السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان    مليشيا الدعم السريع تكرر هجومها صباح اليوم على مدينة النهود    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    شاهد بالصور والفيديو.. على أنغام الفنانة توتة عذاب.. عروس الوسط الفني المطربة آسيا بنة تخطف الأضواء في "جرتق" زواجها    المجد لثورة ديسمبر الخالدة وللساتك    بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم "البرهان" وثير غضب "القحاتة": (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)    المجد للثورة لا للبندقية: حين يفضح البرهان نفسه ويتعرّى المشروع الدموي    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    الناطق الرسمي للقوات المسلحة : الإمارات تحاول الآن ذر الرماد في العيون وتختلق التُّهم الباطلة    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    قرار بتعيين وزراء في السودان    د.ابراهيم الصديق على يكتب: *القبض على قوش بالامارات: حيلة قصيرة…    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    باريس سان جيرمان يُسقط آرسنال بهدف في لندن    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    صلاح.. أعظم هداف أجنبي في تاريخ الدوري الإنجليزي    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    المريخ يخلد ذكري الراحل الاسطورة حامد بربمة    ألا تبا، لوجهي الغريب؟!    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    بلاش معجون ولا ثلج.. تعملي إيه لو جلدك اتعرض لحروق الزيت فى المطبخ    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كلمة د. عبد الله علي إبراهيم رئيس اتحاد الكتاب السودانيين في الجلسة الافتتاحية
نشر في سودانيل يوم 10 - 04 - 2013

كلمة الدكتور عبد الله علي إبراهيم رئيس اتحاد الكتاب السودانيين في الجلسة الافتتاحية لندوة "نسب السودان الحضاري" التي انعقدت بقاعة ودعة بجامعة الخرطوم ليومي 23 و24 مارس.
ضيوفنا الكرام ممن لبوا دعوتنا برغم عاديات المشاغل والتبكير
السيد الإمام الصادق المهدي، السيد غازي صلاح الدين، السيد بروف أحمد محمد الحسن، السيد بروف يوسف فضل جسن، السيد إبراهيم إسحاق، السيد إبراهيم الأمين، السيد الشفيع خضر، السيد تاج السر الشوش، السيد التجاني الكارب، السيد تاج السر عثمان، السيد السر دوليب، السيد وليام زكريا، السيد عبد العزير الصاوي.
واخيراً، وليس آخراً، الأصدقاء في زين؛ السيد صالح محمد علي والسيدة غادة عبد العزيز خالد. سلاماً مباركاً على زميلاتي أعضاء اتحاد الكتاب وزملائي.
أرجو أن تتقبلوا تعزيتنا في الروائي النيجيري شنوا آشبي الذي رحل عن دنيانا يوم الحميس الماضي. وربما صدق في فجيعتنا برحيله عنوان روايته "الأشياء تتداعى" لأن مركز الدائرة الروائية، أشيبي، انحلَّ. ولا أعرف رواية انتشرت انتشار النار في الهشيم مثل "الأشياء تتداعى". كانت أول ما قرأنا من الأدب الإفريقي في سلسلة هينيمان للرواية الإفريقية. اشتريتها طازجةً من دكانة دار النشر بجامعة الخرطوم عند كلية العلوم. ولم أذق متعة للقراءة مثلها. ورسم فيها زلزلة إفريقيا وعوالم ثقافتها التامة اللامة تحت سنابك الاستعمار كحملةٍ تبشيريةٍ قبل أن يكون حملة سياسية. وأذهله أن صفوة التعليم الحديث "الزعيم" نقضت عهدها مع إرثها وقطعت أصرتها الروحية مع أهلها فضلت ضلالاً بعيداً.
يسعدنا في اللجنة التنفيذية لاتحاد الكتاب السودانيين أن نلتقي في هذا الصباح في أخريات الشتاء في ندوة "نسبنا الحضاري" التي هي الشق الفكري من الاجتماع السنوي العام لجعية الاتحاد العمومية. وانعقد الشق التنظيمي مساء يوم 26 فبراير الماضي بدار اتحاد الكتاب السودانيين بالعمارات. وأود أن لأنقل لكم مسروراً أن نصابه اكتمل للوهلة الأولى في توقيت وترتيب دستوري لا يخر ماءً. وحضره مندوب من مسجل المنظمات الثقافية ووقف على انضباطنا واثنى عليه. وهو انضباط تحرضنا عليه عزيمتنا ألا يجد متربص بنا ثغرة في قوامنا الدستوري فيؤذينا. وليقعد لنا المتربص مقاعد أخرى لا نملك دفع الأذى عنا من جهتنا ولو أردنا. وهي عزيمة نزكيها لزملائنا في منظمات المجتمع المدني قاطبة حتى لا يقع الأذى عليهم عن غفلة.
