وزير الخارجية المصري يصل بورتسودان    محمد حامد جمعة نوار يكتب: نواطير    "فينيسيوس جونيور خط أحمر".. ريال مدريد يُحذر تشابي ألونسو    الهلال يدشن انطلاقته المؤجلة في الدوري الرواندي أمام أي سي كيغالي    كُتّاب في "الشارقة للكتاب": الطيب صالح يحتاج إلى قراءة جديدة    عثمان ميرغني يكتب: إيقاف الحرب.. الآن..    مستشار رئيس الوزراء السوداني يفجّر المفاجأة الكبرى    مان سيتي يجتاز ليفربول    التحرير الشنداوي يواصل إعداده المكثف للموسم الجديد    دار العوضة والكفاح يتعادلان سلبيا في دوري الاولي بارقو    كلهم حلا و أبولولو..!!    السودان لا يركع .. والعدالة قادمة    شاهد.. إبراهيم الميرغني ينشر صورة لزوجته تسابيح خاطر من زيارتها للفاشر ويتغزل فيها:(إمرأة قوية وصادقة ومصادمة ولوحدها هزمت كل جيوشهم)    البرهان يطلع على أداء ديوان المراجع العام ويعد بتنفيذ توصياته    لقاء بين البرهان والمراجع العام والكشف عن مراجعة 18 بنكا    شاهد بالفيديو.. لدى لقاء جمعهما بالجنود.. "مناوي" يلقب ياسر العطا بزعيم "البلابسة" والأخير يرد على اللقب بهتاف: (بل بس)    السودان الافتراضي ... كلنا بيادق .. وعبد الوهاب وردي    شاهد بالصورة والفيديو.. ضابطة الدعم السريع "شيراز" تعبر عن إنبهارها بمقابلة المذيعة تسابيح خاطر بالفاشر وتخاطبها (منورة بلدنا) والأخيرة ترد عليها: (بلدنا نحنا ذاتنا معاكم)    جمهور مواقع التواصل بالسودان يسخر من المذيعة تسابيح خاطر بعد زيارتها للفاشر ويلقبها بأنجلينا جولي المليشيا.. تعرف على أشهر التعليقات الساخرة    المالية توقع عقد خدمة إيصالي مع مصرف التنمية الصناعية    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالصورة والفيديو.. "البرهان" يظهر متأثراً ويحبس دموعه لحظة مواساته سيدة بأحد معسكرات النازحين بالشمالية والجمهور: (لقطة تجسّد هيبة القائد وحنوّ الأب، وصلابة الجندي ودمعة الوطن التي تأبى السقوط)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    الترتيب الجديد لأفضل 10 هدافين للدوري السعودي    «حافظ القرآن كله وعايشين ببركته».. كيف تحدث محمد رمضان عن والده قبل رحيله؟    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    أول جائزة سلام من الفيفا.. من المرشح الأوفر حظا؟    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    "واتساب" يطلق تطبيقه المنتظر لساعات "أبل"    بنك السودان .. فك حظر تصدير الذهب    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    صفعة البرهان    حرب الأكاذيب في الفاشر: حين فضح التحقيق أكاذيب الكيزان    دائرة مرور ولاية الخرطوم تدشن برنامج الدفع الإلكتروني للمعاملات المرورية بمركز ترخيص شهداء معركة الكرامة    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    السجن 15 عام لمستنفر مع التمرد بالكلاكلة    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بل ماذا يفعل البطل مع الإمام؟ .. بقلم: أبو محمد الجابري – أم درمان
