السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان    مليشيا الدعم السريع تكرر هجومها صباح اليوم على مدينة النهود    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    شاهد بالصور والفيديو.. على أنغام الفنانة توتة عذاب.. عروس الوسط الفني المطربة آسيا بنة تخطف الأضواء في "جرتق" زواجها    المجد لثورة ديسمبر الخالدة وللساتك    بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم "البرهان" وثير غضب "القحاتة": (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)    المجد للثورة لا للبندقية: حين يفضح البرهان نفسه ويتعرّى المشروع الدموي    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    الناطق الرسمي للقوات المسلحة : الإمارات تحاول الآن ذر الرماد في العيون وتختلق التُّهم الباطلة    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    قرار بتعيين وزراء في السودان    د.ابراهيم الصديق على يكتب: *القبض على قوش بالامارات: حيلة قصيرة…    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    باريس سان جيرمان يُسقط آرسنال بهدف في لندن    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    صلاح.. أعظم هداف أجنبي في تاريخ الدوري الإنجليزي    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    المريخ يخلد ذكري الراحل الاسطورة حامد بربمة    ألا تبا، لوجهي الغريب؟!    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    بلاش معجون ولا ثلج.. تعملي إيه لو جلدك اتعرض لحروق الزيت فى المطبخ    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نهاية الحقبة الأمريكية: بقلم د. ستيفن والت .. ترجمة وعرض أ.فتحية فاروق عمر
نشر في سودانيل يوم 04 - 06 - 2013


The End of the American Era
بقلم د. ستيفن والت
Stephen M. Walt
ترجمة وعرض أ.فتحية فاروق عمر
باحث بدائرة العلاقات الدولية – شعبة أمريكا
مركز ركائز المعرفة للدراسات والبحوث- الخرطوم
هل ستبقي الولايات المتحدة على رأس النظام العالمي، ولكن دون أن يكون لها نفس التأثير الذي كانت تتمتع به سابقا؟.
هذا السؤال طرحه د. ستيفن والت - أستاذ العلاقات الدولية بجامعة هارفارد في مقاله "انتهاء العصر الأمريكي" "The End of the American Era". بمجلة "The National Interest" عدد نوفمبر- ديسمبر 2011 ، وسعى للإجابة عليه عبر سبر أغوار التحديات التي تواجه الهيمنة الأمريكية في العالم.
ولأهمية المقال تم اختياره من ضمن أفضل عشرة مقالات لشهر نوفمبر2011، وفق الاستطلاع الذي أجرته مجلة The Browser الإلكترونية البريطانية.
مداخل الهيمنة
يبدأ ستيفن والت مقاله بأن الهيمنة الأمريكية علي العالم قد بدأت عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية في عام 1945 – وذلك عقب ثلاثة قرون من السيطرة الأوروبية علي الأوضاع الدولية، تخللتها حربان عالميتان أنهكتا قوى القارة الأوربية العجوز.
العوامل التي عززت من تلك الهيمنة الأمريكية كما يراها والت:
1- إنتاج الاقتصاد الأمريكي في 1945 نحو نصف الناتج العالمي وبذا أصبحت الولايات المتحدة قوة دائنة رئيسية – وامتلاك الولايات المتحدة لأكبر قوة بحرية وجوية، وعدد كبير من القواعد العسكرية المنتشرة في العديد من الدول، وأنها القوة النووية الوحيدة في العالم. وأكبر قاعدة صناعية وحجم تجاري ناهيك عن وضعها الجيوسياسي على المستوى العالمي مما حدا بوزارة الخارجية الأمريكية في 1947 إلى اعتبار الهيمنة الأمريكية على العالم أول أولوياتها.
2- من ناحية التنافس الاقتصادي يرى والت ، إن اقتصاد المنافس اللدود – الاتحاد السوفيتي - لا يتمتع بنفس الكفاءة، ولا قوة جيشه تقارب قوة الجيش الأمريكي. ولقد عمل الزعماء الأمريكيون منذ ذلك الحين على الحفاظ على تلك المكانة التي جلبت لهم العديد من المكاسب، من أهمها: خلق وقيادة نظام اقتصادي و سياسي وأمنى فى مختلف بقاع العالم (باستثناء المنطقة التي تتمتع بالنفوذ الروسي).