نريد بهذه الندوة ، التي تفننا فسميناها "نسب السودان الحضاري، في عبارة موفقة للاستاذ عبد الله البشير، أن تكون نظرة من عل إلى جدل الهوية الذي احتدم في العقدين أو أكثر الأخيرين فشغل الناس. وكان اتحادنا أكثر هؤلاء الناس أرقاً بالمسألة لأنها شغل كتاب بررة في نهاية المطاف. فكانت الهوية، او النسب، مادة ندواتنا العلمية الموصوفة. وإزدواج الجمعية العمومية، أي أن تكون مؤسسية وعلمية سنة في الاتحاد منذ النشأة. فصانت اتحادنا من أن يكون جدلاً إجرائياً وإنتخابيا محضاً. فالندوة العلمية تذكير بمن نكون؟ ولأي غاية اجتمعنا؟ وما نبلغ؟ وكيف، ولماذا؟ وهي سنة نأمل أن تشيع في منابرنا النقابية والمهنية لتؤمنها مما قد يتهددها متى غلبت الإجراءات على المقاصد، ومتى تسابقنا إلى صندوق الاقتراع لا مائدة الحجج.
وفقنا في اتحاد الكتاب في عقد ست جمعيات عمومية استردفت ندوات علمية عن شاغلنا الثقافي بتركيز على الهوية كما لا يخفي وما نزال. منذ ميلاد الاتحاد الثاني، ونعني عودته للساحة في 2007 بعد حله في 1989، عقدنا ندوة 2007 عن"مشروع ديمقراطي للتثاقف السلمي" ، وكانت ندوة 2008 عن "المثقف والسلطة" وندوة 2009 عن "التنوع الثقافي ومستقبل السودانيين بين الوحدة والانفصال" وندوة 2010 بعنوان "المواطنة وتقرير المصير"، وندوة 2011 عن "المواطنة وتقرر المصير.
ودرجنا على أن نزين ندواتنا بتذكر وجه من رفاقنا الراحلين ولاءً وعرفاناً وصدقة جارية لروحه الغراء وغرسه فينا. وتواثقت اللجنة التنفيذية أن تكون زينتنا عند لقائنا الفكري هذا المرحوم عبد الهادي الصديق السفير والناقد والكاتب المصقع. ولا أاعرف أنا شخصاً تعلق به من زملائي الكتاب من أصدقائه مثل عبد الهادي. فتنعقد في ذكرى وفاته جلسة لمحبيه كل عام بلا كلل. ويحضرون مناسبات بناته وأولاده وكأنه ينتظرهم عند الباب وفوق مسطبة دار صليح العامرة. وهم أعدونا بحبه وعزمنا أن ننقل هذه العدوى بالرجل الأمير إلى جمعكم الكريم. فرحمة الله عليك يا عبد الهادي خضت إلى الاستنارة وأنت غضاً في نهاية الطلب بجامعة الخرطوم بكتاب مرجع عن الأدب السوداني. ولم يتوقف صهيلك وما كففت عن الحمحمة ترسل شمسك من محط كما قال التجاني يوسف بشير. نرمي من وراء هذه النظرة من فوق إلى تحرير خبرتنا في هذا الانشغال بمناقشة المنطلقات النظرية التي تأسس عليها، والسياق السياسي الذي اكتنفه، والشواهد الفكرية والتاريخية والاجتماعية التي استدعاها إلى مائدة الحوار. وقعت لنا الندوة وموضوعها في سياق أرقنا من انفصال الجنوب الذي كان أكبر بواعث جدل النسب الحضاري وموضوعه إلى حد كبير. وهذا الخروج الجنوبي عن الوطن تعليق قطعي شديد السلبية على طرائق تفكيرنا في الهوية استدعى أن نتنادى إلى إعمال هذه النظرة من أعلى لتراثنا في تناول الهوية طلباً للإحسان في ما تبقى بيدنا من جدل حولها شفقة بما تبقى لنا من السودان وهو كثير. بل ربما كان مثل هذا النظر الاستراتيجي بذرة لرد الاعتبار لوطن انقسم بإرادة لم تسلم من المطاعن ولم نستثمر فيها أفضل مواهبنا في الإلفة.