نشر في سودانيل يوم 13 - 11 - 2013

في مقاله المعنون "ماذا يفعل الباشا مع المهدي؟" المنشور بهذه الصحيفة المحترمة قبل أيام سعى الكاتب/ مصطفى البطل لدحض مطالبة السيد/ عبد الجليل الباشا بالمؤسسية في حزب الأمة في وجه سيطرة الإمام الصادق وأبنائه وبناته على الحزب وقراراته.. وأورد البطل جملة من الأسانيد تعضيدا لدعواه في أن من حق الإمام وأنجاله السيطرة المطلقة على الحزب وقراراته. ومن أسانيد البطل أن هناك أحزبا عديدة تسمت بأسماء مؤسسيها (فكرا أو تنظيما) مثل الحزب الناصري والحزب البيروني وحزب بالمر بأستراليا، كما استشهد بمقولة منسوبة إلى الراحل جون قرنق ذكر فيها أن رأيه هو رأي الحركة الشعبية وأيدها بالمقولة الرائجة للويس السادس عشر "..أنا الدولة.."، ثم عرج البطل على مثقفي الحزب الداعين للمؤسسية مسفها دورهم و"أن وجودهم في الحزب رهين بهذه البركة "أي بركة أبناء وبنات المؤسس الأول- كما قال".. ولم ينس كاتبنا الهمام قبيل خاتمة مقاله أن ينثني على الباشا "بسوطين سريعين" تعذيرا له على خروجه السابق على الحزب ومشاركته في حكومة الإنقاذ ولكنه بالطبع تجافى عن المساس "بالليث في براثنه".. ود المهدي الثاني.. "مبارك" قائد ذلك الخروج وكبير المشاركين آنذاك بل "بصبص" له بقلمه بكلمتين رقيقتين جمليتين.. وطبعا ليس ذلك عن جبن ولا هو من قبيل "طعن ضل الفيل" والفيلُ حاضرٌ.. كلا وحاشا ومعاذ الله!..فالحكمة ضالة المؤمن والخيار الأسهل للتسنُّم أو القفز هو دائما "الحيطة القصيرة" وليست الأسوار العالية المنيعة.. فتلك لها رجالها!..
ولو قبلنا إبتداء وعلى سبيل المحاججة كل أسانيد مصطفى ومقولاته جملة واحدة فما نعجب له هو أنها ليست في "جوهرها" نافيةً لدعاوى الباشا ... فما "يدفع" به مصطفى هو عينه ما يعايشه الباشا واقعا ويتضجر منه (إنعدام المؤسسية).. ولا حجة من بعد ذلك للتأثير المختلف لصحة الدعوى على الطرفين ما بين داع مادح ومتضجر قادح..
وإذا صح أن طرفي المنازعة يقفان على منصة واحدة من نفي "المؤسسية" فمن يا ترى أصابته سهام مصطفى فى الصف المقابل "صف دعاة المؤسسية؟ لقد ذهب مصطفى يذب عن الإمام فما برح أن اصاب إمامه إصابة رعناء .. فإنه إن يكن ثمة من "يصدع" الناس بمؤسسية حزب الأمة "تصديعا" فهو الإمام وأنجاله .. لا غيره ولا غيرهم ولا غيرهنّ! حتى إني لأكاد أجزم لولا بعض الاستثناءات أن الإمام ما سُئل قط عن موقف أو رأي تجاه مشكل قائم إلا وذكر أن القرار في ذلك رهين "بمؤسسات الحزب" .. وما يذكر الإمام الإيجابيات التي أدخلها في الحزب وكيان الأنصار، حين يُنتقد بطول مكثه في رئاسة الحزب أو غير ذلك، إلا وذكر أول ما ذكر نقلته للحزب من عهود التبعية والإشارة إلى عهد التحديث والمؤسسات.. حتى كان من بين ما يذكره الإمام عن التحولات التي أحدثها في الحزب تحديثه حتى للكيان الديني للحزب "كيان الأنصار" الذي نما ونشأ على سمت تقليدي مغلق وأنه نقل مفهوم "الإمامة" نفسه من سياقه المعتقدي التقليدي المركزي لدي الأنصار إلى سياق حديث تمت فيه بالانتخاب..!!
