"من الجنسيتين البنجلاديشية والسودانية" .. القبض على (5) مقيمين في خميس مشيط لارتكابهم عمليات نصب واحتيال – صورة    دبابيس ودالشريف    التراخي والتماهي مع الخونة والعملاء شجّع عدداً منهم للعبور الآمن حتي عمق غرب ولاية كردفان وشاركوا في استباحة مدينة النهود    "نسبة التدمير والخراب 80%".. لجنة معاينة مباني وزارة الخارجية تكمل أعمالها وترفع تقريرها    وزير التربية ب(النيل الأبيض) يقدم التهنئة لأسرة مدرسة الجديدة بنات وإحراز الطالبة فاطمة نور الدائم 96% ضمن أوائل الشهادة السودانية    النهود…شنب نمر    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    "المركز الثالث".. دي بروين ينجو بمانشستر سيتي من كمين وولفرهامبتون    منتخب الضعين شمال يودع بطولة الصداقة للمحليات    ندوة الشيوعي    الإعيسر: قادة المليشيا المتمردة ومنتسبوها والدول التي دعمتها سينالون أشد العقاب    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    د. عبد اللطيف البوني يكتب: لا هذا ولا ذاك    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانجليز تركوا قوانين تحمى الضعيف وجاءت الإنقاذ ومكنت القوى يفترس الضعيف. بقلم: النعمان حسن
نشر في سودانيل يوم 02 - 12 - 2013

من اين للحزب الحاكم المال الذى يصرفه على مؤسساته ببذخ وبلا حدود
لو فتحت ابواب الهجرة للسودانيين لما بقى فى السودان غير قادة المؤتمر والحكومة
احزاب معارضة بلا قواعد يستنزف قياداتها الخذينة العامة ثمنا لمشاركة صورية فى الحكم
النعمان حسن
حلقة-1-
المعذرة اذا كنت ارجئ المقالة الخاصة بالحركة الاسلامية للاسبوع القادم ذلك لان السودان شهد خلال هذا الاسبوع اهتماما حاصا بالانهيار االاقتصادى الذى بلغ اخطر مراحله وموعود بمزيد منه مع مطلع العام القادم وفى اطار البحث المظهرى والاهتمام الزائف شهد هذا الاسبوع مؤتمرا اقتصاديا وصفه منظموه بانه مؤتمر جامع للبحث عن مخرج من الازمة الاقتصادية وهو فى نهاية الامر لن يخرج عن تقنين مزيد من الخطوات التى تزيد الازمة ترديا لان حل الازمة لا يحتاج لهذا الهرج لهذا كان لابد لى ان افرد هذه المقالة لهذا المؤتمر.
واللافت للنظر فى هذاالمؤتمر الذى وصف بانه جامع انه انعقد بعد ان اتخذت السلطة سياسات وقرارات وصفتها بانها لمعالجة الوضع الاقتصادى والتى كان على راسها رفع الدعم عن المحروقات وهذا يعنى ان السلطة سبقت عقد هذا المؤتمر بالاجراءت التى تحل الازمة والتى زادتها تازما لهذا تتعلل بهذا المؤتمر بعد ان تاكد لها ان ما اتخذته من اجراءات لمعالجة الازمة فشل فى معالجتها وربما يكون ضاعف منها وهذه هى الحقيقة لان معاناة الاقتصاد والمواطن تفاقمت حيث ان مانهجته السلطة من سياسات لم يصب لمصلحة المواطن المعنى بالامر او بمعالجة الازمة الاقتصادية من جذورها والمحصلة النهائية لهذا المؤتمر لن تخرج عن تقنين مزيد