نستظل منذ 2011 بظل شركة زين للهاتف السيار بخطة تواثقت عليها لجنتنا التنفيذية السابقة ورئيسها الهمام الشاعر عالم عباس. فندوتنا هذه في يومنا هذه مرعية من زين، عالم جميل. وهذه سنة منها شملتنا ضمن من شملت في أخذها مسؤوليتها الاجتماعية حيال "الزبائن" بتشمير وجد. ولا نريد لرعاية زين واستثمارها في الثقافة والمجتمع عامة أن يتصلا فحسب بل نريد أن يكونا قدوة لعالم المال والأعمال. وهذا باب للوقفيات مطروق بالطبع في غير بلدنا ونريده أن يكون فينا عادة. ولتشجيع هذه الوقفيات سيتعين على منظمات المجتمع المدني أن تضغط الدولة باتجاه إعفاء كل استثمار وقفي محصحص ومعلوم وشفاف في الثقافة من جبابات الدولة المختلفة.
لا أعتقد أنه كان بوسعنا أن نتنادى إلى هذا اللقاء المعزز بغير زين. ولا نريد أن نفكر أن مثل هذا اللقاء سيتعذر بدونها. ومع حرصنا على هذه الشراكة في الثقافة مع زين ودال وغيرها إلا أننا مصممون على تنويع مواردنا باستنفار عضويتنا في خطة ترمي إلى قيام اتحادنا على مؤسسية دقيقة. فتداولنا في اللجنة التنفيذية أفكاراً حول هذه الاستراتيجية أطرح عناوينها العامة للعلم والنصرة حتى تفرغ اللجنة من تبويبها.
سنعمل في هذه الدورة المنتهية في فبراير 2014 على استحصال أرض نبني عليها داراً للاتحاد لا يعفينا من الأجارة (التي تستنزف نحو 50 في المائة من مال رعاية زين) فحسب بل أن يزودنا باستوديهات وصالات مدرة للدخل.
إن علينا أن ننوع مصادر دخلنا بالحرص على التقديم المناسب في الوقت المناسب لطائفة من المشروعات لمال الوقفيات الأجنبية التي اتصل غرضها بوظائف تأسيسنا. ولم يغب بالطبع مثل هذا الشغل عن أدئنا للعام المقبل. بل ربما نستحصل من قريب دعماً لتحسين البئية التنكلوجية والعامة لدارنا من إحدى تلك المنظمات قريباً. ووجدنا أن ما أقعدنا كثيراً في هذا الباب هو صعف مؤسسيتنا. فإذا تركنا جانباً أن كثيراً من الوقفيات تستثني السودان من المنافسه لمالها للسبب المعروف، أو تضع من الشروط شبه المستحيلة لنيلها، فأكثر متاعبنا حقاً هو في قلة استعدادنا لمثل هذا الشاغل بصورة مؤسسية. فلزاماً علينا للنجاح في هذه الجهة وغيرها:
- أن يكون للاتحاد إدارة متفرغة ترصد، بجانب أشياء أخرى، ما يرد عن هذه الوقفيات من حيث موضوعها، وشروطها، وزمان قفل المنافسة فيها.
- أن ينمي الاتحاد طاقماً متطوعاً ومستوظفاً متعدد الاهتمامات مفصحاً ليتوافر على كتابة مشروعات مباحثنا بصورة ترفع معدل قبولها لدى أولياء الأمر.
إن قيام الاتحاد كمؤسسة بيروقراطية (في المعنى الحسن الذي أذاعه ماكس فيبر) هي صيحة الدورة القادمة ومايليها. فالتبعات التي ننهض بها والإمكانات التي تتوافر بأيدينا جعلت من اقتصارنا في الإدارة بلجنة تنفيذية منتخبة وحسب خرافة. وأضرب لذلك مثلا. فقد تلقينا عرضاً من جهتين لإذاعة مأثرة التجاني يوسف بشير. واحدة ناقشتها اللجنة التنفيذية عن جائزة للشعراء الشباب باسم شاعرنا بالاشتراك مع مجلة الدوحة. وتحمسنا لها في اللجنة وأعددنا تصوراً أنيقاً لها ثم توارت عن أجندتنا لإنشغال اللجنة التنفيذية بالجمعية العمومية ثم هذا المؤتمر وأشياء اخرى حامياني في قول البوني. وتلقيت عرضاً أدسم عن التجاني في زيارتي الأخيرة للشارقة. وقد يلقى نفس المصير من البيات الإداري إذا كان تنفيذه رهين باللجنة التنفيذية إن أحضرته حضر وإن غاب ودر.
