل بنا صحافيون امريكيون يريدون التأكد منه. ونحن وزعنا عليهم بيانا قلنا فيه ان حكومة السودان قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع السودان سنة 1967، مباشرة بعد بداية الحرب بين العرب واسرائيل. واليوم، يوجد في الخرطوم مكتب لرعاية المصالح الاميركية، وفيه دبلوماسيون امريكيون. وانهم لا يتدخلون في الشئون الداخلية للسودان ... نرفق مع هذا نص البيان. ونرجو اتباع ما فيه عند الرد على اتهامات رئيس وزراء السودان." في هذه الحلقة وثائق عن عداء بابكر عوض الله لامريكا: ------------------------------------- وليام شميك: التاريخ: 13-8-1969 من: السفير، الخرطوم الى: وزير الخارجية صور الى: السفير، اثينا، السفير، لاهاي الموضوع: رئيس وزراء السودان "اليوم، قابلنا وليام شميك، مراسل جريدة "بولتيمور صن" الامريكية، والذي جاء الى السودان للكتابة عن انقلاب نميري. ولساعة كاملة، قابل بابكر عوض الله، رئيس الوزراء ... قال لنا شميك ان عداء عوض الله لنا لا حدود له. وانه قضى معظم الوقت ينتقد السياسة الاميريكية. وانه امر بطرد ستة دبلوماسيين في السفارة الامريكية في الخرطوم لانهم عملاء لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) ... وان عوض الله قال ان في الولاياتالمتحدة حكومتين: ظاهرة وباطنة. الظاهرة هي الحكومة الشرعية القانونية. والخفية هي حكومة الاستخبارات التي تدير السياسة الامريكية الخارجية ... وان عوض الله انتقد السياسة الامريكية نحو اسرائيل، وطالبنا بالضغط على اسرائيل لقبول قرار مجلس الامن رقم 242 (بالانسحاب من الاراضي العربية التي احتلتها في حرب سنة 1967) ... وان عوض الله قال انه لن يعيد العلاقات الدبلوماسية الكاملة معنا، وذلك بسبب موقفنا من القضية الفلسطينية. (قطعت العلاقات بسبب حرب 1967، ويوجد في الخرطوم مكتب لرعاية المصالح) ... " ادوارد جيرجيان: التاريخ: 6-9-1969 من: السفير، الخرطوم الى: وزير الخارجية الموضوع: رئيس وزراء السودان "امس، قابلت ادوراد جيرجيان، رجل الاعمال السوداني، وصديق بابكر عوض الله، رئيس الوزراء. وكان شريكة في اعمال تجارية قبل ان يصبح رئيسا للوزراء ... وقال جيرجيان ان عوض الله حكى له عن مشاكل داخل مجلس الوزراء. واشتكى من مرتضى احمد ابراهيم، وزير الري. وان مرتضى وزير من الدرجة الثانية، ولن يقدر على الانتصار على عوض الله. لكن، قال جيرجيان ان عوض الله، احيانا، متقلب المزاج، ومناكف، وغريب التصرفات: مثلا: بعد ان صار رئيسا للوزراء، رفض مقابلة سفير اليابان، لان السفير، قبل ان يصبح عوض الله رئيسا للوزراء، قابله مرات كثيرة في مكتب او منزل جيرجيان. واهمله. ويبدو ان عوض الله لم ينسى ذلك. مثلا: قبل ان يصير رئيسا للوزراء، وفي حفل اقامه جيرجيان، ودعا له اربعين شخصا تقريبا، كان عوض الله هو السوداني الوحيد. ولم يهتم به احد. واغضبه ذلك كثيرا. لم يهتم به احد غير كلو نويل، السفير الامريكي. ويبدو انه قدر ذلك. رغم شكوكه الكثيرة في الامريكيين ... وانا سألت جيرجيان عن خطة نميري لتأميم شركات التصدير والتوريد. وعن قرار نميري بتجميد رخص هذه الشركات. وقال جيرجيان انه حذر بابكر عوض الله. وقال له ان شركة جيرجيان ستكون اول الضحايا. لكن، طمأنه عوض الله بان تجميد