3- كما كان لها دور أساسي في إنشاء وإدارة العديد من المنظمات الدولية كالأمم المتحدة والبنك الدولي والاتفاقية العامة للجمارك والتعريفات الجمركية، فرضت الولايات المتحدة هيمنتها في عالم كان القطب الثاني فيه ذا اقتصاد أضعف وقوات عسكرية معظمها يتركز على القوات البرية.
4- لقد ساعدت الولايات المتحدة حركات التحرر حسبما يقول والت لتخلص الشرق من مستعمرات أوروبا وفي نفس الوقت لعبت الولايات المتحدة بدهاء لإعادة إعمار أوروبا عن طريق خطة مارشال مما اكسبها نفوذا وسمعة طيبة في آن واحد.
وفي الوقت الذي وثقت فيه أمريكا علاقاتها بالشرق والعرب والخليج أطاحت بحكومات يسارية في كل من جواتيمالا والدومينيك وتشيلي ونيكاراجوا فضلا عن تفكيكها للمستعمرات السوفيتية في أوروبا.
5- العمل على تعزيز ثقافة حقوق الإنسان.
6- تقليل مخاطر أسلحة الدمار الشامل.
ومع كل ذلك يقول والت كان دوما هناك هاجس لدى الأمريكيين من انحسار تلك الهيمنة،وقد بدأ ذلك الهاجس في الظهور منذ بداية عام 1950. فقد أوضح تقرير صادر عن مجلس الأمن القومي الأمريكي أن امتلاك الاتحاد السوفيتي لأسلحة نووية من شأنه إحداث تغير جوهري في الخريطة الجيوسياسية العالمية لمصلحة السوفيت، وأن تصريحات الرئيس السوفيتي نيكيتا خروشوف "بدفن الرأسمالية الغربية" يمكن أن تتحقق.
أضف إلى ذلك ، رؤية كل من الرئيسين الأمريكيين، جون كنيدي وريتشارد نيكسون – فالأول كان يعتقد أن الاتحاد السوفيتي يمكن أن يصبح أغنى من الولايات المتحدة، والثاني رأى أن أمريكا بدأت تصبح "عملاقا بلا أنياب".
وقد تجسد ذلك الهاجس بعد ذلك بعقد من الزمان، بعد الهزيمة في الهند الصينية، وحدوث مشاكل اقتصادية خطيرة أدت إلى اختيار رونالد ريجان رئيسا في عام 1980، وصدور العديد من الكتب التي تشير إلى انحدار الولايات المتحدة ، من أهمها كتاب لبول كنيدي تحت عنوان "صعود و هبوط القوى العظمى"، حيث أشار إلى أن الولايات المتحدة من الممكن أن تلقى نفس مصير المملكة المتحدة التي أنفقت أموالا طائلة على مصالح بعيدة وحروب لا فائدة منها، لأنها تسير على المسار نفسه.
أما جوزيف ناي، فقد كانت له وجهة نظر مختلفة، في كتابه الهام "الطبيعة المتغيرة للقوة الأمريكية" يقول والت عن هذا الكتاب إنه رغم تحقيقه مبيعات قليلة إلا أنه قد عرض تنبؤا أدق على المدى القريب فقد أكد ناي نقاط القوة التي تتمتع بها الولايات المتحدة، وأنها ستكون القوة الكبرى الرائدة على مستوى العالم لسنوات عديدة قادمة وهو ما وافقه فيه والت..
وهناك عدد آخر من الكتاب كانت لهم وجهة نظر ثالثة،عندما تحدثوا في مؤلفاتهم عن الفترة الزمنية للهيمنة الأمريكية على العالم. وتساءلت عشرات الأبحاث والمقالات والدراسات والكتب عن مدة بقاء الولايات المتحدة على عرش العالم، و من هذه الكتب "اللحظة أحادية القطب" لتشارلز كراوثامر و"العملاق الليبرالي" لجي جون إيكينبيري و "العملاق" لنيال فيرجسون إلى كتاب فريد زكريا الذي صدر مؤخرا بعنوان "عالم ما بعد أمريكا".
بل وكان أسامة بن لادن كما يقول والت له وجهة نظر كررها كثيرا إن حربي أمريكا في العراق وأفغانستان قد وجها ضربتين قاصمتين لأمريكا وكانتا بمثابة مبرر لحملة الإرهاب التي تشنها القاعدة.
