والي ولاية غرب كردفان ومدير شرطة الولاية يشهدان تخريج دورة حرب المدن لمنسوبي الشرطة بالولاية    لجنة الانضباط توجه انذار نهائي بشطب فريق ام دغينات من كشوفات الاتحاد    فلومو... أوع تلومو!    إنشاء مطار جديد في الخرطوم    عبده فايد يكتب: تطور تاريخي..السعودية تقصف شحنات أسلحة إماراتية علنًا..    صراع النفوذ في القرن الأفريقي وإنعكاساته السالبة على الإقليم    التحالف: نفذنا ضربة جوية استهدفت دعما عسكريا خارجيا بميناء المكلا    الأهلي يكتسح الشباب في افتتاح دوري الدرجة الثانية برفاعة    حالة دكتور ناجي: جزاء المعروف سبعة كفوف    سقط قناع "حرب الجنرالين" وانكشف مشروع تفتيت السودان    الفنّانُ الحق هو القادر على التعبيرِ عن ذاتِه بما لا يخرج عن حدود خالقه    الخرطوم .. افتتاح مكتب ترخيص الركشات    الحزب الشيوعي السلطات الأمنية منعتنا من إقامة ندوة احتفالا بذكرى الثورة    بيان طبي بشأن حالة لاعب منتخب السودان    ضمنها طائرة مسيّرة.. ضبط أسلحة ثقيلة ومواد كيميائية خطرة بالشمالية    السودان..مسيرات في الشمالية والسلطات تكشف تفاصيل المداهمة    رئيس الوزراء يهنئ المنتخب الوطني بفوزه على غينيا الاستوائية في بطولة الأمم الإفريقية    المذيعة والصحفية ملاذ ناجي تتلقى التهانئ والتبريكات من نجوم السوشيال ميديا بمناسبة عقد قرانها    شاهد بالصورة.. إعلامي مصري معروف يتغزل في تفاعل فتاة سودانية عقب نهاية مباراة صقور الجديان وغينيا: (الله على الجمال بكاء مشجعة سودانية بعد فوز المنتخب السوداني)    رونالدو يرفض الاعتزال قبل الوصول لهذا الرقم    السودان..وزير الشؤون الدينية والأوقاف يصدر قرارات    5 أطعمة تخفف أعراض البرد في الشتاء    الحقيقة.. كرة القدم تجرّنا جرّاً    رياض محرز يقود الجزائر لتخطي بوركينا فاسو والتأهل لثمن نهائي أمم أفريقيا 2025    رئيس الاتحاد السوداني ينعي الناظر طه فكي شيخ    شاهد بالصور.. الرابر "سولجا" يقتحم مران المنتخب الوطني بالمغرب    شاهد بالفيديو.. تحسن أم استقرار أم تدهور؟ خبيرة التاروت المصرية بسنت يوسف تكشف عن مستقبل السودان في العام 2026    الجامعة العربية: اعتراف إسرائيل ب"إقليم أرض الصومال" غير قانوني    بنك السودان يدشن نظام الصادر والوارد الإلكتروني عبر منصة بلدنا في خطوة نحو التحول الرقمي    الجزيرة .. ضبط 2460 رأس بنقو بقيمة 120 مليون جنيهاً    زيادة جديدة في الدولار الجمركي بالسودان    الوطن بين احداثيات عركي (بخاف) و(اضحكي)    السودان يعرب عن قلقه البالغ إزاء التطورات والإجراءات الاحادية التي قام بها المجلس الإنتقالي الجنوبي في محافظتي المهرة وحضرموت في اليمن    لميس الحديدي في منشورها الأول بعد الطلاق من عمرو أديب    شرطة ولاية القضارف تضع حدًا للنشاط الإجرامي لعصابة نهب بالمشروعات الزراعية    استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وراء تزايد تشتت انتباه المراهقين    مشروبات تخفف الإمساك وتسهل حركة الأمعاء    منى أبو زيد يكتب: جرائم الظل في السودان والسلاح الحاسم في المعركة    شرطة محلية بحري تنجح في فك طلاسم إختطاف طالب جامعي وتوقف (4) متهمين متورطين في البلاغ خلال 72ساعة    «صقر» يقود رجلين إلى المحكمة    كيف واجه القطاع المصرفي في السودان تحديات الحرب خلال 2025    إبراهيم شقلاوي يكتب: وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    قبور مرعبة وخطيرة!    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كلمة د. عبد الله علي إبراهيم رئيس اتحاد الكتاب السودانيين في الجلسة الافتتاحية
نشر في سودانيل يوم 10 - 04 - 2013

كلمة الدكتور عبد الله علي إبراهيم رئيس اتحاد الكتاب السودانيين في الجلسة الافتتاحية لندوة "نسب السودان الحضاري" التي انعقدت بقاعة ودعة بجامعة الخرطوم ليومي 23 و24 مارس.
