بسم الله الرحمن الرحيم عثمان البلوله [[email protected]] منذ زمن بعيد، ومطبخ المخابرات الأمريكية وأخواتها الغربيات، يقدم للمنطقة بشكل عام ولشعبنا العربي بصورة خاصة، وجبات سريعة من المفردات والمفاهيم، وفي مقدمتها (الديمقراطية، والحرية، وحقوق الإنسان)، ثم جاءت مفردات أخرى ذات مدلولات عميقة مثل (الفيدرالية، والكونفيدرالية، وتقرير المصير، والعملية السياسية، والأكثرية والأقلية، والأراضي المتنازع عليها، وتوزيع الثروات..إلخ). يا ترى.. هل أن المطبخ الأمريكي وأخواته، يعمل لوجه الله ولسواد عيون الشعب العربي، كما يقال، أو لسواد عيون المسلمين؟! يحكي لسان حالنا بأن الديمقراطية هي من أكبر الكذبات التي أن خدعت بها الشعوب وخاصة العربية، وبهذا المصطلح انهارت القيم والمُثل والأخلاق للمسلمين وتشردوا عن السير في طريق الفضيلة، وانجرفوا وراء صهوات أعدائهم التي تزج بهم إلى قارعة الطريق الهالك الذي يقدس الديمقراطية الخادعة. إذا كانت الغربيون جميعهم, يظنون بأنهم عباقرة الديمقراطية، وأنهم يحطونها بهالة من التقدير والتبجيل،ويتهمون دول العالم وشعوبها بأنهم أقل قدراً ومكانة طالما هم يدهسون على فرس الديمقراطية. لماذا يكذب رجال البيت الأبيض على المجتمع الأمريكي بأنهم هم فقط من يؤمن بالديمقراطية؟! إن الإعلان عن ديمقراطية أمريكية لا يعني سوى كذبة كبرى، تأخذ هذه الديمقراطية شكل الواجهة في الإعلام والانفلات في الحرية الشخصية لحد الفساد في الأخلاق والقيم المخطط له بعناية فائقة.. أما الديمقراطية الحقيقية فهي حكم الشعب من الشعب وإلى الشعب، وليس احتكار الحكم من لدن حزبين يتناوبان الحكم في سياسات إمبريالية واحدة تعمل بعيداً عن المجتمع الأمريكي وتدعو إلى الحرب والتدخل تحت دعاوى رعاية المصالح الحيوية للبلاد وحماية الأمن القومي للدولة باستخدام الحرب الإستباقية القائمة على الشكوك والاحتمالات.. فأين الديمقراطية إذن في مسألة الحكم وتصريف الشؤون الخارجية وإحكام مصالح المجتمع وحاجاته المادية والروحية ومتطلباته المستقبلية؟! والغريب في الأمر... إن الإدارة الأمريكية وهي تفتقر إلى الديمقراطية، تدعو شعوب العالم إلى ممارسة الديمقراطية وتخطط سياسياً وعسكرياً وأمنياً في سبيل فرض الديمقراطية عن طريق القوة، كما حصل في عدد كبير من الساحات ومنها على وجه الخصوص (ديمقراطية العراق الدموية الهدامة، وديمقراطية أفغانستان الدموية المتهالكة، وديمقراطية الصومال الكارثية، وديمقراطية ليبيا الدموية المتهتكة، وديمقراطية مصر المتفسخة، وديمقراطية الموت الزؤام في سوريا، وديمقراطية النفاق والمساومات والصفقات المريبة في البحرين، وديمقراطية التفكك والإيهام في تونس)!! فلو كان المجتمع الأمريكي على درجة من الرقي الديمقراطي الحقيقي لأنتفض بوجه قيادة البيت الأبيض، ليس على شيء، إنما فقط على كذب هذه القيادة على المجتمع الأمريكي وعلى الدستور الأمريكي وعلى القيم التي يتبجحون بها، وعلى العالم. فيا أحرار العالم... حاكموا القيادة الأمريكية على ساحات بلدانكم ذات السيادة، وافضحوا نهجها وأفعالها، لأنها مجرمة وتستحق الإدانة، من أجل العدل والحق والإنصاف والاستقرار في العالم.!! ولكن متى يعي المسلمين والعرب هذا الشر الذي أخترق جدران قلوبنا ومزق وحدتنا إرباً إرب؟؟ وبعد أن فعلوا ما يريدون مضت بنا سُفنهم إلى فجٍ لا نهاية ولا مرسى له وأصبنا لقمة سهلة الأخذ الابتلاع. بقلم: عثمان البلولة ملاح جامعة أمدرمان الإسلامية