مما لا شك فيه كما يزعم والت إن الولايات المتحدة لا تمتلك السيطرة الكاملة والتأثير على كل الأحداث في الأقاليم المختلفة في العالم فمثلا أنها لم تستطيع منع الثورة في كوبا عام 1959 أو إيران عام 1979، أو منع فرنسا من مغادرة حلف الناتو في عام 1966، وأنها لم تستطيع منع إسرائيل والهند وباكستان وكوريا الشمالية من الحصول على أسلحة نووية. ولكن مع ذلك احتفظت الولايات المتحدة بتأثير هائل في كل من هذه المناطق، وخاصة في القضايا الرئيسية.
وعلاوة على ذلك، وعلى الرغم من التحديات التي تواجهها الولايات المتحدة أحيانا إ وأوضح مثال على ذلك الخسارة في فيتنام. و الهزيمة في الهند الصينية عقدت الولايات المتحدة نظام تحالفات في آسيا خلال السبعينات، والحقيقة أن الصين أقرب إلى الولايات المتحدة مما قد يتخيل البعض كما يقول والت ولذا فلا خوف منها، دخلت بكين في شراكة تكتيكية مع واشنطن على الرغم من تبنى الصين الماركسية اللينينية كأيديولوجية ، واعتنقت المبادئ المؤسساتية الأمريكية. ومن جهة أخرى ، أصبحت طهران عدو أمريكا ، ولكن هذا لم يهز موقف أميركا الشامل في الشرق الأوسط، فقد استمر تدفق النفط إلى أمريكا عبر الخليج الفارسي، والأمن الإسرائيلي الذي يهم أمريكا بصورة مباشرة مستقر على نحو متزايد، وحلفاء السوفيت فى المنطقة مثل مصر تخلوا عن روسيا ومالوا للولايات في نهاية المطاف.وعلى الرغم من النكسات في بعض الأحيان، ظلت السمات الأساسية للعصر الأميركي في المنطقة ثابتة .
وغني عن القول كما يرى والت أنه من غير المألوف بالنسبة لبلد يملك 5٪ من سكان العالم يكون قادر على إدارة القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية في كل ركن من أركان المعمورة والحفاظ عليها لعقود ،لكن في الواقع هذا ما فعلته الولايات المتحدة من 1945 إلى 1990. وبتزامن مع نمو اقتصادي لا مثيل له في التاريخ الحديث.
ويقول والت بانهيار الإمبراطورية السوفييتية أصبحت الولايات المتحدة كقوة عظمى وحيدة في عالم أحادي القطبية.وطبقا لمستشار الرئيس للأمن القومي برنت سكوكروفت قوله "وجدت الولايات المتحدة نفسها تقف وحدها في قمة السلطة.العالمية، وهو، وضع لا مثيل له في التاريخ، يقدم لنا فرصة نادرة لتشكيل العالم بتشجيع انتشار اقتصاديات السوق والمؤسسات الديمقراطية في جميع أنحاء العالم الشيوعي السابق ولكن لحظة النصر بذروة عصر أمريكا أعمتنا عن التحولات و الاتجاهات والمخاطر التي جلبت تلك الحقبة على الانتهاء."
انحسار مبكر:-
يقول والت إن انحسار الهيمنة الأمريكية قد بدأ مبكرا، نظرا لوقوع عدد من الزعماء الأمريكيين في أخطاء قاتلة. من أهم تلك الأخطاء :
1- الوقوع في مستنقعي العراق وأفغانستان، والذي ساعد على تقويض الهيمنة الأمريكية، بل وجعل أسامة بن لادن يبرئ تنظيم القاعدة من اتهامه بالإرهاب. فتكلفة الحرب في العراق ستصل إلى 3 تريليون دولار، والنتيجة النهائية هي خلق ديمقراطية منقوصة تستعدى إسرائيل بشكل واضح، وتتحالف مع إيران بشكل جزئي.
أما الوضع، فهو أسوأ في أفغانستان، وذلك على الرغم من تصوير القادة الأمريكيين ما يحدث هناك على أنه نوع من أنواع الانتصار، خاصة بعد مقتل بن لادن. لكن المحاولات الشاقة والمكلفة للقضاء على حركة طالبان وجعل أفغانستان دولة ديمقراطية على الطراز الغربي قد باءت بالفشل. إذن، فالسؤال هو: متى سترحل القوات الأمريكية من كابول: الآن أم لاحقا؟.