ضيوفنا الكرام ممن لبوا دعوتنا برغم عاديات المشاغل والتبكير
السيد الإمام الصادق المهدي، السيد غازي صلاح الدين، السيد بروف أحمد محمد الحسن، السيد بروف يوسف فضل جسن، السيد إبراهيم إسحاق، السيد إبراهيم الأمين، السيد الشفيع خضر، السيد تاج السر الشوش، السيد التجاني الكارب، السيد تاج السر عثمان، السيد السر دوليب، السيد وليام زكريا، السيد عبد العزير الصاوي.
واخيراً، وليس آخراً، الأصدقاء في زين؛ السيد صالح محمد علي والسيدة غادة عبد العزيز خالد. سلاماً مباركاً على زميلاتي أعضاء اتحاد الكتاب وزملائي.
أرجو أن تتقبلوا تعزيتنا في الروائي النيجيري شنوا آشبي الذي رحل عن دنيانا يوم الحميس الماضي. وربما صدق في فجيعتنا برحيله عنوان روايته "الأشياء تتداعى" لأن مركز الدائرة الروائية، أشيبي، انحلَّ. ولا أعرف رواية انتشرت انتشار النار في الهشيم مثل "الأشياء تتداعى". كانت أول ما قرأنا من الأدب الإفريقي في سلسلة هينيمان للرواية الإفريقية. اشتريتها طازجةً من دكانة دار النشر بجامعة الخرطوم عند كلية العلوم. ولم أذق متعة للقراءة مثلها. ورسم فيها زلزلة إفريقيا وعوالم ثقافتها التامة اللامة تحت سنابك الاستعمار كحملةٍ تبشيريةٍ قبل أن يكون حملة سياسية. وأذهله أن صفوة التعليم الحديث "الزعيم" نقضت عهدها مع إرثها وقطعت أصرتها الروحية مع أهلها فضلت ضلالاً بعيداً.
يسعدنا في اللجنة التنفيذية لاتحاد الكتاب السودانيين أن نلتقي في هذا الصباح في أخريات الشتاء في ندوة "نسبنا الحضاري" التي هي الشق الفكري من الاجتماع السنوي العام لجعية الاتحاد العمومية. وانعقد الشق التنظيمي مساء يوم 26 فبراير الماضي بدار اتحاد الكتاب السودانيين بالعمارات. وأود أن لأنقل لكم مسروراً أن نصابه اكتمل للوهلة الأولى في توقيت وترتيب دستوري لا يخر ماءً. وحضره مندوب من مسجل المنظمات الثقافية ووقف على انضباطنا واثنى عليه. وهو انضباط تحرضنا عليه عزيمتنا ألا يجد متربص بنا ثغرة في قوامنا الدستوري فيؤذينا. وليقعد لنا المتربص مقاعد أخرى لا نملك دفع الأذى عنا من جهتنا ولو أردنا. وهي عزيمة نزكيها لزملائنا في منظمات المجتمع المدني قاطبة حتى لا يقع الأذى عليهم عن غفلة.