لن نسمح لأحد تحريم هذا المال الأجنبي المبذول للكافة للمنافسة بقوة ولن نقبل تجريمه ما قام بالحق وتنزل بالحق مكشوفاً للراغب في مصادره وأوجه صرفه. ويؤسفنا أن اختبط الأمر حول هذه المسألة من قريب وتأذى من ذلك زملاء لنا في مركز الخاتم عدلان ومركز الثقافة السودانية وغيرهما نطلب مطلبهم في أن يخضعوا لتحقيق أفضل مما لقيوا. وبعض ما تعرض علينا هذه المنظمات الدولية للتمويل حق للسودانيين إن فرطنا فيه صار التفريط في حقهم أياً كان عادة. وأذكر واحداً من تلك المنافسات حشدوا له مالاً لبدا. وزبدته استثمار الموارد الثقافية لمنطقة مختارة بنظر شديد إلى استنفار طاقات صفوتها المحلية (لا يعني هذا متعلميها بل قادة الهمة فيها وأكثرهم لا حظ معلوم لهم في التعليم المدرسي) أو جمهورها. أفكر هنا بقولي صفوة في صديقي خضر عمر يوسف في الداخلة عطبرة الذي تفرغ مع ثلة من أبناء الحي لإدارة طقوس الرحيل المسلمة كما قال ود المكي. وفكرت في الجراءة في التفكير وسعة الفضاء التي يطلقها مثل هذا المشروع من عقالها. ففكرت في مشروع يعين صفوة النوبة على استرداد لسانهم وفق مناهج معلومة ودار نشر وإذاعة وقناة. ويمكن أيضاً أن تستردف ذلك بتنشيط السياحة في ما يقع في المنطقة من آثار. ولا حدود للتشبيك هنا إلا عتبة السماء.
إنا نتواصى في اتحاد الكتاب على صون المنتج المعرفي والإبداعي من غائلة قوانين سائدة جافية تنزعج منه ولا تهش. فلا يصدر كتاب مثلاً بغير تفتيش مادته وإجازته أو الاستغناء عنه. كما لا يدخل هذا المنتج البلاد بغير تربص من الجمارك والمصنفات. ساءني حين أدخلت مكتبتي للبلاد عام 2009. ناهيك عن جباية تقصم ظهر منتج عروض المسرح التجاري والغنائي قال لي واحد منهم إنها تستهلك 80% من دخل مناسبته. إننا بحاجة إلى عرض هذه المتاعب على الرأي العام وعلى أهل السلطان معاً. نريد من الرأي العام أن ينتصر لحرية الثقافة ونريد للدولة أن تتنزل عن حصان مفازعها وتقبل بالتدوال الحر للأراء. ومن المؤسف أنه لا أحد من القوانين السلبية حيال حرية الرأي صار موضوع استنكار بين سائر الناس حتى من بين الإيجابيين في الدولة على طول ما ظلت بيننا. فأكثرنا ينتظر أن تزول هذه القوانين يوم يزول النظام. وهذا شأن الصابرين لا يقبلون بغير الجثث الكاملة. ولكن خبرتنا في زلزلة القوانين مثل التي تحكم حرية التعبير ليومنا هذا لجد مختلفة. فأذكر على صبانا الباكر أن صوبت الحركة الوطنية سهامها نحو قوانين بالاسم والرقم: 127أ والمادة 105 عن كراهية الحكومة وعبأت الناس. ولم تَزُل في يومها ولكن الناس علمت أي قوانين تمحو من دفتر الدولة متى زال الاستتعمار. إننا نطمع في تحرير المنتج الفكري من القوانين الضارة ونعلم علم اليقين إن هذا ممكن اليوم بغير إنتظار متى عزمنا وتوكلنا.
