الولايات المتحدةالأمريكية "الصديقة الحقيقية لجنوب السودان" جاءت هذه العبارة فى سياق خطاب متلفز فى جوبا لرئيس دولة جنوب السودان الفريق سلفاكير ميرديت لدى افتتاح طريق (نمولي – جوبا) العام المنصرم ، وأشاد سلفا بالدور الإيجابي الذي لعبته الإدارة الأمريكية لصالح جنوب السوادن في وقت الحرب وفي المفاوضات بمراحلها المختلفة حتى إحلال السلام في السودان، وأشاد كذلك بطريقة خاصة بقيامها بتشييد أول طريق معبد في جنوب السودان بعد أن وضعت الحرب أوزارها. واشار إلى المساعدات التي كانت تقدِّمها عبر منظمتها الدولية "الوكالة الأمريكية للتنمية" (USAID) لنازحي ولاجئي جنوب السودان. وهي مساعدات كانت تتمثل في توفير الغذاء والدواء والخيام للنازحين في السودان واللاجئين خارج السودان، كما نقلت أعداداً كبيرة من الأطفال اليتامى والذين شردتهم الحرب من معسكرات اللجوء، لا سيما معسكر كاكوما بكينيا، تعلم من تعلم من هؤلاء الأطفال الذين أصبحوا الآن رجالاً استفادت الدولة منهم ومازالت تستفيد كمورد بشري تدفع بعجلات البلاد التنموية إلى الأمام . مما تقدم يتضح جليا الرعاية الابوية التى توليها الولاياتالمتحدةالامريكيةلجنوب السودان ، ولم تتناقص هذه الرعاية منذ توقيع اتفاق السلام فقد ترجمت امريكا هذا الود عمليا برفع العقوبات الاقتصادية عن جنوب السودان دون الشمال كما ظلت غير محايدة فى وقوفها مع الجنوب ضد الشمال وعملت على تحقيق الانفصال بنجاح كبير أنظر لسوزان رايس وهى جزلة بانفصال الجنوب تقول يوم الاحتفال :( مرحباً بجنوب السودان في مجتمع الدول والأمم ) ولذلك مثل الجنوب بالنسبة لامريكا التحدى الاكبر الذى نجحت فيه ادارة بوش وحققت السلام لاطول حرب اهلية وبحسب الدكتور منصور خالد فقد كانت امريكا"على الصعيد السياسي، الضيف الدائم على موائد صنع السلام: جيمي كارتر نيروبي 1989، هيرمان كوهين 1990، ديفيد شين صاحب نظرية سياسة الهبوط الناعم 1966 (Soft landing policy)، هاري جونستون ديسمبر 1999، جون دانفورث مايو 2001م". ورغم ماتقدم الا انه بدأت تلوح فى الافق فى يومنا الحاضر بوادر تبرم امريكية مما يحدث فى جنوب السودان ، هذا التبرم قد يتطور اذا لم تنتبه حكومة الجنوب وتبدا اصلاحات واسعة تجنبها مغبة خسارة حليفها الاستراتيجى واشنطن . واشنطن تحت الضغط الحقوقى :- مؤخرا اصبحت الولاياتالمتحدةالامريكية تضيق بالفشل الذى لازم الدولة الوليدة فامريكا كانت تراهن على صناعة دولة ناجحة فى جنوب السودان بعد فصله عن الشمال وبالتالى تتمكن الادارة الامريكية من تحقيق مصالحها العليا فى الاستفادة من الموارد الهائلة لهذه الدولة بعد ان يتحقق لها الاستقرار السياسى والاجتماعى الذى كان متوقعا بعد الانفصال ، لكن بعد الانفصال دخلت الدولة الوليدة فى صراعات مع الجار الشمالى العدو الدائم بسبب النفط والحدود ، كما غرقت البلاد فى الفوضى الداخلية من صراعات قبلية راح ضحيتها الآف الجنوبيين بل قدر عدد هؤلاء الضحايا خلال عهد الانفصال القريب باكثر مما ازهقته الحرب بين الشمال والجنوب طوال 22 عاما ، هذا الوضع قلب موازين الولاياتالمتحدةالامريكية ، ولكن رغم ذلك لم تشعر باليأس من الاصلاح فلم تغل يدها المساعدة للجنوب ، وبدت حريصة على هذا الاستقرار وتسعى نحوه بجدية ، لكن استمرار الصراع القبلى ، والفساد الذى اجتاح مؤسسات الدولة والذى رفع على اثره الرئيس سلفا الحصانة عن اكبر وزراءه فى