نريد بهذه الندوة ، التي تفننا فسميناها "نسب السودان الحضاري، في عبارة موفقة للاستاذ عبد الله البشير، أن تكون نظرة من عل إلى جدل الهوية الذي احتدم في العقدين أو أكثر الأخيرين فشغل الناس. وكان اتحادنا أكثر هؤلاء الناس أرقاً بالمسألة لأنها شغل كتاب بررة في نهاية المطاف. فكانت الهوية، او النسب، مادة ندواتنا العلمية الموصوفة. وإزدواج الجمعية العمومية، أي أن تكون مؤسسية وعلمية سنة في الاتحاد منذ النشأة. فصانت اتحادنا من أن يكون جدلاً إجرائياً وإنتخابيا محضاً. فالندوة العلمية تذكير بمن نكون؟ ولأي غاية اجتمعنا؟ وما نبلغ؟ وكيف، ولماذا؟ وهي سنة نأمل أن تشيع في منابرنا النقابية والمهنية لتؤمنها مما قد يتهددها متى غلبت الإجراءات على المقاصد، ومتى تسابقنا إلى صندوق الاقتراع لا مائدة الحجج.
وفقنا في اتحاد الكتاب في عقد ست جمعيات عمومية استردفت ندوات علمية عن شاغلنا الثقافي بتركيز على الهوية كما لا يخفي وما نزال. منذ ميلاد الاتحاد الثاني، ونعني عودته للساحة في 2007 بعد حله في 1989، عقدنا ندوة 2007 عن"مشروع ديمقراطي للتثاقف السلمي" ، وكانت ندوة 2008 عن "المثقف والسلطة" وندوة 2009 عن "التنوع الثقافي ومستقبل السودانيين بين الوحدة والانفصال" وندوة 2010 بعنوان "المواطنة وتقرير المصير"، وندوة 2011 عن "المواطنة وتقرر المصير.
ودرجنا على أن نزين ندواتنا بتذكر وجه من رفاقنا الراحلين ولاءً وعرفاناً وصدقة جارية لروحه الغراء وغرسه فينا. وتواثقت اللجنة التنفيذية أن تكون زينتنا عند لقائنا الفكري هذا المرحوم عبد الهادي الصديق السفير والناقد والكاتب المصقع. ولا أاعرف أنا شخصاً تعلق به من زملائي الكتاب من أصدقائه مثل عبد الهادي. فتنعقد في ذكرى وفاته جلسة لمحبيه كل عام بلا كلل. ويحضرون مناسبات بناته وأولاده وكأنه ينتظرهم عند الباب وفوق مسطبة دار صليح العامرة. وهم أعدونا بحبه وعزمنا أن ننقل هذه العدوى بالرجل الأمير إلى جمعكم الكريم. فرحمة الله عليك يا عبد الهادي خضت إلى الاستنارة وأنت غضاً في نهاية الطلب بجامعة الخرطوم بكتاب مرجع عن الأدب السوداني. ولم يتوقف صهيلك وما كففت عن الحمحمة ترسل شمسك من محط كما قال التجاني يوسف بشير. نرمي من وراء هذه النظرة من فوق إلى تحرير خبرتنا في هذا الانشغال بمناقشة المنطلقات النظرية التي تأسس عليها، والسياق السياسي الذي اكتنفه، والشواهد الفكرية والتاريخية والاجتماعية التي استدعاها إلى مائدة الحوار. وقعت لنا الندوة وموضوعها في سياق أرقنا من انفصال الجنوب الذي كان أكبر بواعث جدل النسب الحضاري وموضوعه إلى حد كبير. وهذا الخروج الجنوبي عن الوطن تعليق قطعي شديد السلبية على طرائق تفكيرنا في الهوية استدعى أن نتنادى إلى إعمال هذه النظرة من أعلى لتراثنا في تناول الهوية طلباً للإحسان في ما تبقى بيدنا من جدل حولها شفقة بما تبقى لنا من السودان وهو كثير. بل ربما كان مثل هذا النظر الاستراتيجي بذرة لرد الاعتبار لوطن انقسم بإرادة لم تسلم من المطاعن ولم نستثمر فيها أفضل مواهبنا في الإلفة.