من الاجراءات البى تزيدها تازما فجهد الدولة فى كل الاحوال سيكون خصما على المواطن الفقير بان تحمله المزيد من الايرادات لسد العجز الذى ظل يتضاعف ويرغم الدولة لاتخاذ المزيد من الاجراءات لمضاعفتها خصماعلى الاقتصاد وعلى المواطن والدليل على هذا ما يدور من لغط الان بان شهر يناير سوف يشهد مزيدا من الاجراءات التعسفية فى حق المواطن تاكيدا لان الدولة عاجزة عن استنباط الوسائل لمعالجتها ولهذا فان كلما تتخذه من اجراءات يستهدف الفقراء من الشعب الذين يشكلون اكثر من خمسة وتسعين فى المائة اذا اسثنينا الخمسة فى المائة من سدنة النظام الذين ينعمون بالثراء الفاحش ويزدادون ثراء من الا جراءات التى تدعى زورا اصلاح حاله حتى اصبح كل من يعرف عنه انه قيادى فى المؤتمر الوطنى او شاغرا لوظيفة دستورية او من محاسيبه واسرته الا وعرف انه من طبقة الاثرياء لانه منتمى للحكام حتى اصبحت هذه ظاهرة على مستوى الاحياء حيث يعايشون ما يشهدونه من متغيرات فى مستويات ممثلى السلطة وكيف انتقلوا من العدم للنعيم حتى على مستوى القرى فما تحقق من تغير فى مستوى معيشة هئولاء والرفاهية التى نعمت بها اسرهم ومحاسيبهم تغنى عن اى سؤال.
واللافت للنظزر ثانيا ان هذا ليس اول مؤتمر اقتصادى تعقده الانقاذ كما انه ليس اول مؤتمر اقتصادى ينعقد بالسودان على مستوى الحكم الوطنى فلقد شهد السودان العديد من المؤتمرات الاقتصادية التى حشدوا لها المئات بقاعة الصداقة عبر السنوات الماضية.
واللافت فى هذه المؤتمرات انها ظاهرة ارتبطت بالانظمة العسكرية مما يؤكد ان الدمار الاقتصادى بشكله الحاد انما ارتبط بفترات حكم الانقلابات العسكرية بصفة خاصة فترتى مايو والانقاذ اللتان شهدتا العديد من الاجراءات التى قضت على البنية الاقتصادية التى خلفها الانجليز الذين اورثوا السودان قوانين تحمى المواطن الضعيف من تغول القوى وان تحقق له النمو الاقتصادى قبل ان تاتى نهاياتها على يد مايو والانقاذ اللذان اتخذا من الاجراءات ما مكن القوى من ان يفترس المواطن الضعيف الذى يغنى حاله اليوم عن السؤال عن حجم الازمة البتى لحقت بالاقتصاد السودانى الذى تزيفه اليوم المظاهر الخادعة والكاذبة بما شهده السودان من ناطحات سحاب وسيارات فاخرة اوحياة مترفة للطبقة المميزة التى افرزتها هذه الاجراءات حيث ان تكلفة بقاء هذه الطبقة فى السلطة وما يتمتعون به من مرتبات ومخصصات تستنزف وحدها النسبة الاكبر من موارد الدولة حيث ان تكلفة الحفاظ على الحكم بقوة وضمان سيطرته ورفاهية القابضين على مفاتيحه لهو اكبر عبء مالى على مصادر الدولة من الايرادات التى يتحملها المواطن بسبب التكلفة العالية لاهم احتياجاته الضرورية والضرائب والجبايات والقيمة المضافة بعد ان تعثرت كل مصادر الايرادات من الصادرات ان وجدت وعلى قلتها
ولعل واحدا من اكبر مصادر استنزاف خذينة الدولة ظاهرة البدع المالية التى لا تعرفها الخذينة الا تحت الحكم العسكرى:
فمن اين للمؤتمر الوطنى الحزب الحاكم هذا الكم الهائل من المال الذى يصرفه بلا حساب او قيود على مكاتبه وعماراته الفاخرة والمنتشرة فى كل مدن السودان بل وما يصرف على المنظمات المنبثقة منه والتى تشكل مكونات اساسية له من منظمات الشباب والطلاب وما يصرف على تمويل التجمعات السياسية المؤيدة له فهل لو كان هذا الحزب يحكم عبر مؤسسية ديمقراطية فهل كان سيملك هذا الزخم المادى ام انه كان سيعانى من حالة الفلس التى تعيشها كل الاحزاب السودانية حيث ان النظام الديمقراطى لا يسمح بصرف المال العام لتمويل منصرفات الحزب كما حدث فى السودان فى فترتى حكم مايو والانقاذ حيث تفتح ابواب الخذينة للاتحاد الاشتراكى فى مايو وللمؤتمر الوطنى فى عهد الانقاذ الحالى ولعل الغريب فى الامر ان احزاب المعارضة التى لا تتمتع باى سند جماهيرى تنفتح امامها ابواب الدعم المادى وتتمتع قياداتها بمزايا من المال العام ثمنا لمشاركتها غير الفاعلة فى الحكم حتى تضفى عليه صفة القومية حتى انضمت كوكبة قياداتها لطبقة الحكام المميزة
ثانيا فلقد عرف السودان فى عهد الانقاذ عقودا خاصة للتوظيف لكوادر النظام ومحسوبيه مرتبات باهظة لا تعرف القيود التى تحكم الخدمة المدنية التى تحدد حد اقصى للمرتبات تتساوى فيه كل الدرجات الوظيفية بلا استثناء والتى عرفت فى الماضى بالفصل الاول والذى تحكمه ميزاتية تساوى بين كل الدرجات الوظيفية والمؤهلات العلمية مما احدث فوارق لا يصدقها العقل بين موظفى الدولة فى نفس الدرجات بين من يعين بعقد خاص وبين من يخضعون للوائح الخدمة المدنية لهذا عرف السودان لاول مرة فى تاريخه منصرفات لاتخضع لقيود الميزانية وفتح الابواب للتجنيب بلا حدود والتجنيب يعنى صراحة الصرف بعيدا عن اى رقابة مالية وهذا ما يستاثر بالنسبة الاكبر من منصرفات جهاز الدولة بل عرفت الخذينة العامة واموال الدولة كيف ان قيادات النظام الحكام من مختلف الدرجات يملكون السلطة للتبرع بمئات الملايين دون ان تخضع لاى ضوابط مالية ووفق الميزاية العامة بينما لا تسمح الانظمة الديمقراطية لاى مسئول مهما على شانه ان يتبرع من المال العام الذى يخضع فى اى جنيه منه للميزانية المجازة والتى تحكم اوجه صرف المال العام فما بالنا اذا كان العشرات من القيادات فى المركز والولايات تملك سلطة التبرع بمبالغ ضخمة من المال العام.
وثالثا وتحت ظل هذه الظروف والانفلات المقنن بالعقود الخاصة والتجنيب فان جهاز الدولة نفسه تضخم من حيث عدد الولايات وشاغرى الوظائف الدستورية حتى ان شمال السودان الذى كان يضم ستة مديريات على راس كل مديرية منهامحافظ واحد يساعدة ضابط ادارى واحدفى كل مدينة وبمرتبات تحكمها لائحة الخدمة المدنية فكم عدد شاغرى الوظائف الدستورية فى الولايات التى بلغت تسعة عشر ولاية تضم عشرات المئات من الوزراء والمجالس الولائية المدفوعة القيمة.