الدولة بدأ يلفت انتباه منظمات امريكية ستضغط فى المستقبل ضد الجنوب مستخدمة سيف حقوق الانسان فى حربها ضد الدولة الوليدة مثل (المنظمة الدولية للاجئين الاميركية) والتى طالبت فعليا الادارة الامريكية بحجب المساعدات التي تقدمها الى حكومة الجنوب،بسبب انتهاكات لحقوق الإنسان من جانب الجيش الشعبي في ولاية جونقلي . واشارت المنظمة المناصرة للنازحين واللاجئين ومقرها واشنطن،في تقرير لها إلى أن الانتهاكات الواسعة النطاق لحقوق الإنسان، التي يرتكبها الجيش الشعبي بالهجوم على المدنيين في مقاطعة بيبور وحرمان المدنيين المتضررين من القتال ضد المتمردين بقيادة ديفيد ياو ياو من وصول المساعدات الإنسانية منذ فبراير. وطالبت المنظمة في تقريرها ، حسب موقع سودان تربيون، الادارة الاميركية،بوقف جزء من مساعداتها التي تقدمها لحكومة جنوب السودان،الى ان يدلي وزير الخارجية الاميركي بشهادته أن جوبا تحرز تقدماً في مجال حقوق الإنسان،ورأت ان تجاهل هذه الانتهاكات لن يكون مفيدا لمستقبل الديموقراطية في الدولة الوليدة،ودعت واشنطن الى الضغط عليها باعتبارها اكبر مانح لجنوب السودان،كما دعت مجلس الامن الدولي لادانة هذه الانتهاكات . وكشفت المنظمة ان ادارة اوباما رصدت مبلغ «280» مليون دولار للجنوب للعام 2014،مبينة ان واشنطن عليها حجب جزء من هذه المساعدات ما لم توقف جوبا انتهاك حقوق الإنسان عبر جيشها في جونقلي. واستعرضت المنظمة تقريراً اعدته في مايو الماضي ،كشف عن ضلوع الجيش الشعبي في انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان اشتملت على القتل والاغتصابات وحرق منازل في البيبور،ونهب ممتلكات المواطنين وحرمان المحتاجين من المساعدات الإنسانية. الخارجية الامريكية استجابت لهذه التقارير الحقوقية مبدئيا واكتفت بأبداء قلق واشنطن العميق بشأن وقوع عمليات قتل وضرب ونهب في ولاية جونقلي بشرق جنوبي السودان، وقالت إن الجيش مسؤول عن حماية كل المدنيين، وقالت في بيان لها: «نحث كل الأطراف بما في ذلك الجيش الشعبي لتحرير السودان والأطراف المسلحة الأخرى الحكومية وغير الحكومية على إنهاء أعمال العنف والعمل نحو تحقيق السلام والمصالحة من خلال الحوار»، وحثت واشنطن كل الأطراف على توفير وصول المساعدات الإنسانية من دون عائق لكل مناطق جونقلي والسماح لقوات الأممالمتحدة لحفظ السلام بالقيام بدوريات. قلق اوربى واممي :- الاوضاع فى جنوب السودان كذلك لفتت انتباه الاممالمتحدة ومن نيويورك طالب مارتن نيسركي المتحدث باسم الأممالمتحدة السلطات المركزية وسلطات الولايات في جنبوب السودان بالتحلي بأقصي درجات ضبط النفس. وقال نيسركي ان بعثة الأممالمتحدة في جنوب السودان قلقة بشكل عميق من التقارير التي تحدثت عن تعبئة ضخمة لشبان مسلحين صوب مقاطعة بيبور في ولاية جونقلي بالاضافة التي الاشتباكات التي تحدثت عنها الانباء. وأضاف أن الأممالمتحدة تحاول الوصول الي المنطقة للتأكد من التقارير المتعلقة باعمال العنف. وقال إن بعثة الاممالمتحدة في جنوب السودان تحاول التأكد من المعلومات وتقييم تحركات السكان بما في ذلك من خلال استخدام طلعات الاستطلاع الجوي. وفي أوروبا, أعربت دول الاتحاد الاوروبي عن قلقها العميق من مخاطر وقوع مواجهات عرقية في ولاية جونقلي بجنوب السودان حيث تهدد ميليشيات قبلية مسلحة بالهجوم علي قبيلة اخري. وفي بيان مشترك اعرب سفراء دول الاتحاد الاوروبي المعتمدون