نستظل منذ 2011 بظل شركة زين للهاتف السيار بخطة تواثقت عليها لجنتنا التنفيذية السابقة ورئيسها الهمام الشاعر عالم عباس. فندوتنا هذه في يومنا هذه مرعية من زين، عالم جميل. وهذه سنة منها شملتنا ضمن من شملت في أخذها مسؤوليتها الاجتماعية حيال "الزبائن" بتشمير وجد. ولا نريد لرعاية زين واستثمارها في الثقافة والمجتمع عامة أن يتصلا فحسب بل نريد أن يكونا قدوة لعالم المال والأعمال. وهذا باب للوقفيات مطروق بالطبع في غير بلدنا ونريده أن يكون فينا عادة. ولتشجيع هذه الوقفيات سيتعين على منظمات المجتمع المدني أن تضغط الدولة باتجاه إعفاء كل استثمار وقفي محصحص ومعلوم وشفاف في الثقافة من جبابات الدولة المختلفة.
لا أعتقد أنه كان بوسعنا أن نتنادى إلى هذا اللقاء المعزز بغير زين. ولا نريد أن نفكر أن مثل هذا اللقاء سيتعذر بدونها. ومع حرصنا على هذه الشراكة في الثقافة مع زين ودال وغيرها إلا أننا مصممون على تنويع مواردنا باستنفار عضويتنا في خطة ترمي إلى قيام اتحادنا على مؤسسية دقيقة. فتداولنا في اللجنة التنفيذية أفكاراً حول هذه الاستراتيجية أطرح عناوينها العامة للعلم والنصرة حتى تفرغ اللجنة من تبويبها.
سنعمل في هذه الدورة المنتهية في فبراير 2014 على استحصال أرض نبني عليها داراً للاتحاد لا يعفينا من الأجارة (التي تستنزف نحو 50 في المائة من مال رعاية زين) فحسب بل أن يزودنا باستوديهات وصالات مدرة للدخل.
إن علينا أن ننوع مصادر دخلنا بالحرص على التقديم المناسب في الوقت المناسب لطائفة من المشروعات لمال الوقفيات الأجنبية التي اتصل غرضها بوظائف تأسيسنا. ولم يغب بالطبع مثل هذا الشغل عن أدئنا للعام المقبل. بل ربما نستحصل من قريب دعماً لتحسين البئية التنكلوجية والعامة لدارنا من إحدى تلك المنظمات قريباً. ووجدنا أن ما أقعدنا كثيراً في هذا الباب هو صعف مؤسسيتنا. فإذا تركنا جانباً أن كثيراً من الوقفيات تستثني السودان من المنافسه لمالها للسبب المعروف، أو تضع من الشروط شبه المستحيلة لنيلها، فأكثر متاعبنا حقاً هو في قلة استعدادنا لمثل هذا الشاغل بصورة مؤسسية. فلزاماً علينا للنجاح في هذه الجهة وغيرها:
- أن يكون للاتحاد إدارة متفرغة ترصد، بجانب أشياء أخرى، ما يرد عن هذه الوقفيات من حيث موضوعها، وشروطها، وزمان قفل المنافسة فيها.
- أن ينمي الاتحاد طاقماً متطوعاً ومستوظفاً متعدد الاهتمامات مفصحاً ليتوافر على كتابة مشروعات مباحثنا بصورة ترفع معدل قبولها لدى أولياء الأمر.
إن قيام الاتحاد كمؤسسة بيروقراطية (في المعنى الحسن الذي أذاعه ماكس فيبر) هي صيحة الدورة القادمة ومايليها. فالتبعات التي ننهض بها والإمكانات التي تتوافر بأيدينا جعلت من اقتصارنا في الإدارة بلجنة تنفيذية منتخبة وحسب خرافة. وأضرب لذلك مثلا. فقد تلقينا عرضاً من جهتين لإذاعة مأثرة التجاني يوسف بشير. واحدة ناقشتها اللجنة التنفيذية عن جائزة للشعراء الشباب باسم شاعرنا بالاشتراك مع مجلة الدوحة. وتحمسنا لها في اللجنة وأعددنا تصوراً أنيقاً لها ثم توارت عن أجندتنا لإنشغال اللجنة التنفيذية بالجمعية العمومية ثم هذا المؤتمر وأشياء اخرى حامياني في قول البوني. وتلقيت عرضاً أدسم عن التجاني في زيارتي الأخيرة للشارقة. وقد يلقى نفس المصير من البيات الإداري إذا كان تنفيذه رهين باللجنة التنفيذية إن أحضرته حضر وإن غاب ودر.
