تسللت فى الظهيرة, ميعاد تناول الغداء بالمنازل, الى بستان حاج الخضر قاصدا نزع بعض ليف النخيل, سأصنع حبالا لبعض أغنام عمتى دخرى الصرمان. هى لم تطلب منى ذلك ولن تطلبه. فحين أعطيت الأغنام سيقان الملوخية وجدت بعضها مربوط بحبال بليت... قصيرة جدا... كثر فيها القطع والعقد حين تكون حبال الأغنام قصيرة او يكثر فيها الالتواء ..تتألم الأغنام وتصيح..صياحا تحس به مختلفا عن صياح الجوع والعطش...ارتياح الأغنام عند الإستجابة لحاجتها...تحسه...فى التصاقها بك...شمك فقد يكون ذاك شكرها لك او فرحها و إبتسامها وحاج الخضر يقضى جل وقته فى بستانه عناية به وإعجابا وحراسة, لديه عنقريب قصير للقيلولة ..يراه من ينوون الإعتداء على بستانه راقدا عليه وسط نخيله..فتموت نواياهم .. نخيله جيد السقيا وليفه كبير ونظيف.. الحبل منه أجود وأجمل, حسب المتداول فى مجالسنا, . فالله جابو قال وشهد بذلك....فصار الأمر لا يقبل إضافة الله جابو ود بخيته هو أشهر صانع حبال فى قريتنا..بل عمت شهرته القرى المجاورة..يعد قلائد من الحبال توضع فى عنق الحمار أو الحمارة زينة وحاملة لحبل ربط الحمارة خلال المشاوير...القلادة يقتنيها من طابت أحوالهم المادية... قلادة فى عنق حمارك وفروة فوق سرج على ظهره... فأنت من الوجهاء لدينا يلتقى الله جابو بزبائنه أثناء سوق القرية , يومى السبت والأربعاء ويتفق معهم على نوع القلادة والتسليم حاج الخضر...هاجر صبيا الى مصر وعمل جنديا بحرس الحدود هناك, قرابة العشرين عاما عاد لدياره وزرع نصيبه فى أرض أبيه, يختلف عن آبائنا فى مظهره, ملابسه شديدة البياض, يشذب بإنتظام لحيته وشاربه, بنى حماما فى بيته وكنا نستحم فى النهر او فى غرف نومنا ضحك آبائنا حين أتى حاج الخضر مشاركا بفطور فيه بيض مسلوق وآخر بالزيت ومعهما صحن فول...وقالوا له..شنو أكل الوليدات دا؟؟؟ وقال بعضهم ... أظنوا جابو جاهز من السوق؟؟ لم ينتبهوا لحديث حاج الخضر عن الغذاء والتوفير فى الصرف فكبارنا زاهدون متأثرون ببساطة ماحولهم ...من حيوان و زرع وجماد.... عجاف و مغبرين...والطعام لديهم قراصة بملاح صباحا وكسرة و ملاح فى الغداء وقد يطبخ بعضهم اللحم أو أحشاء البهائم يومى السبت والأربعاء.. ينعقد خلالهما السوق ....وفيهما تغشى بيوتنا حيوية وموائدنا بعض الدسم.. حينها...يومى السبت والأربعاء , نتعمد ان يسيل دهن اللحم على أيدينا ويسقط على أرجلنا المغبرة..يكون واضحا كجزر فى محيطات جسومنا المتسخة...لا نغسل أيدينا ليشمم كل واحد منا رائحة اللحم للآخر جهزت حبالا لخمس من الأغنام وذهبت لدارعمتى دخرى الصرمان . حاولت التوارى حتى أدخل حوش بهائمها..وجدتها واقفة قريبة منه تطعم دجاجها بعض الكسرة اليابسة .. كأم وأطفالها...تشعر ان هناك خيوطا قوية تربطها بأغنامها ودجاجها...تحرص على إطعامها وشربها برضا و شغف..... والدجاج...يقبل مسرعا عند نثر الطعام له ..أوحين تأتى بعشب البهائم وترميه من على ظهر الحمار...يصير الدجاج كأطفال حول أمهاتهم يريدون شاى او لبن المغارب قبل النوم...مثلهم فى الحركة والضوضاء الصلاة على النبى ود السرور...نسدك فى نجاحك وعرسك أبدلنا حبال الأغنام..شعرت الأغنام بإرتياح وشكرتنا بحك رؤوسها فينا وتحول الصياح الى هدوء يشبه الإبتسام تتعدل عليك شقيش ما تقبل ..قالتها عمتى ونحن فى طريفنا لمجلسها لم أقل لك الفلاح الفصيح ..بل قلت لك المزارع النجيض والفالح عرف فائدة الكحل الفصاحة دى خلها لأبواتك عندنا هنا.... الخشم بليلى والحيلى قليلى النجيض بدل المرة بقى يجئ مرتين في الأسبوع لضفتنا ليأخذ الكحل شوية..شوية...اشترى مركب صغيرة بس تنقل الكحل بعد داك جاب جمال تنقل في برنا شمال وجنوب الكحل.... والمركب الصغيرة بقت مركبين كبار رجالنا وصبيانا متكبرين ثم مستغربين...طول النهار قاعدين...من ضل الضحى ...لضل الظهر...قالوا ما بنحفر الكحل واصلت دخرى الصرمان..زى ماك شايف...المراكب كثرت مننا تشيل الكحل للضفة الغربية وكمان هسع بقت تشيل الرجال العايزين يشوفوا المكحلات بهناك...نظرت إالى مستغربة وقالت ..الرجال أبوا يشتغلوا في الكحل...أها النسوان ما بيات يتكحلن مالن؟؟ سيدأحمد العراقى