اذن هذا قليل من اوجه استنزاف المال العام وكله يتحمله الموطن مما يفرص عليه من رسوم وضرائب وجبايات واستنزاف فى العلاج والتعليم لهذا لم يعد غريبا ان يقع عبءهذه المنصرفات على المواطن فهل يمكن للمؤتمر الاقتصادى ان يعيد الامور لمكانها الطبيعى حتى يرفع هذا الحمل غير المبرر على المواطن
ويالها من مفارقة فان السودان الذى لم يعرف انتاج النفط الا فى عهد الانقاذ فان الاقتصاد والمواطن لم يلمسا اى تطور بعد ان اصبح السودان مصدرا للنفط بل ازداد حال الاقتصاد والمواطن سوءا قبل وبعد ان انفصل الجنوب بينما ازدات الطبقة الحاكمة ثراء ورفاهية
اما اللافت للنظر اكثر ان غالبية المشاركين فى هذه المؤتمرات والذين يتعين عليهم معالجة الازمة هم بصفة خاصة اصحاب المراكز فى السلطة والمستفيدون انفسهم من هذه السياسات الذين يسالوا عن هذا الخراب الذى حل بالاقتصاد والذين يقتصر همهم على فرض المزيد من الاجراءات التى يقع عبئها على المواطن الفقير لسد العجز فى ما يتكلفه بقاءهم فى السلطة وما يعود عليهم من تميز يحافظ على ثرائهم لهذا فكثيرا ما يخرجون من مؤتمراتهم هذه بقرارات تضاعف من الازمة الاقتصادية واذا صدر منهم اى قرار ايجابى فانه يصدر صوريا لتغطية الحلول التى تصب لصالحهم و يبقى هذا القرارا حبرا على ورق لان القرارات التى تجد طريقها للتنفيذ هى التى تزيد هذه الطبقة المنعمة ثراء اما ما ينفع المواطنين الغبش فانه لا يجد طريقه للتنفيذ.
لهذا فان من يرصد كل ماصدر من قرارات صورية عن خفض الانفاق وتكلفة الدولة سوف يجد انها نفس القرارات التى ظلت تصدرطوال السنوات الماضية ولا تجد طريقها للتنفيذ بل تتضاعف هذه التكلفة مرات ومرات لهذا فتوصيات المؤتمر لن تخرج عن الصورة المكررة ولا ينفذ منها الا ما يتحمل عبئه الفقراء ليزدادوا. معاناة .
اما ما يستحق وقفة خاصة فى هذه المؤتمرات المسمى بالاقتصادية فانها تضم فى عضويتها اكثر من تسعين فى المائة من الذين لا يتمتعون بمؤهلات اقتصادية وانما هم اصحاب مراكز فى السلطة ويقفون على راس مؤسسات اقتصادية لا يمتون لها بصلة ومن يكابر حول هذا الامر لينشر علينا قائمة الحضور فى هذه المؤتمرات وتخصصات كل منهم حتى تتضح الحقيقة مما يؤكد ان الاقتصاد السودانى ظل فى اغلب فتراته من الحكم الوطنى تحت قبضة من لا يمتون للاقتصاد بصلة والذين تمتعوا بالمراكز الاقتصادية لاسباب سياسية عندما انتزعوا السلطة بالقوة لهذا فان ما ارتكبوه من بدع فى حق الاقتصاد الذى يقوم علية الحكم الوطنى انما يصب لمصالحهم وليس المواطن صاحب الحق والمغلوب على امره و كثيرا ما تنتهى هذه المؤتمرات لغير مصلحة الاقتصاد والمواطن..
فالسودان فى حقيقته لم يعرف اقتصاديين من حملة البكالريوس الا عام 62 حيث كانت انطلاقة اول كلية اقتصاد بجامعة الخرطوم عام 57-58 تحت عمادة البروف سعدالدين فوزى وكان عدد طلابها لايصلون الثلاثين طالبا ان لم يكونوا اقل ولعل اول مفارقة فى عقد اول مؤتمر اقتصادى شهدته فترة الحكم العسكرى فى مايو فى بداياتها ان عدد المشاركين فى المؤتمر تعدى الستمائة بينما كل من تخرجوا من كلية الاقتصاد لم يتعدوا ثلاثمائة والمفارقة الاكبر ان المؤتمر لم يضم اى من هئولاء الخريجين وانما فاض بالسياسيين الذين يهيمنون على مراكز القرارالاقتصادى بل كان السودان يومها يعرف ما سمى بالقطاع الاقتصادى فى سنواته الاولى وكان رئيس القطاع ضابط عضو مجلس ثورة وضم فى عضويته اغلبية من السياسيين او من رجال القانون وهو القطاع المكلف بادارة الاقتصاد..