لن نسمح لأحد تحريم هذا المال الأجنبي المبذول للكافة للمنافسة بقوة ولن نقبل تجريمه ما قام بالحق وتنزل بالحق مكشوفاً للراغب في مصادره وأوجه صرفه. ويؤسفنا أن اختبط الأمر حول هذه المسألة من قريب وتأذى من ذلك زملاء لنا في مركز الخاتم عدلان ومركز الثقافة السودانية وغيرهما نطلب مطلبهم في أن يخضعوا لتحقيق أفضل مما لقيوا. وبعض ما تعرض علينا هذه المنظمات الدولية للتمويل حق للسودانيين إن فرطنا فيه صار التفريط في حقهم أياً كان عادة. وأذكر واحداً من تلك المنافسات حشدوا له مالاً لبدا. وزبدته استثمار الموارد الثقافية لمنطقة مختارة بنظر شديد إلى استنفار طاقات صفوتها المحلية (لا يعني هذا متعلميها بل قادة الهمة فيها وأكثرهم لا حظ معلوم لهم في التعليم المدرسي) أو جمهورها. أفكر هنا بقولي صفوة في صديقي خضر عمر يوسف في الداخلة عطبرة الذي تفرغ مع ثلة من أبناء الحي لإدارة طقوس الرحيل المسلمة كما قال ود المكي. وفكرت في الجراءة في التفكير وسعة الفضاء التي يطلقها مثل هذا المشروع من عقالها. ففكرت في مشروع يعين صفوة النوبة على استرداد لسانهم وفق مناهج معلومة ودار نشر وإذاعة وقناة. ويمكن أيضاً أن تستردف ذلك بتنشيط السياحة في ما يقع في المنطقة من آثار. ولا حدود للتشبيك هنا إلا عتبة السماء.
إنا نتواصى في اتحاد الكتاب على صون المنتج المعرفي والإبداعي من غائلة قوانين سائدة جافية تنزعج منه ولا تهش. فلا يصدر كتاب مثلاً بغير تفتيش مادته وإجازته أو الاستغناء عنه. كما لا يدخل هذا المنتج البلاد بغير تربص من الجمارك والمصنفات. ساءني حين أدخلت مكتبتي للبلاد عام 2009. ناهيك عن جباية تقصم ظهر منتج عروض المسرح التجاري والغنائي قال لي واحد منهم إنها تستهلك 80% من دخل مناسبته. إننا بحاجة إلى عرض هذه المتاعب على الرأي العام وعلى أهل السلطان معاً. نريد من الرأي العام أن ينتصر لحرية الثقافة ونريد للدولة أن تتنزل عن حصان مفازعها وتقبل بالتدوال الحر للأراء. ومن المؤسف أنه لا أحد من القوانين السلبية حيال حرية الرأي صار موضوع استنكار بين سائر الناس حتى من بين الإيجابيين في الدولة على طول ما ظلت بيننا. فأكثرنا ينتظر أن تزول هذه القوانين يوم يزول النظام. وهذا شأن الصابرين لا يقبلون بغير الجثث الكاملة. ولكن خبرتنا في زلزلة القوانين مثل التي تحكم حرية التعبير ليومنا هذا لجد مختلفة. فأذكر على صبانا الباكر أن صوبت الحركة الوطنية سهامها نحو قوانين بالاسم والرقم: 127أ والمادة 105 عن كراهية الحكومة وعبأت الناس. ولم تَزُل في يومها ولكن الناس علمت أي قوانين تمحو من دفتر الدولة متى زال الاستتعمار. إننا نطمع في تحرير المنتج الفكري من القوانين الضارة ونعلم علم اليقين إن هذا ممكن اليوم بغير إنتظار متى عزمنا وتوكلنا.