الرخص سينتهي بعد شهر ... وانا سالت جيرجيان عن تاسيس شركة الصمغ العربي الحكومية. واذا كان الهدف هو انقاذ شركة عثمان صالح التي تتاجر في الصمغ، لكنها تواجه خسارة كبيرة. وقال جرجيان ان ذلك غير مستغرب، خاصة لأن هناك علاقة مصاهرة بين آل عثمان صالح وعبد الكريم ميرغني، وزير التجارة الخارجية ... واقترح جيرجيان ان ارسل له فيلم "يو اس آى اس" (وكالة المعلومات الامريكية) عن ارسال اول انسان الى القمر. وذلك حتى يعرضه على بابكر عوض الله، رئيس الوزراء، بهدف تخفيض عدائه لنا. وانا قلت لجيرجيان انني لا افهم شدة عداء الرجل لنا. وانه يبدو ذكيا، ومخلصا. لكنه يستغل كل فرصة ليتهمنا بالتدخل في شئون السودان الداخلية. وبالتآمر ضد حكومة نميري. رغم اننا كررنا، بكل الطرق الرسمية والخاصة، ان هذا غير صحيح ... " عوض الله في نيويورك: التاريخ: 11-9-1969 من: السفير، الخرطوم الى: وزير الخارجية صورة الى: السفير، الاممالمتحدة الموضوع: رئيس وزراء السودان "حسب معلوماتنا، سيقود بابكر عوض الله، رئيس الوزراء، وفد السودان الى جلسات الجمعية العامة للامم المتحدة. ونود ان تلاحظوا الآتي: اولا: نريد التقرب الى عوض الله، واقناعه اننا لا نتأمر ضده، او ضد حكومته. ثانيا: نقترح ان تقوموا بمبادرات لمقابلة عوض الله، والتودد له. ثانيا: يعتقد عوض الله اعتقادا جازما ان ما يسميها "الحكومة الامريكية الخفية" او "حكومة الاستخبارات المركزية" تخطط لاسقاط حكومة السودان بقيادة نميري. ثالثا: يخاف عوض الله على نفسه شخصيا. وقال لنا جيرجيان، رجل اعمال وصديق وشريك لعوض الله، ان زوجة عوض الله سألت اذا كان زوجها سيعود سالما من نيويورك. وانها تخاف ان نتأمر عليه، وان نقتله ... السؤال هو: هل مثل هذه الاشياء التي لا تصدق افتعالية؟ او انها تصور شعورا حقيقيا، سواء من رئيس وزراء السودان، أو من غيره؟ طبعا، كما تعلمون، احيانا تتناقض السياسة مع العواطف. واحيانا، لا نكاد نفرق بين الدراما والواقع. وخاصة في دول العالم الثالث، كما تعلمون، يوجد اعتقاد عام بأن الامريكيين لا عمل لهم سوى التأمر والتدخل في شئونهم الداخلية ... هذا شئ لا يصدق. حتى قادة متعلمون ومثقفون ومنفتحون، يتحدثون عن مخططات امريكية خيالية ضدهم او ضد شعوبهم. خاصة من وكالة الاستخبارات المركزية ... انه شئ يمكن ان نسميه "فرايتند سمبلسيتي" (بساطة خائفة، خوف البسطاء) ... " الرئيس نيكسون: التاريخ: 19-9-1969 من: السفير، الاممالمتحدة الى: وزير الخارجية صورة الى: السفير، الخرطوم الموضوع: رئيس وزراء السودان "يقود بابكر عوض الله، رئيس وزراء السودان، وفد بلاده لجلسات الجمعية العامة للامم المتحدة. لكنه يبدو معاديا لنا في تشدد: اولا، رفض كل مبادراتنا، ليس فقط لتحسين علاقاتنا معه، ومع السودان، ولكن، ايضا، لمجرد الحديث معه. ثانيا: رفض حضور الحفل السنوي التقليدي الذي يقيمه الرئيس الامريكي لرؤساء الوفود الذين جاءوا الى اجتماعات الاممالمتحدة. وكان الرئيس نيكسون جاء الى هنا، وخاطب الجمعية العامة للامم المتحدة. ثالثا: رفض مقابلة ديفيد نيوصم، مساعد وزير الخارجية للشئون الافريقية. والذي، ايضا حسب عادة سنوية، جاء الى هنا لمقابلة رؤساء الوفود الافريقية ... رابعا: وزعنا بطاقات الدعوة لحفل يوم 