اذن الاقتصاد السودانى ظل منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم طائرة مخطوفة لا يضم طاقمها اى رجالات اقتصاد بل ظلوا جميعهم من السياسيين المرتبطين بحكم العسكر والذين لا يمتون للاقتصاد بصلة يشاركهم رجال الاعمال اصحاب المصالخ الخاصة الذين يهمهم انتهاج سياسات اقتصادية تضاعف ارباحهم واستغلالهم للغلابة.
عفوا اذا وجدت نفسى هنا اتحدث بشفافية تامة اذا كنا جادين فى وضع اليد على موطن الداء لهذا فان قلت ان الدمار الاقتصادى الذى شهده السودان تسأل عنه فترتى مايو والانقاذ فاننى لا اتجنى على هاتين الفترتين حيث ان هناك وزيرين تعاقبا على وزارة المالية خلال فترتين من الحكم العسكرى اولها حكم مايو والثانية فترة الانقاذ الحالية وهى اهم فترتين من حكم العسكر وهما السيدان بدرالدين سليمان الذى تولى وزارة المالية ابان الحكم المايوى وهو رجل قانون ضليع ولكنه ليس اقتصاديا وعندما عين وزيرا للمالية لم تكن له خبرة فى هذا المجال غير انه كان يعمل مستشارا قانونيا لواحدة من الشركات الراسمالية المملوكة لمتجنسين اجانب مما مكنه فى فترة عمله هذه ان يقف على ما تعانيه الشركة التى يعمل مستشارا قانونيا لها بسبب القوانين الاقتصادية للانجليز التى كانت منحازة للمواطن والتنمية لهذا اقتصرت خبرته على ما عايشته االشركة من معاناة فى مجال الدولار بصفة خاصة والقيود التى تفرضها القوانين التى تستهدف حماية المواطن قبل الشركات لانها تقلل من ارباحها على حساب الاقتصاد والمواطن والثانى السيد عبدالرحيم حمدى اول وزيرمالية فى عهد الانقاذ وهو بالمناسبة خريج كلية الاداب وليس الاقتصاد ولما التحق بوزارة المالية فى بدايات مشواره الوظيفى عمل فى ديوان شئون الموظفين ولم يكن فى دائرة اقتصادية كما انه فى الفترة التى قضاها فى العمل الخاص ارتبطت بمؤسسات مصرفية بعضها كان مساهما فيها وعايش معاناة البنوك من القيود الاقتصادية التى اعتمدها الانجليز حماية للمواطن والتى تحد من حرية البنوك تحديدا فى مجال التمويل التجارى بسبب القوانين التى تقيد الاستيراد لهذا فانهما بعد ان أصبحا مؤثرين على مواقع السلطة فانهما اتخذا اخطر قرارين كانا السبب المباشر فى الانهيار الاقتصادى الذى يشهده السودان حتى اليوم واذا كان هناك ما يتتطلب على المؤتمر الاقتصادى ان يفكر فيه ان كان جادا فى معالجة الازمة الاقتصادية ان يجرى المؤتمر دراسة جادة لدراسة الاثار التى ترتبت عن هذين القرارين وان يقارن بين ماقبل وبعد القرارات خاصة و ان يبحث عن العلاج لما ارتكباه فى حق الاقتصاد السودانى حيث ان من هنا يبدا العلاج الجذرى للازمة .