في جنوب السودان عن القلق العميق لمعلومات افادت عن تعبئة مقاتلي قبيلة النوير ومواجهات اولي مع عناصر قبيلة مورلي في جونقلي . وقال مسئول محلي ان عناصر ميليشيات النوير المدججين بالسلاح يهددون قبيلة مورلي المنافسة في ولاية جونقلي المضطربة في شرق جنوب السودان. وقال الدبلوماسيون ان هذه التهديدات قد تفاقم الوضع الانساني المتدهور اصلا وتفضي سريعا الي نزاع عرقي تكون له عواقب مأساوية. وطلب الاتحاد الاوروبي من جيش جنوب السودان الوقوف علي الحياد ونشر قواته لحماية المدنيين. جنوب السودان تكذب التقارير :- إزاء هذه الهجمة كان لابد لدولة الجنوب من دفوع لدحض هذه التقارير التى تتحدث بالارقام عما يحدث فى جنوب السودان ، فكان ابتداء رفض جنوب السودان لهذه التقارير بل وذهبت لاكثر من ذلك بتوجيه اتهامات الى جهات لم تسمها وانت كانت معروفة بأنها تعبث بالأوضاع الأمنية فى دولة الجنوب . وقال وزير الإعلام والبث الإذاعي في دولة جنوب السودان برنابا مريال بنجامين فى افادات لصحيفة «الشرق الأوسط»، إن كل التقارير سواء من الأممالمتحدة أو جهات دولية حول فشل حكومته في مواجهة تطور التوترات الأمنية في البلاد خاصة في ولاية جونقلي غير صحيحة ولا صلة لها بأرض الواقع، وأضاف أن «هذه الجهات تعلم أن هناك أيادي خارجية هي التي تعبث بأمن البلاد عبر بعض الأفراد مثل المتمرد ديفيد ياو ياو الذي يقود التمرد في جونقلي ويستخدم المدنيين كدروع بشرية»، وقال إن «شعبنا يريد السلام ولا نعرف لماذا يريد الآخرون أن نتواصل في حروب لأنه يكفينا أن حاربنا أكثر من خمسين عاما» . ورفض برنابا الحديث عن فشل الدولة الوليدة وقال : لا يمكن الحديث عن أننا فشلنا، بل إن الرئيس سلفا كير ظل يكرر العفو العام للمتمردين وقد استجاب بعضهم وعادوا إلى البلاد، بينما ظلت مجموعات قليلة على الحدود لم تستجب مثل ديفيد ياو ياو» . واعتبر بنجامين الحديث عن انتهاكات يرتكبها جيش جنوب السودان ضد حقوق الإنسان فبركة، وقال: «نحن ملتزمون بحقوق الإنسان وتشريعاتنا ملتزمة بحقوق الإنسان كما أن الجيش يحكم بقانون وإذا كانت هناك تجاوزات تكون فردية وتتم المحاسبة فورا بإجراء المحاكمات» . لكن تصريحات برنابا النافية لم تجف ، ليطالعنا كبير مسؤولي الإغاثة التابعين للأمم المتحدة في جنوب السودان الاحد المنصرم بان 200 شخص على الأقل أصيبوا بجروح خلال أسبوع من الاشتباكات في ولاية جونقلي بجنوب السودان. وقال منسق الأممالمتحدة للشؤون الإنسانية لجنوب السودان توني لانزر في بيان، إن نحو 200 جريحا وصلوا مانيابول القرية النائية في ولاية جونقلي المضطربة الواقعة شرقا حيث تتقاتل ميليشيات مسلحة من قبائل اثنية متنافسة. أذن مما تقدم ومابين تاكيدات المنظمات الحقوقية بسوء الاوضاع الانسانية فى جنوب السودان ومابين نفى الحكومة تقع جنوب السودان فى براثن هجمة غربية بواسطة ذات المنظمات التى ايدتها يوما وقدمت لها يد الدعم ، ولا يخفى على احد ان هذه المنظمات هى واجهات دولية وهذه التقارير تعتبر مقدمات لعمل سياسى مستقبلى قد يتضرر منه جنوب السودان فنفى السيد برنابا الشفاهى لايكفى ان لم يسند هذا النفى عمل حقيقى لتبييض صفحة الجيش الشعبى ، واحتواء الصراع القبلى عن طريق مصالحات واسعة تجنب جنوب السودان فقدان حلفاء استراتيجيين كانوا عونا لجنوب السودان حتى اوصلوه الى الانفصال مثل امريكا . mona albashir [[email protected]]