2- التدخل الأمريكي في آسيا الوسطى قد أضعف العلاقات مع حليفتها باكستان، وزاد من العداء للولايات المتحدة.
3- عدم توقع واشنطن لثورات الربيع العربي، ورد فعلها تجاهها يشير إلى تضاؤل الدور الأمريكي في رسم الأحداث كما يشاء. فمثلا، بعد عدد من المحاولات الفاشلة لدعم مبارك، قامت الإدارة الأمريكية بتغيير موقفها، وقامت بدعم القوى المؤيدة للتغيير، بل ألقى الرئيس أوباما خطابا للتأييد، ولكن أحدا لم يلتفت إليه.يلاحظ أن نفوذ الولايات المتحدة في عملية التغيير في المنطقة برمتها كان متواضع باستثناء تدخل جزئي في ليبيا ، وان اوباما لم يكن قادرا على وقف المملكة العربية السعودية من إرسال قوات إلى البحرين حيث ساعدت الرياض في قمع مطالب الإصلاح فى البحرين أو لإقناع الرئيس السوري بشار الأسد بالتنحي، نفوذ الولايات المتحدة في العملية السياسية ما بعد مبارك في مصر والصراع الدائر في اليمن لا يزال محدود.
4- فشل الولايات المتحدة المتكرر في إيجاد حل عادل للصراع العربي- الإسرائيلي، أو أن تكون وسيطا كفئا لحل الأزمة، وذلك على الرغم من مرور نحو عشرين عاما على توقيع اتفاقية أوسلو في سبتمبر 1993. وبالرغم من الأمل الذي تجدد بعد إعلان أوباما في القاهرة عن ضرورة قيام دولتين، فإنه سرعان ما تبدد، نتيجة للضغط الإسرائيلي. وبالتالي، فقد ظهر جليا فشل خطابات الرئيس الأمريكي في تجميل صورة بلاده، بل وازدياد العداء لواشنطن في منطقة الشرق الأوسط.
5- فشل سياسة الاحتواء المزدوج التي تبنتها الولايات المتحدة في التعامل مع كل من العراق وإيران، هذه السياسة التي تم تبنيها لطمأنة إسرائيل أجبرت واشنطن على الإبقاء على الآلاف من جنودها في الأراضي السعودية، بالإضافة إلى المحاولات المستمرة لتتبع أثر أسامة بن لادن.
6- وقد تمادت واشنطن في ذلك الخطأ عقب أحداث 11 سبتمبر بتبنيها إستراتيجية "التحولات الإقليمية" الأكثر غباء، وقد أعطت تلك السياسات الخاطئة الفرصة لدول مثل إيران للتفكير في امتلاك سلاح نووي.
تحديات إقليمية وعالمية كما يرى والت يجب أن تتعامل معها واشنطن، من بينها:
1-ظهور عدد من القوى الإقليمية خلال العقدين السابقين، وتعد الصين أبرز تلك القوى، فقد حققت نموا اقتصاديا مرتفعا أذهل العالم. فعلي الرغم من أن اقتصاد الولايات المتحدة يعد الأقوى على المستوى العالمي ، فإنه من المتوقع أن تحتل الصين تلك المكانة بحلول عام 2025. كذلك، فإن الميزانية العسكرية للصين تزداد بنسبة 10% سنويا، ومن المتوقع زيادة تلك النسبة في المستقبل. و بالتالي، يجب أن تقيم الولايات المتحدة علاقات استراتيجيه مع الدول الآسيوية بشكل عام، نظرا لتطورها الاقتصادي السريع، ومع الصين بشكل خاص، نظرا لأنها المنافس الوحيد لواشنطن. وسوف يشجع هذا الوضع بكين على تحدي دور الولايات المتحدة الحالي في آسيا .
2 - وأيضا الترتيبات الأمنية التي تحدد الحقبة الأمريكية تقوضها صعود قوى إقليمية رئيسية عدة، أبرزها الهند وتركيا والبرازيل. وقد حققت كل من هذه الدول النمو الاقتصادي يدعو للإعجاب على مدى العقد الماضي، وأصبح لكل دولة استعدادا أكثر لرسم مسارها الخاص مستقلة عن رغبات واشنطن وصحيح أن أمامهم مسافة لينافسوا الولايات المتحدة سيما البرازيل مثلا إجمالي إنتاجها أقل من سدس مثيله الأمريكي والاقتصادات في الهند و تركيا، مازالت صغيرة بالنسبة للولايات المتحدة ، ولكن أصبح لكل دولة نفوذ متزايد داخل منطقتها، وينظر أيضا إلى التوسع الأخير لمجموعة الثمانية إلى مجموعة العشرين هذا اعتراف ضمني بأن المؤسسات العالمية التي أنشئت بعد الحرب العالمية الثانية عفا عليها الزمن و تحتاج إلى إصلاح.