فالاول السيد بدر الدين سليمان رجل القانون كان قد اتخذ اول قرار خطير افرز اخطر التداعيات على الجنيه السودانى عندما اصدر قرارا بالغاء قانون رقابة النقد وافرغ بنك السودان من مسئوليته الرقابيةعلى مصادر العملة الاجنبية اما السيد عبدالرحيم حمدى والذى اصبح قبل ان ينصب وزيرا للمالية فى القطاع المصرفى الخاص واصبح من كبارات رجالاته والذى يعرف اين تكمن مصالح البنوك فكان ان(اكمل الناقصة ) عندما اعلن تحرير الاقتصاد والتجارة لتتفتح ابواب التعامل مع البنوك دون اى قيود او رقابة من الدولة ليضع الدولة بكل مقوماتها الضعيفة صيدا سهلا افترسته الراسمالية الاجنبية
هنا لابد لاى مؤتنر ان يستدعى التاريخ ليقف على مقومات الاقتصاد السودانى قبل ان يصدر الوزيران هذين القرارين حيث حررا شهادة الوفاة للاقتصاد السودانى رغم المظاهر الزائفة التى تعكس ترف وحياة طبقة الاثرياء من هذه السياسات للوقف على مسببات الازمة الحقيقة.
بداية كان قرار السيد بدرالدين سليمان وزير مالية مايو بالغاء قانون رقابة النقد هو بداية القشة التى قصمت ظهر البعير فلقد كان الاقتصادالسودانى قبل هذا القرار يحكمه قانون يحكم حركة الدولار تحت قبضة بنك السودان حيث كان كل مايرد للسودان من عملة اجنبية حتى التى يتداولها المسافرون او يحضرونها لارض الوطن تخضع لاحكام بنك السودان ورقابته وعدم التصرف فيها الا بتصديق منه الامر الذى حافظ على قيمة الجنيه السودانى ولم يقف الامر عند المحافظة على قيمته بل ويالها من مفارقة قد تصيب من لا يعلم ان الجنيه السودان كان يساوى ثلاثة دولار ثم استقر اخيرا ولسنوات طويلة بما يساوى اتنين دولار واربعين سنت يعنى ان الدولار يساوى اربعين قرشا سوداني بالقديم ولم تكن هذه القيمة تعبر عن قوة له فوق الاسترلينى والدولار ولكن تحكم بنك السودان فى السياسة الاستيرادية وفق رؤية اقتصادية واضحة تقوم على توظيف ما يحققه السودان من مصادر محدودة للنقد الاجنبى على استيراد السلع الضرورية التى تفى حاجة المواطن وعلى استيراد مدخلات الزراعة والصناعة للحد من الاستيراد من جه ولتطوير الصادر ويبقى القليل الذى يوظف لاستيراد اى سلع كمالية بنظام الكوتة اى بان يقسم المتاح من فائض الدولارعلى السلع الكمالية الاكثر حوجة لها ويقسم المبلغ بالتساوى على موردى هذه السلع واذكر على سبيل المثال ان نصيب المستورد للبوهيات كان بمتوسط سبعين دولارا فقط.
ولاحكام قبضة بنك السودان على اوجه صرف الدولار بما يحافظ على قيمته فان وزارة التجارة والتموين والتى تختص باصدار رخص الاستيراد فان هذه الوزارة وبالرغم من الضوابط التى اتبعتها فى التحكم فى اسشتيراد السلع الضرورية التى توفر حاجة المواطن الاساسية واستيراد السلع الراسمالية الانتاجية فى مجالة الزراعة بالدرجة الاولى والصناعة المحلية فان ما تصدر من رخص استيراد من الوزارة لا تملك البنوك ان تفعلها بتوفير الدولار اللازم لها لا تعتمد وتجرى لها التمويل اللازم الا باعتماد الرخصة من بنك السودان بما يخول البنك تغطية عملية الاستيراد من مصادر الدولار والخاضعة لرقابة بنك السودان.