وحري بي أن أذكر ههنا أني لا أنطلق في مداخلتي في هذه الجزئية تحديدا من موقف مؤيد أو معارض للإمام وحزبه ولا من صدقية أو لا صدقية مقولاته تلك وانطباقها أو عدم انطباقها على واقع الحال.. وإنما أنا "ناقل" ما قرأته له أو سمعته منه وليس الإمام من المقلين في الظهور والحديث في المحافل الإعلامية والسياسية بحال! فمثل كلامه هذا مبثوث في كل مجال.. ولا أقول إن المرء لو رفع حجرا لوجده كلاما للصادق تحته!.. مصطفى، على جودة عبارته وحسن توثيقه للمعلومات والأحداث، كثير السقط في مجال الاتساق المنطقي والفكري وحق له أن يسمي بابه الصحفي "غربا باتجاه الشرق" فها هو إذ يزمع نصرة الإمام يخطئ المفصل فيدمغ الإمام بقول ما ليس بالحقيقة "تأدبا من أن نقول الكذب" أو أن الإمام - على أقل تقدير - يمارس خطيئة "التستر" على الحقيقة (الأسرية) لحزبه ويموّه على الناس بغيرها بحديثه المتكرر عن الديمقراطية والمؤسسية في حزبه... وفي المرتبة الثانية لكثرة التأكيدات على التحول المؤسسي في حزب الأمة "الذي يصدع منه مصطفى" تأتي، بغير جدال، الدكتورة إبنة الإمام..فلينظر مصطفى على أي جانبيه يميل!
خلاصة الجزئية سؤال مبسط للكاتب وعلى نهجه حين أبدى رغبته في "تقصير المسافة واختزال الطريق": الإمام قال "مؤسسية" وأنت تقول: "مفيش مؤسسية وكلام فارغ زي ده" .. وأن "الحزب رهين بتسلسل التاريخ وبركة أبناء وبنات المؤسس الأول"... فمن "الصادق" في رأيك؟ والأهم من ذلك من هو الكاذب المدعي؟..
ونكرّ عائدين لننظر في أسانيد مصطفى لدعواه بأيلولة الحزب للإمام وأنجاله، فنجدها مليئة بالعوار، وتبحث عن وجوه التشابه بينها وبين "حزب الأمة" الذي نعرفه فلا تجد إلا آثارا لا تكاد تبين .. فالحزبان الناصري العربي والحزب البيروني اللاتيني تسميا باسمي الزعيمين التاريخيين في مصر وفي الأرجنتين بعد موت ذينك الزعيمين (نسأل الله لنا ولإمامنا طول العمر في طاعة الله!) ولا أظن أن في نظمهما التأسيسية ما يقضي ببقاء الحزب في يد أسرة الزعيم وأنجاله فإن كانت معلوماتنا عن البيرونيين شحيحة، فهذا هو الحزب الناصري كان قريبا منا ولم نسمع باسم أحد أبناء عبد الناصر أو بناته على رئاسته أو حتى في عضوية قيادته، وحتى عندما كان عبد الناصر على قيد الحياة فقد كان مما يذكر له أنه فصل تماما بين أسرته ودوره السياسي. أما حزب بالمر فلا أدعي أن لي به معرفة كافية سوى أنه حزب صغير حديث في أستراليا تسمى بهذا الإسم ليتسنى له التسجيل لدى الجهات الرسمية ولتفادي التطابق بين اسمه الأصلي "حزب أستراليا المتحدة/ الموحدة" مع حزب آخر سبقه في التسجيل بنفس الاسم. ومع أني لم أطلع على النظم التأسيسية لذلك الحزب إلا أنني أجزم – رجما بالغيب! – أنها لا تتضمن أي أفضلية لأسرة الزعيم، اللهم إلا إذا كان أولئك الأستراليون الأشاوس يلبسون "العراريق" و"يدردمون السفة" ويأكلون "أم فتفت بالشطة" على الريق!! ونعلم أن مصطفى أستاذ في العلوم السياسية وتتوفر له في أمريكا المراجع من كل سنخ وأس، فليأتنا بما يثبت - من وثائق هذا الحزب - أن لبالمر ولأبنائه وبناته الحق المطلق في حزبهم!! أما الاستئناس بمقولة لويس السادس عشر "أنا الدولة/ أنا فرنسا" فلعل أستاذ العلوم السياسية قد نسي أن يخبرنا عما آل إليه أمر قائلها المعتد بها.. مقصلة "سنينة" وسط حشود هادرة..ثم رأس ينزلق منها إلى "قُفّة" كقفة "الملاح" .. سقى الله أيامها بمنهلّ من الوبل هاطلُ ! فهل بمثل هذا يتأسى القادة.. وهل بمثلها ينصح الناصحون؟