3- كل هذه القوى الإقليمية الجديدة هي قوى اتت عن طريق الديمقراطية، وهذا يعني أن قادتها تولى اهتمام للرأي العام ونتيجة لذلك،لا يمكن للولايات المتحدة أن تعتمد على العلاقات الحميمة مع النخب الحاكمة أو المؤسسات العسكرية فمثلا أن استطلاعات الرأي تظهر تدني النقاط التي تحصل عليها أمريكا في نظر الأتراك لذا يصبح من السهل أن نفهم لماذا رفضت أنقرة السماح لواشنطن باستخدام أراضيها لمهاجمة العراق في عام 2003 ولماذا تركيا قد قلصت علاقاتها الوثيقة سابقا مع إسرائيل رغم تكرار جهود الولايات المتحدة لرأب الصدع وفى المقابل نجد العدا لأميركا أقل في البرازيل والهند.
صعود قوى جديدة هو مؤشر على انتهاء "لحظة الأحادية القطبية" ، وستكون النتيجة إما بين الصين وأمريكا القطبين المتنافسين أو نشؤ نظام متعدد الأقطاب يضم العديد من الدول الكبرى غير المتكافئة ومن المرجح أن تظل الولايات المتحدة القطب الأقوى.
4- الصعوبات الاقتصادية التي تعانيها الولايات المتحدة حاليا، ستقيد من قدرتها في القيام بأدوارها على المستوى الدولي. فبعد أن ورث بوش فائضا في الميزانية عام 2001 ، قام بخفض الضرائب الفيدرالية بشكل ملحوظ مع الدخول في حربين كلفتا الخزانة الأمريكية الكثير.
وقد أدى ذلك لزيادة سريعة في الدين الفيدرالي بالتوازي مع الأزمة المالية العالمية بين عامي 2007 و 2009. وقد استمرت المشاكل الاقتصادية لواشنطن منذ ذلك الحين، مما أدى بمؤسسة ستاندر آند بورز لخفض مستواها الإئتمانى في أغسطس الماضي وسط مخاوف من حدوث ركود.
تعليق:
بالرغم من تلك المزايا والتحديات التي عددها والت فإننا نجد كثير من المفكرين نبهوا إلى انحدار أمريكا وتحول مكانتها منهم المفكر الشهير نعوم تشومسكى فى مقال سبق هذا المقال بأسبوعين تقريبا تحت عنوانAmerica in decline "الانهيار الأمريكي: الأسباب والتداعيات" تشومسكي يقول إن الانهيار حاصل بالفعل وإن كانت فرصة اكتماله بعيدة إلى حد ما، هذا بجانب مراكز البحوث الأمريكية التي أولت هذا الأمر اهتمام كبير والملاحظ إن معظمهم قد اتفق على وجود تحديات حقيقية تواجه أمريكا لكنهم اتفقوا على أن الولايات المتحدة لم تنته بعد- كقوة عظمى – بل على العكس فلا يزل لديها الكثير: أقوى اقتصاد، أكبر جيش، أكبر ميزانية تنفق على التعليم العالي والبحث العلمي في العالم، ونسبة سكانها من الشباب تعد مطمئنة، خاصة إذا ما قورنت بدول أخرى مثل روسيا، واليابان، ومعظم الدول الأوروبية. ولكن للحفاظ على تلك المكانة، يجب إعادة التوازن لعلاقات الولايات المتحدة الخارجية، مع التركيز على إعادة بناء البيت من الداخل و أن الأمر لا يتعلق بسقوط الهيمنة الأمريكية وإنما بمدى قدرة الولايات المتحدة على أن يبقى لها ذات التأثير على العالم ، لذا يجب على واشنطن إعداد استراتيجيه تعترف بتلك الحقيقة الجديدة من جانب، وتحافظ على الثوابت الأمريكية من جانب آخر، وذلك بغية حماية المصالح القومية الأمريكية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.