ونتواصى في الاتحاد أيضاً على البر بزملائنا ممن اصابتهم مصيبة ونقص في الصحة وفاقة. وظللنا ندير حواراً حول مشروع الصندوق الأهلي لدعم المبدعين. ونعلم أن هذا مقصداً طال وربما سقم من مماطلته من سقم. وما تبادلنا من أفكار حوله حتى الآن دار حول أن يكون مؤسسة مستقلة بمجلس أمناء ونواة بروقراطية تستقطب التمويل له باشتراكات معلومة من الكتاب والمبدعين، ومن جهات الإحسان والفضل، ومن الدولة التي تحاول الدعم وتخطيء الطريق الكريم إليه. ونفكر أن تكون له نواة إدارية توالي الاستنفار للدعم بشتى الوسائل من مثل الليالي المسرحية والغنائية ومعارض الكتب وغيرها. ومن أبواب إدرار المال للصندوق استثماره في ودائع حسنة السمعة فالعائد. ومن جهة المنصرف من مال الصندوق نتوخي أن يكون على بينة وبلائحة مالية ومحاسبية تضمن القسط والشفافية.
لاتحادات الكتاب والأدباء تاريخ مورط في الشقاق الحزبي. ولم نرد، ولا نزال، لهذا التاريخ الصحيح منه والمتوهم أن يلقي بظله الثقيل علينا فنتفرق أيدي سبأ. وربما فهم بعض زملائنا عن اتحادنا ما لا نرغب في أن يلتصق بنا فجفلوا عنا. وأرجو أن أوكد نيابة عن زملائي في الاتحاد أننا رحبون وحبوبون وأبوابنا مفتوحة على هدي دستور نعتقد أن ما يقبل به وما يهى عنه مما لامهرب منه لمنظمة تغار على رسالتها في وطنها وخدمتها لعضويتها. أرجو أن تجربونا وستجدوا ما يسركم. وإننا لنتوجه لشباب الكتاب خاصة أن يلجوا بابنا حتى نزيل عن بنتنا نهلة محكر إنزعاجها لما رأت أنها الشابة القليلة بين جيل "هرمنا" الكثير. نريد منهم أن يهبونا وأصدقاؤهم أيضاً بعض وقتهم تطوعاً في أيام معلومة لتخفيف العبء المالي علينا ولاكتساب مران على الإدارة والحصول على شهادة تزكية بروح الخدمة والتطوع. زورونا في دارنا تجدون داراً أنيقاً موطأ الأكناف حسن الأثاث. وكان هذا فينا بفضل جهد شخصي فذ للأمين العام للاتحاد ناصره أصدقاء وعاطفون أسمحوا لي أن أعرض اسمائهم عليكم وإن لم يطلبوا جزاء ولا شكورا. ولكن من لا يشكر الناس لا يشكر الله. وأرجوا أن يبلغهم عني تقديركم لإستثمارهم الحسن فينا. فقد نبرعت لنا زين كذلك. وأيضاً دال، وجمعية فلاحة البساتين، ومنظمة رد الجميل. ثم أعاننا عليه الدكتور يوسف عيدابي، والدكتور نور الدين ساتي، والدكتور محمود ياجي، والدكتور عمر ياجي، والسيد حسن عبد القادر هلال، والأستاذ علي مهدي، وعلي السيد المحامي، والدكتور الوليد مادبو، والدكتور نصر الدين شلقامي. ولم ينقطع المدد. ورايت أمس من دس في يد كمال الجزولي ألف جنيه ولم ينتظر كلمة "شكرا". هذا إيراق النوار خلسة.
أطلت. وقصدت ذلك. قال الشايقي لمن استنكر صنعه للطعام في ميز عزابة "طلقني لحقني القطر". فطلقوني لحقوني القطر! قصدت أن أعرض لشقائنا من وراء هذا العمل المبروك الذي ستنفتح دفتاه بعد قليل، وليأسنا في ايام الوحشة والطريق الخالي، ولبريق الأمل لبصيص الضوء في آخر النفق. ولعزيمتنا أن يكون للكتاب في الوطن مضاء بيض السيوف التي في متونهن وهوامشهن جلاء الريب والكذب.
قوموا إلى مؤتمرك. تكلأكم زمالة الكار، ومباركة الوطن، ويرحمكم الله.
د.عبد الله علي إبراهيم
رئيس اتحاد الكتاب السودانيين
23 مارس 2013م


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.