لو كانت دعوة مصطفى للإمام هي لتأسيس حزب جديد باسم جديد مشتق من اسمه تقتصر قيادته عليه وعلى أنجاله ويستمد رؤيته السياسية كلها "منه ومنهم ومنهن" لما كان لنا اعتراض فالمرء حر في ما يرى ويريد ويقترح... أما الكيان السياسي المسمى (حزب الأمة) فهو على حد علمنا حزب معروف قبل أن يشب الصادق عن الطوق وتوالت على القيادة فيه شخصيات كانت محل إجماع من قاعدته بأكثر مما توفر للإمام الحالي كثيرا ودون خروج أو انشقاق كما حدث في عهد رئيسه الحالي! ولو كان الإحتجاج بكون الحزب "رهين بتسلسل التاريخ وبركة أبناء وبنات المؤسس الأول" كما قال مصطفى.. فإن رأَينا أن الإمام عبد الرحمن كان هو المؤسس الأول والراعي لحزب الأمة فهناك الآن من هو أوثق قرابة بالإمام عبد الرحمن من الصادق وهو الإمام/ أحمد بن الإمام عبد الرحمن (مباشرة) بينما الصادق "حفيد" وللإمام أحمد ولا شك بنون وبنات وحفدة فهو وأسرته أحق بتلك العبارة "أبناء وبنات المؤسس الأول".. وإن كان "الرمي" بعيدا إلى حيث الإمام الأكبر المهدي محمد أحمد (والذي كنا نجلّ قدره الديني والوطني عن أن نحشره حشرا في أوعية الأسرية الضيقة التي رفضها معيارا حتى في تعيين خلفائه – ولكن على هذا أجبرنا مصطفى – منه لله!) وباعتباره (المهدي الكبير) مصدر الإشعاع الديني والفكري لحركة المهدية التي تخلّق في رحمها حزب الأمة.. فهنا تتسع الرقعة جدا.. فكم للمهدي الكبير من بنين وحفدة؟ وأضرب مثلا بالسيد مبارك فهو ابن عبدالله أكبر أحفاد الفاضل الذي هو بدوره "بكر" المهدي الكبير (الفاضل)، فهو- أي مبارك - وإن تماثل في "القُعدد" مع الصادق إلا أنه يتفوق عليه بدرجتين في السلم العائلي كونه سليل الحفيد الأكبر من الإبن الأكبر..! ومثل ثان نضربه بالسيد/ نصر الدين بن الإمام الهادي الذي يتساوى مع الصادق "قعددياً".. فههنا أيضا "تسلسل التاريخ وبركة المؤسس الأول" والذي هو "الحقيقة المجردة" كما زعم مصطفى.. ولله الآخرة والأولى ..
كان أمام الكاتب أوراق جيدة لمناصرة حبيبه الإمام ولكنه غفل عنها وذكر ما فيه تشاكس مع مقولات الإمام نفسه في شأن "المؤسسية" أو ما كان الإمام وغيره فيه سواء أو كان حظه فيه دون مناظريه كشأن الأسرة والنسب، فبان افتقار الكاتب إلى ما يمكن تسميته "بالتأسيس المنطقي" للكتابة وقلة مُسكته من المحاججة بالأقوى من القرائن والدلائل فلم يقدم لحبيبه نصرة كان يبتغيها سائرا – لا ينثني- غربا باتجاه الشرق! فلو قال إن الإمام الصادق أكثر من منافسيه "الحاليين" في الأسرة المهدوية نشاطا فكريا وسياسيا – أيا كان الاختلاف على مردود ذلك النشاط وجدواه- بل لو قال إنه أكثرهم جماهيرية لكان ذلك مما لا يختلف عليه الناس ولكان أبين للحجة وأقطع للكلام..