ونتواصى في الاتحاد أيضاً على البر بزملائنا ممن اصابتهم مصيبة ونقص في الصحة وفاقة. وظللنا ندير حواراً حول مشروع الصندوق الأهلي لدعم المبدعين. ونعلم أن هذا مقصداً طال وربما سقم من مماطلته من سقم. وما تبادلنا من أفكار حوله حتى الآن دار حول أن يكون مؤسسة مستقلة بمجلس أمناء ونواة بروقراطية تستقطب التمويل له باشتراكات معلومة من الكتاب والمبدعين، ومن جهات الإحسان والفضل، ومن الدولة التي تحاول الدعم وتخطيء الطريق الكريم إليه. ونفكر أن تكون له نواة إدارية توالي الاستنفار للدعم بشتى الوسائل من مثل الليالي المسرحية والغنائية ومعارض الكتب وغيرها. ومن أبواب إدرار المال للصندوق استثماره في ودائع حسنة السمعة فالعائد. ومن جهة المنصرف من مال الصندوق نتوخي أن يكون على بينة وبلائحة مالية ومحاسبية تضمن القسط والشفافية.
لاتحادات الكتاب والأدباء تاريخ مورط في الشقاق الحزبي. ولم نرد، ولا نزال، لهذا التاريخ الصحيح منه والمتوهم أن يلقي بظله الثقيل علينا فنتفرق أيدي سبأ. وربما فهم بعض زملائنا عن اتحادنا ما لا نرغب في أن يلتصق بنا فجفلوا عنا. وأرجو أن أوكد نيابة عن زملائي في الاتحاد أننا رحبون وحبوبون وأبوابنا مفتوحة على هدي دستور نعتقد أن ما يقبل به وما يهى عنه مما لامهرب منه لمنظمة تغار على رسالتها في وطنها وخدمتها لعضويتها. أرجو أن تجربونا وستجدوا ما يسركم. وإننا لنتوجه لشباب الكتاب خاصة أن يلجوا بابنا حتى نزيل عن بنتنا نهلة محكر إنزعاجها لما رأت أنها الشابة القليلة بين جيل "هرمنا" الكثير. نريد منهم أن يهبونا وأصدقاؤهم أيضاً بعض وقتهم تطوعاً في أيام معلومة لتخفيف العبء المالي علينا ولاكتساب مران على الإدارة والحصول على شهادة تزكية بروح الخدمة والتطوع. زورونا في دارنا تجدون داراً أنيقاً موطأ الأكناف حسن الأثاث. وكان هذا فينا بفضل جهد شخصي فذ للأمين العام للاتحاد ناصره أصدقاء وعاطفون أسمحوا لي أن أعرض اسمائهم عليكم وإن لم يطلبوا جزاء ولا شكورا. ولكن من لا يشكر الناس لا يشكر الله. وأرجوا أن يبلغهم عني تقديركم لإستثمارهم الحسن فينا. فقد نبرعت لنا زين كذلك. وأيضاً دال، وجمعية فلاحة البساتين، ومنظمة رد الجميل. ثم أعاننا عليه الدكتور يوسف عيدابي، والدكتور نور الدين ساتي، والدكتور محمود ياجي، والدكتور عمر ياجي، والسيد حسن عبد القادر هلال، والأستاذ علي مهدي، وعلي السيد المحامي، والدكتور الوليد مادبو، والدكتور نصر الدين شلقامي. ولم ينقطع المدد. ورايت أمس من دس في يد كمال الجزولي ألف جنيه ولم ينتظر كلمة "شكرا". هذا إيراق النوار خلسة.
أطلت. وقصدت ذلك. قال الشايقي لمن استنكر صنعه للطعام في ميز عزابة "طلقني لحقني القطر". فطلقوني لحقوني القطر! قصدت أن أعرض لشقائنا من وراء هذا العمل المبروك الذي ستنفتح دفتاه بعد قليل، وليأسنا في ايام الوحشة والطريق الخالي، ولبريق الأمل لبصيص الضوء في آخر النفق. ولعزيمتنا أن يكون للكتاب في الوطن مضاء بيض السيوف التي في متونهن وهوامشهن جلاء الريب والكذب.
قوموا إلى مؤتمرك. تكلأكم زمالة الكار، ومباركة الوطن، ويرحمكم الله.
د.عبد الله علي إبراهيم
رئيس اتحاد الكتاب السودانيين
23 مارس 2013م


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.