بسم الله الرحمن الرحيم 29 يونيو 2013 ملف 316 د. أحمد المفتى المحامى وكيل وزارة العدل الأسبق يتضح للذين يتابعون مقالاتنا ولقاءاتنا العديدة حول سد النهضة الاثيوبى اننا لا نعترض على حق اثيوبيا فى انشاء السد لتوليد الكهرباء ولرى كل اراضيها داخل الحوض ، وانما نحن نعترض على عدم وجود التزام اثيوبى بضمان "الأمن المائى والحقوق والاستخدامات لكل دولة من دول حوض النيل" ، فى اطار المبدأ الدولى المعروف بحق كل دولة مشاطئة فى الاستخدام المنصف والمعقول للمياه المشتركة شريطة عدم تسبيب ضرر للآخرين . وذلك الاعتراض له حيثيات قوية لأن اثيوبيا لا تعترف بالأمن المائى وحقوق واستخدامات الدول المشاطئة الأخرى . وتأكيداً لذلك فانها قد وثقت ذلك الاعتراض مؤخراً بتصديقها على اتفاقية عنتبى بصورتها الحالية التى لا تتضمن اقتراح السودان ومصر بضرورة ادخال نص فيها يتضمن عدم المساس بالأمن المائى وحقوق واستخدامات الدول الأخرى . أما التطمينات التى يطلقها المسؤولون الاثيوبيون بما فى ذلك السفير الاثيوبى بالخرطوم فإنها عمل دبلوماسى مفهوم ، ولكنه لا يغير من ذلك الواقع شيئاً ، وان فات ذلك على كثير من الذين لا يعولون على النظر الاستراتيجيى بل يصدقون كل حديث يصادف هوى فى نفوسهم . ومناسبة هذا المقال هو القمة الافريقية لمكافحة الجوع التى من المتوقع ان تعقد باديس ابابا خلال اليومين القادمين ، ولقد سود بعض قادة الرأى الصحف مؤكدين أهمية تلك القمة واهمية ان يطرح السودان نفسه سلة لغذاء افريقيا والعالم . ولم يخطر على بال اؤلئك الأخوة الكرام ان ما يطرحونه يتعارض جملة وتفصيلاً مع موافقتهم على قيام سد النهضة الاثيوبى بالترتيبات الحالية والتى لا يوجد فيها التزام اثيوبي بالأمن المائى للسودان . فكيف يتسنى للسودان ان يصبح سلة غذاء للعالم دون وجود ضمان لأمنه المائى ، ولا اعتقد أن تطمينات المسؤولين الاثيوبيين تصلح ضماناً للأمن المائى للسودان ، لأنه وان كانت تلك التطمينات كافية لاؤلئك الأخوة الكرام ، فإنها قطعاً لن تكون كافية للمستثمرين فى الزراعة فى السودان . ومن المعلوم أن الاستثمار الزراعى يتكون من ثلاثة أضلع ، لا يغنى احدهم عن الآخر ، وهى رأس المال والأرض والأمن المائى . ولا اعتقد انه يصلح ان نحذف الضلع الثالث وهو الأمن المائى ونضع مكانه سد النهضة الاثيوبى . وليالى سد النهضة من الزمان حبالى يلدن كل جديد ، وفى تقديرى ان مفاجئات إنشاء سد النهضة لن تقف عن ذلك الحد مالم تجتمع الدول الثلاث السودان واثيوبيا ومصر حول طاولة المفاوضات لضمان المصالح الاستراتيجية لاثيوبيا من انشاء سد النهضة وهى توليد الكهرباء ، وفى مقابل ذلك ضمان المصالح الاستراتيجية لكل دول حوض النيل وهى الأمن المائى والحقوق والاستخدامات . ولا شك ان كل الاخوة الاستراتيجيين يوافقوننى الرأى فى ان التطمينات الدبلوماسية الشفاهية لا تصلح ضماناً يؤسس عليه النظر الاستراتيجى . ولو كان لى ان اقترح بنداً واحداَ تناقشه تلك القمة ، فانه سوف يكون علاقة الأمن المائى بالأمن الغذائى ، وحينها سيعلم الجميع انه لا مستقبل للسودان فى ان يكون سلة غذاء إلا بتضمين ترتيبات انشاء سد النهضة التزاماً صريحاً بالأمن المائى للسودان ، بغض النظر عن اى منافع أخرى تعود على السودان . --- 0 ---