ومع كون الإمام أكثر جماهيرية من منافسيه الحاليين، إلا أنه دون من سبقه في كسبه الجماهيري، فما شهد حزب الأمة على حد ما نعلم إنشقاقات وتشظيات وانكسارات كما شهده في عهد رئاسة الإمام الصادق ولا نعلم أن أشخاصا أو كيانات – بحجم من تولوا عن الحزب بسبب الإمام تحديدا- قد انضمت إلى الحزب في عهده بما يحافظ على ثقل الحزب النوعي في السودان: من الشخصيات البارزة التي تحضرني: د. مادبو (وهو، إضافة إلى تاريخه في الحزب وقيمته (النوعية) فيه، من زعماء قبيلة الرزيقات التي كانت مستودعا ضخما في مناصرة المهدية وحزبها فيما بعد، وهم قوم ذوو منعة وبأس وكثرة من الأموال والأولاد..وأرضهم ما بين سهول كردفان شرقا إلى داخل تشاد وإفريقيا الوسطى غربا (فتأمل يا صاح!) ثم بكري عديل وهو، بالإضافة إلى أدواره العديدة في التاريخ الحديث للحزب، من أسرة كبيرة وقيادية في قبائل حمر- وأظن أن جده "عوجة" الذي غير المهدي إسمه إلى "عديل" هو من قطع رأس "هكس" في شيكان- وأرضهم واسعة شاسعة تمتد من حدود الكبابيش في شمال كردفان إلى حدود المسيرية فويق بحر العرب جنوبا، ومن المثقفين الأفذاذ، لا على مستوى الحزب فقط بل على مستوى السودان وربما إفريقيا والمنطقة العربية كلها، أذكر بروفيسور فيصل عبد الرحمن على طه خبير القانون الدولي الشهير وابن وزير التعليم المجاهد الزاهد عبد الرحمن على طه وأنت لا تقرأ كتاباته إلا ويغمرك الإعجاب والإعتزاز بأنك تنتمي إلى بلد ينتمي إليه هذا العالم الفذ (فيا لها من خسارة للحزب!!) ونمرّ مرورا على خسارة الصادق لعمه الإمام (وابن خالته أيضا) السيد/ أحمد بن السيد عبدالرحمن المهدي وأبناء الإمام الهادي بن الإمام عبدالرحمن بن محمد أحمد المهدي (ذاته!) ثم مبارك المهدي الذي أسلفنا ذكره وممن فقدهم الصادق من كان هو قد اختارهم (حسب معاييره) حكاما (ولاة) لأقاليم كاملة من السودان مثل: السيد/ عبد الرسول النور (كردفان) والسيسي (دارفور) والسيد/ محمد على المرضي (كردفان) وغيرهم كثر ممن اختارهم للوزارة والمناصب العليا .. ناهيك عن انشقاقات أحزاب الأمة الخارجة عنه مثل الفدرالي وغيره وعلى قيادتها أشخاص لهم وزنهم إن لم يكن عند الصادق وحزبه فبين أهليهم ومناطقهم... هؤلاء مجرد أمثلة ونماذج فقط لمن خسرهم الصادق من رموز وقيادات ولا شك في أن العدد الفعلي يتجاوز ما ذكرته كثيرا، ولم تحدث مثل هذه الخسائر طوال عمر حزب الأمة الممتد وعلى عهود رعاته ورؤسائه العديدين إعتبار من الإمام عبدالرحمن (الراعي) والسيد الصديق (رئيس الحزب) ثم الإمام الهادي الذي شهدت أيامه أول انشقاق كبير ولكن كان على راسه الإمام الحالي نفسه... ومن حق المرء أن يتساءل :هل يمكن ينهض حزب يتسمى بالقومية على أسرة (فرعية) واحدة؟ هل يمكن أن يقوم حزب قومي (في سوداننا هذا) إلا على أركان راسخة وطيدة من شخصيات ومجموعات لها وزنها في مناطقها على أقل تقدير تدعم الدعوة وتناصر الفكرة.. ومن هو ذاك الذي وفد إلى الإمام الصادق منضما جديدا بأوزان هؤلاء ليعوّض خسارة فقدهم؟ ليست لدي إحصائية إقليمية جهوية حاضرة ولكن المنطق والتحليل والمشاهدة تدعم أن الإمام قد خسر أيضا قبائل أو مناطق كاملة مثل قومه في دارفور "أهله بالرحم" ثم بمناصرة المهدية والحزب من بعد" إذ رأوا أنه لم يقف من محنتهم الموقف الذي كان منتظرا ممن هو في موقعه ورأيه.. وعددا كبيرا من الرزيقات والحمر والمسيرية نصرة لمواقف زعاماتهم القبلية التقليدية... ووالله لو كان حزب الأمة وإمامه على ما يرومه الناس، قبل كفرهم به، لما لبثوا في العذاب المهين...