وللتاكد من فاعلية هذه الضوابط فان هذه السياسة تحكم استيراد المصالح الحكومية حيث كانت تخضع لنفس الرقابة ولم يكن بيد اى ووارة او مصلحة ان تستورد ما تشاء بعيدا عن هذه السياسة العامة.
هنا تكتمل حلقة التحكم فى الاستيراد الحكومى وتحت ظل نفس الضوابط فان لوزارة المالية ادارة المشتروات تمثل الضلع الثالث من هذه المنظومة حيث تخضع كل مشتروات الاجهزة الحكومية حتى القصر الجمهورى لهذه الادارة والتى تخضع لبنود الميزانية حيث لا يسمح بصرف اى جنيه مالم يكن معتمد فى الميزانية التى تجاز سنويا كما ان تغطية احتياجات الوزارات سواء كان من السوق المحلى او الخارجى فانها تخضع لاجراءات ادارة المشتروات عبر العطاءات التى تشرف عليها بوارةالمالية بالتنسيق مع الجهة المعنية فى الفنيات والمواصفات بل وذهبت الضوابط لاكثر من ذلك حيث ان سياسة التحكم فى تغطية احياجات الوزارات فان هناك مصالح تتبع وزارة المالية تتولى هى مباشرة تغطيةاحتياجات المؤسسات الحكومية ولعل مشروع الجزيرة يومها كان وحده استثناء من هذه الضوابط لاهميته فى ترقية الصادر لهذا منح حرية الحركة وفق ضوابط مجلس ادارته المستقل وعلى راس هذه المصالح الحكومية تقف مصلحة المخازن والمهمات وقدلا يصدق المواطن العادى اليوم ان اكبر وزارة فى الدولة لا تمتلك ان تشترى قلما او ملفا خاليا او مكتبا الا عبرمصلحة المخازن فما رايكم اذا كانت العديد من المؤسسات الحكومية تشترى وفق امزجتها الخاصة وكذلك مصلحة النقل الميكانيكى التى تخضع لها كل عربات الدولة ووفق نفس الضوابط حتى فى استخدام السيارات ومستحقيهاز
صحيح ان هذه القبضة الحديدية على منصرفات الدولة من العملة الاجنبية او المحلية كانت نتائجه التواضع العام فى مستوى المعيشة حيث ان الاغلبية العظمى من شعب السودان كانت تتمتع فقط بالضروريات تحقيقا للعدالة الاجتماعية ولكن اهم ما حققته هذه السياسات انه لم تكن هناك فوارق طبقية بالحجم الذى نشهده اليوم والذى باعد بين قلة منعمة ومترفة واغلبية مسحوقة لهذا كان المتوسط العام لمستوى المعيشة متقارب ولا يخرج عن توفير الكسرة والملاح والدواء والعلاج والتعليم المجانى مما شكل استقرار نفسيا اجتماعيا.ولد الاحساس لدى المواطن انه ليس هناك تميز عليه كما هو الحال اليوم والذى اصبح سببا فى تفجر الحروب الاهلية فى اكثر من منطقة
اذن فلقد كان قرار السيد بدرالدين سليمان بما سمى بتعويم الجنيه السودانى والذى دفع بالجنيه السودانى لمعركة غير متكافئة حيث انه تعين على الجنيه ان يسبح عكس التيار وسط امواج العملات الاجنبية العاصفة والتى لا يملك الجنيه السودانى مقاومتها حتى انهارفى نهاية الامر بعد ان اصابه الغاء قانون رقابة النقد فى مقتل حتى انخفض الجنيه السودانى بل ويواصل الانخفاض بينما ترتفع قيمة الدولار الذى كان يساوى اربعين قرشا فقط بالقديم من الجنيه السودانى وليبلغ اليوم ثمانية الف جنيه بالقديم.
والى الحلقة القادمة مع قرار السيد عبدالرحيم حمدى بتحرير الاقتصاد والتجارة العنصر الثانى فى الدمار الاقتصادى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.