24-9، وهو الحفل التقليدي السنوي الذي يقيمه وزير الخارجية لرؤساء الوفود. ويبدو ان عوض الله سيرفض ... وامس، قال لنا محمد المصباح، القائم باعمال سفير السودان في واشنطن، ان عوض الله رفض كل محاولاته لتقليل تشدده، ولقبول، على الاقل، دعوات المسئولين الامريكيين ... " محمد ميرغني: التاريخ: 27-9-1969 من: السفير، الاممالمتحدة الى: وزير الخارجية صورة الى: السفير، الخرطوم الموضوع: رئيس وزراء السودان "قابلنا مساء امس الاول، محمد ميرغني، صحافي سوداني (تعليق: ربما يقصد مراسل وكالة "رويتر" في الخرطوم في ذلك الوقت). جاء الى هنا ليتابع زيارة وفد السودان للجمعية العامة للامم المتحدة بقيادة بابكر عوض الله، رئيس الوزراء. وقال لنا ان عوض الله يجرى اتصالات كثيرة، لكن قليلا جدا منها مع الامريكيين. وان عوض الله احس بالسعادة لأن اونيل، السفير الامريكي في الخرطوم، قابله هنا، وكان وديا نحوه ... لكن، قال محمد ميرغني ان عوض الله لم يتنازل عن عدائه الشديد للدول الغربية، وخاصة الولاياتالمتحدة ... وان عوض الله رفض مقابلة نيوصم، مساعد وزير الخارجية للشئون الافريقية. وقال: "قلت ما اريد ان اقوله في خطبي وخطاباتي الرسمية." رفض عوض الله رغم ان السفير اونيل والصحافي محمد ميرغني الحا عليه. وقال محمد ميرغني ان سفير دولة شيوعية شرق اروبية في الاممالمتحدة قدم الى فخر الدين محمد، سفير السودان في الاممالمتحدة، قائمة سميت "عملاء الاستخبارات الامريكية في الخرطوم". وان فخر الدين سلمها الى بابكر عوض الله. وان ذلك زاد من عداء الرجل لنا ... وقال محمد ميرغني ان اعضاء وفد السودان الى الاممالمتحدة كلهم "يس مين" (رجال لا يقولون الا "نعم"). وانهم لا يقولون لبابكر عوض الله الا ما يريد ان يسمع، ولا يملكون الشجاعة ليقولوا له غير ذلك ..." منصور خالد وفاروق ابو عيسي: التاريخ: 28-9-1969 من: السفير، الخرطوم الى: وزير الخارجية صورة الى: السفير، الاممالمتحدة الموضوع: رئيس وزراء السودان "الحاقا ببرقية سابقة عن طرق التودد نحو بابكر عوض الله، رئيس وزراء السودان، نقدم هذه المعلومات عن بعض اعضاء الوفد المرافق له، والوفد الذي سيذهب الى واشنطن للاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد العالمي: اولا: منصور خالد: يستحق ان نقابله، وسيرحب بذلك. ليبرالي، و"ديديكيتد" (متفاني)، ومتعلم جدا، واكثر معرفة بشئون العالم من بقية المسئولين في الحكومة. وقضى وقتا مع منظمة "اليونسكو" في الجزائر وفي باريس. ومن المقربين جدا للرئيس نميري. ثانيا: فاروق ابو عيسى: شيوعي "هارد شيل" (قوي). ولا نتوقع اي فائدة من الاتصال به. ثالثا: ابوبكر عثمان محمد صالح: ظلت تربطنا معه علاقات "كورديال" (ودية). ونتوقع ان يبقى كوزير دائم في بعثة السودان في الاممالمتحدة. رابعا: مكاوي مصطفى، وزير المالية: "ليفتست، اونست، هاردويركنق" (يساري ونزيه ويعمل في تفاني). خامسا: مهدي احمد، وكيل وزارة التخطيط: نال شهادة دراسات عليا في جامعة سيراكيوز سنة 1964، ويرحب بالحديث معنا. سادسا: اسماعيل المكي، وكيل وزراة الخزانة، نال ماجستير اقتصاد من جامعة ميشيقان ستيت خلال نفس الفترة، وايضا يرحب بالحديث معنا ... " ---------------------------------------- [email protected]