وهل تتأتى الزعامة الحقة – يا مصطفى- إلا بتألف الزعماء والعلماء والجماعات ثم عامة الجمهور من بعد؟ ألم تقم الرسالة الكبرى أول أمرها على التواصل والدعوة بالحسنى ومن ذلك اتصال الرسول الأعظم (ص) برؤوس الأقوام في جزيرة العرب ومكاتبته إياهم ودعوتهم إلى الحق المبين ثم إكرامه لوفودهم واحتفائه بهم واستماعه لخطبائهم...ألم يتصل المهدى الكبير أول ما اتصل وراسل أول ما راسل رؤوس الناس في المشيخات الدينية والقبائل ثم بعامة الناس مبديا احتفاله بهم وعارضا حجته ودعوته وطالبا نصرتهم، ألم يطلب الإمام عبد الرحمن مراضاة جميع الفئات بما لم يخرج منه حتى المغنين ولاعبي كره القدم وأصحاب المُلح والطرائف من الشخصيات الشعبية.. بئس الناصح لإمامه أنت يا مصطفى أن واطأته على مقولته – إن كان قالها- "الباب يفوت جمل!" فإن فاتت "الجمال" فمن يبقى عند الإمام؟ ..أآلهررة والأقزام والبغاث؟ هلا نصحته كما نصح من هو خير منك من هو خير منه في بدر الكبري " يا رسول الله ليس هذا لك بمنزل!!..." أمستهتر أنت– يا مصطفى - بأمانة القلم التي هل أصل في أمانة العقل مناط التكليف الذي أؤتمن عليها الإنسان حين خُلق "إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأشفقن منها وأبين أن يحملنها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا"؟ أم أن نظرك لا يتعدي انتظار التحويل من "الجريدة" وأصحابها .. ولله درهم من أصحاب "جهاز" هم .. ولله در تبرهم و"ظروفهم"!!.. أو التطلع مادا رقبتك إلى عطايا ممن أسميته من قبل" - "صديقي كمال ع اللطيف!" – أكرم الله السامعين والقارئين! إبليس ((يا رعاك الله)) أحق بالصداقة! - وسبحان القائل "أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون" .. يا مصطفى سيأتي يوم تُنشر فيه الصحائف المطوية!... أم تظن يا مصطفى أن "الديار خلا" كما يقول أهلونا وأنت صاحب العلاقات مع الكبراء "تتمعظم" بهم على "الخلوق" وأنك الكاتب الكبير الذي لا يشق غباره .. فها قد أتاك من يشقه.. ولله عاقبة الأمور .. والسلام.
ملحوظة: كنت أود التعقيب على ما نقله مصطفى عن دعوة الأستاذ ع ع إبراهيم للإمام الصادق بالعودة إلى منصة تأسيس المشروع المهدوي في "الأنصارية" ولكن خشيت ملالة القارئ والإطالة عليه بأكثر مما فعلت، فإن اصبت من ذلك شيئا فمعذرة للقارئ الكريم حتى يرضى.. ثم إني رأيت أن ليس مثل اسم الأستاذ ع ع إبراهيم مما "يُركَن" في أخريات المقالات فحري أن تُزين باسمه عناوينها وصدورها... والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.